مركز ثقافي عربي بألمانيا

على غرار معهد العالم العربي بباريس

الحديقة الشرقية
الحديقة الشرقية
TT
20

مركز ثقافي عربي بألمانيا

الحديقة الشرقية
الحديقة الشرقية

يبدو أن تأسيس مركز ثقافي عربي في ألمانيا، على غرار معهد العالم العربي في باريس، قد خرجت من إطار الفكرة إلى مرحلة التنفيذ، والفرق أن الأول بعكس الثاني هو مبادرة أهلية وشخصية عمل على تحقيقها المجوعة التنظيمية للمشروع التي شكلت من عدة جمعيات ثقافية، ومن ضمنها الجمعية الألمانية العربية، ومن ضمنها الجمعية الألمانية - العربية، فرع الراين وانكر، بالتعاون مع معهد العالم العربي بباريس، والمكاتب الثقافية في كل من مدينة مانهايم ولودفغسهافن وهايدلبرغ، وكذلك مجموعة من الشخصيات الأكاديمية ومثقفين وفنانين من بلدان عربية مختلفة أنيطت بهم مسؤولية الإشراف على التنفيذ، وهم: ناديا مدرس، وعصمت أميرلاي، ورفيق شامي، ورياض حسون، وعبد الرحيم فرحات.
وعلمت «الشرق الأوسط»، في اتصال مع أحد أعضاء اللجنة المشرفة، وهو المسرحي العراقي رياض حسون، أن فكرة المشروع الثقافي تبلورت إثر قرار إخلاء الجيش الأميركي لثكناته الموجودة في مدينة مانهايم ومحيطها وإعادتها للحكومة الألمانية، مما دعا بلدية المدينة للتوجه لجمعيات المنطقة تحثها على تقديم مقترحاتها وأفكارها لاستغلال تلك المساحات والأبنية الفارغة.
وتتلخص أهداف وبرامج المشروع، كما جاء في الكتيب الذي نشرته اللجنة المشرفة، في محاولة تطوير أسس متينة للحوار الثقافي في مجلات التبادل الفكري والاجتماعي، وبذل الجهود لتفهم القيم الخاصة بالمجتمع العربي، ومحاولة نقل هذه المفاهيم إلى المجتمع الألماني لخلق حالة من التقارب الاجتماعي، وكذلك المساهمة الفعالة في التواصل الثقافي والاجتماعي ما بين ثقافة ومجتمعات الجاليات العربية المقيمة وبين ثقافة المجتمع الألماني، خصوصا أن أهمية ألمانيا الاتحادية، كما يضيف الكتيب، لا تقل عن أهمية فرنسا، حيث يوجد معهد العالم العربي، وإسبانيا التي أسس في عاصمتها «البيت العربي» منذ سنوات. وانطلاقا من ذلك، سيعمل مشروع المركز الثقافي العربي، خصوصا بعد الربيع العربي، والتطورات الحالية في المنطقة، على التعريف بطبيعة هذه التطورات، والإجابة على الأسئلة التي يطرحها المجتمع الألماني يوميا.
وسيعتمد المشروع لتنفيذ برامجه على مبدأ ما سمته اللجنة المشرفة «التسويق الثقافي»، أي تأمين موارد خاصة عن طريق نشاطاته ومنشآته. ومن هذه المنشآت الحديقة الشرقية التي تعتمد على مبادئ هندسة الحدائق في العالم الإسلامي، ومجمع سكني يحيط بالحديقة ويشرف عليها، بالإضافة إلى مكتبة لبيع الكتب والمطبوعات، ومكتبة صوتية وفيديو، وصالة لعرض وبيع الهدايا والمنتجات الحرفية الفنية من المنطقة العربية، بالإضافة إلى مساعدات من بلدية مانهايم، والدعم المالي الذي يمكن أن يتلقاه من رعاة الفن في ألمانيا وأوروبا والعالم العربي..
وكان بدر الدين عرودكي، المدير العام المساعد لمعهد العالم العربي في باريس، قد زار مانهايم في سبتمبر (أيلول) الماضي لتقييم تصميمات طلاب بيتر بيرنز للهندسة المعمارية، المتعلقة بالمنشآت التي ينوي المركز إنشاءها، وخصوصا المركز والمجمع السكني، وهو عبارة عن شقق سكنية بمساحات مختلفة تفي بمتطلبات الزوار العرب ومرافقيهم في حالة رغبوا بالاستثمار.
ويعول المركز الجديد على التعاون مع معهد العالم العربي، ويأمل أن «يكون هذا التعاون شاملا وعلى مختلف الأصعدة».



