الرئيس الفلسطيني: مؤتمر إعادة الإعمار حقق نجاحا باهرا

الناطق الرسمي باسم الرئاسة اعتبر الموقف الأميركي غير مشجع بخصوص عملية السلام

الرئيس الفلسطيني: مؤتمر إعادة الإعمار حقق نجاحا باهرا
TT

الرئيس الفلسطيني: مؤتمر إعادة الإعمار حقق نجاحا باهرا

الرئيس الفلسطيني: مؤتمر إعادة الإعمار حقق نجاحا باهرا

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن مؤتمر إعادة إعمار غزة حقق نجاحا باهرا لفلسطين ولمصر، وأكد أن النتائج كانت إيجابية وأن رسالتها واضحة للاعتراف بالحقوق الفلسطينية.
وأشار عباس إلى أن «مجرد وجود هذا الحشد الدولي والعربي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، إضافة إلى مواقفهم ودعمهم المتقدم، يعد أمرا جيدا. ونحن نأمل ترجمة هذه المواقف عمليا على الأرض، حيث كنا نقدر تكلفة ما دمره الاحتلال الإسرائيلي بأربعة مليارات دولار تقريبا، ولكن وصلت تعهدات الدول المانحة إلى 5.4 مليار دولار، وهذا شيء إيجابي».
وردا على سؤال حول مشاركته في اجتماع لجنة المبادرة العربية للسلام، قال الرئيس الفلسطيني: «دائما أفضل اللقاء مع وزراء الخارجية العربية لمناقشة كل الأمور أولا بأول حتى يكون الجميع في الصورة لما يحدث معنا، وما نقوم به من اتصالات ونتائج لقاءات مع الأطراف الدولية الفاعلة، وبالتالي يمكن لنا اتخاذ القرارات المناسبة لطبيعة المرحلة».
وحول رسائل وزير الخارجية الأميركي جون كيري، التي وردت في خطابه أمام المؤتمر عن حل الدولتين، علق عباس قائلا إن «طرح حل الدولتين في خطابات المسؤولين الأميركيين والغرب يعد موقفا جيدا، والمهم هو التنفيذ».
وكان الرئيس الفلسطيني قد أدلى بتصريحات صحافية في لقاء مع مجموعة من الإعلاميين، أكد فيها أن الحكومة الفلسطينية ستكون هي المسؤولة عن إعادة إعمار قطاع غزة، وليس لأي فصيل أو حزب الحق في تسلم هذه الأموال. وأضاف أن «الحكومة ستتسلم مواد الإعمار من خلال الأمم المتحدة، ومن ثم تسليمها إلى الجهات المعنية التي ستشرف على عملية البناء حتى تكون هناك شفافية واضحة. والمجتمع الدولي والدول المانحة يثقون ثقة كبيرة في أداء السلطة الفلسطينية».
وحول ملف المصالحة الفلسطينية، قال الرئيس إن «المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام ستتحقق بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهذا ما جرى الاتفاق عليه في مصر والدوحة وفي غزة في شهر أبريل (نيسان) الماضي». وتابع موضحا: «اتفقنا في اجتماعات غزة على تشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات بعد ستة أشهر، ولكن العدوان والحرب الإسرائيلية على غزة التي استمرت أكثر من 50 يوما عطلت الانتخابات، وعندما نتفق على موعد لإجرائها نستطيع أن نقول إن المصالحة نجحت».
وردا على سؤال حول إمكانية استئناف القتال مرة أخرى في غزة، قال عباس إن «حماس في الوقت الراهن لا تستطيع أن تقوم بأي عدوان، لأن حجم الدمار كبير في غزة.. وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل، لأن المجتمع الدولي والأجواء الحالية لا تسمح لها بذلك».
