كركوك تتأهب بعد معلومات عن تحركات لـ«داعش» للسيطرة عليها

قوات البيشمركة تؤكد استعدادها لردع أي هجوم على المدينة

مقاتلو البيشمركة الكردية يسيطرون على سيارة عسكرية تابعة لتنظيم داعش في منطقة الزركة قرب مدينة تكريت أمس (رويترز)
مقاتلو البيشمركة الكردية يسيطرون على سيارة عسكرية تابعة لتنظيم داعش في منطقة الزركة قرب مدينة تكريت أمس (رويترز)
TT

كركوك تتأهب بعد معلومات عن تحركات لـ«داعش» للسيطرة عليها

مقاتلو البيشمركة الكردية يسيطرون على سيارة عسكرية تابعة لتنظيم داعش في منطقة الزركة قرب مدينة تكريت أمس (رويترز)
مقاتلو البيشمركة الكردية يسيطرون على سيارة عسكرية تابعة لتنظيم داعش في منطقة الزركة قرب مدينة تكريت أمس (رويترز)

قال مصدر أمني في محافظة كركوك، أمس، إن المدينة تعيش حالة إنذار قصوى، بسبب تحشيدات مسلحي «داعش» على جبهاتها، مؤكدا أن «تنظيم (داعش) ينوي الهجوم على كركوك خلال الأيام المقبلة». وبين أن قوات البيشمركة والآسايش (قوات الأمن) الكردية اتخذت كل التدابير من أجل صد أي هجوم على كركوك.
وأكد مصدر أمني رفيع المستوى في كركوك فضل عدم الكشف عن اسمه لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنظيم (داعش) حشد قواته في حدود محافظة كركوك، خاصة في قرى الوحدة ومكتب خالدو ملا عبد الله وتازة وداقوق، الآن هناك حالة من الاستنفار التام داخل المدينة من قبل القوات الأمنية، قواتنا في كركوك على أهبة الاستعداد لمواجهة أي هجوم ينفذه التنظيم على المحافظة».
وأضاف المصدر، قائلا: «(داعش) ينوي الهجوم على المدينة من 3 محاور، نحن لا نملك أي تفاصيل عن نوعية هذا الهجوم، هم يعملون وباستمرار للسيطرة على كركوك، سواء أكان ذلك من خلال الهجوم والتقدم باتجاه المدينة أو عن طريق إحياء خلاياهم النائمة فيها»، مؤكدا أن قوات الآسايش تراقب الأوضاع الداخلية لكركوك، للحد من إمكانيات «داعش» داخل المدينة والقضاء على خلاياه النائمة، مشيرا بالقول: «إن جنوب مدينة كركوك تعد حاضنة لخلايا التنظيم، لهذا تراقب دوريات القوات الأمنية باستمرار هذه المناطق، وهناك عدد كبير من النازحين الذين لا نعلم أي معلومات أمنية عنهم، لأنهم جاءوا ضمن موجات النزوح الأخيرة إلى كركوك، ونحن كقوات أمنية في المحافظة لم نستطع من الناحية الإنسانية منعهم من دخول المدينة لأنهم نازحين».
وأضاف المصدر، أن «قوات الآسايش اعتقلت خلال المدة الماضية في عملية دهم وتفتيش لمنطقة القادسية جنوب كركوك، أحد أبرز قادة (داعش)، الذي دخل كركوك من أجل إحياء خلايا التنظيم في المدينة، وكسب الشباب للانضمام إليهم، لينفذوا عمليات عسكرية من داخل كركوك بالتزامن مع بدء هجوم (داعش) على المدينة، وتسهيل إسقاطها، بالفعل هناك خلايا أخرى للتنظيم في كركوك، ونحن مستمرون في البحث عنها».
وبين المصدر أن كل المجاميع المسلحة من أنصار السنة والنقشبندية والجماعات الأخرى اجتمعت تحت لواء تنظيم «داعش» في جبهات كركوك، وهناك وجود للمسلحين العرب والأجانب ضمن صفوف التنظيم في المناطق التي يسيطر عليها «داعش» بالقرب من المحافظة.
من جانبه، قال آسو مامند، مسؤول مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك، لـ«الشرق الأوسط»: «نعم هناك تحركات من قبل تنظيم (داعش) في جبهات مع قوات البيشمركة، نحن اتخذنا تدابير أمنية داخل كركوك، حيث جرى نشر قوات إضافية في المدينة، وتعزيز قوات البيشمركة في الجبهات، و إعلان حالة الإنذار في المدينة تحسبا لأي طارئ».
ودعا مامند التحالف الدولي إلى توجيه ضربات جوية مكثفة لمعاقل التنظيم في الحويجة ورشاد والقرى التابعة لهما، موضحا أن مدافع البيشمركة لا يمكنها أن تبلغ أي أهداف في حويجة.
وحول أوضاع جبهات القتال في كركوك قال العميد فايق قادر نائب آمر اللواء التاسع مشاة في قوات البيشمركة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن حشد تنظيم (داعش) ليلة أول من أمس، عددا كبيرا من مسلحيه وآلياته في قضاء حويجة، وتحركوا باتجاه قرى العزيرة والعطشانة، وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها كان التنظيم ينوي مهاجمة كركوك وداقوق بقوة بلغ عددها 300 مسلح مع سيارات مدرعة وأسلحة ثقيلة، ومن ثم اتجهوا نحو طريق طازة، لكن طائرات التحالف الدولية وجهت خلال الليل ضربات جوية لمواقعهم في قرى الوحدة وسعد ومكتب خالد، والذي أدى إلى تراجعهم عن التقدم، وكانت لهم تحركات أخرى في قرى تل الربيع وبان شاخ باتجاه داقوق»، منبها إلى أن «التنظيم له برنامج معين يريد تنفيذه في المنطقة»، مضيفا أن خطر التنظيم ما زال باقيا على كركوك، لأنه يتحرك في المنطقة الممتدة من الحويجة إلى قرى البدو بحرية.
وفي الشأن ذاته، شدد نجاة حسين عضو مجلس محافظة كركوك عن المكون التركماني، في تصريح لـ«لشرق الأوسط»، قائلا إن «كركوك مليئة بالرجال الذين يضحون بأنفسهم للدفاع عنها، فهنالك الآلاف من البيشمركة والحشد الشعبي والأسلحة في المدينة، وهي تكفي للدفاع عن كركوك وحمايتها من خطر هذا التنظيم، فالمحافظة ستكون مقبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء عليها ودخولها، و(داعش) بدأ من أول من أمس التحشيد قرب جبهات محافظة كركوك، لكن قوات البيشمركة والطائرات قصفت مواقعهم ومنعت تجمعهم في تلك المناطق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.