بلدة بريتال اللبنانية تقبل على السلاح المتوسط تحسبا لهجمات مفاجئة من سوريا

الأسلحة الخفيفة تعد من «البديهيات».. والأهالي يكثفون نوبات الحراسة الليلية

بريتال اللبنانية
بريتال اللبنانية
TT

بلدة بريتال اللبنانية تقبل على السلاح المتوسط تحسبا لهجمات مفاجئة من سوريا

بريتال اللبنانية
بريتال اللبنانية

أيقظت سيطرة مقاتلي المعارضة السورية و«جبهة النصرة» الأسبوع الماضي على موقع «عين الساعة»، التابع لـ«حزب الله»، في عمق الأراضي اللبنانية الحدودية مع سوريا، حاجة أهالي بلدة بريتال ومحيطها للسلاح المتوسط، كون وجود السلاح الخفيف «يعد من البديهيات» في المنطقة، بموازاة تكثيف نوبات حراسة ليلية للمناطق الجردية الحدودية، تحسبا لأي هجوم مفاجئ من داخل الأراضي السورية.
وقال سكان من بلدة بريتال، وهي واحدة من أكبر البلدات التي تسكنها أغلبية شيعية في شرق لبنان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الأهالي «يسعون لشراء السلاح المتوسط مثل رشاشات من عيار 12.7 و(دوشكا) ومدافع رشاشة من عيار 14.5»، وذلك «بعدما أثبت الهجوم الأخير على جرود البلدة ثاني أيام عيد الأضحى الماضي الحاجة الملحة لهذا السلاح على الرغم من وجود نحو 40 قطعة منه بين أيدي أبناء البلدة، استخدمت في صد الهجوم الأخير على تخوم البلدة».
ولا يكاد يخلو منزل في البلدة من وجود قطعة سلاح فردي، مثل الرشاشات الخفيفة، نظرا لأن «اقتناء السلاح في هذه المنطقة يعدّ مصدر فخر واعتزاز وزينة تستخدم عند الحاجة في الدفاع عن النفس»، كما يقول مصدر بارز في البلدة لـ«الشرق الأوسط»، مشددا على أن اقتناء السلاح في بريتال «ليست له علاقة بحزب الله كون أهالي البلدة متعددي الانتماءات السياسية والحزبية». ويشير إلى أن بعض المنازل «تقتني أسلحة متوسطة، خصوصا أولئك الميسورين»، لافتا إلى أن اقتناء السلاح «بات تقليدا منذ مقاومة البلدة للغزوات العثمانية والفرنسية في القرن الماضي».
وتعرضت مواقع «حزب الله» في جرود البلدة الحدودية مع سوريا، الأسبوع الماضي، لهجمات واسعة من قبل مقاتلين من المعارضة السورية بينهم عناصر من «جبهة النصرة»، تمكنوا خلالها من السيطرة على موقع عين الساعة الذي يقيم فيه الحزب، قبل أن يصل نحو ألف شاب من البلدة إلى المنطقة، ويشتبكوا مع المقاتلين السوريين.
وقال أحد سكان البلدة لـ«الشرق الأوسط» إن هجوم مقاتلي المعارضة السورية «دفع الأهالي للاستنفار والتحرك باتجاه الجرد»، موضحا أن «ألف مسلح من أبناء البلدة بينهم شبان من قرى مجاورة من حورتعلا وطاريا والحمودية، اتجهوا إلى الجرد الشرقي الحدودي مع سوريا، بأسلحتهم الفردية الخفيفة، وبمؤازرة من رجال يحملون 40 قطعة من السلاح المتوسط، حيث تمكنوا من استعادة الموقع بعد ساعة من سقوطه بيد المهاجمين». وقال إن حزب الله «تدخل بعد ذلك، وأصدر الأوامر لعناصره بالعودة إلى الجرود الممتدة إلى سوريا».
ويحذو أهالي بريتال حذو أهالي رأس بعلبك والقاع اللتين تسكنهما أغلبية مسيحية، وتقعان شمال عرسال، الذين ينظمون نوبات حراسة لتلالهم الحدودية مع سوريا، بعد اعتداءات متكررة وعمليات خطف وقعت في الأراضي الزراعية والكسارات في البلدتين. وشكل أهالي البلدتين مجموعات حراسة ليلية عسكرية مسلحة في الجرود يتناوبون فيها بالحراسة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».