مستشار هادي لـ «الشرق الأوسط»: تحركات يمنية وسعودية لتفعيل المبادرة الخليجية واتفاق السلم

مصادر قبلية تتوقع شن الحوثيين حربا ضد مأرب خلال أيام

يمنيون أثناء تشييع ضحايا تفجير استهدف الكلية العسكرية الأربعاء الماضي في مقبرة بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أثناء تشييع ضحايا تفجير استهدف الكلية العسكرية الأربعاء الماضي في مقبرة بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مستشار هادي لـ «الشرق الأوسط»: تحركات يمنية وسعودية لتفعيل المبادرة الخليجية واتفاق السلم

يمنيون أثناء تشييع ضحايا تفجير استهدف الكلية العسكرية الأربعاء الماضي في مقبرة بصنعاء أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أثناء تشييع ضحايا تفجير استهدف الكلية العسكرية الأربعاء الماضي في مقبرة بصنعاء أمس (أ.ف.ب)

أكد الدكتور فارس السقاف مستشار الرئيس اليمني، ما يتردد في الساحة السياسية اليمنية من أنباء عن مساعٍ سعودية من أجل إعادة تطبيع الأوضاع وتطبيق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وكذا اتفاق السلم والشراكة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إننا ننطلق من أن هناك محاولة لاستعادة الأوضاع وتطبيعها والدفع بالمبادرة»، مؤكدا أن «ما يتردد صحيح، لأن التغيير الحاصل في اليمن سينعكس على جميع دول المنطقة، خاصة أن هناك مخاوف من حدوث تغيير في باب المندب»، مشيرا إلى أن إيران ليست بمعزل عما يجري والعملية السياسية.
وأضاف أن «هناك تحركات لتصويب الأوضاع، والرئيس عبد ربه منصور هادي أوفد مستشاريه إلى السعودية من أجل إعادة الأطراف إلى اتفاق السلم والشراكة، وأيضا المكونات الكبيرة على الساحة اليمنية غابت، ولا بد من أن تعود إلى المشهد السياسي طالما هي موقعة على الاتفاق»، وأوضح السقاف: «أما خارجيا، فهناك دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية والدول العربية برمتها وعلى رأسها مصر، وإذا حدثت أي ثغرة في اليمن فسوف تؤثر على الأمن القومي العربي بشكل عام».
وفي سياق متصل، قالت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن هناك 3 جهات رئيسية مستفيدة من توسع الحوثيين في اليمن، وهي إيران، وسوريا، وحزب الله، في إشارة إلى الحلف الوثيق الذي يجمع بين إيران وبقية هذه الجهات، ومنذ أشهر والحوثيون يتوسعون في اليمن ويبسطون سيطرتهم على العاصمة صنعاء والمحافظات الشمالية، إضافة إلى مؤسسات الدولة التي باتت تحت سيطرتهم بالقوة المسلحة، وقالت المصادر إن خدمة تلك الأطراف من خلال هذا الوجود ينصب سياسيا وعسكريا على الوقت الراهن.
في غضون ذلك، أعلن العميد عبد الرزاق المؤيد مدير شرطة العاصمة صنعاء أنه تم اعتقال 5 من المشتبه بهم في التفجير الانتحاري الذي وقع الأربعاء الماضي أمام بوابة نادي ضباط الشرطة، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن المؤيد قوله إن «الخلية تتكون من 5 أشخاص، واحد منهم تم ضبطه في مكان وقوع انفجار السيارة المفخخة أمام كلية الشرطة، وتم استجوابه، وأدلى بمعلومات عن بقية الخلية التي تنتمي لتنظيم القاعدة الإرهابي، وأنه تم ضبط 4 من أعضاء الخلية في مصلحة الهجرة والجوازات أثناء محاولتهم استخراج وثيقة للهروب خارج الوطن»، وأشار العميد المؤيد إلى أنه «تم التعرف على هوية صاحب الميكروباص (الدباب) المفخخ الذي تم تفجيره أمس وضبط البيان الجمركي الخاص به، وأن أجهزة الأمن تقوم حاليا بتعقب مالك الباص، ولن يهدأ لها بال حتى يتم إلقاء القبض عليه».
