قطاع التمويل والتقسيط السعودي ينمو بـ20 % ويقفز فوق الـ10 مليارات دولار

السناني: غياب المرجعية وارتفاع تكلفة التمويل أهم التحديات

قطاع التمويل والتقسيط السعودي ينمو بـ20 % ويقفز فوق الـ10 مليارات دولار
TT

قطاع التمويل والتقسيط السعودي ينمو بـ20 % ويقفز فوق الـ10 مليارات دولار

قطاع التمويل والتقسيط السعودي ينمو بـ20 % ويقفز فوق الـ10 مليارات دولار

كشفت اللجنة الوطنية السعودية لشركات التمويل والتقسيط لـ«الشرق الأوسط» عن أن القطاع يحقق نسبة نمو بمعدل سنوي يتراوح بين 15 و20 في المائة على مدى الـ6 أعوام الماضية، مع توقعات باستمرارها لعدة أعوام مقبلة. وقال خالد السناني، رئيس لجنة شركات التمويل والتقسيط بمجلس الغرف السعودية: «إن القطاع ينمو بتوسع كبير، حيث يقدر حجمه بأكثر من 40 مليار ريال (10.6 مليار دولار) في ظل صدور الأنظمة ومنح الكثير من الشركات الترخيص»، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 70 شركة جديدة تتقدم لمنحها الترخيص.
وأضاف: «أما الآن فإن حجم السلع المعمرة في السوق السعودية لا يقل عن 50 في المائة من جملة السلع في المملكة وحتى في خارجها، في ظل التسهيلات التي تمنح للفرد لتحسين مستوى المعيشة»، مشيرا إلى أن اللجنة بصدد تمكين الكثير من الأفراد للحصول على منتجات معمرة من السيارات وغيرها.
وقال رئيس اللجنة: «على مدى فترة ننادي بأن تكون هناك مرجعية لهذا القطاع، غير أنه مؤخرا بعد صدور أنظمة التأجير والتمويل من مؤسسة النقل الأخيرة، أصبحت هناك مظلة نظامية صارت لديها اشتراطات معينة من أجل ممارسة عملها بشكل مرتب»، مشيرا إلى أن قطاع التقسيط والتمويل كان قطاعا ثانويا وغير مراقب وليست له مرجعية.
من جهة أخرى، أكد رئيس اللجنة الوطنية لشركات التقسيط والتمويل، أنه في ما يتعلق بالتمويل الشخصي في البنوك فإنه يتجاوز الآن الـ120 مليارا (32 مليار دولار)، مشددا على أهمية التمويل الشخصي في حياة الفرد وفي اقتصاد البلد أيضا، مشيرا إلى أنه حاليا ما بين 70 و80 في المائة من السيارات في السعودية تباع بالتقسيط.
وأقر بأن هناك حزمة من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع، أولها: الحاجة الماسة لعملية تنظيم العلاقة بين الممول والمستفيد من التمويل، مبينا أنها غير منظمة بشكل جيد، مشيرا إلى أن هناك تشريعات وإجراءات كثيرة تدخل فيها جهات كثيرة منها وزارة الداخلية ووزارة العدل.
ولفت السناني إلى أن هناك تحديات أخرى تواجه القطاع، منها: عدم وجود مرجعية نظامية في ظل بعض الممارسات التي تؤثر سلبا على المقترضين، فبعضهم يرى أن هناك إجحافا في تكلفة التمويل وأنها أعلى مما يفترض في حالة عندما تكون السوق مفتوحة، وهناك شفافية وجهة رقابية.
يشار إلى أن مجلس الغرف السعودية شكل لجنة وطنية متخصصة لشركات التمويل والتقسيط بالمملكة، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة قطاع التمويل والتقسيط وتعزيزا لأهميته في عملية التنمية الاقتصادية والمجتمعية.
وعقدت اللجنة الوليدة أول اجتماع لها بمقر مجلس الغرف السعودية جرى خلاله انتخاب خالد السناني رئيسا للجنة، حيث جرى استعراض ومناقشة توجهات وعمل اللجنة لخدمة قطاع شركات التمويل والتقسيط والمستثمرين فيه من رجال الأعمال السعوديين.
وتعهدت اللجنة في دورتها الجديدة ببذل جهد للارتقاء بعملها وتحقيق مزيد من المكاسب لقطاع شركات التمويل والتقسيط بالسعودية، والعمل على تذليل الصعوبات التي تواجه هذا القطاع وتعيق الاستثمار فيه وتؤثر على مساهمته في التنمية الاقتصادية.
ونوه السناني بتعاظم دور قطاع التمويل والتقسيط في ظل التطور الاقتصادي الكبير الذي تشهده السعودية وحاجة الأفراد والمؤسسات للتمويل، مشيرا لما شهده القطاع من نمو وتطور مطرد في حجمه وخدماته خلال السنوات الماضية، لافتا للدور المأمول في قطاع التمويل لتوفير الوظائف للمواطنين نظرا لكبر حجمه.
ودعا كل المستثمرين السعوديين في مجال شركات التمويل والتقسيط للانضمام للجنة لرفدها بالأفكار والمقترحات التطويرية التي تساعد على النهوض بهذا القطاع وتعزيزه كتكتل يخدم شركات التمويل والتقسيط، وكذلك الاستفادة من الخدمات المختلفة التي ستقدمها اللجنة لأعضائها من المستثمرين.



هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
TT

هل تصبح فرنسا «اليونان الجديدة» في منطقة اليورو؟

أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)
أشخاص يسيرون بالقرب من برج إيفل في باريس (رويترز)

تواجه فرنسا في الوقت الراهن تحديات اقتصادية وسياسية معقدة، تتمثل في ارتفاع معدلات الدين العام وتزايد عدم الاستقرار السياسي، مما يهدد استقرارها الداخلي ويثير القلق بشأن انعكاسات هذه الأوضاع على منطقة اليورو بشكل عام. تأتي هذه الأزمات في وقت بالغ الأهمية، حيث يمر الاتحاد الأوروبي بفترة تحول حاسمة بعد تبعات الأزمة المالية العالمية، مما يطرح تساؤلات حقيقية حول قدرة الدول الأعضاء على مواجهة الأزمات الاقتصادية المقبلة. في خضم هذه التطورات، تظل فرنسا محط الأنظار، إذ يتعرض نظامها السياسي للشلل بينما يتصاعد العجز المالي. فهل ستتمكن باريس من تجنب مصير الدول التي شهدت أزمات مالية مدمرة؟ وما الدروس التي يمكن لفرنسا الاستفادة منها لضمان استدامة الاستقرار الاقتصادي في المستقبل؟

تتجاوز ديون فرنسا اليوم 110 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت تكلفة اقتراضها مؤخراً مستويات تفوق تلك التي سجلتها اليونان. ويوم الجمعة، توقعت «موديز» أن تكون المالية العامة لفرنسا أضعف بشكل ملموس خلال السنوات الثلاث المقبلة، مقارنة بالسيناريو الأساسي الذي وضعته في أكتوبر (تشرين الأول) 2024. هذه المعطيات أثارت مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الأوضاع الشرارة التي قد تؤدي إلى أزمة جديدة في منطقة اليورو. ومع ذلك، عند مقارنة حالة الاتحاد الأوروبي في ذروة الأزمة المالية العالمية، حين كان يواجه خطر التفكك الكامل، مع الوضع الراهن، تتضح الفروق الجوهرية، حيث يظهر الوضع الحالي قدرة الاتحاد على الصمود بشكل أكبر بكثير، مما يعكس قوة أكثر استقراراً وصلابة في مواجهة التحديات الاقتصادية، وفق «رويترز».

وبعد انهيار حكومتها الهشة في أوائل ديسمبر (كانون الأول)، توجد فرنسا حالياً في دائرة الضوء. فقد أدت الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت في يوليو (تموز) إلى انقسام الجمعية الوطنية، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في البلاد. وفي مسعى لتشكيل حكومة قادرة على استعادة الاستقرار، عيّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السياسي المخضرم ميشيل بارنييه رئيساً للوزراء بعد الانتخابات، على أمل بناء إدارة مستدامة. لكن التوترات بين الحكومة والبرلمان اندلعت عندما دعا بارنييه إلى خفض الموازنة للحد من العجز المتوقع، والذي قد يصل إلى 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. وقد أدى هذا إلى تجمع أعضاء البرلمان من مختلف الأطياف السياسية لرفض الموازنة، وكان التصويت بحجب الثقة الذي أدى إلى إقالة بارنييه هو الأول من نوعه منذ عام 1962.

وأثناء تطور هذه الأحداث، ارتفعت عوائد السندات الفرنسية لأجل عشر سنوات بشكل مؤقت إلى مستويات أعلى من نظيرتها اليونانية، مما أثار المخاوف من أن فرنسا قد تصبح «اليونان الجديدة». ومع ذلك، إذا تم النظر إلى ما حدث في اليونان في عام 2012، عندما وصلت عوائد سنداتها لأجل عشر سنوات إلى أكثر من 35 في المائة، يلاحظ أن الوضع اليوم مختلف بشكل جذري. ففي الوقت الراهن، تقل عوائد السندات اليونانية عن 3 في المائة، مما يعني أن العوائد الفرنسية قد ارتفعت بأقل من 60 نقطة أساس خلال العام الماضي لتصل إلى مستويات مماثلة.

