جدول سفر كيري يشغل العاصمة الفرنسية وسط التساؤلات عن الملف النووي

4 ملفات عالقة في مفاوضات فيينا

جدول سفر كيري يشغل العاصمة الفرنسية  وسط التساؤلات عن الملف النووي
TT

جدول سفر كيري يشغل العاصمة الفرنسية وسط التساؤلات عن الملف النووي

جدول سفر كيري يشغل العاصمة الفرنسية  وسط التساؤلات عن الملف النووي

يأتي أم لا يأتي؟ السؤال استنفر الطاقم الدبلوماسي المحلي والدولي أمس في العاصمة الفرنسية بعد الخبر الذي نقله مصدر أميركي ومفاده أن الوزير جون كيري ينوي العودة إلى باريس «للقاء عدد من نظرائه الأوروبيين». وسريعا جدا، تعددت علامات الاستفهام: إذا كان يريد حقيقة لقاء نظرائه الأوروبيين، فلا حاجة له بالعودة إلى باريس لأن وزيري الخارجية الفرنسي والبريطاني لوران فابيوس وفيليب هاموند فضلا عن الليدي كاثرين أشتون، التي احتفظت بالملف النووي الإيراني رغم انتهاء ولايتها كممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، من الاتحاد الأوروبي كانوا برفقة كيري أمس في العاصمة النمساوية حيث يرغب الجميع بتوفير «دفع سياسي» لعملية التفاوض حول الملف المذكور وبالتالي لا حاجة له للسفر إلى باريس. أضف إلى ذلك أن الوزير الأميركي كان في العاصمة الفرنسية أول من أمس حيث كانت له لقاءات متعددة.
الفرضية الثانية قالت إن كيري يريد إطلاع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل على ما استجد في مباحثاته الأخيرة مع الوزير الإيراني محمد جواد ظريف ليل الخميس وصباح الجمعة لـ«غربلة» الأفكار وتوفير «غطاء» عربي لاتفاق محتمل مع طهران ومعرفة ما يمكن قبوله وما هو غير مقبول. والحال أن الأمير سعود الفيصل كان في موسكو التي عاد منها مساء ولم يصدر عن مكتبه أي خبر علما بأنه كان استقبل كيري في مقر إقامته بباريس صباح أول من أمس وكان الملف الإيراني على رأس المواضيع التي تناولاها مطولا.
أما الفرضية الثالثة فمردها إلى إعلان الوفد الإيراني أن ظريف يريد الانتقال إلى طهران للتشاور مع القيادة الإيرانية حول آخر المقترحات المطروحة لاتفاق نهائي من شأنه إغلاق هذا الملف الذي يستحوذ على جزء كبير من اهتمامات الدبلوماسية الدولية. وفي رأي المحللين، أن توجه ظريف إلى طهران «يعني الاقتراب من لحظة الحسم». لذا لم يعد لبقاء كيري في فيينا أي معنى بعد رحيل المفاوض الإيراني الرئيسي وعودة فابيوس وهاموند إلى بلديهما.
بقيت فرضية أخيرة وهي أن كيري يحب فرنسا وتحديدا باريس وهو يتكلم اللغة الفرنسية بطلاقة ويملك منزلا فيها. وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، فإن كيري يعطي الكثير من مواعيده في باريس أكان ذلك مع نظيره الروسي سيرجي لافروف أم مع وزراء الخارجية العرب أو هو ما تكرر الكثير من المرات في السنوات التي مضت على وجوده في وزارة الخارجية.
وبين هذه الفرضية وتلك، ندرت المعلومات وكثرت التحاليل. فالخارجية الفرنسية تحيل السائل على السفارة الأميركية في باريس التي تردد لمن يريد أن يسمع أن «لا علم لديها» بخطط كيري وأنه يتعين الاتصال بالوفد الأميركي في فيينا. وهكذا دواليك. ولكن يبدو من الثابت، أن عودة كيري إلى باريس كانت مربوطة بتوجه ظريف إلى إيران وأن تخلي الأخير عن خططه حمل الوزير الأميركي على البقاء في العاصمة النمساوية للاستمرار في المشاورات. وبالفعل، فقد أعلن مساء أن كيري وظريف سيعقدان جلسة مفاوضات ثالثة ليلا في مسعى إضافي للخروج من المفاوضات من النفق الذي دخلت فيه مع اقتراب انتهاء المهلة المنصوص عنها في اتفاق جنيف المرحلي الموقع قبل عام تماما. وفي أي حال، فالسيناريوهات يمكن أن تتغير بين لحظة وأخرى.
بيد أن الثابت أن نقاط الافتراق التي ما زالت قائمة والتي تنتظر «حلولا وسطية» تتناول 3 مسائل: الأولى، عدد ونوعية الطاردات المركزية التي سيتاح لإيران الاحتفاظ بها والثانية، مصير كميات اليورانيوم بنسبة 5 في المائة أو 19 في المائة المخصب التي تملكها إيران والثالثة، نوع التدابير التي ستفرض على إيران لمنعها من تطوير تكنولوجيا البلوتونيوم التي تفضي بدورها إلى القنبلة النووية. يضاف إلى ذلك المطلب الإيراني برفع العقوبات الثنائية والدولية فور توقيع الاتفاق.
وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدف» من وراء الإصرار الغربي على خفض كبير لحجم البرنامج النووي الإيراني هو «إطالة المدة التي يمكن أن تحتاج إليها لإيران لإنتاج ما يكفي من اليورانيوم لتصنيع قنبلة نووية في حال قرارها عدم التزام بنود الاتفاق». وفي هذا السياق يريد الغربيون أمرين: الأول، هو اتفاق ملزم لـ15 أو 20 عاما «وهو ما لم تقبله إيران حتى الآن إذ إنها تريده من 5 سنوات أو أكثر بقليل» والثاني هي ترتيبات تتناول حجم البرنامج النووي بحيث تكون إيران بحاجة إلى عام كامل في أقل تقدير للحصول ما يكفي من المواد المخصبة الضرورية لتجهيز أول قنبلة نووية. والمغزى من ذلك أن القوى الغربية قد تكون محتاجة لهذه الفترة الزمنية لإعادة تعبئة صفوفها دبلوماسيا وسياسيا وربما عسكريا لمواجهة إيران قبل أن تكون قد قطعت «الخط الأحمر» المتمثل ليس فقط ببناء القوة النووية بل أيضا بالوصول إلى «الحافة النووية» كما هو حال كوريا الجنوبية أو اليابان أو البرازيل وكلها تملك التكنولوجيا والخبرات لكنها ملتزمة بعد التحول إلى قوة نووية.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.