غزة في عزلة تامة بعد إغلاق جميع معابرها.. وحماس تحذر بإلغاء الاتفاق

غلق معبري إيرز وكرم أبو سالم جاء بعد رفح

جندي إسرائيلي يوجه سلاحه صوب متظاهرين فلسطيين في رام الله أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يوجه سلاحه صوب متظاهرين فلسطيين في رام الله أمس (رويترز)
TT

غزة في عزلة تامة بعد إغلاق جميع معابرها.. وحماس تحذر بإلغاء الاتفاق

جندي إسرائيلي يوجه سلاحه صوب متظاهرين فلسطيين في رام الله أمس (رويترز)
جندي إسرائيلي يوجه سلاحه صوب متظاهرين فلسطيين في رام الله أمس (رويترز)

وضع القرار الإسرائيلي، أمس، بإغلاق معبري «كرم أبو سالم» التجاري، الذي يُعد منفذ قطاع غزة التجاري الوحيد إلى العالم، ومعبر بيت حانون (إيرز)، الذي يستخدم للحالات الإنسانية والأفراد والبعثات الأجنبية، القطاع في حالة عزلة تامة عن العالم الخارجي، خصوصا أن ذلك جاء بعد قرار مصري بإغلاق معبر رفح لدواعٍ أمنية، في أعقاب هجوم بسيناء، الأسبوع الماضي، أدى إلى مقتل 33 جنديا مصريا.
وأعلنت إسرائيل بشكل مفاجئ، أمس، إغلاق المعابر، وقالت مصادر إسرائيلية إن الإغلاق جاء لدواعٍ أمنية، وردا على سقوط صاروخ أطلق من قطاع غزة وسقط في منطقة النقب الغربي، أول من أمس (السبت).
وبذلك تكون جميع معابر قطاع غزة مغلقة تماما، بعد نحو شهرين من وقف الحرب الإسرائيلية. وفورا، حذرت حركة حماس من أن ذلك يعرض اتفاق وقف إطلاق النار للخطر. وقال القيادي في حماس، محمود الزهار، في لقاء بجامعة الأقصى بمدينة غزة إنه إذا لم ترفع إسرائيل الحصار عن غزة «فإننا غير ملتزمين بما تم الاتفاق عليه». وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق إن إغلاق معبري إيرز وكرم أبو سالم، ومعبر بيت حانون «تصرف صبياني غير مسؤول»، مضيفا: «ما قدمه الاحتلال من تبرير رسالة مرفوضة».
وأكد أبو مرزوق في بيان: «إن ما يقوم به الاحتلال من إجراءات على المعبرين يخالف ما تم التوصل إليه عند وقف إطلاق النار». وعد أبو مرزوق أن إغلاق المعابر «عقاب جماعي يُفرض على قطاع غزة، وهو مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية».
ودعا أبو مرزوق القوى الوطنية والإسلامية إلى تحمل مسؤولياتها على هذا الصعيد، بالإضافة إلى الموقف من آلية الإعمار المرفوضة التي قدمتها الأمم المتحدة. وتساءل أبو مرزوق عن دور السلطة الفلسطينية من الإجراء الإسرائيلي، وقال: «أين هي من قيامها أيضا بمسؤولياتها خاصة بعودة الموظفين للعمل في المعابر؟»، مطالبا «بالبدء بفتح معابر أخرى، لا إغلاق ما هو موجود، ولا يلبي حاجات الإعمار، ولا بأي شكل من الأشكال».
ويعني إغلاق معبر كرم أبو سالم، جنوب القطاع، وقف تدفق أي مواد بناء للقطاع من أجل إعادة الإعمار، ووقف إدخال وتصدير البضائع التجارية الأخرى، ويعني إغلاق معبر إيرز وقف خروج الحالات المرضية والشخصيات المهمة والوفود من وإلى الضفة الغربية.
ويأتي إغلاق المعبرين في ظل تواصل إغلاق معبر رفح البري، الذي يفصل قطاع غزة عن الأراضي المصرية، لليوم الـ10، ويُعد المنفذ الوحيد والأهم لغالبية سكان القطاع إلى العالم الخارجي.
وكانت مصر أغلقت معبر رفح بعد هجوم في شمال سيناء راح ضحيته أكثر من 30 عسكريا مصريا.
وقال إياد البزم المتحدث السابق لوزارة الداخلية إبان حكومة حماس في قطاع غزة: «إن إغلاق معبر رفح لليوم الـ10 على التوالي، يرفع عدد أيام إغلاقه منذ بداية العام الحالي إلى 190 يوما، في ظل وجود آلاف الحالات الإنسانية من المرضى والطلبة وأصحاب الإقامات والجوازات الأجنبية، وهم بحاجة ماسة للسفر».ودعا البزم السلطات المصرية إلى سرعة فتح معبر رفح، وإلى «تقدير حجم المعاناة والكارثة التي يعيشها الشعب الفلسطيني جراء استمرار إغلاق المعبر».
ولا يُعتقد أن إسرائيل ستمضي في إغلاق المعابر، إذ حذر مراقبون إسرائيليون من أن زيادة الضغط على غزة وتضييق الحصار قد يؤديان إلى تصعيد أمني من جهة غزة، بعكس التوقعات بأن مزيدا من الضغط سيلجم الحركات المسلحة في القطاع من ممارسة النشاطات.
وضمن التصعيد الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، صادقت الحكومة الإسرائيلية أمس على مشروع قانون لتشديد العقوبات على الشباب الفلسطينيين الذين يلقون الحجارة ضد القوات الإسرائيلية. وبحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو، قال إنه «سيتم زيادة بنود جديدة على قانون العقوبات مما سيسمح بفرض عقوبات أقصاها السجن لمدة 20 عاما على من يرشق الحجارة أو أي غرض آخر على السيارات».
ونقل البيان عن نتنياهو قوله: «إسرائيل تعمل بحزم ضد المخربين وراشقي الحجارة وضد هؤلاء الذين يلقون الزجاجات الحارقة والمفرقعات».
وبشأن الوضع في الحرم القدسي، كرر نتنياهو القول إنه «لن نقوم بتعديل ترتيبات العبادة والدخول إلى جبل الهيكل. نحن ملتزمون بالإبقاء على الوضع القائم لليهود والمسلمين والمسيحيين».
وأضاف: «من الضروري الآن تهدئة الوضع والتصرف بمسؤولية وضبط النفس (..) من السهل إشعال الكراهية الدينية ولكن من الصعب إطفاؤها»، مؤكدا: «تم إرسال هذه الرسالة بأوضح طريقة ممكنة» إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالإضافة إلى نشطاء اليمين المتطرف الإسرائيلي.
ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية بيانا عن الرئاسة الفلسطينية اعتبرت فيه كلام نتنياهو «خطوة في الاتجاه الصحيح». وجاء في البيان أن هذا الكلام «خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصا لما يمثله المسجد الأقصى المبارك من أهمية دينية للمسلمين، وضرورة استمرار العمل على خلق أجواء التهدئة». واعتبرت الرئاسية الفلسطينية أن «هذه الانتهاكات والاستفزازات من المتطرفين ستؤدي إلى نتائج خطيرة ستنعكس على المنطقة بأسرها، وتؤجج حالة عدم الاستقرار والتوتر في فلسطين والمنطقة، وهذا ما لا نريده». ويثير الوضع المتوتر والصدامات المتكررة في القدس الشرقية منذ أشهر مخاوف من اندلاع انتفاضة ثالثة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.