ليبيا: غموض حول انعقاد الحوار الوطني اليوم برعاية الأمم المتحدة

قيادات الجيش تدخل على خط الأزمة وتتساءل حول هوية المشاركين

عاملان في المركز الطبي في بنغازي يتفقدان الخسائر الناجمة عن قصف تعرض له المبنى امس مما ادى الى اندلاع حريق فيه ( رويترز )
عاملان في المركز الطبي في بنغازي يتفقدان الخسائر الناجمة عن قصف تعرض له المبنى امس مما ادى الى اندلاع حريق فيه ( رويترز )
TT

ليبيا: غموض حول انعقاد الحوار الوطني اليوم برعاية الأمم المتحدة

عاملان في المركز الطبي في بنغازي يتفقدان الخسائر الناجمة عن قصف تعرض له المبنى امس مما ادى الى اندلاع حريق فيه ( رويترز )
عاملان في المركز الطبي في بنغازي يتفقدان الخسائر الناجمة عن قصف تعرض له المبنى امس مما ادى الى اندلاع حريق فيه ( رويترز )

بينما تضاربت المعلومات حول الحوار الوطني الذي تسعى الأمم المتحدة لعقده اليوم الثلاثاء بين مختلف الفرقاء السياسيين في ليبيا، شرع مجلس النواب خلال جلسة عقدها مساء أمس في مناقشة مسألة حضوره من عدمها للحوار الليبي الذي يحمل اسم «غدامس2»، بينما دخلت عملية الكرامة التي يقودها اللواء خليفة حفتر على الخط وطرحت تساؤلات جوهرية حول الهدف من الحوار ونوعية المشاركين فيه.
وقال فرج هاشم الناطق باسم البرلمان الليبي الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى شرق البلاد مقرا له، لـ«الشرق الأوسط»، في تصريحات خاصة إن أعضاء البرلمان بدأوا في الساعة الخامسة والنصف من مساء أمس بالتوقيت المحلي جلسة لمناقشة الحوار المزمع عقده، مشيرا إلى أنه لم يرد شيء رسمي حتى الآن بتأجيل الحوار كما تردد.
وأكد هاشم أن ما يسمى بعملية «فجر ليبيا» والبرلمان السابق غير مستهدفين في الحوار، مشيرا إلى أن أعضاء مجلس النواب يرون أن من يمثلونه في الحوار هم من يوصلون وجهة نظر المجلس وليس لهم الحق في اتخاذ أي قرار أو اتفاق باسم المجلس، بل عليهم العودة إلى المجلس للتشاور.
وقال وزير في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان سيعلن في الغالب تأجيل المشاركة في الحوار، مشيرا إلى أن بيانا سيصدر في ختام الجلسة التي بدأها المجلس مساء أمس.
وحل أمس بشكل مفاجئ برنادينو ليون ممثل الأمم المتحدة ورئيس بعثتها بالعاصمة الليبية طرابلس، للقاء مسؤولين في البرلمان السابق والحكومة الموازية المنبثقة عنه برئاسة عمر الحاسي.
لكن اللواء حفتر الذي يعتزم البرلمان تعيينه قريبا في منصب القائد العام للقوات المسلحة الليبية، أصدر أمس بيانا باسم عملية الكرامة العسكرية التي يخوضها الجيش الليبي ضد المتطرفين في شرق ليبيا، تساءل فيه حول هوية الأطراف المدعوة إلى الحوار.
وأضاف البيان: «هل هي (الأطراف) مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق)، أم هي الأطراف المتنازعة عسكريا، الجيش الوطني الليبي من جهة والطيف الجهادي التكفيري من جهة أخرى، والإخوان المسلمون الذين يرعون كتائب الدروع التي نعتبرها الذراع العسكرية للإخوان، أم هو لقاء يضم جميع الأطراف المتناقضة على الساحة الليبية؟».
وأعلن حفتر أنه «أيا كانت هذه التسميات فإننا نعلن كعملية كرامة ليبيا بأننا جزء لا يتجزأ من الشرعية المتمثلة في مجلس النواب ورئاسة الأركان العامة، وأن لا شرعية أخرى لأي مكون سياسي في ليبيا». وكشف النقاب عن أن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة «لم يقدم لنا كجسم شرعي يقاتل الإرهاب بنود الحوار الوطني الذي يريد أن يفرضه علينا كجدول أعمال ينطلق المتحاورون لمناقشته»، مضيفا: «نحن كأفراد الجيش الوطني الليبي لنا وجهة نظر تنبثق من معرفتنا بما يحدث في ليبيا، نرى من حقنا أن نعرضها قبل البدء في أي عملية حوار».
وقال البيان إن قيادات الجيش الليبي ترى قبل البدء في الحوار الوطني برعاية الأمم المتحدة أن تتخذ 6 خطوات على رأسها اعتراف جميع الأطراف المتحاورة في «غدامس2» بشرعية مجلس النواب باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب الليبي كما اعترف به العالم، بالإضافة إلى إفراغ المدن الليبية من الميليشيات المسلحة، وتطبيق قرار مجلس النواب القاضي بحل جميع التشكيلات المسلحة غير الخاضعة للقوات المسلحة ورئاسة الأركان العامة.
