حزب الله يكثف تدابيره الأمنية في الضاحية وسكانها يعيشون هاجس التفجيرات المفخخة

وزير الداخلية لـ(«الشرق الأوسط») : التهديدات قائمة طالما وضع سوريا على حاله

لبنانيتان تعاينان من شرفتهما المتضررة آثار الانفجار الذي ضرب حارة الحريك في ضاحية بيروت الجنوبية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
لبنانيتان تعاينان من شرفتهما المتضررة آثار الانفجار الذي ضرب حارة الحريك في ضاحية بيروت الجنوبية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

حزب الله يكثف تدابيره الأمنية في الضاحية وسكانها يعيشون هاجس التفجيرات المفخخة

لبنانيتان تعاينان من شرفتهما المتضررة آثار الانفجار الذي ضرب حارة الحريك في ضاحية بيروت الجنوبية الثلاثاء الماضي (أ.ب)
لبنانيتان تعاينان من شرفتهما المتضررة آثار الانفجار الذي ضرب حارة الحريك في ضاحية بيروت الجنوبية الثلاثاء الماضي (أ.ب)

ضاعف جهاز أمن حزب الله، خلال اليومين الماضيين، التدابير الأمنية واللوجستية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب، على خلفية معلومات أمنية تناقلها السكان تتحدث عن دخول سيارات مفخخة، فكثف من تواجد عناصره باللباس المدني في الأحياء الداخلية التي بدت مقفرة وشبه خالية من القاطنين، نتيجة ارتفاع المخاوف من استهدافها.
وينظر المسؤولون الأمنيون اللبنانيون إلى تلك المخاوف، بوصفها «مبررة». ويؤكد وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل لـ«الشرق الأوسط» أن التهديدات «قائمة بالفعل»، قائلا: «طالما أن الوضع الأمني المتدهور في سوريا على حاله، فإن الوضع في لبنان سيبقى على هذا النحو»، لكنه أوضح أنه «ليس بالضرورة أن تكون جميع الشائعات والمعلومات صحيحة، رغم أن جزءا منها يؤخذ على محمل الجد».
وازدادت المخاوف بفعل الشائعات المتداولة، بعد التفجير الانتحاري الأخير الذي ضرب منطقة حارة حريك، الثلاثاء الماضي، وأسفر عن وقوع أربعة قتلى و35 جريحا. ويقول شربل إن الشائعات «تتردد في كل لبنان، وليست مقتصرة على الضاحية الجنوبية»، مشيرا إلى أنه «في المقابل، هناك معلومات عن سيارات مفخخة، وتعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية على متابعتها وملاحقتها»، لافتا إلى أن الأجهزة الرسمية «تمكنت من توقيف بعض المشتبه بهم، كما تمكنت من إحباط عمليات قبل تنفيذها، لكنها لم تستطع أن تمنع كل العمليات».
وخلال أقل من شهر، تعرض لبنان لأربع عمليات تفجير بالسيارات المفخخة، أولها استهدف وزير المال الأسبق محمد شطح في وسط بيروت، وثلاثة منها نفذت بواسطة انتحاريين استهدفت مناطق نفوذ حزب الله في الهرمل (شرق لبنان) والضاحية الجنوبية لبيروت.
وتزيد تلك التهديدات المتواصلة والمعلومات المتداولة، من منسوب القلق في الضاحية، وكان آخرها «تهديد جبهة النصرة في لبنان»، أول من أمس، بأن مناطق نفوذ حزب الله «باتت هدفا مشروعا لها». وفي هذا الوقت، لا تسمع في الضاحية، إلا أسئلة عن صحة العثور على سيارات مفخخة. ويتناقل السكان تلك التحذيرات والمعلومات عبر الهواتف المحمولة، وكان آخرها ليل الخميس – الجمعة الماضي، إذ عاش السكان هاجس البحث عن ثلاث سيارات مفخخة قالوا: إنها دخلت المنطقة، وعبرت باتجاه أوتوستراد هادي نصر الله، وهو الشارع الرئيس في الضاحية، وقد تكون اتجهت إلى الكفاءات أو المريجة.
ونسج السكان روايات مختلفة زادت من حجم القلق، أبرزها أن التهديد الجديد «سيكون عبارة عن هجوم مسلح ينفذه انتحاريون يطلقون النار بشكل عشوائي قبل تفجير أنفسهم، بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا». وإثر هذه المعلومات، لزم عدد كبير من السكان منازلهم نهاية الأسبوع، فيما عمد آخرون إلى إرسال رسائل نصية عبر تطبيق «واتس آب»، بعضها صوتي، تدعو السكان لالتزام الهدوء وترك الأمور للجهات الأمنية، والكف عن بث الشائعات.
ولا يشاهد المارة في ليالي الضاحية، إلا عناصر أمنية مدنية منتشرة في الشوارع، تدقق بهويات سائقي السيارات المتوقفة على ناصية الشارع. وكانت هذه المظاهر غابت عن المنطقة منذ تنفيذ الأجهزة الأمنية اللبنانية خطة الانتشار في الضاحية الجنوبية لبيروت، أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد تفجير سيارة مفخخة في منطقة الرويس بالضاحية منتصف أغسطس (آب)، وأسفر عن مقتل 34 شخصا وإصابة 300 آخرين بجروح. وعادت هذه المظاهر المدنية إلى الضاحية، عقب تعرض الشارع العريض في حارة حريك لتفجير انتحاري في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، وتضاعفت بعد استهداف الشارع نفسه بتفجير انتحاري الثلاثاء الماضي.
وترافقت تلك التدابير مع تكثيف الإجراءات الأمنية الرسمية على مداخل الضاحية، حيث تنفذ وحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، تفتيشا دقيقا للعابرين إلى المنطقة وسياراتهم، ما يتسبب بزحمة سير خانقة أمام الحواجز الرسمية. وخلافا للسابق، لا يتأفف السكان من تلك الإجراءات، بوصفها قادرة «على الحد من المخاطر»، كما يقول أبو ياسر (46 عاما) الذي كان ينتظر دوره على حاجز كنيسة مار مخايل، على مدخل الضاحية الشمالي.
وتبدو شوارع الضاحية شبه مقفرة، فيما أغلق بعضها بشكل نهائي أمام حركة السيارات في أوقات الصلاة، وهي الطرق التي توصل إلى مراكز دينية في حي ماضي والرويس وحارة حريك والحي الأبيض. كما استحدثت عوارض حديدية كبيرة على مداخل بعض الأبنية والمؤسسات الصحية التابعة لحزب الله، فضلا عن إضافة مجسمات حديدية ضخمة ومكعبات الإسمنت والأسلاك الشائكة إلى جانب الطرق، لمنع وقوف السيارات.
وفي منطقة بئر العبد المتاخمة لحارة حريك التي تعرضت لهجوم بسيارة مفخخة في يوليو (تموز) الماضي، شرع عمال البلدية بحفر وسط الطريق وزراعة أشجار، قلصت حجم الطريق، وأجبرت السيارات على المرور باتجاه واحد. وأضيفت الأشجار إلى عوائق حديدية زرعت سابقا على جانبي الطريق ما يمنع ركن السيارات أمام المحال التجارية.
واللافت أن الإجراءات الاحترازية، لم تتوقف على الجهات الرسمية والحزبية، فقد بادر بعض السكان وأصحاب المحال التجارية إلى اتخاذ إجراءات تمنع السيارات من الركون أمامها، كما عمد البعض إلى وضع دشمة من أكياس الرمل داخل محله التجاري، بهدف الحد من إيصال لهب التفجيرات إلى داخل المتجر في حال حدوثه.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».