الدمشقيون يستقبلون العام الجديد بكثير من الإحباط والقليل {جدا} من الأمل

على وقع التصعيد العسكري شرق العاصمة وجنوبها وأصوات الانفجارات

دمشق
دمشق
TT

الدمشقيون يستقبلون العام الجديد بكثير من الإحباط والقليل {جدا} من الأمل

دمشق
دمشق

بينما استيقظ سكان العاصمة دمشق صباح آخر يوم في عام 2014 على أصوات قصف عنيف ودوي انفجارات صواريخ أرض - أرض المتساقطة على منطقة جوبر، كانت الإعلانات التجارية لحفلات رأس السنة تنتشر في أحياء وسط دمشق التي يسيطر عليها النظام، في محاولة بائسة لإعادة مظاهر الحياة الطبيعية التي باتت من منسيات غالبية السوريين.
وتقول ميرنا التي تعمل في صالون تجميل للسيدات في منطقة الصالحية، إن أغلب السيدات اللاتي قصدن الصالون للتزين استعدادا لحفلة رأس السنة كن من الصبايا المستجدات على عالم التجميل، وأغلبهن من قريبات أو صديقات رجال متطوعين في الميليشيات التي تقاتل «الإرهابيين» إلى جانب قوات النظام، وتعطيهم ميرنا كل المبررات للاحتفال «لأنهن مقربات من أشخاص يعيشون الموت اليومي»، أما ميرنا وهي مع عائلة مسيحية فتقول: «لو لم يهرب خطيبي من الخدمة العسكرية لكنت اليوم أستعد للسهر معه في مكان عام، ولكنه سافر وأنا أستعد للحاق به». وتقول إنها ستمضي ليلة العيد مع أهلها في المنزل، مشيرة إلى أنه لا عيد لأسرتها هذا العام بسبب مقتل قريب لها في المعارك.
من جانبه، لا يبدي محمد.ع، صاحب محل سكاكر، أي تفاؤل بالعام الجديد ولا بكل ما يطرح من مبادرات دولية وعربية لإيجاد حل لما يجري في سوريا. ويقول: «لا أحد يريد إنهاء المأساة السورية، وإنما العكس تماما الجميع يسعى لتضييع الوقت لأنه مستفيد مما يجري». وعن تمنياته للعام الجديد قال: «صحونا اليوم كما كل يوم على أصوات الطائرات والانفجارات والرصاص، فمن أين نأتي بالأمنيات سوى سؤال المولى عز وجل الفرج؟».
وشهدت بعض أحياء العاصمة حالة استنفار أمني شديد، مع إغلاق الطرق المؤدية إلى حي برزة من قبل حواجز قوات النظام، وحواجز الجيش الحر ومنع الخروج والدخول إليه، وسط أنباء عن بدء تنفيذ إضراب في الحي لمطالبة لجنة المصالحة في الحي وقوات النظام بالإفراج عن المعتقلين، بينما رصدت حالات اختناق مروري عند جسر الرئيس في حي البرامكة مع حركة كثيفة لسيارات الإسعاف تنقل جرحى من قوات النظام إلى المشفى العسكري في المزة، وإطلاق للرصاص في الهواء لفتح الطريق أمامها. وجاء ذلك بالتزامن مع اشتباكات متقطعة في مخيم اليرموك تزامن مع قصف عنيف استهدف مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود جنوب دمشق، كما دوى أصوات القصف في مختلف أحياء دمشق صباح أمس، لدى محاولة قوات النظام تنفيذ عملية عسكرية موسعة لاقتحام منطقة جوبر، والتي تعرضت للقصف بصواريخ أرض - أرض، ومئات القذائف المدفعية هزت أصواتها أحياء شرق العاصمة، كما سجل الطيران الحربي لقوات النظام أكثر من 11 غارة جوية بالتوازي مع اشتباكات عنيفة على أطراف وجبهات جوبر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.