«داعش» يقترب من احتلال الأنبار والسيطرة على سد حديثة

إذا نجحت عملياته سيصبح بإمكانه تهديد أهداف مهمة في بغداد

شاب عراقي يتفحص عربة مدرعة تركها الجيش العراقي في هيت قرب الأنبار «داعش» (رويترز)
شاب عراقي يتفحص عربة مدرعة تركها الجيش العراقي في هيت قرب الأنبار «داعش» (رويترز)
TT

«داعش» يقترب من احتلال الأنبار والسيطرة على سد حديثة

شاب عراقي يتفحص عربة مدرعة تركها الجيش العراقي في هيت قرب الأنبار «داعش» (رويترز)
شاب عراقي يتفحص عربة مدرعة تركها الجيش العراقي في هيت قرب الأنبار «داعش» (رويترز)

يقف مسلحو «داعش» على وشك السيطرة على محافظة محورية غرب العراق، مما سيشكل نصرا كبيرا للتنظيم الإرهابي وانتكاسة مثيرة وحرجة للتحالف الذي تتزعمه الولايات المتحدة ضد الجماعة.
ومن شأن فوز «داعش» بالسيطرة على الأنبار منح مسلحيه السيطرة على أحد أهم السدود بالعراق، بجانب الكثير من المنشآت الضخمة التابعة للجيش، الأمر الذي قد يزيد من مخزونات السلاح الوفيرة بالفعل لدى الجماعة. ومن شأن ذلك أيضا السماح للجماعة بإقامة خط إمدادات من سوريا إلى قرب بغداد، ومنحها موقع متميز يمكنها من شن هجمات ضد العاصمة العراقية.
الملاحظ أن هجوم «داعش» على الأنبار حظي باهتمام أقل عن هجومها ضد مدينة كوباني السورية الحدودية، التي تواردت الصور منها على أيدي المصورين الصحافيين المرابطين فوق تلال بتركيا المجاورة. إلا أن الأسابيع الأخيرة، شهدت غزو مقاتلي «داعش» بصورة ممنهجة لمدن وقرى الأنبار، وحصارهم لمناطق تمركز للجيش ومراكز الشرطة، إضافة لشنهم هجمات ضد قوات عراقية في الرمادي، عاصمة المحافظة.
يذكر أن «داعش» تمكن بالفعل من ضمان معقل له داخل محافظة الأنبار في يناير (كانون الثاني)، عندما سيطر على مدينة الفلوجة وأجزاء من الرمادي، واستمر في تقدمه داخل المحافظة في يونيو (حزيران) . ومع ذلك، أبقت الحكومة العراقية سيطرتها على جيوب صغيرة داخل المحافظة ذات الغالبية السنية.
من جهتها، منيت القوات العراقية بانتكاسات عدة خلال الهجوم الأخير الذي شنه «داعش»، بما في ذلك خسارة قاعدتين تابعتين للجيش. من جهة أخرى، هاجمت الطائرات الحربية والمروحية الهجومية الأميركية أهدافا لـ«داعش» ووفرت الدعم للقوات العراقية التي تقاتل في الأنبار. وساعدت الضربات الجوية الأميركية الشهر الماضي في صد هجوم على سد «حديثة»، وذلك في إطار مساعي المسلحين للسيطرة على إمدادات المياه العراقية. ومع ذلك، أخفقت الضربات بوجه عام في وقف تقدم المسلحين.
من ناحيته، علق الخبير الأمني العراقي، سعيد الجيشي، بقوله: «إذا سيطر (داعش) على الأنبار، سيصبح بإمكانه تهديد أهداف مهمة ببغداد. وإذا خسرت الحكومة سيطرتها على سد حديثة، سيتعين على قوات الأمن الانسحاب، سيسيل حمام دماء».
