الأمير عبد الله بن عبد الرحمن.. عالِم آل سعود وفقيههم ومالك أكبر مكتبة

دوره مهم في التاريخ السعودي الحديث وقدم إسهامات لافتة في سنوات توحيد البلاد

الأمير عبد الله بن عبد الرحمن
الأمير عبد الله بن عبد الرحمن
TT

الأمير عبد الله بن عبد الرحمن.. عالِم آل سعود وفقيههم ومالك أكبر مكتبة

الأمير عبد الله بن عبد الرحمن
الأمير عبد الله بن عبد الرحمن

عاد الأمير عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود إلى الواجهة، بعد رحيله بنحو 38 عاما. والراحل هو أخو الملك المؤسس، وعم ملوك الدولة السعودية الحديثة، وعم الأمراء من أبناء الملك عبد العزيز. ويعد الأمير الراحل أحد الأعلام والشخصيات في السعودية، وكان له تاريخ مشهود ودور مهم، وأسهم في بناء الوطن، كما كان له دور متشعب في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية. واشتهر الأمير بلقب «عالِم آل سعود وفقيههم»، وعدّ مرجعا في التاريخ السعودي والأنساب وأخبار القبائل، وكان مجلسه مجمع العلماء والأدباء والشعراء والمفكرين، كما كان يملك مكتبة ضخمة تحوي نوادر المخطوطات والمطبوعات، عدّت في وقته أكبر مكتبة شخصية في السعودية.
اهتم الأمير بالتعليم وأسس لهذا الغرض مدرسة في قصره، خصصها لأبنائه إلى جانب مزرعته في حي سلام التي تحولت، اليوم، إلى أكبر متنزه في العاصمة السعودية الرياض.
اشتهر الأمير بمجلسه الذي كان ناديا أدبيا وعلميا، يرتاده أهل العلم والفضل من داخل السعودية وخارجها. وكان يشهد نقاشات وأحاديث علمية في معارف متعددة، دينية، وأدبية، وتاريخية، وغيرها. كما يحضره شيوخ وأعيان الأسر والقبائل، وشعراء الفصحى والنبط. وتنقل المجلس بين بيوت الأمير في الرياض ومكة المكرمة والطائف. وقد وصف مجلسه عدد من المؤلفين والكتاب الذين زاروه وشهدوا ما يدور فيه، وقالوا عنه إنه درس من الدروس في الأدب والسياسة والرجولة والنزاهة والصراحة، وكان حافلا برجال السياسة، وبالعلماء الكبار، والأدباء، وموظفي الدولة. ومن خلال هذا المجلس ارتبط الكثيرون بعلاقات واسعة مع العلماء والأدباء والساسة من داخل البلاد وخارجها.
اهتم الأمير عبد الله بن عبد الرحمن بالعلم وجمع الكتب واقتنائها منذ سنوات شبابه الأولى. ولم يبلغ الأمير العشرين حتى كانت لديه حصيلة علمية جيدة، أثارت إعجاب المستشرق البحاثة عبد الله فلبي الذي عمل في بلاط الملك عبد العزيز. كما كان لديه مجموعة من الكتب والمخطوطات، وأهدى أحد هذه الكتب إلى فلبي لأنه يملك نسختين منه. في ذلك اللقاء الذي جرى بينهما قبل قرن، يذكر فلبي حديثا للأمير عبد الله عن مآل كتب الأسرة السعودية الحاكمة، يستشف منه حرصه، ليس على جمع الكتب وحسب، بل على معرفة أماكن وجودها أيضا. واستمر اهتمام الأمير بجمع الكتب طيلة السنوات التي تلتها، وواصل شراءها من داخل السعودية ومن خارجها، وكان يدفع من أجل ذلك الغالي والنفيس. ومن دلائل حرصه على قراءة الكتب واقتنائها أنه حالما وصل إلى مصر، في الرحلة المشهورة قبل 71 عاما، سئل عن كتب تخص تاريخ الأسرة العلوية، أسرة محمد علي باشا.
