تحركات اللحظة الأخيرة تعمق الضبابية بشأن الاتفاق الإيراني

تعاظم الدور الأوروبي مع اقتراب الحسم.. وروسيا تدعو إلى {مزيد من الجهود}

جانب من اللقاء الأوروبي - الإيراني في فيينا أمس بحضور وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وإيران (أ.ب)
جانب من اللقاء الأوروبي - الإيراني في فيينا أمس بحضور وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وإيران (أ.ب)
TT

تحركات اللحظة الأخيرة تعمق الضبابية بشأن الاتفاق الإيراني

جانب من اللقاء الأوروبي - الإيراني في فيينا أمس بحضور وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وإيران (أ.ب)
جانب من اللقاء الأوروبي - الإيراني في فيينا أمس بحضور وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وإيران (أ.ب)

شهدت العاصمة النمساوية حركة دبلوماسية بوتيرة عالية على مدار يوم أمس، حيث تواصل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا مفاوضاتها المكثفة مع إيران من أجل التوصل إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني. وخلال الساعات الـ48 المقبلة، سيكون على المفاوضين التوصل إلى حل مرضٍ مع انتهاء المهلة المتفق عليها للتفاوض، ولكن تفيد جميع المؤشر للتوصل إلى إطار عمل عام لمواصلة المفاوضات في حال وافقت الدول الست وإيران على تمديد المفاوضات.
ورغم التزام الوفود بالصمت الإعلامي حول تفاصيل المفاوضات، أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مساء أمس، وبعد لقاءات مع نظرائه الأميركي جون كيري والبريطاني فيليب هاموند والفرنسي لوران فابيوس في النمسا، أن الدول الكبرى لم تقدم أي مقترحات «مهمة» في المحادثات النووية أمس، ونقل الفريق التفاوضي الإيراني عن جواد ظريف قوله «جرت مناقشات مهمة، لكن لا توجد مقترحات تستحق أن أعود بها إلى إيران».
وكان مكتب ظريف قد قال ظهر أمس إنه سيعود إلى طهران للتشاور مع القيادة الإيرانية، مما أدى إلى إعلان كيري أنه سيتوجه إلى باريس. ولكن خلال ساعات قليلة، أعلن ظريف إلغاء زيارته، مما أدى إلى لقاء جديد بين ظريف وكيري والمبعوثة الأوروبية كاثرين أشتون للمرة الثانية في فيينا خلال 24 ساعة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي إن كيري يأمل في «مواصلة المشاورات» مع نظيره الإيراني.
وقال عضو رفيع رفض الكشف عن اسمه في الوفد الإيراني لوكالة «أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية»: «المحادثات لم تصل إلى المرحلة التي تتطلب ذهاب ظريف إلى طهران. ولذلك فإنه لن يذهب إلى طهران وسوف تستمر المحادثات». وأفاد مصدر قريب من المحادثات لوكالة «رويترز» بأن ظريف تسلم وثيقة من القوى الكبرى تشرح المبادئ الرئيسية لاتفاق محتمل بشأن رفع العقوبات عن طهران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. وأوضح دبلوماسيون غربيون لـ«رويترز» في وقت سابق من هذا الأسبوع أن اقتراحا صاغته الولايات المتحدة وعرض على إيران في محادثات تمهيدية في سلطنة عمان في وقت سابق من هذا الشهر يدعو إلى أن تخفض الجمهورية الإسلامية عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم التي لديها إلى 4500 وهو ما يقل كثيرا عن العدد الحالي الذي تملكه طهران وهو 19 ألف جهاز يعمل منها نحو 10 آلاف جهاز.
ويرفض المسؤولون الإيرانيون خفض كمية اليورانيوم التي يملكون القدرة على تخصيبها وهو موقف يقول مسؤولون غربيون إنه غير مقبول لأنه قد يمكن طهران من اكتساب ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لصنع قنبلة نووية في وقت قصير. وهذه نقطة شائكة في المحادثات.
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين قد بدأت الجولة الأخيرة من المفاوضات مع إيران يوم الثلاثاء على أمل التوصل لتسوية للصراع المستمر منذ 10 سنوات والحد من المطامح النووية لإيران. وبعد أن كانت واشنطن تلعب الدور الأكبر في المفاوضات منذ تولي الرئيس الأميركي باراك أوباما الرئاسة عام 2009. عاد الدور الأوروبي للبروز خلال اليومين الماضيين. وأفادت مصادر أوروبية لـ«الشرق الأوسط» أن الجهود منصبة الآن لإقناع إيران بأن العرض المطروح من الدول الست يستأهل التجاوب. وكانت هذه الرسالة التي أوصلها الوزراء الأوروبيون وأشتون لظريف في لقاء لم يشمل كيري في فيينا، على أمل أن الضغوط والعلاقات الأوروبية تلعب دورا بناء. ولكن مسؤولين قريبين من المحادثات قالوا في منتصف الأسبوع إن الجانبين ما زالا في طريق مسدود بسبب الخلافات بشأن قضايا رئيسية وإنه من غير المحتمل أن يتوصلا لاتفاق شامل ويرون أن الأمر قد يتطلب تمديد المهلة.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند بعد اجتماعات منفصلة أمس مع نظرائه الغربيين في فيينا: «هذه قضايا معقدة ولا تزال توجد فجوات لا يستهان بها بين الأطراف وسنذهب جميعا لإجراء مناقشات فنية مع خبرائنا ونستأنف المفاوضات في عطلة نهاية الأسبوع».
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أمس أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وكيري اتفقا على الحاجة إلى بذل «مزيد من الجهود» للتوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني بحلول الموعد النهائي في 24 من نوفمبر (تشرين الثاني).
وقالت الوزارة في بيان بعد أن تحدث الوزيران عبر الهاتف: «لم تستبعد الأطراف إمكانية عقد اجتماع وزاري للأطراف المشاركة في المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني إذا لاح في الأفق احتمال إحراز تقدم».



روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
TT

روسيا تهاجم وسط كييف «رداً» على هجمات بصواريخ أميركية وتعترف باستهداف مستودع وقود جنوب موسكو

سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)
سيارة مدمرة تظهر بينما يعمل رجال الإطفاء في موقع مبنى متضرر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

هاجمت القوات الروسية وسط العاصمة الأوكرانية بأسراب من الطائرات دون طيار ووابل من الصواريخ في وقت مبكر من صباح السبت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص على الأقل. وبدورها شنت القوات الأوكرانية سلسلة من الهجمات على مناطق متفرقة داخل روسيا وتسببت في حريق اندلع بمستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو.

دمار يظهر بعد هجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل 4 أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع باستخدام صواريخ «أتاكمز» التكتيكية الأميركية الصنع وصواريخ «ستورم شدو» البريطانية.

وتسبب الهجوم الروسي، السبت، في إغلاق محطة مترو لوكيانيفسكا، بالقرب من وسط المدينة، بسبب حجم الأضرار، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى عكس الهجمات السابقة على كييف، صدر تحذير بوقوع الغارة الجوية فقط بعد وقوع انفجارات متعددة وليس قبل شن الغارة.

وذكرت تقارير رسمية أنه تم استخدام صواريخ باليستية في الهجوم. وتقع محطة المترو المتضررة بجوار مصنع للأسلحة، تم استهدافه عدة مرات بضربات صاروخية روسية، كما أعلنت موسكو.

رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

وطبقاً لبيان صادر عن سلاح الجو الأوكراني، أطلقت روسيا 39 طائرة دون طيار، من طراز «شاهد» وطائرات دون طيار أخرى و4 صواريخ باليستية. وأسقطت قوات الدفاع الجوي الأوكرانية صاروخين و24 طائرة دون طيار.

وقال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن 4 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 3 آخرون في هجوم بصاروخ باليستي في وسط كييف، في ساعة مبكرة من صباح السبت.

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

وقال تيمور تكاتشينكو، رئيس الإدارة العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، إن انفجارات دوت في سماء المنطقة قبيل الفجر بينما كانت الدفاعات الجوية تصد الهجوم. وأضاف أن 4 أشخاص لقوا حتفهم بينما أعلنت الشرطة مقتل 3. وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو إن أضراراً لحقت بمحطة مترو أنفاق وخط مياه. وواصل عمال الإنقاذ البحث وسط الحطام في شارع غمرته المياه.

وتعهدت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، بالرد، بعد أن ذكرت أن القوات الأوكرانية أطلقت 6 قذائف على «منشآت» غير محددة، في منطقة بيلغورود، بالقرب من الحدود بين البلدين. ولم تؤكد أوكرانيا استخدام الأسلحة، حسب وكالة «بلومبرغ» للأنباء، السبت.

جندي أوكراني يطلق طائرة مسيّرة متوسطة المدى للتحليق فوق مواقع القوات الروسية في خاركيف (رويترز)

وأظهرت صور متداولة على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي سيارات لحقت بها أضرار ومياه غزيرة ناجمة عن انفجار أنبوب مياه في المحطة. وفي أجزاء من كييف، التي يبلغ عدد سكانها 3 ملايين نسمة، انقطعت إمدادات المياه بشكل مؤقت.

