جائزة {بوكر مان 14} البريطانية للأسترالي فلاناغان روائي «الحب والحرب»

قرر قبل فوزه اعتزال الكتابة والعمل في المناجم

فلاناغان يحمل روايته الفائزة في احتفال أمس
فلاناغان يحمل روايته الفائزة في احتفال أمس
TT

جائزة {بوكر مان 14} البريطانية للأسترالي فلاناغان روائي «الحب والحرب»

فلاناغان يحمل روايته الفائزة في احتفال أمس
فلاناغان يحمل روايته الفائزة في احتفال أمس

إنها الدورة الأولى لجائزة بوكر مان بعد التغييرات التي أدخلت على نظامها الداخلي، فجرى توسيع جغرافيتها فشملت بلدانا مثل تايلاند، وإيطاليا، وكالكوتا، التي رشح كتاب منها للقائمة الطويلة والقصيرة، والتي أثارت اعتراضات واسعة. وكانت النتيجة التي أعلنت ليلة أمس في احتفال نظمته لجنة الجائزة في العاصمة البريطانية، فوز الكاتب الأسترالي ريتشارد فلاناغان عن روايته «الطريق الضيق إلى عمق الشمال»، وهكذا بقيت الجائزة ضمن دول الكومنولث.
عنوان الرواية «الطريق الضيق إلى عمق الشمال»، مستوحى من هايكو للشاعر الياباني الشهير باشوا، وهي تدور حول تجربة طبيب جراح، دوريغو إفانس، جرى أسره أثناء الحرب العالمية الثانية في معسكر ياباني. ويصبح هذا الأسير بطلا وطنيا في أستراليا بعد مواجهاته البطولية مع آسريه اليابانيين. وهناك يقابل فتاة «ذات عيون متوهجة»، اسمها آمي، لكنه كان حبا مستحيلا، بسب الحرب «التي تضغط عليهما، تعيقهما، تحطمهما». لكن دوريغو، بعد مرور زمن على الاحتفالات الصاخبة ونسيان الناس له، سيجد نفسه وحيدا مع ذكرياته، مسترجعا تلك الأحداث الرهيبة التي مر بها مع رفاقه الأسرى، متحسرا على أن «الجلادين لم يحاسبهم أحد، وفلتوا بجرائمهم»، غير أنه سيترفع عن زمنية تلك الأحداث وأمكنتها، طارحا أسئلته الكبرى حول الحياة والوجود والعنف والحضارة التي أنتجت العنف، لكنه أصبح أكبر منها. صحيح، إن الحرب انتهت بالنسبة دوريغو بالمعنى العسكري، وأغلق معسكر الاعتقال الياباني، لكنهما مستمران على المستوى الذهني والنفسي، والضحايا لم يتعافوا، ولن يتعافوا قط، ولكنهم لم يهزموا، وسيترفعون بقوة الروح والتأمل إلى ما فوق مستوى الفجيعة التي صنعها الآخرون لهم. هذه هي رسالة الرواية، إذا صح التعبير. إنها دراسة في الطبيعة البشرية، بخيرها وشرها، أكثر من كونها رواية حول الحرب، وإن كانت تبدو كذلك من السطح.
وفلاناغان هنا يستلهم حياة أبيه، المهداة الرواية له. ارتشى فلاناغان، الذي وقع أسير حرب أثناء الحرب العالمية الثانية، وأجبر على العمل في مشروع سكة الحديد نفسه، الذي بات يعرف «سكة الموت»، وكان الغرض منها أن تربط بين بورما وتايلاند. ومن المفارقة، أن الأب الذي نجا من الحرب، مات عن 98 عاما، بعد يوم واحد من انتهاء ابنه من رواية قصته، بعد أن اتصل وتأكد من انتهاء الرواية، كما يذكر فلاناغان نفسه.
وبهذا يكون فلاناغان قد انتزع الجائزة من البريطاني هاوارد جاكوبسون، وهو صحافي يعمل في جريدة «الإندبندت» البريطانية، وكان مرشحا بقوة للفوز بها عن روايته «جي»، الصادرة عن دار جوناثان كيب، بالإضافة إلى روائيين من أميركا هما: جوشوا فريس عن روايته «لكي تنهض ثانية في وقت ملائم»، الصادرة عن دار «فايكنغ» البريطانية، والروائية كارين جوي فولر عن روايتها «نحن تماما خارج السيطرة»، الصادرة عن «سيربنت تيل»، بلندن، ونيل موخرجي، عن روايته «حياة الآخرين»، تتشادو وويندوس، والروائية إلى سميث عن «كيف تكون كلاهما»، الصادرة عن هاميش هماملتون.
وهي المرة الثالثة التي يفوز بها كاتب أسترالي في تاريخ الجائزة الذي بدأ منذ نحو 64 عاما، بعد توماس كينيلي وبيتر كيري، الذي فاز بها مرتين.
والسؤال الآن، الذي يثار بعد إعلان كل جائزة كبرى، هل يستحق فلاناغان الجائزة؟ يقول عن نفسه بأنه ليس كاتبا جيدا، لكنه جيد في إعادة الكتابة. وبالفعل، أعاد كتابة روايته هذه 7 مرات، واستغرقت منه 11 عاما. ويذكر أنه كان قد قرر أن يترك الكتابة فعلا ويعمل في المناجم، بعد أن تملكه اليأس من إنجاز عمل مهم، وبسبب فقره أيضا، على الرغم من أنه حقق شهرة ملحوظة بعد إصداره روايتها الأولى «موت دليل نهري»، 1994، التي وصفها الملحق الأدبي لجريدة «التايمز» البريطانية في حينها بأنها «من أفضل الأعمال الأولى في الأدب الأسترالي». ولكنه نجح هذه المرة في تقديم رواية «تقطع الأنفاس»، كما عبر رئيس لجنة التحكيم الفيلسوف البريطاني إي سي غريلنغ. إنها رواية الحرب والحب، اللذين يرسمان منذ الأزل مصائرنا البشرية، ويتجاوزان حدود الزمن والجغرافيا. ومن هنا خاطب الرواية الإنسان أينما كان. فالتراجيديا التي تولدنا الحروب المجنونة، كالحرب العالمية الثانية التي تعكس أحداثها الرواية، من خلال ذلك المشروع السيئ الصيت، مشروع سكة حديد بورما - تايلاند الذي سخر اليابانيون أسرى الحرب لبنائه الحرب، لا تزال موجودة في كل مكان بأشكال مختلفة. الطريق الضيق هو الطريق نحو الجحيم، لكنه في الوقت نفسه، هو طريق الخلاص الإنساني، بمعنى أنه طريق يوحد المصائر الإنسانية، فوق الانتماء الوطنية والهويات المتصارعة، في كفاحها ضد الآثام التي يصنعها الإنسان لنفسه.
ومن المعروف، أن جائزة «بوكر مان» هي من أهم الجوائز العالمية المخصصة للرواية، على الرغم من قيمتها المادية المتواضعة نسبيا، إذ لا تبلغ سوى 50 ألف جنيه إسترليني، لكن قيمتها الأدبية كبيرة جدا، مما يحقق للفائزة أو الفائزة بها، وحتى المرشحين لها ضمن القائمة القصيرة، شهرة عالمية واسعة، وكذلك مبيعات جيدة في سوق الكتب.
ويبدو أن فلاناغان الفقير حقا كان سعيدا بشكل خاص بما ستوفره له الجائزة من اطمئنان مادي يساعده على الاستمرار في الكتابة كما قال.
ولد ريتشارد فلاناغان عام 1961، وتعود عائلته لأصول آيرلندية. ترك دراسته عام وعمره 16 عاما، لكنه درس لاحقا في جامعة تاسمانيا، حيث أصبح رئيسا لاتحاد الطلبة. نال درجة بكالوريوس في الآداب، لكنه درس لاحقا التاريخ، وحصل على درجة الماجستير. من رواياته الأخرى «صوت يد واحدة تصفق»، و«ونتيغ غولد بوك أوف فش».