إضافة إلى الكتب التي كان يبتاعها، هناك كتب أخرى تهدى إليه من مؤلفيها وناشريها وغيرهم. وبعدها كانت مكتبته إحدى المكتبات التي يشار إليها بالبنان في السعودية، بل قيل إنها أحسن مكتبة خاصة فيها وأكبرها. كما اشتهرت مكتبته، وجاوزت حدود بلاده، وشهدت على ذلك بعثة معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية في مصر، أثناء زيارة البعثة للرياض لتصوير مجموعة من المخطوطات المحفوظة في المكتبات السعودية، حين زارت مكتبة الأمير عبد الله وأشادت بالمكتبة. وقد قرر أولاد الأمير بعد وفاته إهداء المكتبة إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وسلط الباحث سليمان بن محمد الحديثي الأضواء على الأمير الراحل عبد الله بن عبد الرحمن، في كتاب يعد سيرة تاريخية وثائقية، أنجزته دار «جداول» للنشر والترجمة والتوزيع في بيروت. وجاءت محتويات الكتاب شاملة الجانب الشخصي للأمير الراحل، والجانب العلمي، والجانب العسكري، والجانب الإداري والسياسي. وقال فيه الباحث: إن صاحب السيرة يعد من أكثر الشخصيات التصاقا بالملك عبد العزيز، إذ كان يستشيره كثيرا، ويطلعه على أسرار الدولة، ويصطحبه معه في أغلب الاجتماعات والمؤتمرات السياسية، ويكلفه بمهام كثيرة. أما من الناحية العلمية، فقد اشتهر الأمير بلقب عالِم آل سعود وفقيههم، وبأنه مرجع للتاريخ السعودي والأنساب وأخبار القبائل، لافتا إلى أن مصادر تاريخية ذكرت أن الأمير عبد الله بن عبد الرحمن كان مستشارا للملك عبد العزيز، بل كان عضوا بارزا في الشعبة السياسية في الديوان الملكي، وأنه رئيس مستشاري الملك في هذه الشعبة، في حين ذكر فلبي أن الأمير ظل ضوءا بارزا في مجلس الملك. ومنذ الحرب العالمية الثانية أصبح وثيق الصلة بإدارة الدولة، وأحد المستشارين الرسميين، وعضوا في المجلس الخاص. وذكر ساند أن الأمير عندما بلغ سن الخامسة والعشرين أصبح أحد أهم مستشاري الملك عبد العزيز. ويعني ذلك كله أن صلة القربى التي تربط الأمير بالملك عبد العزيز منحته وضعا مميزا، كما أن ملازمته وقربه الشديد من الملك جعلاه يطّلع على تفاصيل إدارية وسياسية وعسكرية لا يطلع عليها كثير من المستشارين. ولا شك في أنه كان يبدي رأيه في كثيرا من الأمور، وكان رأيه موضع تقدير الملك عبد العزيز، بدليل استمراره في هذا القرب حتى وفاة الملك.
ورجحت أغلب الكتابات التاريخية ولادة الأمير عبد الله بن عبد الرحمن في الكويت عام 1900، أو قبل ذلك بعامين. وتقول الروايات إن الأمير عند عودة الأسرة من الكويت إلى الرياض كان موضوعا في خرج، ما يدل على صغر سنه. كانت تلك الرحلة قبل 116 عاما، وكانت سنه، آنذاك، 5 سنوات. وقد عاش الأمير بقية طفولته وبداية شبابه في كنف والده في بيت خصصه لأمه. وظهرت عليه أمارات النباهة والذكاء، فأتى له والده بمعلمين يعلمونه القرآن والفقه والحديث، ونشأ تنشئة علمية صحيحة.



المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي
TT

المشهد الثقافي المصري... نفض أحزان الفقد ومواصلة الأنشطة المعتادة

جانب من مؤتمر الخط العربي
جانب من مؤتمر الخط العربي

عام مثقل بالفقد والأحزان عاشته الثقافة المصرية خلال 2025، فقد غيَّب الموت كوكبة من المبدعين والشعراء والنقاد، جميعهم لعبوا أدواراً متنوعة في شد هموم الثقافة والمثقفين نحو آفاق أرقى حافلة بالمغامرة والتجريب. من بينهم الروائيان، صنع الله إبراهيم، صاحب رواية «تلك الرائحة»، ورءوف مسعد، صاخب رواية: «بيضة النعامة»، والشاعر أحمد عنتر مصطفى صاحب ديوان «مأساة الوجه الثالث»، والناقد دكتور محمد السيد إسماعيل صاحب كتاب «الرواية والسلطة»، والناقد دكتور محمد عبد المطلب، والذي يعد من أبرز النقاد المؤسسين في النقد الأدب العربي، بانفتاحه على تيارات الحداثة في الشعر وقدم كتاباً مهماً عن قصيدة النثر بعنوان «النص المشكل».

كما غيَّب الموت دكتور محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق الذي تولى حقيبة الثقافة في ثلاث حكومات متتالية عقب ثورة يناير (كانون الثاني)، وحافظ على استقلاليتها في فترة اتسمت بالاضطراب السياسي، وله مؤلفات قيمة في التاريخ الأدبي، وفوجئت الحياة الثقافية برحيل اثنين من أهم الناشرين، الناشر حسني سليمان، مؤسس دار «شرقيات» ومحمد هاشم، مؤسس دار «ميريت» وكلاهما لعب دوراً مهماً في دفع أجيال جديدة من الكتاب في شتى مناحي الإبداع، وفي غمرة الأحزان رحلت الفنانة سميحة أيوب، الملقبة بـ«سيدة المسرح العربي» بعد مسيرة حافلة بالفن، قدمت خلالها أكثر من 170 عملاً مسرحياً، منها «السلطان الحائر» و«سكة السلامة»، ولحقت بها الفنانة سمية الألفي عن عمر يناهز 72 عاماً، بعد صراع مع المرض، ورحلة عطاء متميزة بخاصة في المسلسلات التليفزيونية.

برغم هذا الجو واصلت الحياة الثقافية أنشطتها وفعالياتها المعتادة، وتصدر نجيب محفوظ المشهد، حيث يحتفل معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته المقبلة بمرور عشرين عاماً على رحيله. وبهذه المناسبة أطلقت وزارة الثقافة جائزة «نجيب محفوظ للرواية العربية» بقيمة 500 ألف جنيه مصري (نحو 10 آلاف دولار أميركي)، وأعلنت الوزارة أن الجائزة سيمنحها معرض القاهرة الدولي للكتاب سنوياً بداية من هذا العام، الذى يحتفل فيه المعرض بذكرى مرور عشرين سنة على وفاة «أديب نوبل» نجيب محفوظ.

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد مجاهد المدير التنفيذي للمعرض: «إن أديباً بقامة نجيب محفوظ يليق به أن تمنح وزارة الثقافة المصرية جائزة كبرى باسمه، بوصفه الأديب العربي الوحيد الفائز بجائزة نوبل، حيث تبلغ قيمة الجائزة 500 ألف جنيه، وميدالية ذهبية أسوة بجائزة النيل، وهي ممولة بالكامل من البنك الأهلي المصري». وبدأ تقدم الروائيين المصرين والعرب للجائزة صباح الخميس 4 ديسمبر (كانون الثاني) 2025، ويستمر حتى الأحد 4 يناير 2026، ويكون التقديم بإرسال ثلاث نسخ من الرواية المتقدمة للمسابقة، بشرط أن تكون منشورة بتاريخ عام 2025.

