«معرض الكتاب الفرنكفوني» في بيروت.. 21 سنة من الحفاوة

200 حفلة توقيع.. وإقبال حماسي من جيل الشباب

جانب من المعرض
جانب من المعرض
TT

«معرض الكتاب الفرنكفوني» في بيروت.. 21 سنة من الحفاوة

جانب من المعرض
جانب من المعرض

دورة جديدة لـ«معرض الكتاب الفرنكفوني في بيروت» افتتحت يوم الجمعة الماضي، تحت عنوان «كلمات... وحكايات». بهذه المناسبة السنوية سيشهد مركز «بيال» للمعارض، على مدار 10 أيام، عشرات الاحتفاليات والمواعيد التي تحتفي بالكتاب الفرنكفوني. هناك فرنسا بطبيعة الحال بالشراكة مع كندا، وسويسرا، وبلجيكا، ورومانيا، كلها دول تأتي بمطبوعاتها ونتاجها الفكري والموسيقي، بتنظيم من السفارة الفرنسية، وبشكل خاص «المعهد الفرنسي في لبنان.. ونقابة مستوردي الكتب في بلاد الأرز». هذه الجهة الأخيرة التي بات يقع على عاتقها جزء كبير من مسؤولية المعرض، في السنوات الأخيرة.
هذه الدورة الـ21، لما يعد أكبر معرض فرانكفوني في المنطقة العربية، ويستقطب فئة الشباب والطلاب بشكل خاص، يجتذب الجيل الصاعد وطلاب المدارس على نحو كبير ولافت. لذلك، لمرة جديدة، تأخذ كتب الأطفال هذا العام مساحة كبيرة، بألوانها وابتكاراتها، والألعاب المرفقة بها والأسطوانات المدمجة التي باتت عشق الناشئة. هنا «حكواتية» في «دار سمير» للنشر تروي للأطفال الحكايات، وهناك منشطة للرسم في ركن آخر يتحلق حولها تلامذة، فيما يفشل صغار آخرون كتبا في ركن ثالث يعرفون أنها ستكون سندا ومتعة لقراءتهم.
بلجيكا تعرض بفخر كتبا لمجموعات الرسوم المصورة التي اشتهرت بها، وهي التي تشكل مدرسة بحد ذاتها في هذا الفن. ثمة ما يُترجم من بينها للمرة الأولى باللغة العربية. رومانيا أيضا تأتي بكتابها ولغتها وفنونها لتعرضها في بيروت، أنشطة للأطفال، تشجيع على تعلم اللغة الرومانية، وعرض لكتاب «الليلة الثانية بعد الألف»، الصادر باللغة الفرنسية في باريس، بحضور مؤلفته كارمن كافريلا، التي تحكي بلسان شهرزاد عصرية، مع أنها في الحقيقة ليست سوى شابة قررت أن تتحدى الكثير من الصعاب وتنتصر في معركتها على طريقة شهرزاد.
كل بلد فرنكفوني هنا، يحاول تحت راية اللغة الفرنسية، وتحت مظلتها، أن يروج لثقافته وللغته الخاصة أيضا.
الفرنكفونية منفتحة، وتشرع أبوابها للثقافات، هذا ما يحاول أن يقوله الفرنسيون كل سنة، ليقدموا بضاعتهم الأدبية والفكرية من باب بيروت إلى العالم العربي. عدد من الكتب العربية تمت ترجمتها إلى الفرنسية، يمكن للقارئ أن يتعرف عليها في المعرض، منها ترجمة صدرت بحلة فنية أنيقة جدا، لشعر أبي القاسم الشابي، الذي عادت، بفضل الثورات العربية، أبياته الحماسية لتصدر المشهد، وهناك ترجمة عمل عليها المستشرق الكبير أندريه ميكيل، أصبحت في متناول القارئ الفرنسي لديوان قيس بن الملوح «مجنون ليلى» صادرة عن «دار سندباد». ميكيل بعد أن اكتفى في السابق بترجمة مقاطع من هذا الديوان الجميل، ها هو يعود إليه ليكمل ترجمته ويتحف به مواطنيه. يلاحظ أيضا في المعرض غزارة الكتب التي تتحدث عن المستجدات العربية، وما طرأ على المنطقة بعد هبوب رياح الثورات. قد لا يكون هذا أكثر ما يحتاجه اللبناني الغارق في نشرات الأخبار ومتابعة الأحداث السياسية، بقدر ما بات يأتي إلى هذا المعرض للانقلاب على أفكاره والاطلاع على العالم من وجهة نظر مختلفة. ربما لهذا اختار جناح «مكتبة أنطوان» لنفسه هذه السنة شعارا كتبه بالخط العريض يقول: «القراءة تضر بالبلاهة»، فيما علقت مكتبة «لو بوان» لافتة تروج من خلالها للكتب تقول: «الكتاب لا يلتقط أبدا الفيروسات اللعينة التي يمكن أن يصاب بها كومبيوترك».
خُصص المعرض لطلاب المدارس، نشاطات في الرسم واللعب والأحاجي والمسابقات، وعلى المنصة التي تتوسط صالة العرض تتوالى يوميا الندوات واللقاءات التي تتناول الصحافة، والأدب، واللغة الفرنسية، كما القضايا الراهنة، وضمن البرمجة أيضا ألعاب للكبار مدارها اللغة الفرنسية وتراكيبها ومفرداتها. هذه السنة، يخصص المعرض جزءا من نشاطاته للاحتفال بمئوية الحرب العالمية الأولى، وانعكاساتها على لبنان والمنطقة العربية. الكتب الفنية خُصص لها جناح خاص، وحفلات التوقيع لا تتوقف، كما يستقبل المعرض هذه السنة عشرات الكتّاب الفرنسيين والمترجمين إلى الفرنسية، بينهم من بات لقاؤهم سنويا، مثل فينوس خوري غاتا، أو ألكسندر نجار، ومنهم يطلون للمرة الأولى، والعديد منهم لبنانيون يقيمون في لبنان، مثل إلياس خوري وجبور الدويهي. ضمن برنامج المعرض محاضرات، وندوات، وطاولات مستديرة، وأكثر من 200 موعد لكتّاب فرنكفونيين يلتقون جمهورهم لتوقيع كتبهم، بين هؤلاء 10 كتاب من الجيل الجديد. وللسنة الثانية يستقبل المعرض جناحا للناشرين العرب يعرضون كتبا مترجمة من الفرنسية إلى العربية.
إلى جانب جائزة «فينيكس» التي باتت تقليدا سنويا أُطلقت هذه السنة جائزة «ناديا تويني» للشعر، وبدأت جائزة «لائحة غونكور- خيار الشرق» تأخذ مكانها أيضا، إذ إن لجنة تحكيم من 26 طالبا جامعيا من بلدان عربية مختلفة، هي فلسطين، ولبنان، وسوريا، ومصر، واليمن، وجيبوتي، والعراق، والسودان، والإمارات، يختارون سنويا أحد العناوين التي وصلت إلى اللائحة الثانية قبل الفوز النهائي بجائزة الغونكور، ليقرروا رابحا مختلفا عن ذاك الذي نال الجائزة الرسمية.
«معرض الكتاب الفرنكفوني في بيروت» مستمر رغم الطقس العاصف، والأمن الهش، وبحفاوة كبيرة حتى الـ9 من الشهر الحالي.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.