قيادي بمجلس العشائر المنتفضة: الجيش تحول إلى مصدر تمويل لـ«داعش» في الأنبار

القوات العراقية تقاتل لاستعادة مدينة هيت من التنظيم الإرهابي

الدخان يتصاعد من أبنية بمدينة هيت التي يقاتل الجيش العراقي مدعوما بمجاميع شيعية لتحريرها من «داعش» (رويترز)
الدخان يتصاعد من أبنية بمدينة هيت التي يقاتل الجيش العراقي مدعوما بمجاميع شيعية لتحريرها من «داعش» (رويترز)
TT

قيادي بمجلس العشائر المنتفضة: الجيش تحول إلى مصدر تمويل لـ«داعش» في الأنبار

الدخان يتصاعد من أبنية بمدينة هيت التي يقاتل الجيش العراقي مدعوما بمجاميع شيعية لتحريرها من «داعش» (رويترز)
الدخان يتصاعد من أبنية بمدينة هيت التي يقاتل الجيش العراقي مدعوما بمجاميع شيعية لتحريرها من «داعش» (رويترز)

قال سكان إن القوات العراقية مدعومة بمقاتلين متطوعين من الشيعة تحارب لاستعادة السيطرة على مدينة هيت بمحافظة الأنبار في غرب العراق من متشددي تنظيم «داعش». وأضافوا أن القتال تدور رحاه على مشارف المدينة التي سيطر عليها المتشددون قبل نحو أسبوع.
وتظهر لقطات صورت يوم الاثنين وبثتها رويترز أمس مبنى مركز شرطة هيت وقد لحقت به أضرار بالغة ويتصاعد منه دخان وعددا من سيارات الشرطة وقد هجرت في مكان انتظارها ولحقت بها أضرار وشبانا يقذفونها بحجارة. وتبين اللقطات أيضا عددا من المنازل لحقت بها أضرار وأطفالا جرحى يعالجون في مستشفى المدينة.
وسيطر تنظيم داعش على مساحات كبيرة من الأرض في غرب وشمال العراق شملت مدينة الموصل أكبر مدن الشمال في يونيو (حزيران) علاوة على مناطق شاسعة في شرق وشمال سوريا.
واستولى متشددو «داعش» على بلدة كبيسة بعد أيام من سقوط هيت القريبة منها في إطار سعي التنظيم لإحكام سيطرته على البلدات الواقعة غربي الرمادي عاصمة الأنبار.
وسقطت معظم البلدات التي كانت محاصرة في الأنبار سابقا في قبضة تنظيم داعش.
وكشف سقوط هيت قاعدة عين الأسد العسكرية في بلدة البغدادي القريبة وهو ما يعرضها للهجوم. وتكبدت قوات الحكومة العراقية خسائر كبيرة بعد أن حاصر مسلحون معسكرات أخرى للجيش خلال الأشهر الأخيرة.
من جهة أخرى حذر مجلس عشائر الأنبار المنتفضة ضد تنظيم «داعش» من إمكانية سقوط محافظة الأنبار بالكامل بيد هذا التنظيم ما لم يجر اتخاذ إجراءات سريعة مع ضرورة استبدال القيادات الأمنية بالمحافظة وفي المقدمة منها قائد عمليات الأنبار الفريق الركن رشيد فليح بسبب توالي الانتكاسات طوال الشهور الماضية.
وقال عضو المجلس القيادي لعشائر الأنبار المنتفضة ضد «داعش»، الذي جرى تشكيله مؤخرا، فارس إبراهيم في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الأوضاع الأمنية في محافظة الأنبار تسير للأسف من سيئ إلى أسوأ بسبب قلة الدعم والإمكانات فضلا عن الغياب شبه التام للقيادات الأمنية والعسكرية التي لم تبتكر خططا جديدة توازي في الأقل خطط تنظيم داعش الإرهابي وتمدده على الأرض في المحافظة».
وأضاف إبراهيم أن «داعش تمدد في مناطق واسعة من المحافظة خصوصا في الفترة الأخيرة ومنذ تشكيل التحالف الدولي في محاولة منه لفرض أمر واقع بالإضافة إلى ما يمكنه اتخاذه من حواضن وخلايا نائمة في المستقبل»، مشيرا إلى أنه «في الوقت الذي نرى فيه هذا التنظيم يطور خططه وإمكاناته فإن الأمر الغريب أنه لا جديد على مستوى الخطط التي تتخذها القيادات الأمنية وبالتالي فإن معظم أجزاء محافظة الأنبار أصبحت إما بيد داعش تماما أو محاصرة من قبله بما في ذلك وسط مدينة الرمادي حيث التنظيم بات يتمدد في محيطها».