أثارت الجائزة حالة من الجدل في الأوساط الثقافية، فبرغم الاحتفاء بها فإن البعض رأي أنها تشكل انعكاساً لتخبط سياسات وزارة الثقافة، فمن غير المعقول أن يكون لدينا ثلاث جوائز باسم نجيب محفوظ، منها جائزة يمنحها المجلس الأعلى للثقافة وهو تابع لوزارة الثقافة. كما رأى البعض أن أطلاق هذه الجائزة يمثل تحدياً ضمنياً لجائزة نجيب محفوظ الراسخة التي دشنتها الجامعة الأميركية بالقاهرة وتم إنشاؤها بواسطة قسم النشر بها، وانطلقت في عام 1996، ووصلت قيمتها المادية إلى خمسة آلاف دولار أميركي، ويتم ترجمة الرواية الفائزة إلى اللغة الإنجليزية 1996، وتمنح في حفل يقام كل عام في 11 ديسمبر الموافق لمولد نجيب محفوظ. ومن الأنشطة المهمة التي شهدها الواقع الثقافي خلال هذا العام، ملتقى ذاكرة القصة المصرية في دورته الرابعة والتي حملت اسم «دورة الكاتب محسن يونس». نظم الملتقى موقع صدى برئاسة الكاتب والناقد سيد الوكيل، واستضافه بيت السناري الأثري بالقاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية، جاءت فعاليات الملتقى تحت عنوان: «تجليات المكان في القصة القصيرة»، في محاولة لإحياء الذاكرة السردية المصرية، وتسليط الضوء على تطور فن القصة القصيرة، ودور المكان في تشكيل البنية السردية، بالإضافة إلى خلق مساحة للحوار وتبادل الخبرات بين الكتّاب والباحثين المهتمين بهذا الفن.

ناقش الملتقى في جلسته الأولى، السمات الفنية المميزة لفن القصة القصيرة لدى الكاتب محسن يونس، وهو يعيش في مدينة دمياط الساحلية، وذلك تحت عنوان «محسن يونس... رحلة إبداع»، أما الجلسة الثانية فناقشت «المكان في القصة القصير... رؤية منهجية»، بينما تناولت الجلستان الثالثة والرابعة محاور متعددة حول فن القصة القصيرة، من خلال قراءات ونقاشات نقدية شارك فيها عددٌ من الكتّاب والمهتمين بالأدب.

وخلال الفترة من 26 إلى 29 ديسمبر الحالي سوف تشهد مدينة العريش بشمال سيناء انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر في دورته السابعة والثلاثين، دورة الأديب الراحل محمد جبريل.

وكان وزير الثقافة قد أعلن اختيار محافظة شمال سيناء عاصمة للثقافة المصرية لعام 2026 وذلك عقب موافقة محافظ شمال سيناء على مقترح استضافة العريش للدورة الحالية من المؤتمر، تقديراً للمكانة الرمزية والثقافية للمحافظة.

ينظم المؤتمر الهيئة العامة لقصور الثقافة تحت عنوان: «الأدب والدراما... الخصوصية الثقافية والمستقبل»، ويعقد برئاسة السيناريست مدحت العدل. ويشارك في فعالياته نخبة من الأدباء والباحثين والأكاديميين من مختلف المحافظات، بهدف رصد وتوثيق المشهد الأدبي في ربوع الوطن، وتقديم رؤى نقدية وفكرية تسهم في مناقشة قضايا الثقافة المصرية المعاصرة، ودورها في تعزيز الوعي والإبداع، وذلك من خلال ستة محاور رئيسية تشمل جلسات بحثية وحلقات نقاشية متنوعة؛ منها «النص الشعري ومفردات الخصوصية الثقافية»، من خلال قراءة تطور الشعر المصري فصيحاً وعامياً عبر مراحله المختلفة، و«الرواية وصراع الهويات في المجتمع المصري»، عبر تحليل كيفية تناول الرواية المصرية لقضايا المجتمع وتنوعاته والقيم الوافدة إليه.

