توتر في القدس بعد إصرار نواب من الكنيست على زيارة الأقصى متحدين دعوة نتنياهو للهدوء

عباس حذر من أن التصعيد سيجر المنطقة إلى وضع لا يتحمله بشر

أفراد من الشرطة الإسرائيلية في دورية شرق القدس أمس (إ.ب.أ)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية في دورية شرق القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

توتر في القدس بعد إصرار نواب من الكنيست على زيارة الأقصى متحدين دعوة نتنياهو للهدوء

أفراد من الشرطة الإسرائيلية في دورية شرق القدس أمس (إ.ب.أ)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية في دورية شرق القدس أمس (إ.ب.أ)

بعد ساعات من إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أنه يدعم «تهدئة في القدس تجنبا لتدهور لا يمكن تحمله»، تصاعد التوتر مجددا في المدينة المقدسة إثر إصرار نواب من اليمين الإسرائيلي المتطرف على اقتحام ساحات المسجد الأقصى، وهو ما خلف مواجهات واعتقالات.
واقتحمت مجموعات من المستوطنين أمس، ترافقهم النائبة في الكنيست الإسرائيلي «شولي معلم» من حزب «البيت اليهودي»، ساحات المسجد الأقصى المبارك تحت حراسات إسرائيلية معززة، في الوقت الذي منع فيه المسلمون فوق سن 40 عاما من الدخول إلى المسجد والصلاة فيه. وجاء الاقتحام بعد يوم من اقتحام آخر قاده عضو الكنيست موشيه فيجلين الذي يدعو إلى إقامة الهيكل في المكان والسماح لليهود بالصلاة فيه.
وتعد هذه الزيارات من نواب الكنيست تحديا لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي دعا إلى ضبط النفس بعد اندلاع اشتباكات عنيفة داخل وخارج المسجد الأقصى بين الفلسطينيين والإسرائيليين لعدة أيام، ما سبب إصابات واعتقالات وسجلت خلالها محاولة اغتيال الحاخام الإسرائيلي المتطرف يهودا جليك الأربعاء الماضي، وردت الشرطة بقتل معتز حجازي المسؤول عن العملية يوم الخميس، كما أغلقت المسجد الأقصى بشكل كامل في اليوم نفسه. وأمضى موشيه فيجلين، وهو مشرع من حزب الليكود، نحو ساعة في الموقع. وقام فيجلين الذي كان يرتدي بزة ورباط عنق بأداء صلوات بجوار مسلم كان يصلي والتقطت له عدة صور أمام قبة الصخرة. ولدى سيره خطوات إلى الوراء متضرعا وهو يبتعد عن قبة الصخرة محاطا برجال شرطة مسلحين هتف المسلمون «الله أكبر». وأصرت النائبة شولي معلّم أمس على التجوال في ساحات الأقصى على الرغم من غضب المسلمين في المكان والهتاف ضدها.
وأظهرت لقطات فيديو كيف هاجمت امرأة مسلمة النائبة معلم ودفعتها وصاحت بوجهها للخروج، قبل أن ينقض أفراد الشرطة عليها ما خلف جلبة كبيرة في المكان. وكان نتنياهو حذر من أنه «من السهل للغاية إشعال الحرائق الدينية، لكن من الصعب جدا إخمادها». وأضاف نتنياهو: «ما نحتاج إليه الآن هو أن تهدأ الأعصاب». وقال إنه تحدث إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن التوتر في القدس الشرقية التي كانت مسرحا لاشتباكات يومية بين المحتجين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية.
وتعهد نتنياهو بعدم تغيير الوضع القائم وطالب النواب بالالتزام. ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تحدث أيضا إلى كيري عن التوتر في القدس، بدعوة نتنياهو لضبط النفس.
وقال عباس إن الهجمات وأعمال التحريض من جانب المتطرفين ستقود إلى عواقب خطيرة. وأضاف أنها ستخلق حالة من الاضطراب والتوتر سواء في فلسطين أو في المنطقة وهو ما لا تريد القيادة الفلسطينية حدوثه.
وقال عباس في مستهل اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مساء الأحد الماضي، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، إن «قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك، وما جرى في الأسابيع الماضية من توتر واشتباكات وصدامات، حتى في المسجد الأقصى نفسه، يؤلمنا». وأضاف عباس: «نحن قلنا أكثر من مرة إن المسجد الأقصى المبارك مكان مقدس بالنسبة لنا، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ولن نقبل بأن يعتدي عليه أحد». وأردف: «نحن مع التهدئة بالأساس، فنحن لا نريد تصعيد الأمور وأن تصل إلى مدى لا يستطيع أن يتحمله بشر، لا نريد هذا إطلاقا، وإنما نريد التهدئة». وتابع: «هذا هو موقفنا بالأساس، ونحن ندعو إلى التهدئة، ونرجو أن تتم هذه التهدئة، ونحافظ على الوضع كما هو عليه، وبقاء الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك».
وكانت المواجهات بين الفلسطينيين والإسرائيليين اتخذت طابعا دينيا، وهو ما أثار القلق في إسرائيل من اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة يمكن أن تمتد إلى الضفة الغربية وتكون لها تداعيات في غزة وبلدان عربية.
وبدأت الشرطة الإسرائيلية في القدس بتطبيق إجراءات مشددة على أمل إخماد المظاهرات، ومن بينها السجن لأعوام طويلة لملقي الحجارة قد تصل إلى 10 سنوات، وزيادة عدد القوات الخاصة في المدينة، ونشر مزيد من الحواجز، ومزيد من كاميرات المراقبة، وتوسيع الاعتقالات. وشنت الشرطة الإسرائيلية أمس حملات دهم واسعة النطاق لمنازل الفلسطينيين في أحياء وبلدات مدينة القدس استمرت حتى ساعات الفجر، اعتقلت خلالها أكثر من 20 فتى وشابا وطفلا على خلفية المشاركة في المواجهات الأخيرة ضد قوات الاحتلال. وقالت لجنة أهالي الأسرى والمعتقلين المقدسيين، إن الحملة شملت تفتيش منازل المواطنين وترهيب سكانها من الأطفال.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».