في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
TT
20

في العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو» الثقافية... الغذامي لا يخشى على الشعر

العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»
العدد الأول من مجلة «الإيسيسكو»

بالتزامن مع انعقاد مؤتمر وزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي احتضنته مدينة جدة السعودية، منتصف الشهر الماضي، تمّ إطلاق العدد الأول من «مجلة الإيسيسكو الثقافية». وتناقش المجلة الجديدة التي أطلقتها «منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة» موضوعات ثقافية وتربوية وأدبية، مع تسليط الضوء على قضايا معاصرة تهم الساحة الثقافية في العالم الإسلامي.

رسالة المجلة

يشرف على هيئة تحرير المجلة الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»، وتتولى رئاسة التحرير الشاعرة السودانية روضة الحاج، مع فريق من المحررين.

في كلمة العدد، كتب الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»: «قد لا تكون هذه المرة هي الأولى التي تشهد إصدار مجلة باسم (الإيسيسكو)، ولكنها المرة الأولى التي تفلح فيها المجلة في المزج الخلّاق والشراكة الذكية بين إسهام الفاعلين في حقول عمل (الإيسيسكو) واستثمار الخبرات والمعارف والمواد القيمة التي تزخر بها أروقة وقطاعات ومراكز المنظمة عبر حراكها الذي لا يتوقف ونشاطها الذي لا يعرف السكون».

وأضاف: «إن رسالة (الإيسيسكو) القائمة على كونها مسرّعاً للتنمية، من خلال تطوير السياسات التنموية وبناء المنظومات المعرفية والابتكارية وتأهيل قيادات رائدة وتقديم الدعم والخبرة والمشورة، يحتم عليها السعي للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من المستفيدين والشركاء في كل أنحاء العالم الإسلامي. وخير وسيلة لذلك ولا شك هي تعددية القنوات الإعلامية التي تمكّنها أن تقوم بتجسير العلاقات وإيصال الأفكار والرؤى ودعم التواصل بين المنظمة وعضويتها التي تتجاوز الخمسين دولة في مختلف أنحاء العالم. والمجلة قناة أخرى نضيفها إلى قنوات تواصلنا المتعددة، مع خصوصية لونيتها وخصوصية جمهورها أيضاً».

أما رئيسة التحرير الشاعرة روضة الحاج، فتساءلت في مقالها بالعدد الأول: ما الأهداف الجديدة التي تحملها مجلة «الإيسيسكو» في ثوبها الجديد؟

لتجيب: «إن ثراء (الإيسيسكو) وغناها متعدد الملامح هو أحد أهم أسباب تجدد فكرة المجلة. فالقريبون من المنظمة والمتعاملون معها وأصدقاء موقعها على الإنترنت وصفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي يعرفون حقّ المعرفة الحراك الموّار الذي لا يكاد يهدأ داخل قطاعات المنظمة ومراكزها المتخصصة، ويعلمون الجهد الكبير الذي يبذله المخلصون والخبراء لتقديم أفضل ما لديهم في مجالات التربية والعلوم الإنسانية والاجتماعية والثقافة والعلوم».

وتضيف الحاج: «إصدار مجلة غير محكّمة عن منظمة تعمل في مجالات الثقافة والتربية والعلوم أمر غير معتاد، ولكنها محاولتنا للاقتراب من المتلقي بكافة مستويات التلقي، والمثقف من كافة أنماط الثقافة، في تطلعهم إلى المعرفة والثقافة والحوار بأبسط الطرق وأيسرها».

د. سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة «الإيسيسكو» (واس)
د. سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة «الإيسيسكو» (واس)

رأس المال الثقافي

شمل العدد الأول من المجلة حوارات صحافية مع عدد من الشخصيات البارزة في مجالات الثقافة والتربية والعلوم، منهم الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لـ«الإيسيسكو»، الذي أكد في حواره على أن المنظمة باتت بيت خبرة لكل المثقفين والمبدعين في العالم الإسلامي.

تأسست منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) عام 1982، وتتخذ من العاصمة المغربية الرباط مقراً لها، وتضم في عضويتها 53 دولة. وفي الحوار معه، يذكر المدير العام لـ«الإيسيسكو» الدكتور سالم بن محمد المالك أن «الثقافة تمثّل رافعة من روافع التنمية المستدامة، وذاكرة حية للشعوب تمثل هويتها الأصيلة وإرثها الإنساني»، فالثقافة هي «روح الأمم وجوهر هويتها، وأعدّ أن المنظمة بيت لكل المثقفين والمبدعين في العالم الإسلامي. ولأن دول العالم الإسلامي هي دول ذات ثقل حضاري وثقافي وتراثي ضارب في القدم، زاخر بالتنوع والغنى والتميز، كان لزاماً على المنظمة التفكير في آلية تحتفي فيها مع دولها الأعضاء بهذا التفرد، ما جعلها تعمل على تحديث وتجديد برنامج (الإيسيسكو) للاحتفاء بالعواصم الثقافية في دول العالم الإسلامي، الذي ينبع من وعيها الكبير بأهمية رأس المال الثقافي، ومن رغبة المنظمة في تغيير صورة هذه المدن نحو الأفضل، على نحو يبرز الجاذبية الثقافية لهذه العواصم المحتفى بها. ومن أجل إنعاش الذاكرة التاريخية لشعوب دول العالم الإسلامي».

