تأجيل الانتخابات السودانية بانتظار تعديلات دستورية

استقرار الحالة الصحية لزعيم المعارضة السودانية وإعادته للسجن مجددا

تأجيل الانتخابات السودانية بانتظار تعديلات دستورية
TT

تأجيل الانتخابات السودانية بانتظار تعديلات دستورية

تأجيل الانتخابات السودانية بانتظار تعديلات دستورية

أعادت سلطات الأمن السودانية المعارض السوداني البارز فاروق أبو عيسى إلى السجن، بعد أن تحسنت حالته الصحية نسبيا، التي كانت قد تدهورت أثناء الاعتقال واضطرت سلطات الأمن التي تحتجزه منذ أكثر من أسبوعين لنقله لمستشفى الشرطة بالخرطوم، وفي الأثناء أعلنت مفوضية الانتخابات السودانية عن تأجيل الانتخابات المزمعة أول أبريل (نيسان) المقبل، لمدة 11 يوما، انتظارا لتعديل دستوري طالب به الرئيس البشير، ليتسنى له تعيين حكام الولايات عوضا عن انتخابهم.
وقالت ابنة فاروق أبو عيسى نهلة لـ«الشرق الأوسط»: إن «صحته تحسنت نسبيا، وأعيد للسجن العمومي في كوبر الذي نقل إليه قبل أيام من حراسات جهاز الأمن»، وأوضحت أن سلطات السجن سمحت لهم بمقابلته بعد أن كانت زيارته ممنوعة طوال الأسبوعين الماضيين. بيد أن نجلة المعارض البارز قالت: إن «أسرتها ما زالت قلقة على صحته، وإن الاعتقال أثر عليه كثيرا».
وأضافت: «من يدخل السجن وهو معاف يخرج منه مريضا، فكيف بمريض أصلا»، وأوضحت أن السلطات سمحت مبدئيا لطبيبه بمراجعته، بيد أنه لم يزره بعد.
ويتزعم أبو عيسى، وهو محام في الـ80 من عمره، «تحالف قوى الإجماع الوطني» المعارض، ويضم معظم أحزاب وقوى المعارضة الرئيسة في البلاد، واعتقلته سلطات الأمن السودانية والمحامي والناشط المدني أمين مكي مدني في 7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، على خلفية توقيعهما على وثيقة «نداء السودان» مع الحركات المسلحة التي تقاتل الخرطوم في أكثر من منطقة، وقوى وتنظيمات المجتمع المدني السودانية التي تعمل على إسقاط نظام الرئيس البشير وتفكيكه سلميا.
ويعاني أبو عيسى صعوبات صحية مثل ارتفاع ضغط الدم، وداء السكري، ومشكلات في القلب، مما يستدعي رعاية طبية حثيثة.
وفي غضون ذلك، يتواصل احتجاز رفيقه والناشط المدني أمين مكي مدني لليوم 17 على التوالي، وهو محام يبلغ من العمر 75 عاما، ويعاني هو الآخر وضعا صحيا معقدا، وكان نجله مكي قد ذكر لـ«الشرق الأوسط»: إن «والده هو الآخر بحاجة لرعاية صحية، وأنه يعاني داء السكر وارتفاع ضغط الدم».
وحسب المحامي نبيل أديب، ويترافع عن أبو عيسى ومدني، فإن النيابة أكملت التحقيق مع مدني، وأن الوعكة الصحية التي ألمت بأبو عيسى حالت دون إكمال التحقيق معه.
وقال أديب لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا: إن «جهاز الأمن فتح بلاغات ضد الرجلين، تتضمن تقويض الدستور، وإثارة الكراهية ضد الدولة»، بيد أنه استخف بالبلاغات ووصفها بالضعف، لأن بيان نداء السودان الذي اعتقل الرجلين على خلفية توقيعهما له، لا يتضمن إثارة الحرب ولا الكراهية ضد الدولة.
وفي سياق آخر، أجلت مفوضية الانتخابات السودانية الانتخابات المزمعة أول أبريل المقبل، لمدة 11 يوما في الشهر ذاته، انتظارا لتعديل دستوري قد يفضي إلى تعيين حكام الولايات – المحافظات – بدلا عن انتخابهم كما هو منصوص عليه في الدستور الحالي، كما أجلت تبعا لذلك قفل باب الترشح للانتخابات.
وقال رئيس المفوضية مختار الأصم في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس، إن «البرلمان يدرس تعديلات دستورية قد تلغي انتخاب حكام الولايات، وإن فتح باب ترشحهم للانتخابات قبل تعديل الدستور، قد يتسبب في تعقيدات قانونية صعبة».
وأضاف الأصم: أن «التأجيل يتيح فرصة للأحزاب إضافية للترشح للانتخابات في الدوائر الجغرافية وللرئاسة».
ودعا الرئيس البشير خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لتعديل الدستور بما يمكنه من تعيين حكام الولايات، استنادا إلى أن انتخاب الولاة أدى لتفشي القبلية والنعرات الجهوية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.