بدء عملية عسكرية في تكريت والرمادي بغطاء جوي أميركي

السيستاني يحث عشائر الأنبار على الثقة بقدرات الجيش

أفراد ميليشيا سرايا السلام الشيعية التابعة للتيار الصدري تتجه أمس إلى غرب بغداد (رويترز)
أفراد ميليشيا سرايا السلام الشيعية التابعة للتيار الصدري تتجه أمس إلى غرب بغداد (رويترز)
TT

بدء عملية عسكرية في تكريت والرمادي بغطاء جوي أميركي

أفراد ميليشيا سرايا السلام الشيعية التابعة للتيار الصدري تتجه أمس إلى غرب بغداد (رويترز)
أفراد ميليشيا سرايا السلام الشيعية التابعة للتيار الصدري تتجه أمس إلى غرب بغداد (رويترز)

في الوقت الذي جدد فيه رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي رفضه دخول أي قوات برية أجنبية إلى محافظة الأنبار فقد حث المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني عشائر الرمادي على الاقتداء بآمرلي والضلوعية في مواجهة الجماعات المسلحة. وقال العبادي لوفد من مجلس محافظة الأنبار ونوابها إن «الحكومة العراقية ترفض أي تدخل لقوات برية أجنبية، لأن القوات الأمنية العراقية كافية لمواجهة داعش».
وقال بيان لمكتب العبادي أثناء استقباله وفدا من نواب الأنبار ومجلس محافظتها إن العبادي دعا أهالي المحافظة إلى أن يتعاونوا «مع القوات الأمنية، وإحداث ثورة ضد عصابات داعش الإرهابية». وأضاف البيان أن «المناطق التي استولت عليها عصابات داعش، بالإمكان تحريرها بتعاون القوات الأمنية مع أبناء المحافظة وعشائرها».
يأتي ذلك عشية بدء عملية عسكرية ضد تنظيم داعش في كل من محافظتي صلاح الدين والأنبار. وفي هذا السياق أبلغ قائد عسكري عراقي «الشرق الأوسط» أن «القيادة العسكرية وضعت خطة بمشاركة الخبراء الأميركان للبدء بعملية عسكرية واسعة النطاق تستهدف المناطق التي تقع حاليا تحت سيطرة عصابات داعش في كل من تكريت والرمادي بعد أن جرى تهيئة كافة المستلزمات الخاصة بذلك».
وأضاف القائد العسكري الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه وهويته أنه «بعد استراحة للقطعات العسكرية لمدة 3 أيام وهو ما عمل تنظيم داعش على استغلاله بطريقة أراد من خلالها بذر الرعب والخوف في نفوس المواطنين من خلال نشر شائعات هي محض كذب صريح مثل الاقتراب من مطار بغداد أو الاستيلاء على عامرية الفلوجة وغيرها من الأساليب»، كاشفا في الوقت نفسه أن «تنظيم داعش ومن خلال تحريك مجاميع صغيرة من الخلايا النائمة في بعض المناطق وذلك إما القيام بهجوم تعرضي على منطقة ما مثلما ما حصل مساء أول من أمس في منطقة اللطيفية واليوسفية بما يوحي أنهم قاموا بقطع الطرق المؤدية إلى بغداد من الرمادي أو محاولة رمي بعض قذائف الهاون في أكثر من منطقة للإيحاء بأنهم بدأوا يقتربون منطلقين في ذلك من أنهم يمكن أن يكرروا سيناريو الموصل وتكريت في بغداد».
وأكد القائد العسكري أن «التعزيزات بدأت بالوصول إلى بعض المناطق المتاخمة لخط التماس مع العدو وأن هناك تعاونا جيدا سواء على صعيد المعلومات الاستخبارية أو لجهة التعاون مع عشائر تلك المناطق».
وفي هذا السياق أكد عضو مجلس العشائر المنتفضة ضد «داعش» والمؤيدة للحكومة فارس إبراهيم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عشائر الأنبار تريد فعلا حكوميا على الأرض وليس مجرد كلام لأننا قدمنا كل ما لدينا في سبيل حماية المحافظة ولكن المشكلة تكمن في عدم وجود دعم كاف من قبل الحكومة سواء للقطعات العسكرية الموجودة في عموم المحافظة أو على صعيد عمليات التسليح». وأضاف أن «هناك مسألة لا بد من إدراكها وهي أن محافظة الأنبار تشكل ثلث مساحة العراق وبالتالي فإنه إذا كانت الموصل أو تكريت أو ديالى تحتاج إلى عدد من القطعات العسكرية فإن الأنبار تحتاج إلى ضعفها جميعا بسبب سعة المساحة وتداخل الحواضن هناك رغم التكاتف العشائري المؤيد للحكومة»، نافيا «رغبة أهالي الأنبار بدخول قوات أجنبية إلى البلاد».
وبينما أعلن محافظ صلاح الدين رائد الجبوري عن البدء بتحرير قرية المحزم بين تكريت وبيجي من سيطرة «داعش»، ضمن حملة عسكرية واسعة بدأت لتحرير مناطق شمالي تكريت وقضاء بيجي، من تنظيم «داعش»، بغطاء جوي عراقي وأميركي. فقد أفاد مصدر في قيادة عمليات الأنبار، بأن تعزيزات عسكرية وقتالية وصلت إلى ناحية عامرية الفلوجة جنوبي مدينة الفلوجة (62 كلم غرب بغداد)، لفك حصار تنظيم داعش عن المناطق السكنية والطرق الرئيسة في الناحية.
من جهته حذر ممثل المرجعية الدينية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي من الحملة الإعلامية التي تطلقها بعض وسائل الإعلام والتي تشير إلى أن بغداد وبعض المدن المجاورة لها مهددة بالسقوط بيد «الإرهاب»، ودعا أبناء عشائر المناطق الغربية إلى «الاقتداء» بآمرلي والضلوعية لمواجهة المجاميع المسلحة. وقال الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء إن «من الخطأ التصور بأن تحرير الأرض وطرد الإرهابيين هو في الاعتماد على الغير، وهذا لا يعني عدم الاستفادة من مساعدة الدول الصديقة، لكن لا بد أن يكون الاعتماد الأساس على العراقيين». وأوضح الكربلائي أن «أبناء آمرلي والضلوعية صمدوا وحققوا النصر رغم حصار الإرهابيين لهم وقلة الأسلحة والذخيرة والمؤن لديهم ولا بد من الاقتداء بهم»، مطالبا القوات العراقية والمتطوعين وأبناء العشائر في المناطق الغربية بأن «يعقدوا العزم وأن يثقوا بأنفسهم وبالقوات العراقية ويهزموا الإرهاب والصبر والصمود والثقة بالنصر وألا تكون معاناتهم مدعاة للتراجع والإحباط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».