الانضمام إلى نظام روما التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية متاح لكل الدول

متحدث باسم المحكمة لـ {الشرق الأوسط}: الفلسطينيون هم من يقررون الانضمام

الانضمام إلى نظام روما التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية متاح لكل الدول
TT

الانضمام إلى نظام روما التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية متاح لكل الدول

الانضمام إلى نظام روما التأسيسي للمحكمة الجنائية الدولية متاح لكل الدول

قال فادي العبد الله المتحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية، إن المدعية العامة للمحكمة، فاتو بنسودا، أشارت في وقت سابق، إلى أنه يعود إلى المسؤولين الفلسطينيين، بعد قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة منح فلسطين وضع «دولة مراقب غير عضو» في الأمم المتحدة، أن يقرروا ما إذا كانوا يريدون منح الاختصاص أو الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية أم لا. ونوه المتحدث إلى بيان صدر عن فاتو بنسودا بهذا الصدد في سبتمبر (أيلول) الماضي، وجاء تحت عنوان: «من حق الجميع معرفة الحقيقة حول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على فلسطين».
المتحدث أدلى بتلك التصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قبل أيام، خلال إجابته عن سؤال يتعلق بملف الأحداث التي وقعت في غزه أثناء الاجتياح الإسرائيلي ديسمبر (كانون الأول) 2008، وتهديد السلطة، في حينه، بإحالة الملف إلى الجنائية الدولية. وبسبب عطلة أعياد الميلاد، فشلت كل محاولات الاتصال بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بهولندا، للحصول على تعليق حول قرار السلطة الفلسطينية التقدم بطلب للانضمام إلى نظام روما التأسيسي للمحكمة.
وجاء في البيان الذي صدر عن مكتب المدعية العامة للمحكمة، في سبتمبر الماضي، أنه أشارت تقارير وتعليقات خاطئة صدرت عن عدد من وسائل الإعلام، إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تجنبت باستمرار فتح تحقيق حول المزاعم المتعلقة بارتكاب جرائم حرب في غزة، وذلك بسبب الضغوط السياسية. وبصفتي المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فإنني أرفض رفضا باتا هذا الادعاء الذي لا أساس له من الصحة، والمفتقر إلى أي وجاهة؛ إذ عندما يتحرى مراقب موضوعي بدقة هذه المسألة، بمعزل عن الضجة المثارة حولها، فإنه سيكتشف الحقيقة في أبسط صورها، ومفادها، أن مكتب المدعي العام لم يكن في وضع يمكنه من فتح مثل هذا التحقيق وذلك لعدم الاختصاص. وكنا نذكر دائما، بوضوح وعلنا، أسباب ذلك. إن الانضمام إلى نظام روما الأساسي، المعاهدة المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، متاح لكل الدول. وبصفتي المدعية العامة، يمكنني التحقيق والمقاضاة فقط في الجرائم المرتكبة على أراضي الدول المنضمة إلى هذا النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أو من قبل مواطنيها، أو الدول التي قبلت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من خلال إعلان خاص لهذا الغرض، وفقا للمادة 12 فقرة 3 من النظام الأساسي. وهذا يعني، في الوقت الحالي، أن الجرائم التي يزعم ارتكابها في فلسطين، تقع خارج النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من حجج بعض فقهاء القانون القائلين أنه يمكن إخضاع القواعد الأساسية للاختصاص القضائي في نظام روما لتفسير متوسع وانتقائي، وبناء على ذلك، يبدو أنهم يؤيدون، بالنظر إلى أن الهدف والغرض من المحكمة الجنائية الدولية هو إنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم الجماعية، أن تتدخل المحكمة حتى وإن لم تكن معايير الاختصاص القضائي الواضحة متحققة. وهذا الموقف ليس بالممارسة القانونية السليمة ولا يسهم في جعل الإجراءات القضائية إجراءات مسؤولة.
وفي عام 2009، سعت السلطة الفلسطينية لقبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. وقد نظر مكتب المدعي العام بعناية في كل الحجج القانونية المقدمة. وبعد 3 سنوات من التحليل الدقيق والمشاورات العامة، خلص المكتب في أبريل (نيسان) 2012، إلى أن وضع فلسطين في الأمم المتحدة ك«كيان مراقب» كان عاملا حاسما بما أن الانضمام إلى نظام روما الأساسي يتم عبر الأمين العام للأمم المتحدة، الذي تودع لديه إعلانات المصادقة على المعاهدات الدولية؛ إذ إن وضع السلطة الفلسطينية ك«كيان مراقب» في الأمم المتحدة آنذاك، كان يعني عجزها عن التوقيع على نظام روما الأساسي. وبما أنه لم يكن ممكنا لفلسطين الانضمام إلى نظام روما الأساسي، خلص المدعي العام السابق إلى أنه لا يمكنها تقديم إعلان قبول اختصاص المحكمة، وفقا للمادة 12 فقرة 3، بما يمكنها من وضع نفسها ضمن نطاق المعاهدة، وهو ما سعت للقيام به.
وفي 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، صعدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وضع فلسطين إلى «دولة مراقب غير عضو»، من خلال اعتماد القرار 67/ 19. وقد فحص مكتب الادعاء التبعات القانونية المترتبة على هذا التطور، وخلص إلى أنه، وعلى الرغم من أن هذا التغيير لم يترتب عليه أثر رجعي، فإنه يؤدي إلى إقرار صلاحية الإعلان الذي قدم في عام 2009، وسبق اعتباره غير صالح كونه مقدما من دون التمتع بالصلاحية اللازمة، فإن بإمكان فلسطين الآن الانضمام إلى نظام روما الأساسي. لقد تمكنت فلسطين من توقيع معاهدات دولية أخرى مختلفة منذ حصولها على وضعية «الدولة المراقب»، مما يؤكد صحة هذا التحليل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.