وأوضح الرئيس الفلسطيني أن اللقاء الذي جرى مساء أول من أمس مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري كان للتشاور حول تطورات الأوضاع للعملية السياسية وكيفية استئناف المفاوضات. كما أشار إلى أن القيادة الفلسطينية لجأت إلى الأمم المتحدة من أجل استصدار قرار من مجلس الأمن يضع المبادئ العامة، وينص على إنهاء الاحتلال وترسيم الحدود في وقت محدد، وبعد ذلك يجري استئناف المفاوضات لتنفيذ التفاصيل. وأضاف مفسرا: «إذا اعترضت الولايات المتحدة واتخذت (الفيتو) بتحريض من إسرائيل، سنأخذ عدة خطوات.. الأولى هي الانضمام إلى 522 منظمة دولية، والثانية سنوقف علاقاتنا مع إسرائيل، والثالثة سندعو رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لتسلم السلطة ولن نقول سنحلها نحن.. وهناك فرق كبير».
وعلى صعيد ذي صلة، أكد وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي على أهمية عملية السلام، مشيرا إلى أنها «سوف تأتي، مهما كان هناك من تأجيل، لأنه لا يمكن أن تعيش إسرائيل إلا في ظل السلام، ولا يمكن لدولة فلسطين أن تقوى وتكون دولة فعالة إلا في ظل السلام»، لافتا إلى أن هذه مسألة تأتي في منعطف خطير في هذه المنطقة، وأضاف: «إننا نعتقد أن الأجواء أصبحت مناسبة وينبغي علينا جميعا أن نبذل جهودا مضاعفة في مساعدة إخواننا في فلسطين وعلى الخصوص في غزة».
وقال بن علوي على هامش مشاركته في مؤتمر غزة إن الشعب الفلسطيني شعب خلاق يتعرض للعدوان في كل مرة، ولكنه يستطيع تجاوز هذا التدمير وهذا العدوان، مضيفا أن سلطنة عمان ستقف مع شعب غزة ومع الأشقاء الفلسطينيين، ومع الحكومة الائتلافية التوافقية الجديدة في مسعاها لإخراج غزة من هذا الوضع الذي جاء نتيجة للعدوان الإسرائيلي.
من جهته، قال نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، في تصريح له أمس قبل مغادرته القاهرة، إن المؤتمر عقد بحضور جميع دول العالم، وإنه «يجب الآن تنفيذ ما جاء من تعهدات في المؤتمر، والمطلوب سرعة العمل والتسهيلات التي يجب أن تنفذها إسرائيل فورا لكي لا يجري إعاقة الشروط التي على أساسها ستتحرك عملية إعادة الإعمار».
وأكد أبو ردينة أن مواقف الدول المشاركة بالمؤتمر كانت مشجعة ماليا، ولكن بخصوص المسيرة السياسية لعملية السلام ما زالت الأمور متعثرة والموقف الأميركي غير مشجع حتى الآن، وقال إن هناك جهودا تبذل، ولكن الموقف الفلسطيني واضح، وهو الذهاب إلى مجلس الأمن ومن ثم إلى بقية المنظمات الدولية.
وشدد أبو ردينة على أن «الرسالة التي صدرت عن مؤتمر إعادة إعمار غزة يجب أن تكون واضحة لإسرائيل وللإدارة الأميركية، وهي رسالة من المجتمع الدولي ليست مالية فحسب، بل هي رسالة سياسية واضحة، مفادها أن العالم بأسره غير قابل ولن يرضى باستمرار الاحتلال، وأنه يتوجب رفع الحصار عن قطاع غزة فورا، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من الضفة الغربية، وعلى رأسها القدس الشريف، ولا بد أن تقام الدولة الفلسطينية على هذه القاعدة وهذه الأسس، ووفق مبادرة السلام العربية، وهو الطريق الوحيد للسلم والازدهار بالمنطقة».
وأشار أبو ردينة إلى أن «المطلوب من المجتمع الدولي متابعة ما قامت به السويد للاعتراف بدولة فلسطين، وهي خطوة هامة ومشجعة، وهناك الكثير من الدول ستتبعها، خصوصا أن هناك 15 دولة أوروبية اعترفت بفلسطين عام 2012 عندما حصلنا على دولة مراقب بالأمم المتحدة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.