استمرار المعارك في بنغازي.. وطرابلس تنتقد المجتمع الدولي وتطالبه بدعم الجيش

رئيس الحكومة الانتقالية يحمل المجتمع الدولي مسؤولية تدهور الأوضاع

استمرار المعارك في بنغازي.. وطرابلس تنتقد المجتمع الدولي وتطالبه بدعم الجيش
TT

استمرار المعارك في بنغازي.. وطرابلس تنتقد المجتمع الدولي وتطالبه بدعم الجيش

استمرار المعارك في بنغازي.. وطرابلس تنتقد المجتمع الدولي وتطالبه بدعم الجيش

خاضت قوات الجيش الليبي، أمس، معارك شرسة و«حرب شوارع» لليوم الخامس على التوالي دون توقف ضد الجماعات الإرهابية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، بينما شنت السلطات الليبية، التي أبدت امتعاضها من بيان لـ5 حكومات غربية والولايات المتحدة، هجوما مضادا، واتهمت المجتمع الدولي بالمساواة بين الجيش الليبي والإرهابيين، في المعارك العسكرية الدائرة حاليا في عدة مناطق متفرقة بالبلاد.
وقالت مصادر عسكرية وسكان في بنغازي لـ«الشرق الأوسط» إن سلاح الطيران الليبي شن سلسة غارات على مواقع تابعة لتنظيم أنصار الشريعة، وما يُسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي، في منطقتي القوارشة وقنفودة.
وقال سكان محليون إن الجيش المدعوم بمدنيين من أبناء بنغازي ما زال يحقق انتصارات ميدانية في مواجهة الجماعات المتطرفة، لكنه لم يبسط بعد سيطرته بشكل كامل على مختلف أنحاء المدينة.
وقال مسؤول عسكري إن مقاتلات سلاح الجو الليبي قصفت أيضا موكبا مكونا من سيارات رباعية الدفع المسلحة كان مقبلا إلى مدينة بنغازي من الجهة الغربية.
وكشفت القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات) التي يقودها العقيد ونيس بوخمادة التابعة للجيش الليبي، النقاب عن أن المعلومات الواردة إليها من داخل الجماعات الإرهابية المارقة تفيد بأنهم بصدد تجهيز سيارات مفخخة لتفجيرها الليلة الماضية داخل المناطق المنتفضة في مدينة بنغازي.
ونبهت القوات الخاصة في صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) «شباب مدينة بنغازي بالحذر عند استيقاف أي مركبة بأخذ مسافة آمنة منها، تحسبا للأعمال الانتحارية، وهذا وارد».
إلى ذلك، استهدف مجهول منزل اللواء خليفة حفتر قائد قوات الجيش الليبي بمنطقة الزيتون في بنغازي، بعدما ألقى بحقيبة متفجرات بالقرب منه، مما أدى إلى إصابة سيدة وابنتها كانتا تمران في عين المكان بجروح طفيفة.
وقالت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يعد يقيم في هذا المنزل منذ أن أعلن عن انطلاق عملية الكرامة تحت قيادته بهدف تنظيف ليبيا من الإخوان المسلمين والجماعات المتشددة المتحالف معهم في شهر مارس (آذار) الماضي.
وطبقا لما أعلنه مصدر في مركز بنغازي الطبي، فقد تسلم المركز أمس 3 جثث من قبل فريق البحث وانتشال الجثث في جمعية الهلال الأحمر الليبية، بعد أن عثر عليها اليوم في أماكن متفرقة من المدينة.
وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن «من بين القتلى عمر أمسيب المشيطي منسق ومدير اللجنة الوطنية لإغاثة ودعم النازحين بليبيا، الذي اختطف الثلاثاء الماضي من أمام بيته، في منطقة القوارشة غرب بنغازي».
وأشار إلى أن «المشيطي تعرض لإطلاق نار في أماكن متفرقة من جسده»، لافتا إلى أن «القتيلين الآخرين اللذين جرى تسلم جثتيهما تعرضتا أيضا لإطلاق نار، ولا تزالان مجهولتي الهوية».
وارتفعت بذلك حصيلة القتلى بعد الهجوم الذي بدأه اللواء حفتر يوم الأربعاء الماضي على الميليشيات الإسلامية إلى 69 قتيلا على الأقل، وفقا لمصادر طبية متعددة.
من جهة أخرى، عد فرج بوهاشم الناطق الرسمي مجلس النواب الليبي في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من مقر المجلس في مدينة طبرق بأقصى شرق ليبيا، أن حديث الغرب والولايات المتحدة عن الوضع العسكري والسياسي في ليبيا ينم عن الجهل السياسي وعدم الفهم، ورأى أن العمليات العسكرية الدائرة في ليبيا حاليا هي بين قوات الجيش الليبي والميليشيات الإرهابية، في إطار الحرب على الإرهاب.
وبعدما أعرب عن أمله في دعم المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش الليبي، وعدم المساواة بينه وبين الإرهابيين، أكد بوهشام على أن «حربنا على الإرهاب نخوضها فرادى نيابة عن المجتمع الدولي، ويقوم بها الجيش الليبي بجميع أركانه، بما فيها سلاح الجو».
