الأمم المتحدة تتوقع «معركة طويلة» ضد إيبولا

الصحة العالمية: الأرقام المقدمة عن ضحايا الوباء لا تعكس الحقيقة

الأمم المتحدة تتوقع  «معركة طويلة» ضد إيبولا
TT

الأمم المتحدة تتوقع «معركة طويلة» ضد إيبولا

الأمم المتحدة تتوقع  «معركة طويلة» ضد إيبولا

حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة لمكافحة فيروس إيبولا من أن الانتصار على هذا الوباء لا يزال «بعيدا جدا»، داعيا إلى تقديم مساعدة إضافية للدول الأفريقية المصابة.
وقال أنطوني بانبوري، في اجتماع لمجلس الأمن مساء أول من أمس، إن «معركة طويلة تنتظرنا». وأضاف في مداخلة أدلى بها عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة أن التصدي للوباء الذي تسبب في وفاة نحو 5500 شخص «سيتطلب تعزيزا كبيرا للإمكانات على الأرض». وتابع بانبوري «لا نزال بعيدين جدا عن نهاية هذه الأزمة»، موضحا أن بعثة الأمم المتحدة ستبدأ بالعمل في مالي حيث قضى عدد كبير من الأشخاص جراء المرض.
وفي واشنطن، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنه في حال بذل المجتمع الدولي مزيدا من الجهود فإنه يمكن احتواء وباء إيبولا قبل منتصف العام المقبل.
والوباء الذي ظهر قبل نحو عام في جنوب غينيا أسفر عن وفاة 5420 شخصا على الأقل من أصل 15 ألفا و145 إصابة تم تسجيلها، وفق آخر حصيلة لمنظمة الصحة العالمية. وتم رصد العدد الأكبر من الإصابات في غينيا وليبيريا وسيراليون. وأشارت أرقام جديدة إلى تراجع في عدد الإصابات الجديدة في ليبيريا، حيث سجل أكبر عدد من المرضى، وغينيا. لكن خلال الأسبوع الماضي وحده سجلت 553 إصابة جديدة في سيراليون، وهو أكبر رقم أسبوعي منذ انتشار المرض في هذا البلد.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية نفسها أن هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة كاملة. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور إن «المعركة ليست مستمرة فحسب، لكنها لا تزال تصب لمصلحة إيبولا». ومن جهتها، اعتبرت وزيرة الخارجية الأسترالية جولي بيشوب، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن، أن «التقدم الذي أحرز حتى الآن يمكن أن ينقلب بسهولة».
وكان وباء إيبولا ظهر في غينيا أواخر العام الماضي، وبلغ عدد الوفيات في هذا البلد حتى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي 1214 من إجمالي 2047 إصابة، بينما في ليبيريا بلغ عدد الوفيات 2963 من إجمالي 7082 إصابة. وفي سيراليون، أحصت منظمة الصحة العالمية 1267 وفاة من إجمالي 6190 إصابة. أما حصيلة الوفيات في صفوف الطواقم الطبية والعاملين الصحيين فقد تدهورت أيضا مع تسجيل 337 وفاة من أصل 588 إصابة.
وخارج أفريقيا، تم تسجيل أربع إصابات في الولايات المتحدة توفي منها ليبيري عاد من بلاده، وفقا لأرقام صدرت في 16 نوفمبر الحالي. لكن طبيبا من سيراليون أصيب بالوباء تم نقله إلى الولايات المتحدة توفي هناك أيضا في 17 من الشهر الحالي.
وقد دعت الأسرة الدولية أول من أمس إلى تحديد هدف هو «لا إصابات جديدة» بإيبولا. وخلال اجتماع للمنظمات الدولية الكبرى في واشنطن، دعت منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة والبنك الدولي إلى «تحديد هدف بالغ الصعوبة هو لا إصابات جديدة بالمرض». ومن جهته، قال رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم، أول من أمس، إن «إيبولا ليس من نوع الأمراض التي تستطيع أن تترك منها بعض الحالات وتقول إنك اتخذت ما يكفي من التدابير». ومع إقراره بحصول «تقدم» في مكافحة الوباء، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن ظهور إصابة في مالي يشكل مصدر «قلق عميق». وكانت منظمة الصحة العالمية تحدثت عن ست إصابات أسفرت عن ست وفيات.
ومن جانبها، قالت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية «من الضروري فعلا أن نتحرك بسرعة وعلى نطاق واسع في مالي حتى لا نندم لاحقا. يجب أن نطفئ هذه النار الصغيرة قبل أن تخرج عن السيطرة».



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.