عباس وحماس يتبادلان الاتهامات حول تعطيل تشغيل معابر القطاع

قرار استمرار التنسيق الأمني يعمق الخلافات بين معارضيه والمدافعين عن تواصله

محمود عباس
محمود عباس
TT
20

عباس وحماس يتبادلان الاتهامات حول تعطيل تشغيل معابر القطاع

محمود عباس
محمود عباس

أشعل قرار استمرار التنسيق الأمني الذي اتخذته القيادة الفلسطينية، مزيدا من الخلاف بين التيار الذي يطالب بوقف التنسيق، وتمثله حركة حماس، والجهاد الإسلامي، ومنظمات اليسار، والتيار الذي يدافع عن استمرار التنسيق في هذا الوقت ويتمثل في السلطة الفلسطينية.
واتهمت حماس، وهي المطالب الأبرز بوقف التنسيق الأمني، السلطة بأنها غير مؤهلة لقيادة الشعب الفلسطيني، وعدت قرار استمرار التنسيق «خيانة لدماء الشهداء». وقال القيادي في حماس، محمد فرج الغول: «هذا القرار يجرئ قادة الاحتلال على ارتكاب مزيد من الاغتيالات بحق الفلسطينيين وقياداتهم».
وأضاف في بيان «هذا دليل على أن السلطة غير مؤهلة لقيادة الشعب، وأنها لا تزال تسير في ركب الاحتلال، ولا تستطيع أن تتخلص منه».
وتابع «التنسيق الأمني جريمة يعاقب عليها القانون الفلسطيني حسب اتفاقيات المصالحة».
وعد الغول أن «الرد الوطني على اغتيال الوزير زياد أبو عين هو المقاومة بكل أشكالها، وإيقاف كل ألوان التنسيق الأمني، والإسراع في التوقيع على ميثاق روما لجلب قادة الاحتلال ومحاكمتهم كمجرمي حرب».
وإلى جانب الغول انتقد قياديون إسلاميون آخرون ويساريون أيضا، استمرار التنسيق وعدوه تفردا في اتخاذ القرار.
وكانت القيادة الفلسطينية قررت استمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل بعد أيام من الجدل، وإعلان وقفه من قبل قياديين بارزين، على خلفية قتل الجيش الإسرائيلي الوزير زياد أبو عين الأربعاء الماضي.
وقالت القيادة الفلسطينية، إنها «كلفت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات السلطة الوطنية، باتخاذ كل الخطوات الكفيلة بترسيخ مكانة دولة فلسطين على أرض الواقع، والعمل على إعادة النظر في كل العلاقات والروابط مع دولة الاحتلال التي تتعارض مع حق دولة فلسطين في السيادة على أرضها، بما في ذلك كل أشكال التنسيق التي تستغل فيها إسرائيل ذلك لإعاقة ممارسة السيادة على أرضنا وضمان حقوق شعبنا».
ودافع قياديون فلسطينيون عن استمرار التنسيق الأمني بالقول إنه «يمثل مصلحة عليا للشعب الفلسطيني».
وقال مستشار الرئيس للشؤون الدينية، محمود الهباش، إن «التنسيق الأمني لن يتوقف حتى يصبح ضد مصالح الفلسطينيين العليا».
والتنسيق الأمني هو واحد من بين أنواع من التنسيق القائم بين السلطة وإسرائيل، وبدأ العمل بها جميعا مع توقيع اتفاق أوسلو.
ويقول رافضو التنسيق الأمني إنه يكبل المقاومة الفلسطينية في الضفة، ويقدم خدمات مجانية إلى إسرائيل، من خلال التعاون في تبادل معلومات وتنفيذ اعتقالات. ويرد المدافعون عن استمراره، بأنه يجري وفق الرؤية والمصلحة الفلسطينية وليس وفق ما تراه إسرائيل، وإن وقفه يعني وقف أشكال التنسيق الأخرى بما فيها التنسيق المدني، بما سيعطل مصالح معظم الفلسطينيين التي ترتبط بالتنسيق المدني، الذي يعالج بدوره قضايا اجتماعية وصحية عالقة.
وفيما قررت القيادة استمرار التنسيق، حددت موعدا لتقديم مشروع القرار الفلسطيني - العربي للتصويت في مجلس الأمن، غدا، أي بعد اجتماع الوزير الأميركي جون كيري ووزراء الخارجية العرب والوزراء الأوروبيين، الذي تم أمس. وقالت القيادة الفلسطينية في بيان لها، إن هذا التوجه، هو «لتأكيد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن جميع الأراضي المحتلة عام 1967، وتحديد سقف زمني لإتمام خطوات رحيل الاحتلال».
وجاء في البيان أيضا، «إنه لا بد أن يحتوي مشروع القرار الفلسطيني - العربي على كل العناصر التي تضمنتها مبادرة السلام العربية، وثوابت شعبنا الوطنية، بما فيها اعتبار القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين وجزءا لا يتجزأ من الأراضي التي يجب أن ينسحب عنها الاحتلال وضمان حقوق اللاجئين وفق قرار 194».
ومن ضمن القرارات الأخرى التي اتخذتها القيادة الفلسطينية، الدعوة إلى ضرورة المسارعة في تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، ومحاسبة إسرائيل على اغتيالها الوزير زياد أبو عين، عبر محكمة دولية مختصة.
كما أكدت القيادة على أنها «ستواصل العمل على إنجاز سريع ومتواصل لبرنامج إعادة الإعمار في قطاع غزة، عبر حكومة الوفاق الوطني ومؤسساتها المتخصصة»، داعية جميع الأطراف إلى إزالة أي عقبات وعوائق يمكن أن تحول دون إنجاز هذا البرنامج، لأن دولة الاحتلال تسعى لاستغلال كل الذرائع والخلافات والمصالح الضيقة لتعطيل عملية إعادة الإعمار. وجاء ذلك بعد أن هاجم عباس حركة حماس واتهمها بالتنصل من الاتفاقات ومنع السلطة من تسلم المعابر والتربح من مواد الإعمار عبر فرض رسوم خاصة عليها.
وردت حماس أمس متهمة عباس، بأنه هو الذي يرفض استلام معابر قطاع غزة، بغرض «تعطيل عملية إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي بعد عدوانه الأخير الصيف الماضي».
وقال الناطق باسم حماس سامي أبو زهري في بيان، «عباس هو الذي يرفض استلام المعابر لتبرير تعطيل عملية الإعمار.. وحماس تتهمه بالمشاركة في خنق غزة وتعطيل الإعمار فيها».