وشيعت في صنعاء، أمس، جثامين 40 قتيلا سقطوا في التفجير الانتحاري السبت الماضي بمشاركة وزيري الدفاع والداخلية.
إلى ذلك، توقعت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» بدء جماعة الحوثي حربا للسيطرة على محافظة مأرب الغنية بالنفط والغاز شرق اليمن خلال الأيام المقبلة، بينما استنفرت قبائل مأرب مقاتليها المرابطين في (مطارح القبائل) بمنطقة (نخلا والسحيل) شمال المحافظة، وذكرت المصادر احتشاد مسلحي الحوثي في كل من منطقة صرواح، ومنطقة مجزر، ورصد تحركاتهم بالقرب من تخوم المحافظة من الشمال والغرب.
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن الأوضاع الأمنية في مأرب تنذر بمواجهات مسلحة بين قبائل مأرب والحوثيين، موضحة أن لديهم معلومات حول استعدادات الحوثيين لشن حرب في محافظة مأرب بهدف السيطرة عليها خلال الأيام المقبلة، ولفتت المصادر إلى أن هناك تحركات مريبة للحوثيين في مديرية مجزر ومنطقة صرواح، حيث شوهدت العشرات من المسلحين يتحركون في هذه المناطق قادمين من العاصمة صنعاء، ومحافظة صعدة وعمران التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأشارت المصادر إلى أن جنودا من الشرطة العسكرية انسحبوا من مواقع (السائلة، الكنب، المشاف، نبعة) بمنطقة الجدعان، والمكلفة بحماية الطريق العام بين مأرب وصنعاء، وخطوط أبراج الكهرباء، وهو ما دعا أبناء المنطقة إلى التمركز في هذه المواقع خشية سيطرة الحوثيين عليها. وكان زعيم الحوثيين هدد قبل أيام باجتياح محافظتي مأرب النفطية ومحافظة تعز تحت لافته محاربة تنظيم القاعدة، وتثبيت الأمن والاستقرار، متهما السلطة المحلية والقبائل بمحاولة تسليم المحافظة للقاعدة والتكفيريين بحسب وصفه.
وتعهد زعماء قبائل مأرب بالدفاع عن محافظتهم لمنع الحوثيين من دخولها، وانتشر المئات من مقاتلي القبائل في محيط مطارح (نخلا والسحيل)، على الطريق العام الرابط بين المحافظة والعاصمة صنعاء، و(المطارح) هي تسمية قبلية لتجمعات أبناء القبائل بعتادهم العسكري، في مناطق صحراوية على حدود قبائلهم، وتلجأ إليها القبيلة عند تعرضها لأي تهديدات من خارج المنطقة.
وقال الشيخ صالح النجف من شيوخ قبيلة عبيدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «أبناء مأرب يقفون مع الدولة ومع الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وضد أي أعمال عنف أو جماعات مسلحة تهدد استقرار المحافظة وتهدد مصالح الدولة من النفط والغاز والكهرباء»، مضيفا: «لا يحق للحوثي أن يتحدث باسم الدولة، فهو ليس وصيا على البلاد حتى يقوم مقام الدولة»، متهما الجماعة بتدمير البلاد ونشر العنف بهدف السيطرة على مقاليد الحكم بقوة السلاح، وقال النجف الذي يقود عشرات المقاتلين من قبيلة عبيدة في المطارح: «العدو الرئيسي لليمن هو الحوثي الذي يغزو بقوة السلاح وينهب أسلحة الجيش وممتلكات الدولة»، وتعهد النجف بالتصدي بكل قوة للحوثيين، وأنهم سيكونون داعما للجيش ضد كل من يحاول السيطرة على محافظة مأرب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».