تواصل الاحتجاجات في أميركا.. ورصاص الشرطة يطال شابا أعزل آخر في أريزونا

بان كي مون يدخل على الخط ويدعو واشنطن لمحاسبة قوات الأمن على أفعالها

الشرطة تعتقل أحد المتظاهرين في نيويورك الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
الشرطة تعتقل أحد المتظاهرين في نيويورك الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

تواصل الاحتجاجات في أميركا.. ورصاص الشرطة يطال شابا أعزل آخر في أريزونا

الشرطة تعتقل أحد المتظاهرين في نيويورك الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
الشرطة تعتقل أحد المتظاهرين في نيويورك الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)

جاب آلاف المتظاهرين الشوارع في نيويورك ومدن أميركية كبرى، الليلة قبل الماضية، للتنديد بإفلات عناصر شرطة قتلوا مشتبها بهم من السود من المحاسبة، ما أعاد تأجيج التوتر العرقي في البلاد. وجرت المظاهرات فيما وردت معلومات عن قضية جديدة في أريزونا حيث قتل شرطي أبيض رجلا أسود اعزل عمره 34 عاما أثناء توقيفه للاشتباه في الاتجار بالمخدرات.
ولليلة الثانية على التوالي، تظاهر سكان نيويورك كبرى المدن الأميركية مع 8.4 مليون نسمة للتعبير عن غضبهم بعد قرار لجنة محلفين كبرى الأربعاء عدم توجيه تهمة إلى شرطي أبيض في مقتل رب عائلة أسود أعزل بعد تثبيته من عنقه أثناء توقيفه.
وقام المحتجون بقطع الطرقات والأنفاق والجسور فيما هتف بعضهم «لا أستطيع التنفس»، وهي العبارة التي رددها إريك غارنر (43 عاما) فيما كان عناصر الشرطة يحاولون تثبيته أرضا في أثناء توقيفه في 17 يوليو (تموز) الماضي بتهمة بيع السجائر بطريقة غير شرعية. وخلص الطبيب الشرعي إلى أنه قضى قتلا. ولم يسجل أي حادث خطير لكن الشرطة أوقفت عشرات الأشخاص. كما جرت مظاهرات في شيكاغو وبوسطن وفيلادلفيا وبالتيمور وواشنطن العاصمة حيث عرقل المحتجون السير قرب البيت الأبيض فيما كان الرئيس باراك أوباما يضيء شجرة الميلاد التقليدية.
وبعد أسابيع على مقتل غارنر، قتل شاب أسود أعزل في فيرغسون بولاية ميزوري برصاص شرطي أبيض برأته لجنة محلفين كبرى في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مما أثار أعمال عنف طوال أسابيع في هذه الضاحية لمدينة سانت لويس. وأطلق دارن ويلسون 12 رصاصة على مايكل براون (18 عاما).
وبينما تتواصل المظاهرات في المدن الأميركية، نشر وزير العدل إريك هولدر أول من أمس خلاصات تحقيق أدانت الشرطة في قضية أخرى عرفتها مدينة كليفلاند بولاية أوهايو (شمال) حيث قتل فتى أسود يبلغ 12 عاما بيد شرطي في 22 نوفمبر الماضي. وأكد هولدر أن شرطة كليفلاند تعتمد «القوة المفرطة» بشكل متكرر، وذلك بعد أن زار المدينة في إطار جولة على أجهزة الشرطة في أعقاب هذه الأحداث المتتالية. وقتل تامير رايس (12 عاما) فيما كان يلعب بلعبة على شكل مسدس في حديقة. ويبدو الشرطي في تسجيل فيديو وهو يطلق النار عليه بعد ثوان من خروجه من السيارة.
ووردت معلومات عن حادثة جديدة وقعت أول من أمس في أريزونا حيث قتل شرطي أبيض برصاصتين الرجل الأسود روماين بريسبون (36 عاما) المشتبه في قيامه بالاتجار بالمخدرات، وحاول الإفلات من التوقيف بحسب رواية الشرطة التي اعترضت عليها محامية عائلته.
بدورها، دعت الديمقراطية هيلاري كلينتون التي يرجح أن تترشح في الانتخابات الرئاسية عام 2016 إلى إصلاح نظام العقوبات ووسائل الشرطة، منددة بأن يكون «أكثر ترجيحا أن يتعرض السود إلى التوقيف والتفتيش من طرف الشرطة والاتهام والإدانة مع أحكام أطول» من البيض.
كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الولايات المتحدة إلى ضمان محاسبة شرطتها على أفعالها. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن «هذه القضية تطرح مجددا قضية مسؤولية عناصر قوات الأمن». وأضاف أن الأمين العام للأمم المتحدة «يدعو بإلحاح السلطات المختصة في الولايات المتحدة إلى بذل قصارى جهودها من أجل الاستجابة للنداءات» التي تطالب بـ«محاسبة عناصر الشرطة على أفعالهم أكثر فأكثر». كما دعا بان المتظاهرين إلى التعبير عن آرائهم بسلمية، والسلطات إلى احترام حرية التعبير.
غير أن شرطيي فيرغسون ونيويورك ليسوا بمنأى عن ملاحقات إضافية. فقد فتح هولدر تحقيقين فيدراليين لتحديد إن كانت الحقوق المدنية للضحايا انتهكت أم لا. ووعد الوزير الاثنين الماضي من مدينة أتلانتا بولاية جورجيا، مسقط راس رمز الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ: «بتطبيق قواعد جديدة صارمة وأساليب وقاية متينة» للحد من عنف الشرطة بشكل نهائي.
واقترح أوباما تجهيز مزيد من الشرطيين بكاميرات محمولة. غير أن هذه المقترحات لم تهدئ من غضب والدة غارنر. وصرحت غوين كار «كيف يمكننا أن نثق بنظامنا القضائي عندما يخيبون أملنا إلى هذا الحد؟»، فيما ندد عدد من النواب المحليين السود بـ«خطأ قضائي».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.