البيشمركة تستعيد جلولاء.. والجيش الاتحادي والحشد الشعبي السعدية المجاورة

في عمليتين متزامنتين وبعد معارك ضارية مع «داعش»

قوات البيشمركة تنتشر في جلولاء بعد استعادتها من سيطرة «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
قوات البيشمركة تنتشر في جلولاء بعد استعادتها من سيطرة «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
TT

البيشمركة تستعيد جلولاء.. والجيش الاتحادي والحشد الشعبي السعدية المجاورة

قوات البيشمركة تنتشر في جلولاء بعد استعادتها من سيطرة «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)
قوات البيشمركة تنتشر في جلولاء بعد استعادتها من سيطرة «داعش» أمس («الشرق الأوسط»)

أعلنت قوات البيشمركة أمس أنها استعادت ناحية جلولاء جنوب خانقين من سيطرة «داعش» بالتزامن مع هجوم شنته القوات الاتحادية والحشد الشعبي لاستعادة ناحية السعدية المجاورة. وذكرت مصادر مطلعة أن القوات الاتحادية نجحت هي الأخرى في السيطرة على السعدية.
وقال العميد أحمد لطيف، الناطق الرسمي باسم قوات البيشمركة في هذا المحور، لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات البيشمركة شنت في الساعة الخامسة من فجر أمس هجوما موسعا من 5 محاور لاستعادة السيطرة على ناحية جلولاء، «وتمكنت خلال الساعات الأولى من بدء الهجوم من السيطرة على أغلب مناطق الناحية، وهُزم مسلحو (داعش) من جلولاء ولاذوا بالفرار تاركين وراءهم العشرات من الجثث والآليات والأسلحة والأعتدة».
وتابع لطيف: «وتزامنا مع هجوم قوات البيشمركة لاستعادة جلولاء بدأت القوات الاتحادية وقوات الحشد الشعبي هجوما على السعدية، وتمكنت هي الأخرى من استعادة الناحية».
وأكد: «الآن تم تحرير السعدية وجلولاء بالكامل». وأضاف لطيف أن قوات البيشمركة لم تشارك في تحرير السعدية، وكذلك القوات العراقية لم تشارك في تحرير جلولاء، مبينا أن مسلحي «داعش» فخخوا كل الطرق داخل الناحية، وفجروا الجسور والمباني، وفخخوا قسما آخر من هذه المباني تحسبا لهذه المعركة، لكن خططهم هذه لم تنجح في إيقاف تقدم البيشمركة.
وأضاف: «تمكنت قواتنا من إبطال العبوات الناسفة، وتمكنت خلال وقت قصير من السيطرة على الناحية بالكامل، لكن قد يكون هناك بعض المسلحين الذين اختبأوا على أمل الهرب ليلا، لذا قوات البيشمركة تمشط الآن بيوت وأحياء جلولاء للقضاء على هؤلاء المسلحين، وإبعاد خطرهم نهائيا عن البلدة».
وأشار لطيف إلى أن غالبية مسلحي «داعش» قتلوا خلال المعارك في جلولاء، أما الباقون فهربوا عبر نهر سيروان (ديالى) إلى منطقة طبج، مضيفا أن جلولاء كانت خالية من الأهالي الذين تركوها منذ سيطرة «داعش» عليها في أغسطس (آب) الماضي. بدوره، كشف مصدر مسؤول في قوات البيشمركة لـ«الشرق الأوسط» أن عملية السيطرة على جلولاء أسفرت عن مقتل 10 من قوات البيشمركة وإصابة نحو 30 آخرين، مبينا أن العشرات من جثث مسلحي «داعش» مرمية في شوارع وأحياء ناحية جلولاء.
من جهته، طالب محمود سنكاوي، قائد قوات البيشمركة في المنطقة، مواطني جلولاء بعدم العودة إلى بلدتهم حاليا، وقال في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس في قائمقامية خانقين: «ندعو مواطني جلولاء إلى عدم العودة حاليا إلى مدينتهم، لأنها مفخخة وهناك خطورة على حياتهم، يجب أولا تطهير الناحية من الألغام والعبوات الناسفة، ومن ثم عودة الأهالي إليها.. الآن قوات البيشمركة تعمل على تطهير المدينة بالكامل من المتفجرات».
وناحيتا جلولاء والسعدية من المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والحكومة الاتحادية في بغداد، وكانتا من المناطق الساخنة طيلة المدة التي أعقبت دخول القوات الأميركية إلى العراق وسقوط النظام العراقي السابق. وقال مسؤول كبير بالبيشمركة إن وجود «داعش» في جلولاء يهدد بلدتي كلار وخانقين اللتين يسيطر عليهما الأكراد إلى الشمال، بالإضافة للسدود وحقول النفط القريبة. ونقلت وكالة رويترز عن جبار ياور، الأمين العام للبيشمركة، أن استعادة السيطرة على البلدة ستتيح أيضا إعادة فتح طريق بين بغداد وخانقين قرب الحدود الإيرانية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».