أول تبادل أسرى بين «حزب الله» والجيش الحر

مصادر مطلعة لـ(«الشرق الأوسط») : لدى الحزب أعداد كبيرة من مسلحي «الحر»

مقاتل حزب الله عياد يحتفل مع عائلته في بيروت بعد إطلاقه أمس (أ.ف.ب)
مقاتل حزب الله عياد يحتفل مع عائلته في بيروت بعد إطلاقه أمس (أ.ف.ب)
TT

أول تبادل أسرى بين «حزب الله» والجيش الحر

مقاتل حزب الله عياد يحتفل مع عائلته في بيروت بعد إطلاقه أمس (أ.ف.ب)
مقاتل حزب الله عياد يحتفل مع عائلته في بيروت بعد إطلاقه أمس (أ.ف.ب)

في خطوة غير مسبوقة منذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل أكثر من 3 أعوام وإعلان «حزب الله» مشاركته بالقتال هناك إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد في عام 2012. أقر الحزب بخوضه مفاوضات مع الجيش السوري الحر انتهت إلى تحرير أحد أسراه مقابل إفراجه عن معتقلين اثنين من «الحر» كان يحتجزهما.
وأعلن «حزب الله» في بيان أنه «بتوفيق من الله عزّ وجلّ، وبعد مفاوضات استمرت لأسابيع مع الجهات الخاطفة، تم تحرير الأخ الأسير عماد عياد، مقابل إطلاق سراح أسيرين كانا لدى حزب الله من المسلحين»، يوم أمس الثلاثاء. وتمنى الحزب أن «يمن الله على كل الأسرى والمخطوفين بالحرية والسلامة»، بإشارة إلى المخطوفين العسكريين اللبنانيين الذين يحتجزهم تنظيما «جبهة النصرة» و«داعش» منذ أغسطس (آب) الماضي.
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على عملية التبادل إن عياد كان محتجزا لدى إحدى فصائل الجيش الحر وليس لدى «جبهة النصرة»، لافتة إلى أن الحزب لا يزال يحتجز أعدادا كبيرة من عناصر الجيش السوري الحر. وأشارت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «حزب الله لم يخضع لشروط تعجيزية كالتي يفرضها التنظيمان لتحرير العسكريين المختطفين»، قائلة: «الحزب حرّر أسيره مقابل عنصرين اثنين من الحر، وليس مقابل 10 أو 50»، كما أشاع البعض.
وشدّدت المصادر على أن «الطرف الذي تم تفاوض معه لتحرير عياد ليس الطرف نفسه الذي يختطف العسكريين اللبنانيين».
وتضاربت المعلومات حول ما إذا كانت «جبهة النصرة» هي الجهة التي تم التفاوض معها أو فصائل مقاتلة أخرى نسّقت مع الجبهة، علما بأنه لم يصدر أي شيء عنها عبر حساب «مراسل القلمون» على موقع «تويتر» الذي آثر نشر أخبار التنظيم في جبهة القلمون وأخبار العسكريين اللبنانيين المختطفين.
وكان «تجمع القلمون الغربي» تبنى مطلع الشهر الماضي عملية أسر عياد، والتجمع عبارة عن تشكيل يتضمن فصائل عدّة، تأسس العام الماضي، بهدف توحيد صفوف الجماعات المقاتلة في القلمون، ويتألف من 22 فصيلا، اتفقوا على تشكيل مجلس شورى لقيادة التجمع، وهو مؤلف من «العقيد الركن عبد الله الرفاعي (قائد التجمع)، العمدة (نائب قائد التجمع)، و6 أعضاء آخرين». واللافت أن عملية التبادل بين الجيش السوري الحر و«حزب الله» تمت بعيد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الأسبوع الماضي إخلاء سبيل الرفاعي.
وكان حساب «تجمع القلمون الغربي» للجيش السوري الحر على يوتيوب نشر مطلع شهر أكتوبر الماضي فيديو يُظهر عياد وهو يجيب على أسئلة يطرحها عليه خاطفيه. وقد قال وقتها أنّه من جنوب لبنان، وقد طلبه «حزب الله» في مأمورية على عسال الورد، وهو من التعبئة الاحتياط في الحزب، وذكر أنه أتى لحماية «موقع كنا فيه 4 سوريين و3 لبنانيين، وقيادة الموقع للبنانيين ولحزب الله، وعندما اقتحم المسلحون الخيمة التي كنا فيها كنت نائما، وهربت بعدها من باب الخيمة الخلفي واختبأت في بستان تفاح عند عجوز حتى قدم شباب النصرة وأخذوني».
وكشف عياد أنه «يوجد في منطقة عسال الورد قرابة 200 عنصر من حزب الله». ووجه عياد حينها رسالة إلى الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله قائلا: «نأتي إلى سوريا حيث نصاب بجروح فيتركنا القادة، وعندما نقول لهم أصبنا تكون إجابتهم ماذا نفعل لك؟ لا أستطيع الوصول إليك تحت القصف». وتوجه إلى أهله قائلا: «أنا مع الجيش الحر ويعاملونني معاملة جيدة، وأقول لأبي إذا اتصلوا بك شباب النصرة افعل ما سيطلبونه منك».
وفور شيوع خبر تحرير مقاتل «حزب الله»، تسابق مؤيدوه على شبكات التواصل الاجتماعي للتذكير بالخطاب الشهير لأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصر الله الذي قال فيه في عام 2008: «نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون».
وقد شارك «حزب الله» في أكثر من عملية تبادل لأسراه مع إسرائيل سابقا مما جعله يطور آليات تفاوض. ولكنّ هذه المرة الأولى التي يُقر فيها بالتفاوض مع الجيش الحر وغيره من الفصائل المقاتلة في سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».