كما قصفت روسيا مدينة زابوريجيا في جنوب شرق البلاد، حيث قال حاكم المنطقة إن 10 أشخاص أصيبوا ولحقت أضرار بمكاتب منشأة صناعية. وذكر مسؤولون، الجمعة، أن هجوماً صاروخياً شنته روسيا على مدينة كريفي ريه، مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن مقتل 4 وتدمير أجزاء من منشأة تعليمية.

بدورها اعترضت منظومات الدفاع الجوي الروسية ودمرت 46 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق أراضي مقاطعات عدة، خلال الليلة الماضية. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية نقلته، السبت، وكالة «سبوتنيك»: «تم تدمير 18 طائرة مسيّرة فوق أراضي مقاطعة بريانسك، و11 مسيّرة فوق أراضي مقاطعة كورسك، و7 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة كالوجا، و5 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة تولا، و3 مسيّرات فوق أراضي مقاطعة بيلجورود، وطائرتين مسيّرتين فوق أراضي مقاطعة فورونيج».

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

كانت السلطات الروسية قد ذكرت في وقت مبكر، السبت، أن حريقاً اندلع في مستودع للوقود في منطقة تولا جنوب موسكو بعد أن شنت أوكرانيا هجوماً بطائرات مسيّرة.

وكتب حاكم المنطقة دميتري ميلييف على تطبيق «تلغرام» أن الهجوم على المنشأة لم يسفر عن وقوع إصابات. وقال ميلييف إنه تم تدمير 5 مسيّرات. يذكر أنه لا يمكن التحقق من هذه المعلومات بشكل مستقل.

وقالت السلطات المحلية إن تولا، الواقعة على بعد 160 كيلومتراً جنوب موسكو، تعرضت للاستهداف بعد ساعات فقط من هجوم مماثل بطائرات مسيّرة في منطقة كالوجا، جنوب غربي العاصمة، تسبب أيضاً في نشوب حريق في منشأة لتخزين الوقود.

وصباح الخميس، كان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يقوم بزيارة في كييف لإبرام شراكة أمنية تمتدّ على 100 عام مع أوكرانيا.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

من جانب آخر اتهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي منافسيه في الانتخابات العامة المقبلة بتضليل الناخبين في ألمانيا عمداً في النزاع حول منح مساعدات إضافية بمليارات اليوروات لأوكرانيا. وقال زعيم الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، رولف موتسنيش،

في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «يتصرف (التحالف المسيحي) و(الحزب الديمقراطي الحر)، ولسوء الحظ (حزب الخضر) أيضاً، بشكل غير مسؤول، ويخدعون الجمهور فيما يتعلق بمسألة ما إذا كان من الممكن توفير أموال إضافية لأوكرانيا».

وذكر موتسنيش أن هناك فجوة في الميزانية العامة الحالية تصل إلى عشرات المليارات من اليوروات، وقال: «إذا كان من المقرر زيادة مساعدات الأسلحة بأموال إضافية قدرها 3 مليارات يورو، فيجب توفير هذه التكاليف من مكان آخر».

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

وأشار إلى أن الأحزاب الأخرى لم تقدم أي إجابة في هذا الشأن، وقال: «من يتصرف بهذه الطريقة المشكوك فيها وغير المسؤولة فيما يتعلق بالسياسة المالية لا يمكن أن يكون جاداً حقاً في المطالبة بدعم إضافي لأوكرانيا، ولكنه يحاول فقط إثارة الانتباه في الحملة الانتخابية».

أعربت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل عن اعتقادها بأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تظل دولة مستقلة في ظل الهجوم الروسي عليها دون دعم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ورأت ميركل أن الشراكة عبر الأطلسي أصبحت اليوم لا يمكن الاستغناء عنها بصورة أكبر من أي وقت مضى.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

جاء ذلك خلال كلمة ألقتها المستشارة الألمانية السابقة كضيفة شرف في حفل استقبال العام الجديد، نظمه «الحزب المسيحي الديمقراطي» بولاية شمال الراين-ويستفاليا في مدينة دوسلدورف (عاصمة الولاية)، وذلك قبل مراسم تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين. وصرحت ميركل، التي تنتمي لـ«الحزب المسيحي»، بأن الهجوم الذي شنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أوكرانيا أدى إلى تعطيل المبدأ الأساسي لنظام ما بعد الحرب في أوروبا، والخاص بحرمة الأراضي السيادية للدول. وقالت ميركل إن من غير الممكن «منع بوتين من الانتصار في الحرب والحفاظ على أوكرانيا كدولة مستقلة» إلا بدعم الولايات المتحدة والعمل ضمن إطار حلف «الناتو».