ترقّب لاتساع حملة ترمب ضد الحوثيين إثر التعزيز بحاملة طائرات ثانية

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)
TT
20

ترقّب لاتساع حملة ترمب ضد الحوثيين إثر التعزيز بحاملة طائرات ثانية

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)

تستمر الحملة الأميركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترمب ضد الحوثيين، في أسبوعها الثالث، حيث استهدفت غارات جديدة، ليل الثلاثاء - الأربعاء، مواقع للجماعة في معقلها بمحافظة صعدة شمالاً، وفي محافظة حجة المجاورة، وصولاً إلى محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، وسط ترقب لاتساع الضربات بعد إرسال حاملة طائرات أميركية ثانية إلى المنطقة.

وفي حين زعمت الجماعة مهاجمة القوات الأميركية في شمال البحر الأحمر بالطائرات المسيّرة والصواريخ، تحدث وزير يمني عن حالة ذعر واسعة في أوساط قادتها، مشيراً إلى بدء بيعهم لعقاراتهم وتهريب عائلاتهم عبر مطار صنعاء.

وكان ترمب قد أمر بالحملة ضد الحوثيين في 15 مارس (آذار) الماضي لإرغامهم على وقف تهديد الملاحة، متوعداً باستخدام «القوة المميتة»، و«القضاء عليهم تماماً»، وذلك عقب تصعيد الجماعة مجدداً بعد تعثر المرحلة الثانية من هدنة غزة بين إسرائيل و«حماس».

وذكر الإعلام الحوثي أن غارات استهدفت مديرية المنصورية بمحافظة الحديدة، مدعياً أنها أصابت مشروعاً للمياه، وأدت إلى مقتل 4 مدنيين، كما اعترف بتعرض شرق مدينة صعدة لخمس غارات.

وفي محافظة حجة المجاورة (شمال غربي اليمن)، أفاد الإعلام الحوثي بأن ثلاث غارات استهدفت مديرية وشحة الجبلية، زاعماً أنها أصابت مركزاً صحياً ومدرسة، وهي المرة الأولى منذ بدء الضربات الأميركية التي يتم فيها استهداف هذه المديرية.

وتصدّر محيط مدينة صعدة وريفها (معقل الحوثيين الرئيس) قائمة المناطق التي استهدفتها الضربات الأميركية، تليها صنعاء وريفها، ثم محافظتا عمران والحديدة، وسط تقديرات بتعرض الجماعة لنحو 300 غارة وضربة بحرية.

ويقول مراقبون يمنيون إن الضربات استهدفت على نطاق واسع مخابئ الجماعة المحصنة في الكهوف والجبال، إضافة إلى مواقع القيادة والسيطرة ومستودعات الأسلحة والذخيرة.