وتابع: «باعتبارنا نمثل الشعب الليبي والجهة الشرعية في البلاد، نأمل دعم المؤسسة العسكرية الليبية ضد الميلشيات الإرهابية التي نحاربها بالنيابة عن العالم بأسره».
من جهته، حمل رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله الثني، المجتمع الدولي مسؤولية تدهور الوضع في ليبيا، ورأى أن «هناك تغاضيا من القوى الدولية عن دعم الحكومة الليبية».
ولفت إلى أن نداءات وقف إطلاق النار التي أطلقها المجتمع الدولي جاءت متأخرة، وكان يجب أن تكون منذ بدأت الأحداث في البلاد».
وأعلن أن حكومته منفتحة على أي حوار شريطة أن تسلم المجموعات الإرهابية، التي لا تعترف بسلطة الدولة والبرلمان، أسلحتها، وتخضع لسيادة الدولة»، مشيرا إلى أنه طلب من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، في وقت سابق، دعم الوصول لوقف فوري للمعارك بين الجيش الليبي والجماعات المسلحة.
ونفي الثني مجددا مزاعم عن تدخل مصر والإمارات في شؤون ليبيا الداخلية، وعد أن ما في هذا الإطار مجرد افتراءات وشائعات من جماعة ما يُسمى بـ«فجر ليبيا».
وأوضح أن هذه الجماعة التي تضم مقاتلين من مصراتة وحلفائها المتشددين، تهدف للإساءة إلى العلاقات التاريخية بين ليبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة.
وأضاف: «الطيران المصري والإماراتي لم يقصفا أهدافا في مدينة بنغازي بشرق البلاد»، مؤكدا أن مصر والإمارات يسعيان لاستقرار الأوضاع في ليبيا من دون التدخل في شؤونها الداخلية.
وكانت حكومات فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة قد دعت، في بيان مشترك، مساء أول من أمس، إلى وقف العنف في ليبيا، وقالت إنها «تتفق على عدم وجود حل عسكري للأزمة الليبية»، وأبدت قلقها لعدم احترام دعوات لوقف إطلاق النار.
وأبدى البيان المشترك قلقا من هجوم اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، مشيرا إلى أنه «لا يمكن معالجة قتال (ليبيا) ضد المنظمات الإرهابية بشكل دائم إلا من خلال قوات مسلحة نظامية تحت سيطرة سلطة مركزية».
وأمام ضعف الحكومة الانتقالية، شن اللواء حفتر، الذي شارك في الثورة على القذافي، هجوما على الميليشيات التي يصفها بأنها «إرهابية».
واتهمت السلطات الانتقالية اللواء حفتر حينها بمحاولة «انقلاب»، لكنها غيرت موقفها، خاصة بعد أن نال اللواء المتقاعد تأييد عدة وحدات من الجيش.
وأدانت أيضا الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون الـ4 تنظيم أنصار الشريعة، وقالوا إن «حرية ليبيا التي نالتها بشق الأنفس ستكون في خطر إذا سمح للجماعات الليبية والدولية الإرهابية باستخدام ليبيا ملاذا آمنا».
وهدد البيان بفرض عقوبات على الأفراد الذين «يهددون سلام أو استقرار أو أمن ليبيا، أو عرقلة أو تقويض العملية السياسية».
إلى ذلك، عاود مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني تكرار اتهاماته إلى مصر والإمارات بالتدخل السياسي والعسكري في الشؤون الليبية، واتهم، في تصريحات لقناة محلية، مساء أول من أمس، عبر الهاتف، من وصفهم بـ«حكومة وبرلمان طبرق»، باستعداء دول لعالم على الشعب الليبي الصغير العدد.
وأضاف: «سواء اعترفت مصر أو نفت، فلم يعد خافيا على أحد أن نوع القصف فكثافته تغيرت في الآونة الأخيرة بصورة لا تتناسب مع إمكانيات الطائرات الليبية القليلة والمتواضعة».
وقال في تهديد مبطن: «لا شك أن هذا عمل طائش ستندم عليه الحكومتان المصرية والإماراتية»، كما حث أنصاره على الخروج بشكل مستمر في مظاهرات.
وجاءت تصريحات المفتي في وقت يستعد فيه مجلس النواب لإقالته وإحالته للتحقيق بتهمة الإساءة إلى مصالح الشعب الليبي واتخاذ مواقف سياسية من شأنها الإضرار بسلامة البلاد ووحدة أراضيها.
وقال أعضاء في المجلس لـ«الشرق الأوسط» إنهم سيبحثون قرار إقالة المفتي في أقرب وقت ممكن، ولفتوا إلى احتمال صدور قرار بإلغاء دار الإفتاء، وتحويلها إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
وكشف الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي النقاب عن أن البرلمان المنتخب لن يكتفي بإقالة المفتي من منصبه، بل يعتزم إحالته للتحقيق. وتابع: «هذا المفتن لا يعبر عن ليبيا وشعبها. إنه ينحرف بشكل واضح جدا بعيدا عن ديننا الإسلامي الحنيف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.