كانت لدى مادلين ماكدونو لحظة حزينة، خلال دراستها للعرض الذي قدمته كليتها، كلية جوتشر الأميركية، للطلاب المتقدمين، والذي يقول: بدلا من إرسال الدرجات الدراسية الخاصة بك، أرسل إلينا فيديو.
وتقول ماكدونو، (19 عاما)، وهي طالبة في العام الأول من دراسة علم الاجتماع: «كنت أود بشدة أن تكون هناك خيارات مثل التي كانت متاحة عندما تقدمت للكلية لأول مرة. لم أحصل على أفضل الدرجات، وكنت شديدة القلق حول كيفية إظهار أنني أستحق نفس الفرص المتاحة مثل أي شخص آخر».
ووفقا للسياسة التي أعلنتها كلية جوتشر هذا الشهر، وهي كلية تضم 1400 طالب يدرسون الفنون الحرة بالقرب من مدينة بالتيمور، يمكن للطالب الجديد التقدم للالتحاق بالكية من خلال تقديم نوعين من العمل (أحدهما على أقل تقدير عبارة عن مقالة من تأليف الطالب قد روجعت من قبل المدرسة الثانوية)، ومقطع فيديو من دقيقتين، بدلا من السجل المدرسي الثانوي. يعترف السيد خوسيه إيه. بوين، الرئيس الجديد لكلية جوتشر، بمنتهى السهولة أنه ليست لديه فكرة عن الكيفية التي سوف ينفذ بها الطلاب المتقدمون ذلك، وكم منهم سوف يتم قبوله أو ما إذا كانوا سوف ينجحون في مسعاهم ذلك.
وقال: «إنها مجرد تجربة، وهناك كثير من الاعتراضات المعقولة. سوف نعمل على تتبع أولئك الطلاب، وسوف نعرف كل شيء في غضون عام. فإذا كان أداء الطلاب الذين قدموا مقاطع الفيديو أسوأ من غيرهم، فسوف نتوقف على الفور، وإذا كان الأداء لديهم جيدا أو أفضل من غيرهم، فسوف تشرع الكليات في جميع أنحاء البلاد في انتهاج المسار ذاته».
وقد شكا الطلاب، وأولياء الأمور، والأكاديميون طويلا أن المنافسة من أجل الالتحاق بالكليات الانتقائية الراقية قد صار محنة عارمة من حيث تفضيل الطلاب الأذكياء التقليديين من ذوي المميزات على أقرانهم الذين أعاقت محاولاتهم أو انحرافاتهم سبيل الكلية. وتلك واحدة من الانتقادات المذكورة في أحد الكتب التي نالها كثير من النقاش «الخراف الرائعة»، من تأليف ويليام ديريزويكز، وقد عمدت كثير من الكليات على التصدي له.
وأخيرا خلال عقد التسعينات، كانت هناك حفنة قليلة من الكليات الانتقائية التي لم تكن تطلب الاطلاع على درجات (اختبار الكليات الأميركية - ACT) أو (اختبار الكفاءة الدراسية - SAT) للطلاب، ولكن الآن هناك العشرات منها، بما في ذلك كليات بودوين، وسميث، وهولي كروس، وبرانديز، وويك فورست، وجامعة تكساس، وغيرها كثير ممن ينضمون للقائمة ذاتها كل عام. وخلال السنوات القليلة الماضية، دعت بعض كبار الكليات الطلاب إلى استكمال طلبات الالتحاق بإرفاق مقاطع للفيديو.
خلال العام الماضي، اتخذت كلية براد خطوة إضافية، حيث جعلت من السجل الدراسي أمرا اختياريا، وعرضت بدلا منه اجتياز امتحان قبول يتكون من أربعة مقالات كل منها 2500 كلمة من مختلف الموضوعات العلمية التي يجري مراجعتها من قبل الأساتذة بالكلية. والآن، رفعت كلية جوتشر، والتي كانت الاختبارات فيها اختيارية، أو قللت من المخاطر، مع خيار أقل بكثير في صرامته.