تجدر الإشارة إلى أن محافظة الأنبار - كبرى محافظات العراق - شكلت محور موجة التمرد السني ضد القوات الأميركية التي اندلعت بعد الغزو عامي 2003. وفي عام2006 قرر الكثير من القبائل السنية بالأنبار تأييد الحكومة المدعومة من واشنطن في مواجهة الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة بالعراق، في خضم ما عرف لاحقا بـ«الصحوات السنية». وقد سحقت حركة التمرد تلك.
بيد أن السياسات الطائفية لرئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، الشيعي، أثارت سخط القبائل السنية، وعملت «داعش» التي تأسست كذراع لـ«القاعدة» داخل العراق، على تأجيج هذه الغضب السني. في الوقت ذاته، تمكن عناصر «داعش» من تحسين قدراتهم العسكرية عبر المشاركة في الحرب الأهلية بسوريا. وبالفعل، نجحوا في السيطرة على أجزاء واسعة من سوريا والعراق. وتشير بيانات صادرة عن القيادة المركزية الأميركية إلى أنه منذ بداية الحملة الأميركية ضد «داعش» في أغسطس (آب)، هاجمت الطائرات الأميركية أكثر من 40 هدفا داخل الأنبار.
من جهتها، أعربت إدارة أوباما عن أملها في أن تتمكن القوى العربية السنية بالمنطقة، بقيادة السعودية، من إقناع قبائل الأنبار بالانقلاب ضد «داعش» والانضمام للقوات الحكومية العراقية أو المشاركة في حرس وطني قوامه عناصر محلية.
إلا أنه رغم رحيل المالكي في وقت مبكر من الشهر الماضي، لم تظهر مؤشرات توحي بأن النفوذ العربي، مع افتراض وجود جهود لممارسته، ترك تأثيرا يذكر. وأعرب أبناء قبائل سنية عن تخوفهم من الميليشيات الشيعية المشاركة في القتال الذي يخوضه العراق ضد «داعش».
وخلال محادثات جرت هذا الأسبوع بينهم وبين الجنرال الأميركي المتقاعد جون آلن، منسق الإدارة الأميركية لشؤون التحالف الدولي ضد «داعش»، ذكرت قيادات قبلية أنه «لن نقف في مواجهة (داعش)، بينما توجد ميليشيات شيعية داخل مناطق سنية»، حسبما أفاد الزعيم القبلي سميل المحمدي في تصريحات صحافية. المعروف أن الأنبار، التي تضم مساحات صحراوية واسعة تقطعها طرق للشاحنات تؤدي للأردن والسعودية وسوريا، تحمل أهمية استراتيجية ورمزية بالنسبة لـ«داعش»، وفي حال سيطرة الجماعة على المحافظة، سيصبح بمقدورها نقل أسلحة ومقاتلين من المناطق التي تسيطر عليها في سوريا حتى الضواحي الغربية لبغداد، وحاليا، يقطع خط الإمداد هذا منطقتي حديثة والرمادي الخاضعتين للسيطرة الحكومية. أيضا، من نتائج السيطرة على الأنبار مساعدة الجماعة على تمديد حدودهم الفعلية لأطراف العاصمة العراقية.
من جانبه، قال أحمد صدق الدليمي، رئيس شرطة الأنبار: «ستتحول المنطقة لقاعدة لتحركاتهم، وسيمر وقت طويل قبل أن نتمكن من إعادة السيطرة عليها»، كما أن السيطرة على الأنبار تشكل نصرا معنويا لـ«داعش». في هذا الصدد، أوضحت جيسيكا لويس، مديرة الأبحاث بمعهد دراسة الحرب في واشنطن، أن «الأنبار تمثل مهد الجماعة الأم لـ(داعش)، وهي القاعدة في العراق. لذا فإن السيطرة على مدن الأنبار يحمل أهمية كبيرة لهم (داعش)».