«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين
TT

«كيركيغارد»... والحب المستحيل

ريجين أولسين
ريجين أولسين

كان أحدهم قد أطلق العبارة التالية: كيركيغارد فيلسوف كبير على بلد صغير الحجم. بمعنى أنه أكبر من البلد الذي أنجبه. وبالفعل، فإن شهرته أكبر من الدنمارك، التي لا يتجاوز عدد سكانها 5 ملايين نسمة، وبالطبع أكبر من اللغة الدنماركية المحدودة الانتشار جداً قياساً إلى لغات كبرى كالفرنسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية، ناهيك بالعربية. ولكن مؤلفاته أصبحت مترجمة إلى شتى لغات العالم. وبالتالي، لم تعد محصورة داخل جدران لغته الأصلية الصغيرة. لقد أصبحت ملكاً للعالم أجمع. هنا تكمن عظمة الترجمة وفائدتها. لا حضارة عظيمة من دون ترجمة عظيمة. والحضارة العربية التنويرية قادمة لا ريب، على أكتاف الترجمة والإبداع الذاتي في آنٍ معاً.

سورين كيركيغارد (1813 - 1855) هو مؤسس الفلسفة الوجودية المعاصرة، قبل هيدغر وسارتر بزمن طويل. إنه الممثل الأكبر للتيار الوجودي المسيحي المؤمن، لا المادي الملحد. كان كيركيغارد أحد كبار فلاسفة الدين في المسيحية، إضافة إلى برغسون وبول ريكور، مثلما أن ابن رشد وطه حسين ومحمد أركون هم من كبار فلاسفة الدين في الإسلام.