قصاصة من حوار الغذامي في مجلة «الإيسيسكو» الثقافية
قصاصة من حوار الغذامي في مجلة «الإيسيسكو» الثقافية

لا خوف على الشعر

كما اشتمل العدد على حوار مع الناقد والمفكر السعودي الدكتور عبد الله الغذامي، أجرته الشاعرة روضة الحاج. تناول الحوار السيرة الفكرية والنقدية للدكتور الغذامي. وفي إجابته على سؤال بشأن نظرته لمستقبل الشعر العربي، وهل يخشى عليه غوائل الزمان؟ أجاب الغذامي: «الشعر والسرد معاً أهم سمات الحيوية البشرية، وكل إنسان هو شاعر وحكّاء في الوقت ذاته. ونحن نصنع حكاياتنا ونحوّل تجاربنا إلى سردية ذاتية نرويها حتماً ونقصّها لغيرنا، ويسأل بعضنا بعضاً عنها، كأن نقول: كيف حالك؟ في كل حالة لقاء، وهذا ليس سؤالاً عن الصحة، لكنه استجداء للحكي وفتح شهية لعمران اللحظة بالقول، ومنه قيل السمر لمجالس البدو في الليل خارج الخيام في الهواء الطلق. وكذلك إيقاع حياتنا هو قصائد موزونة بشرط الحياة، أي أننا قصائد وإن كانت عاقلةً، أي ليس كل شعر إلهاماً، فبعضه هو ما نحفظه ونتمتم به ونغنيه، ولو همساً بخلواتنا، وهذه حالة عامة، تتحول لحالة خاصة، حينما يكون الإنسان شاعراً بالمعنى المصطلحي، أو روائياً كما هو عرفياً. ولذا، فالشعر والسرد لا يمكن أن نضعهما في موضع سؤال، وهما باقيان ما بقي الإنسان».

مكر شيطان ووعى نبي

حفل العدد بمجموعة من النصوص الشعرية، بينها قصيدة الشاعر الإماراتي محمد عبد الله البريك «مكر شيطان ووعي نبي»، جاء فيها:

في داخلي مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي

وفي العيونِ أرى مولايَ ثُمَّ أبي وأدخلُ الحقلَ، لا أسطو على شَجَرٍ إلا لأقطفَ من أغصانِهِ أدبي

مسافِرٌ بي جنوني حيثُ توصِلُني هذى النجومُ التي تلهو، إلى شَغَبي إلى القُرى، حيثُ أمّي وهىَ تَلْمَحُني أشاكِسُ الشَّوْقَ قَبْلَ البابِ بالصَّخَبِ

إلى دواليبِ ألعابي، إلى شجرٍ أيقظتُ فيهِ جنونَ الرقصِ من تعبي إلى فتاةٍ تربّي الوردَ في يَدِها وتملأُ الكأسَ للأيامِ من عِنَبي إلى حَمامٍ بصدرِ الناس ينسبُني إلى الهديلِ، وأدرى أنَّهُ نَسَبي

وقفتُ عندَ تخومِ الماءِ منتشِياً حتى أُفَرِّغَ بحرَ الشعرِ بالقِرَبِ

أقامَني من منامي زائرٌ قَلِقٌ وكانَ يكشفُ سِرَّ الروحِ بالحُجُبِ وراودَ النخلَ حبّى للصعودِ فما طاوعتُهُ قبلَ أن يلهو على سُحُبي وقلتُ للأرضِ هذا الكونُ محتفلٌ بما لدىَّ من الألحانِ، فاقتربي وقرّبى لي الحزانى كي أهُزَّ لهم جذعَ الشعورِ فيدنو نحوهُم رُطَبي وكى أقدّمَ فنجاناً بدهشتِهِ من الأحاسيسِ مغليّاً على حطبي

الليلُ ناطورُ أحزاني أُلاعبُهُ نَرْدَ الحظوظِ وأُهدى صبرَهُ كُتُبي

وإنْ غَفَت أحرفي أيقظتُ سيِّدَةً جاءت إلى مخدعي سهواً بقلبِ صَبي تُحَوِّلُ الصمتَ موسيقا بِخَطْوَتِها ولا تُغَنّى سوى للعاشقِ الطّرِبِ

تقولُ لي: أنتَ شيطانٌ، فقلتُ لها: أنا غَوِىٌّ ولكنّي بقلبِ نبي!