أعلنت كلية بيننغتون، قبل أيام، أنه يجوز للطالب تقديم مجموعة من الأعمال بدلا من طلب الالتحاق الاعتيادي. وفي حين أن الكلية تفضل إدراج السجل الدراسي مع أوراق الالتحاق، إلا أن ذلك ليس مطلوبا بصورة قطعية.
يعد التغيير الذي شهدته كلية جوتشر من سمات الدكتور بوين، وهو صاحب موسيقى الجاز الرائعة والمؤلف الذي تولى مسؤولية الكلية في شهر يوليو (تموز). لديه أفكاره الجديدة حول كيفية جعل التعليم العالي أفضل وأكثر شمولية، وهو يتحدث عن التخلص من سياسة الدرجات، من خلال جعل الطلاب يعبرون عن رسالة ما بدلا من تحديد مادة دراسية معينة، والخروج بأساليب جديدة لتقييم معدلات نمو الطلاب. تلقى تطبيق الفيديو المقترح الكثير من الاتهامات بأن كلية جوتشر تقلل من معاييرها الدراسية، من خلال وسيلة تتحايل بها من أجل جذب الانتباه والحصول على المزيد من طلبات الالتحاق، أو كليهما.
كتب السيد بريان سي. روزنبرغ، رئيس كلية ماك الستر، في صحيفة وقائع التعليم العالي يقول: «تبعث تلك الخطوة برسالة مقيتة إلى طلاب التعليم الثانوي وإلى الجمهور بشكله الأوسع والذي يتغذى بالفعل على حمية من الهراء والعبث حول طبيعة وقيمة التعليم».
وقال السيد روبرت جيه. ستيرنبرغ، أستاذ التنمية البشرية لدى جامعة كورنيل ومؤلف عدة كتب حول التدريس والذكاء: «يمكن قياس الإبداع، والمبادرة والمهارات العملية من خلال مقطع الفيديو بأسلوب لا تستطيع توفيره أساليب التقييم النموذجية الموحدة، ولكنه لا يعتبر بديلا عن سجل المدرسة الثانوية».
وأضاف قائلا: «يتعرض مقطع الفيديو للتحيز من حيث الدرجات. على سبيل المثال، فيما يتعلق بالجاذبية، والعرقية، والوزن، أو غير ذلك من الخصائص المادية الأخرى المتصورة لصاحب مقطع الفيديو».
ولكن بوجه عام، تم تجاهل ردود الفعل لدى التعليم العالي، حيث أعرب الناس عن شكوكهم بدلا من توجيه الإدانة - ربما بسبب أن كلية جوتشر، والتي تقبل أكثر من 70 في المائة من طلبات الالتحاق، لا تخاطر بنفس القدر من السمعة مثل معظم الكليات المنافسة. فتلك الكليات الراقية لا يزال الطلب عليها أكثر بكثير من العرض، ولكن بالنسبة للكليات الصغرى الأخرى، يعد ذلك من الأوقات العصيبة.
يعتبر عدد المواطنين الأميركيين من سن الجامعة عددا راكدا، ويحتج المستهلكون بتعرضهم للمزيد من التكاليف المرتفعة وديون الطلاب، مع نمو البدائل الإلكترونية الرخيصة على الإنترنت. حتى مع تقديم الكليات الخاصة للتخفيضات، تعرض بعض منها للمتاعب في جذب ما يكفي من الطلاب، ويتساءل كثير منها إذا أصبح ذلك مصيرهم في القريب العاجل.
يقول الدكتور بوين إن سياسة كلية جوتشر الجديدة لا تعكس القلق بشأن الالتحاق بها، على الرغم من أن عدد طلبات الالتحاق قد انخفض في الأعوام الأخيرة.
قد يبدو أن قلة من الناس وافقت على عرض الفيديو حسبما طلبت كلية جوتشر، ففي كلية براد اتخذ 41 طالبا فقط من أصل سبعة آلاف طريق عدم التقدم بالسجل الدراسي خلال العام الماضي، على الرغم من أن ذلك - جزئيا - كان بسبب أن الكلية طلبت الكثير من العمل. في حرم كلية جوتشر، فإن رد الفعل يعتبر إيجابيا بصورة كبيرة، على الرغم من أنه أثار الفضول المختلط بالشكوك حول النتائج. قال الطلاب إنهم سوف يكونون مهتمين خلال العام القادم بالتقابل مع الطلاب الذي التحقوا بكلية جوتشر عقب تقديم تطبيقات الفيديو، ولديهم نفس القدر من الاهتمام لرؤية كيفية نجاحهم وتقدمهم على المستوى الأكاديمي.
وقال كولتون سينكوتا، وهو طالب في العام الثالث يبلغ (20 عاما): «إن الكلية تدرك أن مختلف الناس لديهم أنماط مختلفة، وذلك جزء مما تمثله كلية جوتشر، ومن ثم فهو خيار مثير للاهتمام، خصوصا بالنسبة للطلاب المهتمين بالفنون المرئية. ولكن هل سيكون التراجع سهلا بالنسبة للأشخاص الذين لم ينفذوا العمل فعليا؟».
وقالت ماريا فينتوريلي، وهي طالبة في السنة الأولى، إن معظم الطلاب أحبوا فكرة الفيديو تلك، على الرغم من أن كثيرا منهم تساءل ما إذا كانت الدقيقتين كافيتين في التطبيق للخروج بانطباع جيد، أو كافية بالنسبة للكلية للخروج بحكم حصيف. وأضافت السيدة فينتوريلي (18 عاما): «هناك شيء حقيقي وأصلي بخصوص مقطع الفيديو، إذا ما تناسب مع طبيعة عملية القبول، حيث يجب عليك أن تتمتع بالقليل من النرجسية وتبيع مهاراتك للكلية».
وقال الدكتور بوين إنه وكليته، التي أشرفت على تطبيقات الفيديو، تأثروا بالدراسات التي أظهرت أن كثيرا من الطلاب ذوي الإنجازات العالية، وخصوصا أولئك القادمين من عائلات ذات دخول منخفضة، لا يتقدمون للالتحاق بالكليات الانتقائية. وأضاف: «يجب عليك أن تبحث عن سبيل لتشجيع الناس على الالتحاق، إنهم بحاجة إلى نوع جديد من الدعاية، والطلاب إلى حد كبير يمتلكون الهواتف ويتفهمون كيف يعمل الفيديو».
واستطرد قائلا: «لدى الناس تباينات في التعلم، ويدركون مرحلة النضوج بسرعات مختلفة، وكثير من عظماء الناس كانت درجاتهم سيئة في السجلات المدرسية، وظنوا أنهم لن يصلوا إلى شيء. تصلنا رسائل من المعلمين تشكرنا على ذلك، بسبب أنهم لديهم طلاب يرغبون في شنق أنفسهم لأنهم حصلوا على درجات متواضعة في مادة الجبر».
لم تفرض كلية جوتشر توجيهات صارمة حيال مقاطع الفيديو، وتقول إن قيم الإنتاج لا اعتبار لها. وتخبر الطلاب المتقدمين بأن يقولوا ما لديهم وما يمكنهم تقديمه ولماذا تعتبر الكلية مهمة بالنسبة لهم، وتقول أيضا إنه سوف يتم الحكم على تلك المقاطع من خلال مدى وضوحها وقدر الإقناع الذي يعبر به الطلاب عن أنفسهم. (إذا ما تم قبولهم، سوف تحصل الكلية كذلك على سجلاتهم الدراسية، وذلك للوقوف فقط على المناهج التي درسوها في مرحلة الثانوي).
يقول السيد بوين إن مقطع الفيديو يمثل ما يحدث في العالم الحقيقي، في مقابلات العمل. «كل الأشياء متساوية، وقد أفضل الحصول على السجل الدراسي»، كما يسلم بذلك. «دعونا نقول إنك طبيب. كل الأشياء متساوية، يمكن أن تجري كل الاختبارات على كل مريض، ولكنك لا تستطيع. فكل تلك الاختبارات لها تكلفتها».
* خدمة «نيويورك تايمز»