سورين كيركيغارد

لكن ليس عن هذا سأتحدث الآن، وإنما عن قصة حب كبيرة، وربما أكبر قصة حبّ ظهرت في الغرب، ولكن لا أحد يتحدث عنها أو يسمع بها في العالم العربي. سوف أتحدث عن قصة كيركيغارد مع الآنسة ريجين أولسين. كيف حصلت الأمور؟ كيف اشتعلت شرارة الحب، تلك الشرارة الخالدة التي تخترق العصور والأزمان وتنعش الحضارات؟ بكل بساطة، كان مدعواً إلى حفلة اجتماعية عند أحد الأصدقاء، وصادف أنها كانت مدعوة أيضاً. كانت صغيرة بريئة في الخامسة عشرة فقط، وهو في الخامسة والعشرين. فوقع في حبها على الفور من أول نظرة، وبالضربة القاضية. إنه الحب الصاعق الماحق الذي لا يسمح لك بأن تتنفس. ويبدو أنه كان شعوراً متبادلاً. وبعد 3 سنوات من اللقاءات والمراسلات المتبادلة، طلب يدها رسمياً فوافقت العائلة.

ولكنه صبيحة اليوم التالي استفاق على أمر عظيم. استفاق، مشوشاً مبلبلاً مرعوباً. راح ينتف شعر رأسه ويقول: يا إلهي، ماذا فعلت بنفسي؟ ماذا فعلت؟ لقد شعر بأنه ارتكب خطيئة لا تغتفر. فهو لم يخلق للزواج والإنجاب وتأسيس عائلة ومسؤوليات. إنه مشغول بأشياء أخرى، وينخر فيه قلق وجودي رهيب يكاد يكتسحه من الداخل اكتساحاً... فكيف يمكن له أن يرتكب حماقة كهذه؟ هذه جريمة بحقّ الأطفال الذين سوف يولدون وبحقّها هي أيضاً. ولذلك، فسخ الخطوبة قائلاً لها: أرجوك، إني عاجز عن القيام بواجبات الزوجية. أرجوك اعذريني.

ثم أردف قائلاً بينه وبين نفسه: لا يحق لي وأنا في مثل هذه الحالة أن أخرب حياة خطيبتي المفعمة بحب الحياة والأمل والمحبة، التي لا تعاني من أي مشكلة شخصية أو عقدة نفسية أو تساؤلات وجودية حارقة. وإنما هي إنسانة طبيعية كبقية البشر. أما أنا فإنسان مريض في العمق، ومرضي من النوع المستفحل العضال الذي لا علاج له ولا شفاء منه. وبالتالي، فواجب الشرف والأمانة يقتضي مني أن أدوس على قلبي وأنفصل عنها وكأني أنفصل عن روحي.

لكن عندما سمع بأنها تزوجت من شخص آخر جنّ جنونه وتقطعت نياط قلبه وهاجت عليه الذكريات. بل هرب من الدنمارك كلها لكيلا يسمع بالتفاصيل والتحضيرات وليلة العرس. هذا أكبر من طاقته على التحمل. وأصبح كالمجنون الهائم على وجهه في البراري والقفار. كيف يمكن أن يتخيلها مع رجل آخر؟ هل انطبقت السماء على الأرض؟ مجنون ليلى ما تعذب مثلنا.

الشيء المؤثر في هذه القصة هو أن خطيبته التي عاشت بعده 50 سنة تقريباً طلبت أن تدفن إلى جواره، لا إلى جوار زوجها الشرعي! فاجأ الخبر كثيرين. وكانت بذلك تريد أن تقول ما معناه: إذا كان القدر قد فرقني عنه في هذه الحياة الدنيا، فإني سألتحق به حتماً في الحياة الأخرى، حياة الأبدية والخلود. وكانت تعتبر نفسها «زوجته» برغم كل ما حصل. وبالفعل، عندما كان الناس يتذكرونها كانوا يقولون: خطيبة كيركيغارد، لا زوجة فريدريك شليجيل. وقالت: إذا لم يكن زوجي هنا على هذه الأرض، فسوف يكون زوجي هناك في أعالي السماء. موعدنا: جنة الخلد! هل هناك حب أقوى من هذا الحب؟ حب أقوى من الموت، حب فيما وراء القبر، فيما وراء العمر... الحب والإيمان. أين هو انتصارك يا موت؟

قصة حب تجمع بين كيركيغارد، مؤسس الفلسفة الوجودية، وفتاة شابة جميلة تصغره بعشر سنوات، لكن الفلسفة تقف حجر عثرة بينهما، فينفصل عنها وتظل صورتها تطارده طيلة حياته