توسع الحملة

من المتوقع أن تتوسع الحملة الأميركية خلال الأيام المقبلة بعد إعلان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، شون بارنيل، عن إرسال حاملة الطائرات «كارل فينسون» إلى منطقة الشرق الأوسط لتنضم إلى حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان»، التي تتولى حالياً قيادة الضربات ضد الحوثيين.

وبسبب تكتم الجماعة على خسائرها العسكرية من حيث العتاد والقيادات، لم تتضح بعد آثار الحملة الأميركية الجديدة على قدراتها، في حين زعم وزير دفاع الحوثيين أنهم مستعدون لمواجهة «طويلة الأمد».

للأسبوع الثالث على التوالي تضرب واشنطن الحوثيين في اليمن (رويترز)
للأسبوع الثالث على التوالي تضرب واشنطن الحوثيين في اليمن (رويترز)

وتدّعي السلطات الصحية الخاضعة لسيطرة الجماعة أن الضربات أسفرت حتى الآن عن مقتل نحو 60 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين، بينهم أطفال ونساء، وهي أرقام لم يتم التحقق منها من مصادر مستقلة.

وعلى الرغم من إعلان الحوثيين، فجر الأربعاء، أنهم جددوا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية الأخرى المرافقة لها، فإن الجيش الأميركي لم يؤكد هذه المزاعم.

ومنذ بدء الضربات، تبنت الجماعة بشكل شبه يومي هجمات على القوات الأميركية باستخدام الصواريخ والطائرات المسيّرة. كما أطلقت 10 صواريخ باليستية باتجاه إسرائيل منذ 17 مارس الماضي، لكن الأخيرة اعترضتها جميعاً. ولوحظ توقف هذه الهجمات خلال اليومين الأخيرين.

وفي حين تبرر الجماعة لهجماتها بأنها تأتي «لنصرة الفلسطينيين في غزة»، فإنها على الصعيد العملياتي لا تشكل تهديداً فعلياً لإسرائيل، نظراً للبعد الجغرافي، وعدم قدرتها على إطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ في وقت واحد.

بداية التصعيد

دخل الحوثيون على خط التصعيد الإقليمي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، حيث أطلقوا نحو 200 صاروخ وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، دون تأثير عسكري يُذكر، باستثناء مقتل شخص واحد في تل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي.

كما تبنت الجماعة، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 وحتى بدء هدنة غزة، مهاجمة 211 سفينة، ما أدى إلى غرق سفينتين، وقرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، ومقتل 4 بحارة.

مسيرة أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران بمكان مجهول (إعلام حوثي)
مسيرة أطلقها الحوثيون المدعومون من إيران بمكان مجهول (إعلام حوثي)

وردت إسرائيل بخمس موجات من الضربات الانتقامية ضد الحوثيين، كان آخرها في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي، واستهدفت مواني الحديدة ومستودعات الوقود ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، إضافة إلى مطار صنعاء.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الجماعة الحوثية لا تخدم القضية الفلسطينية، بل تضرها، متهمة الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة والتهرب من استحقاقات السلام.

ويرى مجلس القيادة الرئاسي اليمني أن الحل لإنهاء التهديد الحوثي لا يكمن فقط في الضربات الأميركية، بل في دعم القوات الحكومية وتمكينها من استعادة السيطرة على الحديدة والمواني، والتقدم نحو صنعاء وصعدة لاستعادة مؤسسات الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي.

حالة من الذعر

في ظل التطورات العسكرية الأخيرة، كشف وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، عن تقارير تفيد بقيام عدد من قادة الحوثيين بتهريب عائلاتهم عبر مطار صنعاء، بالتزامن مع حملة بيع واسعة لعقاراتهم ونقل أموالهم إلى الخارج.

وقال الإرياني إن عمليات البيع السريعة للعقارات أدت إلى انخفاض ملحوظ في أسعار الأراضي، مؤكداً أن هذه التحركات تعكس حالة الذعر والارتباك التي تعيشها الميليشيات مع تسارع وتيرة انهيار مشروعها المدعوم من إيران.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح يتفقد القوات الحكومية في الساحل الغربي (سبأ)
عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح يتفقد القوات الحكومية في الساحل الغربي (سبأ)

وأضاف الوزير: «عندما تبدأ القيادات بتهريب أسرهم وبيع ممتلكاتهم، فذلك يعني أنهم فقدوا الثقة في قدرتهم على الاستمرار، وأنهم يتهيأون للانهيار الحتمي، بينما يتركون أتباعهم يواجهون المصير المحتوم».

وتتقاطع تصريحات الإرياني مع تصريحات عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، طارق صالح، الذي تحدث خلال تفقده القوات الحكومية في الساحل الغربي عن «اقتراب نهاية الجماعة الحوثية أكثر من أي وقت مضى، في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية».