وزير الداخلية الإسرائيلي يبدأ بسحب الهويات والخارجية الفلسطينية تدين نظام «الفصل العنصري»

إسرائيل تقتل فلسطينيا في غزة.. والمستوطنون يهاجمون في الضفة

ابنتا المزارع فضل حلاوة بعد تلقيهما خبر مقتل والدهما شمال جباليا أمس (أ.ف.ب)
ابنتا المزارع فضل حلاوة بعد تلقيهما خبر مقتل والدهما شمال جباليا أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير الداخلية الإسرائيلي يبدأ بسحب الهويات والخارجية الفلسطينية تدين نظام «الفصل العنصري»

ابنتا المزارع فضل حلاوة بعد تلقيهما خبر مقتل والدهما شمال جباليا أمس (أ.ف.ب)
ابنتا المزارع فضل حلاوة بعد تلقيهما خبر مقتل والدهما شمال جباليا أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت التوترات في الأراضي الفلسطينية، بعد إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس تصميمه على الذهاب إلى مجلس الأمن الشهر الحالي، لتقديم مشروع تحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال؛ بهدف «تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة». فقتل الجيش الإسرائيلي فلسطينيا على حدود غزة، في حادث هو الأول من نوعه منذ الحرب الأخيرة على قطاع غزة قبل أكثر من شهرين، فيما تواصلت المواجهات في القدس ومناطق مختلفة من الضفة، أبرزها مهاجمة مستوطنين لمنازل فلسطينيين قرب رام الله وإحراق أحداها.
وكان عباس قال أمس، أثناء استقباله عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ماساتشوستس، إليزابيت وورين، إنه يجب وقف التصعيد الذي يستهدف الأماكن المقدسة؛ لأن ذلك هو السبب الرئيس في توتير الأوضاع، داعيا مجددا إلى الحفاظ على الوضع القائم منذ عام 1967 في المسجد الأقصى المبارك.
وأكد عباس استمرار المسعى الفلسطيني في مجلس الأمن الدولي لتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال، مشيرا إلى ضرورة دعم المجتمع الدولي لهذا المسعى.
في هذا الوقت، قتلت إسرائيل فلسطينيا شرق جباليا شمال قطاع غزة، بعد إصابته بالرصاص. وقالت مصادر طبية فلسطينية إن المزارع فضل حلاوة (32 عاما)، قتل على الفور برصاص جنود الاحتلال الإسرائيلي، المتمركزين في الأبراج العسكرية شرق جباليا.
ويعد حلاوة أول فلسطيني يقتل برصاص الجيش الإسرائيلي منذ توقف الحرب في 26 أغسطس (آب) الماضي.
وقال الجيش الإسرائيلي إن فلسطينيين اقتربا من السياج الأمني الفاصل في شمال القطاع، ولم ينصاعا إلى أوامر الجنود بالتوقف، فأطلق الجنود النار باتجاه قدمي أحدهما، مما أدى إلى إصابته. لكن الأطباء الفلسطينيين قالوا إن سبب الوفاة هو رصاصة اخترقت ظهر حلاوة. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه فتح تحقيقا في الحادثة.
وجاء ذلك فيما تواصلت المواجهات في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس، بين فلسطينيين من جهة، والشرطة والجيش والمستوطنين الإسرائيليين من جهة ثانية. وأقدم مستوطنون على حرق منزل لعائلة فلسطينية في قرية خربة أبو فلاح شمال شرقي رام الله، وكتبوا شعارات مناوئة للعرب تتوعدهم بالانتقام.
