سمكة روبوتية للبحرية الأميركية

تستخدم لأغراض التجسس والاستطلاع

سمكة روبوتية للبحرية الأميركية
TT

سمكة روبوتية للبحرية الأميركية

سمكة روبوتية للبحرية الأميركية

تقوم الدوائر العسكرية الأميركية بأعمال كثيرة في مضمار تقليد الطبيعة، مما يجعلها تسرق التصاميم من الطبيعة لاستخدامها في تقنياتها الجديدة. فإذا ما قررت تصميم روبوت، فما هو الأفضل من استلهام مليارات السنين من التطور والارتقاء. وأثمرت مثل هذه الجهود عن تصميم «غوست سويمر» GhostSwimmer (الشبح السابح) وهو روبوت يعمل تحت الماء مصمم لكي يبدو ويسبح مثل سمكة حقيقية، وبالتالي ترويع كل من يتنزه على شاطئ البحر.
الآلة الجديدة هذه البالغ طولها 5 أقدام ووزنها نحو 100 رطل تقريبا (الرطل 453 غم تقريبا)، هي بحجم سمكة التونا البيضاء، لكنها تبدو مثل سمكة القرش من بعيد. وهي جزء من تجربة لاكتشاف إمكانيات استخدام محاكاة الطبيعة لتطوير مركبات غير مأهولة تعمل تحت الماء، وكانت البحرية الأميركية قد أعلنت أنها أنهت اختباراتها لهذا التصميم قبل أسابيع.
ويستخدم هذا الروبوت ذيله للقيام بعملية الدفع والتحكم تماما، مثل السمكة العادية. ويمكنه العمل في مياه ضحلة لا يتعدى عمقها 25 سنتمترا، والغطس مسافة 300 قدم. ويمكن التحكم به من بعيد عن طريق شريط طوله 500 قدم، أو السباحة بصورة مستقلة، ليعود إلى سطح الماء بين الحين والآخر لإجراء الاتصالات.
السمكة الروبوتية هذه التي تبدو وتتحرك كسمكة عادية، لها زعانف على الظهر والصدر، وهي خفية أيضا، ويصعب اكتشافها، حتى ولو علم أنها موجودة في القرب. ويمكن استخدامها أساسا لجمع المعلومات الاستخبارية، والرصد، والاستطلاع، عندما لا تكون تقوم بأعمال عادية، مثل فحص هياكل السفن الصديقة. وقد يكون محبو الحيوانات مسرورون لسماع أن «غوست سويمر» ستتولى أعمال الدلافين وأسود البحر التي يكثر وجودها عادة في شواطئ ولاية كاليفورنيا، والتي تقوم البحرية الأميركية حاليا بتدريبها لاكتشاف ألغام البحر واستعادة المعدات من قاعه.
وينضم روبوت «غوست سويمر» إلى سائر الروبوتات الأخرى ومنها الزاحفة التي أساسها محاكاة الحيوانات مثل «شيتا» التي يمكنها العدو بسرعة 30 ميلا في الساعة، و«ستكيبوت» التي تتسلق مثل أبو بريص، و«آي سبراول» المستوحى من الصرصور الذي يمكنه قطع 7.5 قدم في الثانية الواحدة. وقد ينضم إلى «غوست سويمر» أخ صغير، إذ تقوم وزارة الأمن الداخلي في أميركا بتمويل تطوير شبيه له صغير الحجم يدعى «بايوس سويمر».
وثمة الكثير من هذه الروبوتات التي وضعت لها مختصرات من الحروف الأولى لأسمائها، أو التي قد تدل على عملها مثل «يو يو في»، التي تعني اختصارا بالأجنبية «مركبة غير مأهولة تعمل تحت الماء» التي يجري اختبارها التي جرى تطويرها من قبل CRIC وهي «خلية الابتكارات السريعة التابعة للعمليات البحرية». وقد جرى تطويرها من قبل «مجموعة النظم المتقدمة» التابعة لشركة «بوسطن إنجنيرينغ» المتعاقدة مع البحرية الأميركية والمتخصصة لتطوير الروبوتات، والنظم غير المأهولة، وما يسمى «المعدات التكتيكية الخاصة».



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً