السعودية: تراجع أسعار النفط يلقي بظلاله على سوق العقارات

قرار «البيع على الخريطة» يغير توجهها

تتجه أسعار القطاع العقاري في السعودية لتسجيل انخفاضات جديدة خلال الربع الأول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)
تتجه أسعار القطاع العقاري في السعودية لتسجيل انخفاضات جديدة خلال الربع الأول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)
TT

السعودية: تراجع أسعار النفط يلقي بظلاله على سوق العقارات

تتجه أسعار القطاع العقاري في السعودية لتسجيل انخفاضات جديدة خلال الربع الأول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)
تتجه أسعار القطاع العقاري في السعودية لتسجيل انخفاضات جديدة خلال الربع الأول من العام الحالي («الشرق الأوسط»)

تتجه أسعار القطاع العقاري في السعودية لتسجيل انخفاضات جديدة خلال الربع الأول من العام الحالي (2015)، حسبما يكشف عنه خبراء القطاع الذين قدروا نسبة تراجع الأسعار مع نهاية عام 2014 بنحو 20 في المائة مقارنة بالعام السابق، وذلك بصورة متفاوتة على مختلف مناطق البلاد، وهو ما أكدوا أنه أدخل القطاع في مرحلة سبات وركود طويلة، من المرجح أن تستمر خلال الفترة المقبلة.
ويتزامن هذا الركود مع كثير من المتغيرات الاقتصادية التي أثرت على الحراك العقاري السعودي، مثل هبوط أسواق المال وتراجع أسعار النفط التي كان لها تأثير «نفسي» واضح على المستثمرين في القطاع، حيث فضل كثير منهم التريث لحين استقرار الحراك الاقتصادي، يضاف إلى ذلك القرار الأخير الذي أصدرته وزارة التجارة والصناعة السعودية حول نشاط البيع المبكر للوحدات العقارية على الخارطة، الذي أدخل القطاع في مرحلة «التحفظ» لحين استيعاب القرار الجديد.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» عبد العزيز العزب، وهو عضو اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودية والرئيس التنفيذي لشركة «عقارية»، أن السوق العقارية السعودية تمر بكاملها بمرحلة ركود، منذ قرابة السنة وحتى الآن، قائلا: «عادة يتبع الركود تراجع في الأسعار، عندما يكون هناك إحجام عن الشراء ومع كون بعض الناس ما زال متمسكا بأسعار عالية جدا».
وأضاف العزب: «كثير من مناطق المملكة حدث فيها نزول فعلي في أسعار العقار، لكن البعض لا يستطيع استيعاب ذلك حتى الآن، والنزول الذي حصل طفيف ويُقدر بحدود 20 إلى 25 في المائة في مناطق مختلفة من المملكة، إلا أن البعض ما زال يرفض الاعتراف بأن أسعار العقارات بدأت فعليا في التراجع»، ويتابع: «أتوقع أن يستمر هذا التراجع خلال العام المقبل كذلك، وهذا هو الظاهر في الأفق حاليا».
ويعتقد العزب أن ثبات أو استقرار أسعار السوق العقارية أمر مستبعد في الفترة المقبلة، خاصة بعد القرارات الجديدة التي يأتي على رأسها شرط مؤسسة النقد العربي السعودي والقاضي بتوفير 30 في المائة من قيمة العقار للحصول على التمويل العقاري، وتابع قائلا: «متفائل بمشروعات وزارة الإسكان، وأتوقع خلال الـ6 أشهر المقبلة أن يكون هناك تسليم لعدد كبير من الوحدات والأراضي المطورة للمواطنين، وهذا سيكون له أثر كبير في إنعاش الحراك العقاري في البلاد».
من ناحيته، كشف الدكتور عبد الله المغلوث عضو الجمعية السعودية للمقاولين وعضو اللجنة العقارية بغرفة الرياض سابقا، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن التشريعات والآليات التي قدمتها وزارة التجارة والصناعة أخيرا في ضبط البيع على الخارطة (للوحدات العقارية أو الأرض) جعلت هناك تحفظا من قبل بعض العقاريين والراغبين في الشراء لحين فهم واستيعاب هذا النظام، قائلا: «الغالبية يفضلون عدم الإسراع في الشراء حتى يتضح كل شيء على الواقع».
وكانت وزارة التجارة والصناعة قد أصدرت هذا الشهر قرارا يقضي بالموافقة على منح المطورين العقاريين تراخيص بيع على الخارطة للأراضي الخام، وذلك تحقيقا للاشتراطات المطلوبة لممارسة أنشطة البيع المبكر للوحدات العقارية في المملكة، الذي تتولى لجنة البيع على الخارطة في الوزارة الإشراف على تنفيذه وتطوير اللوائح والأنظمة الخاصة به.
وأعلنت الوزارة إقرار لجنة البيع على الخارطة إضافة بندين على اللائحة التنظيمية للترخيص للمطورين العقاريين الراغبين في ممارسة نشاط البيع المبكر للوحدات العقارية في المملكة، حيث نص الأول على أنه «في حال كون المشروع تطوير أرض خام بغرض بيعها بنظام البيع على الخارطة، تقوم الأمانة بتقييم الأرض من قبل 3 مقيمين عقاريين لاعتماد السعر الأقل».
في حين نص البند الثاني على أنه، في حال كون المشروع تطوير أرض خام وبيعها بموجب نظام البيع على الخارطة، يتم تقديم ضمان بنكي من قيمة الأرض، على أن لا يقل عن 20 في المائة من قيمة التقييم العقاري للأرض، حيث يتم تسييل الضمان ونقله، في حال الموافقة على إصدار الترخيص.
وتأتي انعكاسات هذا القرار بالتزامن مع المتغيرات الاقتصادية التي حدثت في الربع الأخير من العام الحالي، حيث تهاوت سوق الأسهم وتراجعت أسعار النفط لمستويات قياسية، وهي أمور يؤكد خبراء العقار أنها كان لها تأثير ملموس على القطاع، حيث يقول المغلوث: «لا شك أن تراجع أسعار النفط له أثر سلبي على أسعار العقارات، لكون الأسعار النفطية ترجع إلى ميزانية الدولة وقوتها وتدفق السيولة لدى رجال الأعمال والمستثمرين من خلال المشروعات التي تنفذها الدولة، وبالتالي عندما تتراجع الأسعار تقل السيولة».
ويواصل الدكتور المغلوث حديثه قائلا: «هناك عوامل عدة أدت إلى شح التمويل من قبل البنوك، لكون مؤسسة النقد فرضت 30 في المائة من قيمة الحصول على قرض عقاري، بحيث يدفعها المالك أو الراغب في الحصول على قرض، إضافة إلى عدم وجود مخططات جديدة، ناهيك عن أنه ليس هناك مشروعات قد يراها العقاريون مدرة للأرباح كما في السابق»، وأضاف: «الشائعات كذلك تلعب دورا كبيرا في انكماش السوق أو ارتفاعها، وهذا أثر كثيرا على القطاع العقاري، وأسهم في جعله راكدا لا يتحرك».



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».