وقال غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، إن مجموعة من المستوطنين أحرقوا منزل عبد الكريم حمايل في قرية خربة أبو فلاح وبداخله أصحابه.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان زياد أبو عين، إن «مافيا الاستيطان الإسرائيلي تسعى لتدمير وإرهاب الشعب الفلسطيني الصامد في أرضه». وأضاف أبو عين خلال تفقده منزل حمايل: «إن هذه الاعتداءات لا تتم إلا بحماية ورعاية من الجيش الإسرائيلي ومؤسسته الأمنية، حيث تقوم جماعات من المستوطنين كجماعة (تدفيع الثمن) بممارسة الانتهاكات الدائمة ضد أبناء شعبنا تحت غطاء من قبل جيش الاحتلال، والدليل قيامهم بتحطيم الأبواب، واستخدامهم لبعض الأسلحة، مثل القنابل الحارقة والغازية والصوتية خلال عملية الاعتداء على المنزل».
وأكد أبو عين أن الرد على هذا لا يتم إلا بتشكيل لجان حراسة شعبية في القرى الفلسطينية كافة.
كما اعتدى مستوطنون بالضرب المبرح على رعاة أغنام بالقرب من بلدة عقربا جنوب نابلس، بعد أن حاولوا خطفهم ولم ينجحوا، وهاجموا سيارات الفلسطينيين على الطرق السريعة شمال الضفة.
وكانت الأحداث انتقلت من القدس إلى مدن الضفة، بعد أسابيع متوترة في المدينة المقدسة شهدت تنفيذ عمليات متبادلة بين الإسرائيليين والفلسطينيين أدت إلى وقوع قتلى وجرحى ومصابين ومعتقلين. وهاجم فلسطينيون أمس سيارات للشرطة الإسرائيلية في القدس واشتبكوا معها.
وفي خطوة انتقامية تهدف إلى تحقيق «الردع»، أمر وزير الداخلية الإسرائيلي غلعاد أردان، بسحب الإقامة الدائمة من محمود نادي من سكان القدس، الذي أدين بنقل سعيد الحوتري منفذ عملية منتجع الدولفيناريوم في تل أبيب عام 2001، التي قتل فيها 21 إسرائيليا.
وقال أردان إنه قرر سحب الإقامة الدائمة منه، نظرا لخطورة أفعاله وخرقه الولاء لدولة إسرائيل بشكل فاضح. وكان أردان أوعز إلى المستشارين في وزارته بدراسة إمكانية توسيع صلاحياته، مما سيسمح له بتجريد من يقوم من سكان القدس بتشجيع «الإرهاب والعنف» من جميع حقوقه، بما في ذلك الإقامة في القدس.
ويعني ذلك سحب الهويات من أهل القدس وطردهم إلى الضفة الغربية. ويتزامن ذلك مع نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تقديم مشروع قانون ينص على سحب الإقامة الدائمة والحقوق الاجتماعية المقترنة بها من المشاركين في عمليات ذات دافع قومي، وعائلاتهم كذلك.
ويضاف هذا الإجراء، إذا ما أقر، إلى إجراءات أخرى اتخذت في الأسابيع القليلة الماضية، من بينها نشر آلاف من أفراد الشرطة، وهدم منازل فلسطينيين وزرع مناطيد وكاميرات مراقبة وإقامة غرفة عمليات، والدفع بقوانين جديدة لمعاقبة المشاركين في عمليات وعائلاتهم.
ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية بشدة الإجراءات والقرارات والقوانين التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية ضد المواطنين الفلسطينيين عامة، والمواطنين المقدسيين بشكل خاص.
وقالت الخارجية في بيان: «إن هذه الخطوات تعتبر امتدادا للحرب الشاملة التي تشنها الحكومة الإسرائيلية لتهويد القدس ومقدساتها، وتفريغها من المواطنين الفلسطينيين». وطالبت الوزارة الدول كافة بالتعامل بمنتهى الجدية مع هذه الإجراءات، بصفتها فصلا آخر من فصول نظام «الأبرتهايد» الذي تعمل حكومة نتنياهو على تكريسه وتعزيزه في فلسطين، وتطالبها باتخاذ الخطوات اللازمة لإدانته ولوقفه فورا، وضرورة التعامل مع الحكومة الإسرائيلية كحكومة فصل عنصري واحتلال، كما يمليه القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وذلك لإنقاذ مفهوم السلام والمفاوضات، ومبدأ حل الدولتين من التلاشي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.