أكراد العراق يغادرون أوروبا عائدين إلى بلادهم من أجل مقاتلة «داعش»

تركوا حياتهم في هولندا وألمانيا وفرنسا وحملوا السلاح ضمن البيشمركة

نوزاد أنور بيك الذي ترك هولندا وعاد إلى كردستان العراق لمقاتلة «داعش»  يحمل بندقيته وإلى جانبه والده (وسط) وإخوته وهم يحملون علم الإقليم (أ.ف.ب)
نوزاد أنور بيك الذي ترك هولندا وعاد إلى كردستان العراق لمقاتلة «داعش» يحمل بندقيته وإلى جانبه والده (وسط) وإخوته وهم يحملون علم الإقليم (أ.ف.ب)
TT

أكراد العراق يغادرون أوروبا عائدين إلى بلادهم من أجل مقاتلة «داعش»

نوزاد أنور بيك الذي ترك هولندا وعاد إلى كردستان العراق لمقاتلة «داعش»  يحمل بندقيته وإلى جانبه والده (وسط) وإخوته وهم يحملون علم الإقليم (أ.ف.ب)
نوزاد أنور بيك الذي ترك هولندا وعاد إلى كردستان العراق لمقاتلة «داعش» يحمل بندقيته وإلى جانبه والده (وسط) وإخوته وهم يحملون علم الإقليم (أ.ف.ب)

قبل ثلاثة أشهر غادر كاروان بابان ألمانيا متوجها إلى مسقط رأسه في إقليم كردستان العراق للانضمام إلى قوات البيشمركة الكردية من أجل مقاتلة متطرفي تنظيم داعش.
وبعد خمسة أيام أمضاها وهو يقود سيارته الصغيرة عبر النمسا ودول البلقان وتركيا وصل هذا الشاب المبتهج والذي يعمل مديرا في إحدى شركات الاستيراد والتصدير في دوسلدوف (غرب ألمانيا) إلى كردستان العراق ليرتدي زي البيشمركة العسكري ويصبح اسمه العقيد كاروان.
ووفقا للمنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب فإن نحو ثلاثة آلاف أوروبي التحقوا بتنظيم داعش الذي شن هجوما واسعا على العراق في التاسع من يونيو (حزيران) الماضي. وبالمقابل، غادر عشرات الأكراد ممن يعيشون في أوروبا البلدان التي يقيمون فيها صوب كردستان للدفاع عن أراضيها من هجمات تنظيم «داعش».
وبالنسبة لكاروان فإن هذه ليست المرة الأولى التي ينضم فيها إلى قوات البيشمركة. فقد حارب في ظل نظام صدام حسين الاستبدادي، لذلك عندما شن تنظيم داعش هجومه الواسع على المناطق المتاخمة لإقليم كردستان مسقط رأسه لم يتردد في مغادرة ألمانيا حيث يعيش منذ نحو عشر سنوات.
ويقضي العقيد كاروان إجازاته في منزل العائلة الضخم (وهي من قبيلة خوشناو)، وهو مبنى على شكل قلعة حصينة تملأها أزهار الياسمين حيث يلعب الأطفال في الممرات.
ويجتمع نحو عشرين شابا وبنادقهم على أكتافهم مع رؤساء عشائرهم. وهم أبناء عمومة، وجميعهم يقاتلون في صفوف البيشمركة وهم عائدون من جبهات القتال. وكثير منهم جاءوا أخيرا من أمستردام وبرلين أو روما ليلتحقوا بجبهات القتال في إقليم كردستان في شمال العراق. وأغلب العائدين من أوروبا هم من قدامى محاربي البيشمركة الذين لبوا نداء رئيس الإقليم مسعود بارزاني، الذي طلب منهم الالتحاق بجبهات القتال فيما يخوض البعض الآخر المعارك لأول مرة.
وبين هؤلاء هناك أشقاء نوزاد أنور بيك الـ12 الذين قدموا من هولندا، وبعضهم يعيش في كردستان منذ عدة سنوات، والبعض الآخر جاء خصيصا من أجل الحرب. وبالنسبة لآزاد (24 عاما) الذي وصل لإقليم كردستان في السادس من أغسطس (آب) الماضي، وبما أنه لم يسبق له أن حمل السلاح، فقد أعطي بندقية وتم إمهاله يومين فقط من أجل التدرب قبل الالتحاق بجبهات القتال.
ويقول آزاد لوكالة الصحافة الفرنسية بفخر إن «لهذه الحرب جانبا حسنا أنها أظهرت للعالم ما يستحقه الأكراد». وأعرب عن أسفه لأنه وصل «متأخرا جدا» لمعركة سد الموصل التي سيطر عليها متطرفو تنظيم داعش في السابع من أغسطس (آب) الماضي، قبل أن يتمكن مقاتلو البيشمركة من طردهم وفرض سيطرتهم عليه مرة ثانية.
لكن شقيقه هريم (32 عاما)، الذي وصل إلى إقليم كردستان قادما من أمستردام في 11 يونيو (حزيران)، كان هناك وأصيب خلال المعارك بجرح عميق في خده الأيسر نتيجة انفجار.
ويقول سرهد أنور بيك، وهو زعيم عشيرة بفخر «لقد جاء أبناؤنا من أوروبا للمشاركة في هذه الحرب، ولبسوا الملابس العسكرية وقدموا الشهداء»، دون أن يتمكن من تحديد أعداد الذين سقطوا في المعارك ممن يحملون الجنسيات الأوروبية. وأضاف أنه «شرف عظيم لعائلاتهم هناك في أوروبا». وأوضح أن القوة التي يقودها تتألف من 1500 عنصر من البيشمركة منهم نحو عشرين مقاتلا جاءوا أخيرا من أوروبا.
ويؤكد العقيد كاروان أن هناك الكثير من الأكراد في دوسلدوف جميعهم على استعداد للمجيء والمشاركة في القتال. وأشار إلى أن أبناء عمومته قدموا من بلدان أوروبية مثل هولندا وألمانيا وإيطاليا «ما عدا فرنسا»، مشيرا إلى أنهم يحبون فرنسا «صديقة كردستان» التي قدمت الأسلحة للإقليم وتشارك في الغارات الجوية ضد تنظيم داعش.
وكانت الشرطة الفرنسية استجوبت في الأيام الأخيرة عائلة شاب كردي يبلغ من العمر 18 عاما بعد اختفائه، خصوصا أنه كان قد أعرب عن رغبته في الذهاب للقتال ضد «داعش». وأولئك الذين هم في العراق يعطون ألقابهم ويكشفون عن وجوههم ويظهرون جوازات سفرهم من دون أي خشية من المشاكل التي قد تعترضهم عند عودتهم إلى أوروبا، فوجودهم هنا ليس سرا.
والعقيد كاروان على اتصال دائم مع الدبلوماسيين الألمان المكلفين بالعلاقات بين البيشمركة والجيش الألماني الذي أرسل أسلحة ومدربين عسكريين إلى كردستان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.