وذكر مسؤولون أمنيون بالأنبار، أن «داعش» عمل على تعزيز قوته القتالية داخل المحافظة. يذكر أن مسلحي «داعش» قاتلوا بضراوة خلال الأيام القليلة الماضية للسيطرة على مدينة هيت بمحافظة الأنبار الواقعة على نهر الفرات، وكذلك بلدة كبيسة القريبة. وتقع البلدتان قرب قاعدة عين الأسد العسكرية، وهي واحدة من أكبر القواعد العسكرية بالعراق، حيث تمد تعزيزات للقوات المعنية بالدفاع عن سد حديثة الواقع شمال غربي القاعدة مباشرة. وتبعا لتقرير صدر حديثا عن معهد دراسة الحرب، فإن «داعش» شن حملة متطورة في الأنبار خلال الأسابيع الأربعة الماضية، مما مكنه من السيطرة على غالبية الأراضي الممتدة من الحدود السورية حتى أبو غريب في الضواحي الغربية من بغداد.
وعمد المسلحون لقطع خطوط إمدادات الجيش العراقي والاتصالات بين القوات، وتعزيز مكاسبهم التي لن يكون من السهل القضاء عليها عبر حملة جوية، حسبما أفاد التقرير. وقد يكون مصدر القلق الأكبر تقدم «داعش» نحو الرمادي، الواقعة على بعد 80 ميلا من بغداد.
وأفادت وسائل إعلام عراقية، الاثنين، بأن قوات الأمن انسحبت من وسط الرمادي، وهذا ادعاء نفاه الدليمي، مدير شرطة الرمادي، لاحقا. ومع ذلك، أدت الهجمات التي جرى شنها طيلة الأسبوع الماضي إلى سيطرة المسلحين على أحياء جديدة بالمدينة.
من جهتهم، حذر مسؤولون محليون من قرب انهيار الحكومة المركزية في الرمادي. وقال أحمد أبو ريشة، أحد الشيوخ القبليين البارزين والذي يقود مجموعة من المقاتلين الموالين للحكومة بالمنطقة: «تخضع جميع المناطق حول الرمادي لسيطرة (داعش)». وأضاف أن قواته، ذات التسليح الخفيف، لم تتلق دعما جويا خلال قتالها ضد «داعش».
وحذر أبو ريشة من أنه «إذا سقطت الرمادي، فسوف تسقط الأنبار كلها، الرمادي هي الرأس، فإذا قطعت الرأس مات باقي الجسد».
ومن بين أكبر الخسائر التي منيت بها قوات الأمن العراقية كان فقدان قاعدة عسكرية بالصقلاوية. كان مقاتلو «داعش» قد طوقوا القاعدة الواقعة إلى الغرب من الفالوجة الشهر الماضي، وفر بعض الجنود من القاعدة، بينما يعتقد أن المسلحين ذبحوا آخرين كثيرين، تبعا لما أفاده ناجون. وأضافوا أن ما بين 300 و500 جندي مفقودين. بعد ذلك، سيطر المسلحون على قاعدة عسكرية في البوعيثة، الواقعة على بعد 50 ميلا من بغداد.
وقال أحد الجنود الناجين من مذبحة الصقلوية (38 عاما): «توسلنا لأيام من أجل توجيه ضربات جوية ضدهم، لكن شيئا لم يحدث». واكتفى الجندي بالإشارة لنفسه باسم أبو علي، خوفا من الانتقام منه. وأضاف أنه لم يعد لديه شعور الآن بأن هناك ما يستحق القتال من أجله داخل الأنبار. وقال: «القيادة لا تأبه بنا، والناس هناك لا يأبهون لنا. إنهم يطلقون علينا لقب كلاب الشيعة، فكيف أقاتل من أجل أي من هؤلاء بعد الآن؟». من جانبه، أكد الخبير الأمني العراقي، سعيد الجيشي، أن سكان الأنبار عليهم دعم القوات العراقية و«إلا سنخسر غرب العراق بأكمله».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.