وعلى مستوى الفن أطلق «صندوق التنمية الثقافية» بوزارة الثقافة الدورة العاشرة من ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي، بمشاركة نخبة من كبار الخطاطين والفنانين والباحثين من مصر وعدد من الدول العربية والأجنبية، وتخللتها ورش عمل لفهم جماليات الخط العربي، واختير شيخ الخطاطين المصريين خضير البور سعيدي قوميسيراً عاماً للدورة.

تحمل الدورة اسم الخطاط الراحل الحاج سيد عبد القادر «الحاج زايد» وذلك في إطار حرص وزارة الثقافة على تكريم رموز هذا الفن. وتستمر فعالياتها بقصر الفنون بدار الأوبرا من 18 إلى 28 ديسمبر الحالي، وأبدى المشاركون في الملتقى حرصهم على تعزيز مكانة الحرف العربي كأحد ركائز الهوية الثقافية في كل المجالات العلمية والفنية والزخرفية ومناقشة قضاياه المتنوعة، بخاصة ما بين الأصالة والتجديد. كما شهد الملتقى تكريم نخبة من كبار الخطاطين تقديراً لإسهاماتهم البارزة في خدمة فن الخط العربي، حيث يتم منح شهادات تقدير للمكرمين والفائزين من مصر وخارجها وضيوف الشرف، كما كرم الملتقى الفنان محمد بغدادي، تقديراً لدوره البارز في دعم الملتقى وفن الخط العربي.

الكاتبة سلوى بكر

ومن الأخبار المفرحة في هذا العام حصول الكاتبة الروائية سلوى بكر على جائزة «بريكس» الأدبية في دورتها الأولى، لتكون بذلك أول فائزة في تاريخ الجائزة.

تدعم الجائزة المؤلفين المعاصرين الذين تعكس أعمالهم القيم الثقافية والروحية لشعوب دول بريكس. وأعلنت نتائج التصويت من قبل لجنة تحكيم دولية خلال مهرجان الفنون لدول بريكس، الذي أُقيم في مدينة خاباروفسك الروسية بين 26 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحضر الحفل ممثلون من حكومة إقليم خاباروفسك، ودبلوماسيون، وكتّاب، وناشرون، وأفراد من المجتمع المدني من دول بريكس وشركائها.

وفي هذا السياق، قال السفير الرسمي لجائزة بريكس الأدبية والمدير العام للمجموعة الإعلامية الأوراسية، سيرغي ديمينسكي، إن «اختيار سلوى بكر كأول فائزة بجائزة بريكس الأدبية يعد إشارة إلى الناشرين والمؤسسات الثقافية في دولنا. وأنا واثق من أن أعمالها ستُترجم إلى اللغة الروسية، وسيصبح اسمها معروفاً في دول بريكس ليس فقط لأعضاء الدائرة الضيقة من المتخصصين في الأدب المعاصر، بل أيضاً لجمهور أوسع من القراء».

واحتفاء بفوزها استقبلها وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو بمكتبه وسلمها درع الوزارة... تنتمي سلوى بكر لجيل السبعينيات في مصر، وصدر لها سبع مجموعات قصصية وسبع روايات ومسرحية، وترجمت أعمالها إلى عدد من اللغات الأوروبية.


العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
TT

العراق... معرضان للكتاب وإنجاز غير مسبوق للسينما

فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار
فيلم" كعكة الرئيس"...وصل الى القائمة القصيرة (15 فيلما)، لجوائز الأوسكار

اختيار بغداد عاصمة للسياحة، كان يمكن أن يكون عاماً محتشداً بالأحداث الثقافية الكثيرة، التي تبرز وجه العراق السياحي الجاذب، كالمهرجانات المتنوعة والأحداث الثقافية. لكن ومع انتهاء هذه السنة لم تكن هذه الأحداث لتتناسب مع العنوان الكبير لبغداد، التي اختارتها المنظمة العربية للسياحة لعام 2025.