كما اشترط بيان حفتر تسليم السلاح بمختلف أنواعه والقواعد الجوية إلى رئاسة الأركان العامة وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الذين هم في سجون الميليشيات وتسليمهم إلى وزارة العدل لمحاكمتهم سواء كانوا من العهد السابق أو الحالي.
وتضمنت الشروط أيضا إعلان أن مجلس النواب هو الجهة الشرعية الوحيدة الذي يوكل إليها تسمية الحكومة الانتقالية، فضلا عن عودة المهجرين إلى مناطقهم وخصوصا أهل تاورغاء بعد أن هجروا قهرا.
واعتبر البيان أن وجود ممثلين من دول الجوار الليبي وممثلين عن المنظمات الإقليمية كالاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي يعطي الحوار أبعادا جادة وملزمة لجميع الأطراف بتنفيذ بنود الاتفاق الذي سيقود في نهاية المطاف إلى المصالحة الوطنية.
في المقابل، نفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا معلومات عن وثائق أو اتفاقات مزعومة مسربة تتعلق بنتائج الحوار المقترح، واعتبرت في بيان أصدرته أمس منه أن الهدف من هذه المزاعم التشكيك في الحوار كأسلوب وحيد لحل الأزمة الراهنة بدلا من ألاستمرار في الاقتتال والصعوبات السياسية والاقتصادية.
ولكي لا يتحول الحوار المقترح إلى فرصة ضائعة أخرى، ناشدت البعثة عند هذا المنعطف الحرج في العملية السياسية جميع الأطراف أن تتعامل مع هذا الحوار المقترح بروح الموضوعية والمصالحة، وأن تتمسك بمصلحة بلادها الوطنية كضمان أكيد للحفاظ على وحدتها وسلامة أراضيها وتجنب المزيد من سفك الدماء.
ورأت البعثة في بيانها أن الحوار لن يكون مقترنا بأي شروط، وأن الهدف الرئيسي سيكون التوصل إلى اتفاق حول إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية لحين إقرار دستور جديد دائم للبلاد. ولفتت إلى أن النقاشات ستتمحور بشكل خاص حول البحث عن حلول توافقية لتسوية الأزمة التي تمر بها مؤسسات الدولة الليبية، موضحة أن الحوار المقترح سيسعى كذلك إلى وضع الترتيبات الأمنية اللازمة لإنهاء أعمال القتال المسلح المندلعة في أجزاء مختلفة من البلاد.
من جهته، نفى رئيس الحكومة الليبية المؤقتة عبد الله الثني نفيا قاطعا ما نشرته بعض وسائل الإعلام عن لقائه بعبد الحكيم بلحاج أحد أبرز قيادات الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة سابقا ورئيس حزب محلي، أثناء زيارته للسودان. ووصف الثني هذه التقارير بالأكاذيب التي تريد إرباك وعرقلة عمل الحكومة.
في غضون ذلك، جدد المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، مطالبته للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور بموافاته عن المرحلة التي وصلت إليها في كتابة مشروع الدستور.
وأوضح المؤتمر في رسالة وجهها إلى رئيس وأعضاء الهيئة التأسيسية، وبثتها وكالة الأنباء الحكومية الموالية للجماعات المسلحة التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ شهر يوليو (تموز) الماضي، أن هذه المرحلة الانتقالية الحرجة تحتاج من الجميع إلى تكثيف الجهود وتوحيدها وتكاملها من أجل التأسيس لدولة القانون والمؤسسات بموجب الدستور.
وأكد المؤتمر أن معرفة المرحلة التي وصلت إليها الهيئة وما تحتاج إليه من وقت سوف يمكنه من وضع جدول زمني واضح لما تبقى من هذه المرحلة الانتقالية.
وبعد سيطرتها على العاصمة طرابلس أعادت ميليشيات فجر ليبيا «المتشددة» الحياة إلى البرلمان المنتهية ولايته وشكلت حكومة موازية باسم حكومة الإنقاذ الوطني ووضعت على رأسها عمر الحاسي، لكنهم جميعا لم يلقوا أية اعتراف من الأسرة الدولية.
واشترطت هذه الميليشيات ضرورة احترام حكم المحكمة الأخير القاضي بحل البرلمان والامتثال له دون أي قيد أو شرط، بالإضافة إلى عدم الخوض في أي مراحل انتقالية جديدة بمحاولات الانقلاب على حكومة الثوار المنبثقة من البرلمان السابق.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.