المربع الأمني في قبضة «داعش».. والحدود التركية مهددة

الأمم المتحدة تدعو أنقرة إلى السماح للأكراد بالمشاركة في الدفاع عن كوباني

المربع الأمني في قبضة «داعش».. والحدود التركية مهددة
TT

المربع الأمني في قبضة «داعش».. والحدود التركية مهددة

المربع الأمني في قبضة «داعش».. والحدود التركية مهددة

سيطر مقاتلو تنظيم «داعش» اليوم (الجمعة) على «المربع الأمني» للمقاتلين الأكراد في مدينة عين العرب، وباتوا على أقل من كيلومتر واحد من الحدود التركية، في وقت حضت فيه واشنطن أنقرة على التدخل بريا لإنقاذ المدينة المحاصرة.
ودعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا من جهته أنقرة إلى السماح للمتطوعين الأكراد بالعبور من تركيا إلى عين العرب للمشاركة في الدفاع عن المدينة.
لكن حتى في حال تجاوبت السلطات التركية مع هذا الطلب، قد يكون الطلب متأخرا، بعدما بات مقاتلو التنظيم المتطرف على مقربة من معبر كوباني (اسم المدينة بالكردية) الحدودي مع تركيا.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية «سيطر مقاتلو تنظيم (داعش) على (المربع الأمني) في عين العرب» الواقع في شمال المدينة، الذي يضم مقرات وحدات الحماية و«الأسايش» (قوات الأمن الكردية) والمجلس المحلي للمدينة.
وبات التنظيم يسيطر عمليا على 40 في المائة من المدينة على الرغم من الغارات الجوية التي ينفذها الائتلاف الدولي على مواقع وتجمعات تنظيم «داعش» داخل عين العرب وفي محيطها.
ومنذ دخول قوات التنظيم المتطرف مدينة كوباني (بالكردية) مساء الاثنين، تحصل هجمات وهجمات مضادة بين مقاتليه ومقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردية الذين يحاربون بشراسة في ظل حصار يضيق يوما بعد يوم، بأسلحة وذخيرة بكمية ونوعية غير متكافئة مع أسلحة ومعدات تنظيم «داعش» التي غنمها بمعظمها من الجيش العراقي خلال هجومه في العراق الصيف الماضي.
وقال عبد الرحمن: «إنهم يحاولون الوصول بأي ثمن إلى المعبر الحدودي مع تركيا وتطويق عين العرب من الشمال أيضا».
وذكرت صحافية في وكالة الصحافة الفرنسية، أن أصوات الأسلحة الرشاشة وقذائف الهاون تسمع من منطقة الحدود التركية، وتشاهد سحب كثيفة من الدخان الأسود فوق المدينة.
وللحيلولة دون تعرضها للاستهداف من طائرات التحالف العربي - الدولي، ركز التنظيم خلال الساعات 24 الفائتة على «استخدام الدراجات النارية في نقل الذخيرة والمقاتلين في أطراف المدينة وأحيائها»، حسبما قال المرصد الذي يعتمد على شبكة واسعة من المندوبين في كل أنحاء سوريا.
وأشار المرصد إلى أن طائرات الائتلاف قصفت صباح اليوم شرق عين العرب، بعدما كانت استهدفت ليلا الأطراف الجنوبية والشرقية.
وبدأ مقاتلو التنظيم هجومهم في اتجاه كوباني في 16 سبتمبر (أيلول)، وسيطروا على مساحة شاسعة من القرى والبلدات في محيطها، ونزح نتيجة هذا الهجوم أكثر من 300 ألف شخص، وقتل أكثر من 500 معظمهم من مقاتلي الطرفين، حسب إحصاء للصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام المرصد.
ودعا المبعوث الدولي الخاص دي ميستورا اليوم «السلطات التركية إلى السماح لحشود اللاجئين بدخول المدينة لدعم دفاعها عن نفسها». وأضاف أنه يخشى وقوع «مجزرة». وقال «أتذكرون سريبرينيتسا؟» في يوغوسلافيا السابقة.
وأكد الدبلوماسي مستعينا بصور التقطت بالأقمار الصناعية أن «بين 10 آلاف و13 ألفا من السكان موجودون في موقع في منطقة الحدود - بين تركيا وسوريا - وكثيرين ما زالوا داخل المدينة». وأضاف: «إذا سقطت (المدينة) سيتعرض المدنيون لمجزرة على الأرجح».
في واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية أمس، أن الولايات المتحدة سوف ترسل فريقا عسكريا إلى أنقرة الأسبوع المقبل لإجراء محادثات مع تركيا، بعد المباحثات التي أجراها موفدان خاصان أمس، تناولت «إجراءات عاجلة وسريعة» مشتركة لوقف تقدم تنظيم «داعش».
وأعربت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة عن خيبة أملها حيال تحفظات أنقرة على المشاركة عسكريا في عمليات في سوريا.
وتشترط تركيا للمشاركة في العمليات ضد «داعش»، إقامة منطقة عازلة في شمال سوريا تهدف إلى تجميع القوى العسكرية للمعارضة السورية المسلحة فيها وجعلها مكانا يلجأ إليها السوريون الهاربون من أعمال العنف.
إلا أن هذا الاقتراح لا يلقى تأييدا من واشنطن ومن حلف شمال الأطلسي، وهما طرفان أساسيان لتأمين أجواء المنطقة العازلة من طائرات النظام السوري.
وأثار الموقف التركي من كوباني غضب الأكراد الأتراك الذين يتظاهرون احتجاجا منذ أيام.
وقتل 31 شخصا على الأقل وجرح 360 آخرون بينهم 139 شرطيا في مواجهات بين الشرطة التركية ومجموعات من الأكراد في بعض المدن التركية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».