بعض النشاطات والفعاليات الثقافية في بغداد اندرجت تحت عنوان عاصمة السياحة العربية، كمهرجان بغداد للسينما الذي انعقد منتصف شهر سبتمبر (أيلول)، بالدورة الثانية له، واستقطب جمهوراً كبيراً وضيوفاً عرباً، إضافة للعروض الفيلمية التي تخللته، والأمر نفسه ينطبق على مهرجان المسرح الذي انعقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. وعدا ذلك لم يكن هناك حدث ثقافي مرتبط بالعنوان الكبير «بغداد عاصمة السياحة العربية».

ولعل ذلك يتعلق بنقص الاستعدادات اللوجيستية التي يفترض أن تقوم بها وزارة الثقافة لمثل هذا الحدث.

وعلى صعيد الجوائز التي حصل عليها مثقفون عراقيون، كان لحصول الشاعر حميد سعيد، والروائية إنعام كجه جي، على جائزة سلطان العويس، وهي الجائزة الثقافية المهمة في العالم العربي، دلالة واضحة على حضور الثقافة العراقية المتميز في المشهد الثقافي العربي.

وشهد هذا العام حدثين ثقافيين مهمين؛ الأول إقامة معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه وترعاه سنوياً مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون، وهو المعرض الذي أقيم أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وشهد مشاركة واسعة لدور نشر محلية وعربية وعالمية، مع حضور مئات الناشرين والمؤسسات الثقافية، بما يعزّز مكانة الفعالية بوصفها منصة بارزة للإصدارات الجديدة وفضاء يجمع الكتّاب والمبدعين والمهتمين بمجال النشر والقراءة ضمن برامج متخصصة.

وجاءت هذه الدورة تحت عنوان «مائة نون عراقية»، في احتفاء رمزي وفعلي بالمرأة العراقية المبدعة ودورها في صناعة قرن كامل من الوعي والإبداع في مختلف المجالات الفكرية والثقافية والفنية.

وتميّزت هذه الدورة بحضور نسوي لافت، لم يقتصر على الشعار فقط، بل تجسد في الفعاليات والندوات وحفلات التوقيع والمشاركات الفكرية، حيث خُصصت مساحات واسعة للاحتفاء بمنجز المرأة العراقية، سواء في الأدب أو البحث الأكاديمي أو الصحافة أو الفنون. وكانت مؤسسة المدى قد أقامت خلال شهر أبريل (نيسان) معرض أربيل الدولي للكتاب، في أربيل عاصمة إقليم كردستان.

والحدث الآخر، وعلى صعيد الفن السابع، انطلاق مبادرة دعم السينما العراقية، وهو الحدث الثقافي الذي انتظره سينمائيو العراق منذ سنوات، الذين شَكَوا دائماً غياب التمويل والدعم الحكومي لهم. حيث خصّصت الحكومة العراقية مبلغاً كبيراً منحةً لدعم السينما العراقية، وشكلت لهذا الغرض لجنة متخصصة أفرزت خمسة وخمسين فيلماً، من أصل أكثر من أربعمائة فيلم دخلت المنافسة للحصول على المنحة.

وعلى صعيد السينما أيضاً استطاع فيلم «كعكة الرئيس» الوصول إلى القائمة القصيرة «15 فيلماً»، لجوائز الأوسكار، وهي المرة الأولى التي يحقق فيها فيلم عراقي مثل هذا الإنجاز، والفيلم هو أحد الأفلام الفائزة بمنحة مبادرة دعم السينما، وكان الفيلم يتمحور حول قصة فتاة صغيرة تُدعى لميعة في العراق خلال عام 1990، في فترة الحصار والعقوبات، تُجبر على جمع مكونات لصنع كعكة عيد ميلاد الرئيس المخلوع (صدام حسين) في مدرستها، رغم الفقر والظروف القاسية، والعمل يمزج الكوميديا السوداء والدراما السياسية ليعكس حياة الناس تحت النظام والحصار، مع تركيز على التجربة الإنسانية أكثر من السياق السياسي المباشر.