وردا على سؤال حول مستويات التصدي له من قبل الجيش والشرطة قال إبراهيم إن «الشرطة هي التي تتولى الآن حماية المناطق التي لا تزال بيد الحكومة ومجلس المحافظة بينما الجيش تحول للأسف إلى مصدر تمويل لداعش بدلا من طرده لأنه في الغالب يتمكن هذا التنظيم من مهاجمة الجيش ومحاصرته ومن ثم الاستيلاء على أسلحته ومعداته بما فيها الثقيلة».
وأوضح إبراهيم أن «مجلس العشائر المنتفضة ضد تنظيم داعش الذي يدعم الحكومة من أجل القضاء على هذا التنظيم يحتاج إلى أن تسمع الحكومة صوته ومطالبه وفي المقدمة منها تغيير قائد العمليات الفريق الركن رشيد فليح الذي لم يتمكن من تقديم شيء وقد كنا قد أبلغنا الحكومة ذلك عند تأسيس هذا المجلس قبل نحو 10 أيام يضاف إلى ذلك الدعم العسكري السريع للعشائر التي تقاتل هذا التنظيم في عدد من مناطق المحافظة».
وبشأن عمليات التحالف الدولي قال إبراهيم إن «هذه العمليات لا تزال بسيطة ودون المستوى المطلوب كما أن الأمر المستغرب هو نسيان محافظة الأنبار تماما خلال الشهور الثلاثة الأخيرة والتركيز على الموصل والمناطق الشمالية بينما الجميع يعرف أن الأنبار هي الحاضنة الرئيسة لداعش وهي التي تمد باقي المحافظات والمناطق بالمقاتلين والعتاد وبالتالي فإن نسيان الأنبار أدى إلى نتائج كارثية مثلما بات يحصل الآن».
وتابع عضو المجلس القيادي للعشائر المنتفضة «إن الحل يمكن في سرعة زيادة القوات العسكرية وإمداد العشائر التي تقاتل ضد داعش بكل ما يضاعف إمكاناتها وفاعليتها حتى نبدأ صفحة الهجوم المقابل».
في سياق ذلك أكدت قيادة عمليات الأنبار أنها تمكنت من فتح الحصار عن 300 ضابط وجندي شرق مدينة الرمادي. وقالت القيادة في بيان لها أمس «إن القوات الأمنية وبإسناد من طيران الجيش تمكنت من فك الحصار عن 3 أفواج محاصرة من قبل تنظيم داعش بين جسر الياباني ومنطقة البوعيثة شرق الرمادي في محافظة الأنبار وتعزيزها بالمؤن والأرزاق والعتاد والسلاح والوقود».
إلى ذلك قال ملازم أول (م.م) أحد الضباط الذين كانوا محاصرين في هذه المنطقة في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط» إن «تنظيم داعش تمكن من تطويق الفوج الذي أنتسب إليه مع قطعات عسكرية أخرى طوال أكثر من أسبوعين بعد أحداث الصقلاوية والسجر وبقينا محاصرين حتى أوشك عتادنا وأرزاقنا والوقود الذي نستخدمه لعجلاتنا وآلياتنا العسكرية على النفاد»، مشيرا إلى أن «مسلحي داعش كانوا ينادون علينا بضرورة الاستسلام وترك أسلحتنا». وفيما بين أن «هناك من تمكن من التسلل والهرب من بين الجنود والضباط فإننا بقينا محاصرين إلى أن تمكنت القوات العسكرية من فتح الحصار عنا هذا اليوم».
وعلى الصعيد نفسه فإنه وطبقا لما أعلنته قيادة عمليات الأنبار فإنها تمكنت وبإسناد من طيران الجيش من تحرير منطقة الورار شمال مدينة الرمادي في وقت يستمر فيه الحصار على مدينة هيت مع تكثيف الغارات الجوية عليها من قبل الطيران العراقي وطيران التحالف الدولي تمهيدا لاقتحامها بعد أن تمكن تنظيم داعش من السيطرة عليها مع ناحية كبيسة القريبة منها (195 كلم غرب بغداد). ومن محافظة الأنبار التي باتت تعاني حصار تنظيم داعش لغالبية مدنها إلى محافظة صلاح الدين التي لا تزال المعارك تدور على شكل كر وفر في مناطق مختلفة منها وفي المقدمة منها الضلوعية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».