اللقاء الأخير

كيف يمكن أن نفهم موقف كيركيغارد من حبيبته إن لم نقل معبودته ريجين أولسين؟ للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد أي تفسير منطقي له. فقد قطع معها في أوج العلاقة الغرامية، دون أي سبب واضح أو مقنع. ويبدو أنها حاولت أن تراه لآخر مرة قبيل سفرها مع زوجها إلى بلاد بعيدة. أن تراه في الشارع كما لو عن طريق الصدفة. وعندما اصطدمت به، قالت له: «ليباركك الله، وليكن كل شيء كما ترغب». وهذا يعني أنها استسلمت للأمر الواقع نهائياً، وأنه لا عودة بعد اليوم إلى ما كان. تراجع كيركيغارد خطوة إلى الوراء عندما رآها حتى لكأنه جفل. ثم حياها دون أن ينبس بكلمة واحدة. لم يستطع أن يرد. اختنق الكلام في صدره. لكأنه يقول بينه وبين نفسه: هل يحق لمن يقف على الخطوط الأمامية لجبهة الفكر، لجبهة النار المشتعلة، أن يتزوج؟ هل يحق لمن يشعر بأن حياته مهددة أن ينجب الأطفال؟ أطفاله هم مؤلفاته فقط. هل يحق لمن يصارع كوابيس الظلام أن يؤسس حياة عائلية طبيعية؟ ما انفك كيركيغارد يحاول تبرير موقفه، بعد أن شعر بفداحة ما فعل مع ريجين. لقد اعتقد أنه انفصل عنها، وانتهى الأمر، فإذا بها تلاحقه إلى أبد الآبدين. ما انفك يلوم نفسه ويتحسر ويتعذب. لكأنه عرف أن ما فعله جريمة لا تغتفر. نعم، لقد ارتكب جريمة قتل لحب بريء، حب فتاة غضة في أول الشباب. من يستطيع أن يقتل العاطفة في أولها، في بداية انطلاقتها، في عنفوانها؟ طيلة حياته كلها لم يقم كيركيغارد من تلك الضربة: ضربة الخيانة والغدر. وربما لم يصبح كاتباً وفيلسوفاً شهيراً إلا من أجل تبريرها. لقد لاحقه الإحساس القاتل بالخطيئة والذنب حتى آخر لحظة من حياته. إذا لم نأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار فإننا لن نفهم شيئاً من فلسفة كيركيغارد. لقد أصبحت قصته إحدى أشهر قصص الحب على مدار التاريخ، بالإضافة إلى قصة دانتي وبياتريس، وروميو وجولييت، وأبيلار وهيلويز. ويمكن أن نضيف: مجنون ليلي، وجميل بثينة، وكثير عزة، وعروة وعفراء، وذا الرمة ومي... إلخ. العرب هم الذين دشنوا هذا الحب العذري السماوي الملائكي قبل دانتي وشكسبير بزمن طويل. ولماذا تنسون عنتر وعبلة؟ بأي حق؟

ولقد ذكرتك والرماح نواهلٌ

مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها

لمعت كبارق ثغرك المتبسم

بعد أن تجاوز فيلسوف الدنمارك تلك التجربة العاصفة، شعر وكأنه ولد من جديد، أصبح إنساناً جديداً. لقد انزاح عن كاهله عبء ثقيل: لا عائلة ولا أطفال ولا زواج بعد اليوم، وإنما معارك فكرية فقط. لقد طهره حب ريجين أولسين من الداخل. كشف له عن أعماقه الدفينة، وأوضح له هويته ومشروعه في الحياة. الحب الذي يفشل يحرقك من الداخل حرقاً ويطهرك تطهيراً. بهذا المعنى، فالحب الفاشل أفضل من الحب الناجح بألف مرة. اسألوا أكبر عاشق فاشل في العالم العربي. بعدها أصبح كيركيغارد ذلك الفيلسوف والكاتب الكبير الذي نعرفه. بالمعنى الأدبي للكلمة، وليس مفكراً فيلسوفاً فقط، بالمعنى النثري العويص الجاف. من ثم هناك تشابه كبير بينه وبين نيتشه مع الفارق، الأول مؤمن، والثاني ملحد. وأخيراً، لم ينفك كيركيغارد يحلل أعماقه النفسية على ضوء ذلك الحب الخالد الذي جمعه يوماً ما بفتاة في عزّ الشباب، تدعى ريجين أولسين. عبقريته تفتحت على أنقاض ذلك الحب الحارق أو المحروق. كان ينبغي أن تحصل الكارثة لكي يستشعر ذاته، ينجلي الأفق، يعرف من هو بالضبط. من كثرة ما أحبها تركها. لقد قطع معها لكي تظل - وهي العزيزة الغائبة - أشد حضوراً من كل حضور!