وكان الفيلم قد شارك في الدورة الـ78 من مهرجان كان السينمائي في فرنسا ضمن أسبوع المخرجين. وفاز بجائزة «الكاميرا الذهبية» لأفضل فيلم أول، وأيضاً جائزة اختيار الجمهور في «كان»، وهو إنجاز غير مسبوق أيضاً للسينما العراقية.

وعلى صعيد فن المسرح، فمن بين عشرات العروض المسرحية العربية والأفريقية، حصدت مسرحية «الجدار»، في مهرجان أيام قرطاج المسرحية، النسخة الـ26 في تونس، جائزة أفضل سينوغرافيا، وجائزة التانيت الفضي كأفضل عرض مسرحي، ورُشّح بطلها الممثل يحيى إبراهيم لجائزة أفضل ممثل، وهي من تأليف حيدر جمعة وإخراج سنان العزاوي. والأمر نفسه مع مسرحية السيرك، إخراج جواد الأسدي، التي نالت جائزة أفضل نص لمؤلفها جواد الأسدي، وجائزة أفضل ممثلة منحت لشذى سالم، وجائزة أفضل ممثل (مناصفة) لعلاء قحطان.

واختتم هذا العام بتوزيع جوائز الإبداع العراقي لعام 2025، حيث فاز في مجال الترجمة مناصفة كل من سهيل نجم عبد عن «القارب المقلوب»، وهناء خليف غني عن «لعبة المكان»، فيما فاز باسم الفرات بالمركز الأول في أدب الرحلات عن عمله «نيوزيلندا- رحلات في بلاد الماروين»، وإسماعيل الحسيني في أدب الطفولة عن «غابة الأسود الثلاثة»، وسنان العزاوي في المسرح عن عمله «الجدار»، وخليفة محمود إخليف في الرسم عن «الزيارة»، وثائر حسين علي في النحت عن «عشتار إله الحب والحرب».


جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»
TT

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

جائزة «الملتقى» تعلن القائمة الطويلة وتكرِّم فاضل خلف «رائد القصة الكويتية»

أعلنت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية»، الأحد، القائمة الطويلة للدورة الثامنة، التي أطلقت عليها دورة الأديب الكويتي فاضل خلف، أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955.

وبلغ عدد المشاركين في الدورة الثامنة للجائزة والمستوفية أعمالهم لشروط الترشّح، (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة.

وضمت القائمة الطويلة عشرة متسابقين، من ثماني دول عربية، وهم: أماني سليمان داوود عن مجموعتها القصصية «جبل الجليد» (الأردن)، الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر»، شيرين فتحي «عازف التشيلّو» (مصر)، «دار العين للنشر»، شيخة حليوي «أقرأ كافكا وكلبتي تحتضر» (فلسطين)، «دار النهضة العربية»، طارق إمام «أقاصيص أقصر من عمر أبطالها» (مصر)، «دار الشروق»، غزلان تواتي «توقيت غير مناسب لشراء السمك» (الجزائر)، «دار هُنّ للنشر والتوزيع»، مقبول العلوي «تدريبات شاقة على الاستغناء» (السعودية)، «دار نوفل»، محمود الرحبي «لا بارَ في شيكاغو» (عُمان)، «أوكسجين للنشر»، ندى الشهراني «قلب مُنقَّط» (قطر)، «دار جامعة حمد بن خليفة للنشر»، هيثم حسين «حين يمشي الجبل» (سوريا - بريطانيا)، «منشورات رامينا»، وجدان أبو محمود «نَحْت» (سوريا)، «الآن ناشرون وموزّعون».

وقالت جائزة «الملتقى للقصة القصيرة العربية» في بيان، إنه انطلاقاً من احتفالات دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية والإعلام العربي لعام 2025، وبرعاية من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، تُواصل جائزة الملتقى للقصة القصيرة العربية في دورتها الثامنة (2025-2026) مسيرتها الإبداعية/الثقافية في استقطاب الأعمال القصصية لكُتّاب القصة القصيرة في أقطار الوطن العربي والعالم، كونها الجائزة الأهم للقصة القصيرة في الوطن العربي، والتي مثلّت الكويت في «منتدى الجوائز العربية»، وساحة الجوائز العربية.

