مواجهات في باحة الأقصى تسفر عن جرح 17 فلسطينيا

عباس يتهم إسرائيل برعاية الاعتداءات.. ويدعو أميركا إلى عدم الاكتفاء ببيانات الإدانة

فلسطينيون يرددون شعارات مناهضة لإسرائيل بعد مواجهات المسجد الأقصى (إ.ب.أ)
فلسطينيون يرددون شعارات مناهضة لإسرائيل بعد مواجهات المسجد الأقصى (إ.ب.أ)
TT

مواجهات في باحة الأقصى تسفر عن جرح 17 فلسطينيا

فلسطينيون يرددون شعارات مناهضة لإسرائيل بعد مواجهات المسجد الأقصى (إ.ب.أ)
فلسطينيون يرددون شعارات مناهضة لإسرائيل بعد مواجهات المسجد الأقصى (إ.ب.أ)

اندلعت مواجهات عنيفة في باحة المسجد الأقصى أمس بين قوات الأمن الإسرائيلية وفلسطينيين كانوا يحتجون على وجود زوار يهود إلى باحات المسجد، مما أدى إلى جرح 17 فلسطينيا وثلاثة من أفراد الشرطة التي اعتقلت 5 فلسطينيين.
وقالت لوبا السمري، المتحدثة باسم الشرطة الإسرائيلية، إن «بضع عشرات من الشبان الملثمين رشقوا الحجارة والمفرقعات بشكل مباشر صوب قوات الشرطة الإسرائيلية المصطفة خارج باب المغاربة، بعدما قامت بفتح باحات الحرم أمام الزوار، ما دفع قوات الشرطة إلى «اقتحام الباحات لدفع الراشقين إلى الوراء إلى داخل المسجد الأقصى».
من جهته، حمل الشيخ عزام الخطيب، مدير أوقاف القدس، الشرطة الإسرائيلية مسؤولية الصدامات التي جرت صباح أمس في باحة المسجد الأقصى، وقال في هذا الصدد: «طلبت من الشرطة الإسرائيلية عدم السماح للزوار اليهود بدخول الأقصى لوجود اعتكاف من قبل المسلمين في المسجد، وحتى لا يحدث أي احتكاك. لكن الشرطة ضربت بعرض الحائط باقتراحنا، وأدخلت زوارا يهودا مما أدى إلى اندلاع مواجهات».
وقال مدير المسجد الأقصى عمر الكسواني إن «المسجد الأقصى تحول إلى ثكنة عسكرية، حيث أغلقت الشرطة بوابات المسجد، ولم تسمح بدخول الموظفين، وأدت قنابل الصوت إلى حرق موضعي في بعض سجاد المسجد الأقصى».
ومباشرة بعد هذه الأحداث اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحكومة الإسرائيلية برعاية وتشجيع اعتداءات المتطرفين الإسرائيليين في المسجد الأقصى، وقال في تصريحات صحافية: «تتزايد هذه الأيام وتتكثف الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى المبارك، التي يقودها مستوطنون ومتطرفون برعاية الحكومة الإسرائيلية». وأضاف أنه «في كل يوم نجد هؤلاء المتطرفين يحاولون بكل الوسائل الدخول إلى المسجد الأقصى من خلال فرض أمر واقع، وهو تقسيم الأقصى زمانيا ومكانيا بحجة أن لهم نصيبا فيه، لكنها حجج واهية وكاذبة وتحريف للتاريخ». وبحسب عباس فإن الحكومة الإسرائيلية تحاول «فتح أبواب خاصة للمستوطنين والمتطرفين لتسهيل الدخول إلى المسجد الأقصى للعبث فيه»، مشددا أن هذا الأمر «لا يمكن السكوت عليه.. ونحن على اتصال دائم مع المملكة الأردنية والمملكة المغربية التي تترأس لجنة القدس لاتخاذ إجراءات عربية ضد هذه الممارسات الإسرائيلية من أجل وقفها». كما حذر عباس من تحويل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إلى صراع ديني بعد المواجهات التي شهدها المسجد الأقصى، وقال عباس في تصريحات للصحافيين في مكتبه في رام الله: «هذه التصرفات الإسرائيلية تحاول أن تجعل الصراع هنا صراعا دينيا، وهي تعرف ونحن نعرف والعالم يعرف خطورة استعمال الدين في الصراعات السياسية»، وتابع موضحا: «لا بد أن نرى جميعا ماذا يحصل من حولنا، وعلى إسرائيل أن تنتبه إلى هذا، وأن تفهم أن مثل هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر عليها وعلى غيرها».
