الجزائر: المعارضة تعد لتجمعات ميدانية للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة

«التنسيقية» تتخلى عن مطلب تفعيل المادة الدستورية 88 لصعوبة تنفيذها

الرئيس الجزائري بوتفليقة
الرئيس الجزائري بوتفليقة
TT

الجزائر: المعارضة تعد لتجمعات ميدانية للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة

الرئيس الجزائري بوتفليقة
الرئيس الجزائري بوتفليقة

يعتزم نشطاء «تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي»، المعارضين لنظام الحكم في الجزائر، النزول إلى الميدان بداية الأسبوع المقبل، لحشد التأييد لقرارات خرجوا بها من اجتماع عقدوه الثلاثاء الماضي، وأهمها الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة. وفي غضون ذلك يجري في أوساط مقربة من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حديث عن «تعديل حكومي وشيك».
وقال أحمد بن بيتور، رئيس الوزراء سابقا، وهو أيضا أحد الأعضاء الفاعلين في «التنسيقية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «التكتل السياسي المعارض الأكبر منذ 20 سنة، سينتقل إلى مرحلة جديدة في مسار معارضة سياسات الحكومة». مشيرا إلى أن تراجع أسعار النفط، الذي تأتي منه 98 في المائة من مداخيل البلاد من العملة الصعبة، «علامة فارقة في علاقة الجزائريين بسلطات بلدهم». وتوقع بن بيتور توقف مشاريع إنمائية كثيرة في غضون العامين المقبلين، إذا استمر انخفاض سعر النفط في الأسواق الدولية، إذ ستواجه الحكومة صعوبة كبيرة في إيجاد التمويل اللازم لإنجاز المشاريع التي أطلقتها، وأهمها بناء 450 ألف سكن تعهد بها بوتفليقة في حملة انتخابات الرئاسة، التي جرت في 17 أبريل (نيسان) الماضي.
وأعلنت «تنسيقية الحريات» في اجتماعها الأخير بالعاصمة، تخليها عن مطلب «تفعيل المادة 88 من الدستور لاستحالة تنفيذها»، وهي مادة تتناول تنحية رئيس الجمهورية من الحكم، في حال ثبت أنه مصاب بعارض صحي مزمن وخطير. وعوضت هذا المطلب بتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة. ويتوقع مراقبون رفض ما يسمى «جماعة الرئيس» المطلب، لأنه يهدف مثل المطلب الأول إلى إبعاد الرئيس عن السلطة.
ويستحيل عمليا تطبيق هذه المادة لأن الدستور لا يوضح الجهة المسؤولة عن دعوة «المجلس الدستوري» ليجتمع، حتى يثبت حالة عجز الرئيس عن مواصلة تسيير دفة الحكم.
وجاء في لائحة مطالب التكتل المعارض، الذي يضم أحزابا وشخصيات من كل الألوان السياسية، دعوة إلى إنشاء «لجنة مستقلة دائمة لتنظيم الانتخابات»، لسحب البساط من وزارة الداخلية، المتهمة دائما بتزوير الاستحقاقات لمصلحة الأحزاب المقربة من السلطة، أو الأشخاص الذين يختارهم النظام لدخول معترك الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية.
وذكرت اللائحة أن الجزائر «تعرف أزمة حكم، وأن الوضعية السياسية التي تمر بها البلاد خطيرة، وغير مأمونة العواقب بسبب الشلل الذي تعرفه مؤسسات الدولة الناجم عن فساد نظام السياسي، وفشله وعدم شرعيته، والذي يعتبر شغور منصب رئيس الجمهورية أحد أسوأ مظاهره».
وترى المعارضة أن منصب رئيس الجمهورية شاغر، طالما أن الرئيس مريض ولا يظهر إلا في حال زار مسؤول أجنبي البلاد.
وأضافت اللائحة «الوضعية الاقتصادية للبلاد في حالة هشاشة كبرى، بسبب الفشل في تحقيق التنمية واستمرار الاعتماد على الريع الطاقوي الآيل إلى الزوال، من حيث تراجع الإنتاج وتراجع أسعار المحروقات، وبسبب تسيير النفقات العمومية بطريقة شعبوية، من أجل شراء السلم الاجتماعي بعيدا عن كل حس وطني وتقدير لمعنى المسؤولية».
وفي سياق متصل، يتداول مقربون من الرئيس عزمه إدخال تغيير على الحكومة قريبا، يتم بموجبه توسيع الطاقم الحكومي إلى الحزب المعارض «جبهة القوى الاشتراكية»، الذي تخلى عن تشدده المعهود ضد السلطة. ويرتقب بقاء رئيس الوزراء عبد المالك سلال في منصبه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.