وأضاف البيان، أنه تقديراً من «المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب» في الكويت، لدور الجيل المؤسِّس من رجالات الكويت المبدعين، فلقد تقرَّر أن تحمل هذه الدورة اسم «الأديب فاضل خلف» (1927-2023)؛ نظراً لأن الأديب خلف كان أوَّل قاص كويتيّ قام بإصدار مجموعة قصصية عام 1955، بعنوان «أحلام الشباب».

وقد فُتِح باب الترشّح للدورة الثامنة بتاريخ الأول من مايو (أيار) وحتى نهاية يونيو (حزيران) 2025. وبعد فرز الأعمال المتقدِّمة، وتحديد الأعمال المستوفية لشروط الترشّح، تبيَّن أن العدد الإجمالي للمترشِّحين لهذه الدورة هو (231) مترشّحاً من جميع الأقطار العربية والعالم، بعدد (28) بلداً، وجاء عدد السيّدات المشاركات في هذه الدورة مُمثَّلاً بـ(74) مترشحة؛ أي بنسبة تصل إلى 32 في المائة، وبما يعني اهتماماً كبيراً بالجائزة من قبل شريحة كبيرة من الكاتبات العربيات.

وكان المجلس الاستشاري للجائزة قد شكّل لجنة التحكيم للدورة الثامنة برئاسة الدكتور محمد الشحّات، وعُضويّة كل من: الدكتور: عبد الرحمن التمارة، والروائية والقاصة: سميحة خريس، والدكتورة: عائشة الدرمكي، والقاصّة: إستبرق أحمد. وبُغية قراءة وغربلة المجاميع المشاركة، بشكلٍ موضوعي، والوصول إلى المتحقق إبداعياً، وقد وضعت لجنة التحكيم جُملة من المعايير الإبداعية والنقدية الدقيقة تمثَّلت في: تحديد الثيمة، وتشمل: الجِدّة في التناول وزاوية الرؤية وحضور الخيال ودقة العناوين. وتوظيف اللغة، بما يشمل: التجريب اللغوي، وانتقاء المفردات أو بناء الجملة السردية أو الأسلوب. وجماليات البنية السردية (الحبكة)، وتشمل: بناء الشخصية، والحدث، والزمكان، ومناسبة اللغة مع تقنيات السرد أو الحوار. ومنظومة القيم العُليا (الحق والخير والجمال)، وتشمل: الأبعاد الرمزية في القصص وحُسن توظيفها لخدمة الرؤية الجمالية. وكذلك الرؤية الجمالية والثقافية، وتشمل: تمثيلات القصص لقضايا الإنسان (العربي) المعاصر، وروح العصر، ومتغيِّرات الواقع المعيش. ومدى الإضافة النوعية للقصة القصيرة العربية، سواء في انتقاء الموضوعات أو الأساليب الفنية أو طرائق السرد والحوار.

ومن المقرر إعلان القائمة القصيرة في منتصف شهر يناير (كانون الثاني) 2026، حيث ستقوم المكتبة الوطنية في دولة الكويت باستضافة واحتضان كامل فعاليات الدورة، باجتماع لجنة التحكيم لإعلان الفائز، وكذلك إقامة الندوة الثقافية المصاحبة للاحتفالية بعنوان «راهن القصة القصيرة الكويتية»، ويشارك فيها نخبة من الكتّاب العرب والكويتيين، وتمتدّ على مدار يومين، كما ستصدر الاحتفالية كتاباً تذكاريّاً بعنوان «مختارات من القصّ العربي»، إضافة إلى مجموعة «أحلام الشباب» للكاتب المرحوم فاضل خلف، وكتاب تذكاري عنه.