واستعرض عباس ما تقوم به إسرائيل أيضا في الحرم الإبراهيمي في الخليل من إجراءات، وقال بهذا الخصوص: «أضيف إلى ذلك ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي في المسجد الإبراهيمي، حيث تمنع الصلاة فيه يوميا، وكأنها تريد أن تلغي الوجود الإسلامي في هذا الحرم... وهذه التصرفات التي تقوم بها إسرائيل لن تقبل إطلاقا، والدليل على ذلك أن أبناء شعبنا في القدس والخليل يقاومون بشدة ومعهم الحق كل الحق في مثل هذه الخطوات». وتعهد عباس بالذهاب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لعرض هذه الإجراءات. وقال: «نحن نقول للعالم ولأميركا أيضا إن هذا العمل ليس من شأنه أن يحل السلام، بل على العكس من ذلك، لأنه يعطل السلام بكل الوسائل. وهذه ليست طريقة وليست تصرفات من يريد أن يصنع السلام في المنطقة، فإذا كانت إسرائيل جادة في مساعيها لصنع السلام فنحن نحذر وندق ناقوس الخطر بأن هذه المسألة في غاية الخطورة».
وطالب عباس العالم والولايات المتحدة، تحديدا، بعدم الاكتفاء بإصدار بيانات الإدانة للتصرفات الإسرائيلية، وقال في هذا الصدد: «هناك مشكلات أخرى، أهمها النشاط الاستيطاني، ذلك أن كل العالم يقول لإسرائيل إن النشاط الاستيطاني غير شرعي، كما أن أميركا أدانت هذه التصرفات.. بصراحة الإدانة لا تكفي.. يجب أن يوضع حد لتصرفات الحكومة الإسرائيلية، وأميركا قادرة على أن تضع حدا لهذه الإجراءات إن كانت جادة في الوصول إلى سلام».
وأثارت الأحداث الدامية التي عرفها المسجد الأقصى أمس ردود فعل عربية، حيث اتهمت الحكومة الأردنية السلطات الإسرائيلية بإفراغ المسجد الأقصى في البلدة القديمة للقدس من المسلمين بالكامل، ودعتها إلى «تجنب إشعال المزيد من نيران التطرف والفتنة بين أتباع الديانات في العالم».
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني إن «قوات الاحتلال أفرغت المسجد من المسلمين بالكامل، في الوقت الذي تقوم فيه بتمكين المتطرفين اليهود وقطعان المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى وتأدية الصلوات التلمودية تحت حماية القوات الخاصة التابعة للاحتلال». واستنكر «تكرار شرطة الاحتلال جريمتها البشعة بإطلاق الرصاص والقنابل داخل المسجد الأقصى».
كما طالب الوزير الأردني المنظمات والهيئات الدولية والإنسانية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) بـ«الضغط على إسرائيل من أجل فك الحصار عن المسجد الأقصى المبارك، وتجنب إشعال المزيد من نيران التطرف والفتنة بين أتباع الديانات في العالم». من جهتها، شجبت مصر الممارسات الإسرائيلية بمنع دخول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة، مع السماح في الوقت ذاته للمستوطنين الإسرائيليين باقتحام باحة الحرم القدسي الشريف لتأدية الصلوات بداخله تحت حماية القوات الإسرائيلية. وطالب المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس السلطات الإسرائيلية بالامتناع عن هذه الممارسات غير المقبولة لأنها تمثل انتهاكا لكل الأعراف الدولية، وتقويضا للجهود الرامية إلى إحلال السلام في المنطقة.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.