ومن خلال تحليل التغييرات في عوائد السندات في منطقة اليورو خلال السنوات الأخيرة، يتضح أن اليونان قد نجحت في تحسين وضعها المالي بشكل ملحوظ، في حين أن فرنسا شهدت تدهوراً طفيفاً نسبياً.

قصة التحول: اليونان

بعد أن اجتاحت الأزمة المالية العالمية أوروبا في أواخر العقد الأول من الألفية، تعرضت اليونان لمحنة مالية شديدة، حيث تكشفت حقيقة الوضع المالي للبلاد، وارتفعت تكاليف ديونها بشكل كبير. وفي إطار استجابة لهذه الأزمة، حصلت اليونان على حزم إنقاذ من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي مقابل تنفيذ حزمة من الإجراءات التقشفية القاسية. ونتيجة لذلك، دخلت اليونان في ركود اقتصادي طويل دام لعقد من الزمن، بينما تعرضت لعدة فترات من عدم الاستقرار السياسي.

لكن الحكومة الحالية التي تنتمي إلى التيار الوسطي - اليميني نجحت في استعادة بعض الاستقرار الاقتصادي، حيث تمكنت من تحقيق فائض أولي في الموازنة، وهو ما مكنها من تقليص عبء الديون الضخم. كما شهد الاقتصاد اليوناني نمواً بنسبة 2 في المائة العام الماضي، وهو ما يعد تحسناً ملموساً.

ورغم أن فرنسا قد تحتاج إلى جرعة من العلاج المالي ذاته، فإنها تبدأ من نقطة انطلاق أقوى بكثير من اليونان. فاقتصاد فرنسا أكثر تطوراً وتنوعاً، ويبلغ حجمه أكثر من عشرة أضعاف الاقتصاد اليوناني. كما أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتنغ» قبل أسبوعين تصنيف فرنسا الائتماني، مع التوقعات بأن تواصل البلاد جهودها في تقليص العجز في الموازنة. وأشارت الوكالة إلى أن «فرنسا تظل اقتصاداً متوازناً، منفتحاً، غنياً، ومتنوعاً، مع تجمع محلي عميق من المدخرات الخاصة»، وهو ما يعزز موقفها المالي.

الأمر الأكثر أهمية هنا هو أنه حتى في حال قرر المستثمرون الدوليون سحب أموالهم - وهو ما لا يوجد أي مؤشر على حدوثه - فإن فرنسا تملك إمداداً كبيراً من الأموال المحلية، يُمكِّنها من سد الفجوة المالية المتزايدة.

فعل كل ما يلزم

على الرغم من أن منطقة اليورو لا تزال تشهد تطوراً غير مكتمل، فإنه من المهم الإشارة إلى كيفية تعزيز النظام المصرفي في المنطقة منذ الأزمة المالية العالمية. كما ينبغي تذكر كيف أثبت البنك المركزي الأوروبي مراراً استعداده وقدرته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع الأزمات المالية في المنطقة. إلا أن ذلك لا يعني أن صانعي السياسات في باريس أو العواصم الأوروبية الأخرى يشعرون بتفاؤل مطلق بشأن التوقعات الاقتصادية للاتحاد.

ففي العديد من الجوانب، تبدو التحديات الاقتصادية التي تواجه فرنسا أقل حدة، مقارنة بتلك التي تواجهها ألمانيا، التي تعرضت حكومتها هي الأخرى لهزة قوية مؤخراً. ويعاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو من تداعيات سنوات طويلة من نقص الاستثمارات، حيث يواجه قطاعها الصناعي القوي سابقاً صعوبات حقيقية في التعافي. كما أن منطقة اليورو، التي شهدت تباطؤاً ملحوظاً في نمو إنتاجيتها، مقارنة بالولايات المتحدة على مدار السنوات الماضية، تواجه الآن تهديدات كبيرة بسبب الرسوم الجمركية التي قد تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب.

لكن هذه التهديدات التجارية قد تكون هي التي تدفع الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة كبيرة أخرى في تطوره الاقتصادي. فالتاريخ يثبت أن الاتحاد يتخذ خطوات حاسمة عندما يُدفع إلى الزاوية. وفي وقت سابق، قدم ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، خطة لإصلاحات اقتصادية طال انتظارها، داعياً إلى استثمار إضافي قدره 800 مليار يورو سنوياً من قبل الاتحاد الأوروبي.

وقد لاقت هذه الخطة دعماً واسعاً من المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، حتى أن رئيس البنك المركزي الألماني، المعروف بتوجهاته المتشددة، دعا إلى تخفيف القيود على الإنفاق في ألمانيا. وإذا أسفرت الانتخابات في ألمانيا وفرنسا عن حكومات أقوى العام المقبل، فقد يُتذكر عام 2025 ليس بوصفه بداية لأزمة جديدة في منطقة اليورو، بل بوصفه عاماً شهدت فيه المنطقة اتخاذ خطوة كبيرة نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.