حزب الله متمسك بالتفاوض من «موقع قوة» لإطلاق العسكريين المختطفين.. وعون يبدي مرونة

زوجة أحد المخطوفين لـ {الشرق الأوسط}: البوادر الإيجابية نسمع عنها في الإعلام فقط

ناشطون لبنانيون يحاكون سياسيين خلال مظاهرات تندد بالتمديد لولاية مجلس النواب في بيروت أمس (رويترز)
ناشطون لبنانيون يحاكون سياسيين خلال مظاهرات تندد بالتمديد لولاية مجلس النواب في بيروت أمس (رويترز)
TT

حزب الله متمسك بالتفاوض من «موقع قوة» لإطلاق العسكريين المختطفين.. وعون يبدي مرونة

ناشطون لبنانيون يحاكون سياسيين خلال مظاهرات تندد بالتمديد لولاية مجلس النواب في بيروت أمس (رويترز)
ناشطون لبنانيون يحاكون سياسيين خلال مظاهرات تندد بالتمديد لولاية مجلس النواب في بيروت أمس (رويترز)

يستبعد معنيون بملف العسكريين المختطفين من قبل تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» منذ مطلع أغسطس (آب) الماضي أن يتم تحريرهم قبل عيد الأضحى، نهاية الأسبوع الجاري، رغم الجهود المبذولة لتسريع عملية التفاوض التي يتولاها حصرا مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم من الطرف اللبناني، عبر وسيط قطري يتنقل منذ يومين بين بلدة عرسال وجرودها (شرق لبنان) حيث يلتقي بالخاطفين.
وكان الموفد القطري نجح منتصف ليل الثلاثاء/الأربعاء بتحرير المعاون أول كمال الحجيري الذي اختطف قبل أسبوعين في عرسال الحدودية شرق البلاد، إلا أن التكتم بقي سيد الموقف بما يتعلق بمصير العسكريين الذين اختطفوا على خلفية المعركة بين مسلحي «النصرة» و«داعش» والجيش بعدما حاول التنظيمان المذكوران التمدد إلى داخل الأراضي اللبنانية.
ويعقد مجلس الوزراء اليوم (الخميس) جلسة تبحث بشكل أساسي ملف العسكريين في ظل الحديث عن تقدم الأمور باتجاه السير بمبدأ المقايضة، وهو ما كان يرفضه حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يترأسه الزعيم المسيحي ميشال عون.
وفي هذا الإطار، كشفت مصادر مقربة من حزب الله لـ«الشرق الأوسط» أن ما يُطرح حاليا «هو تسريع وتفعيل الإجراءات القضائية اللبنانية بما يتعلق بالتوقيفات التي نتجت عن معركة عرسال، باعتبار أنّه جرى توقيف نحو 480 شخصا وقد يكون بعضهم غير متورط فعليا بالأحداث ما يوجب إخلاء سبيله». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «المقايضة التي طرحت في البدء كانت تتحدث عن مبادلة العسكريين بـ400 محكوم وموقوف في سجن رومية وهو ما لن نقبل به إطلاقا».
وشدّدت المصادر على أن الحزب ما زال يتعامل مع الملف كما سبق لأمينه العام حسن نصر الله أن أعلن نهاية الشهر الماضي أي لجهة تمسكه «بوجوب التفاوض من موقع قوة».
وكان نصر الله في خطاب متلفز نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي أشار إلى أن الحزب يطالب من منذ اليوم الأول لاختطاف العسكريين بوجوب أن يكون التفاوض من موقع قوة. وقال: «من يريد أن يفاوض يفتش ماذا لديه من أوراق قوة وعناصر قوة يضعها على الطاولة ويتخذ قرارا مسبقا أنه قد يلجأ إليها ويُفهم الخاطفين أنه قد يلجأ إليها، ثم يذهب للتفاوض، وهذا ما طالبنا به. هذه أوراق القوة موجودة، تحدث عنها الرئيس سلام قبل مدة والحكومة اللبنانية تعرف أوراق القوة الموجودة لديها».
ويبدو موقف التيار الوطني الوطني برئاسة النائب عون، أكثر ليونة بما يتعلق بموضوع المقايضة، وهو ما أكّده القيادي في التيار ماريو عون، لافتا إلى أن وزراء التيار لن يكونوا «معارضين أو مشاكسين في حال تقرر السير بمبدأ المقايضة».
وقال عون لـ«الشرق الأوسط»: «ما كنا نؤكد عليه ولا نزال هو وجوب التعامل مع الملف بإطار أن الدولة قوية وقادرة وليست ضعيفة، فلا نلجأ للمقايضة إلا بعد استنفاد كل أوراقنا، ولكن إذا كان هناك وساطات تركية أو قطرية أو غيرها قد تفضي لنتائج فنحن لن نكون معارضين».
واستمر أهالي العسكريين المخطوفين بتحركاتهم للضغط على الحكومة لتسريع عملية إطلاق سراح أبنائهم، فرفضوا كل الوساطات لفتح طريق ضهر البيدر الرئيسي والحيوي شرق البلاد، منتقدين «لا مبالاة المعنيين وإهمالهم».
وفي هذا الإطار، أكّدت صابرين، زوجة الرقيب أوّل في قوى الأمن الداخلي زياد عمر المخطوف من قبل «النصرة» أن أحدا لم يبلغهم بأي مستجدات عن الملف، لافتة إلى أن من يزورهم من سياسيين ومسؤولين: «يكتفي بالإعراب عن تضامنه معنا ولا يحمل جديدا».
وقالت صابرين التي تمكث في إحدى الخيام على طريق ضهر البيدر المقطوعة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أصحاب المصاب لكن لا أحد من المعنيين يكترث لإبلاغنا بالتطورات... ما سمعناه أخيرا عن إيجابية سمعناه بالإعلام فقط».
وأكّد رئيس الحكومة تمام سلام أن المفاوضات القائمة بموضوع العسكريين المختطفين: «آخذة في الاعتبار ما يعود بالنفع والخير على المخطوفين أولا ومن ثم على كل الوطن»، مشددا على أن «الموضوع ليس سلعة سياسية للتداول في البلد، هذا الموضوع يتطلب استنفارا ووعيا وإدراكا وطنيا عند الجميع، منذ بداية الطريق كنت واضحا وصريحا».
وقال سلام في تصريح له من المجلس النيابي: «يجب أن لا ندع أحدا يدخل بيننا ويستغلنا ويضع الأمور في غير نصابها الصحيح، العسكريون الأبطال وأهالي المخطوفين والجيش كلنا جبهة واحدة متماسكة لمواجهة هذه الحال التي تتطلب عناية ودقة كبيرة في المعالجة»، شاكرا «دولة قطر الشقيقة ودولة تركيا للجهود التي يتم بذلها للوصول إلى نتائج إيجابية بالملف».
وبدا لافتا ما أعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أمس مناشدا الحكومة «اتخاذ قرار سريع ومن دون إبطاء بربط غرفة عمليات الجيش اللبناني بغرفة عمليات التحالف الدولي، وإجراء كل التجارب اللازمة لكي يساند هذا التحالف الجيش اللبناني من الجو في حال تعرضه لهجوم من المسلحين في الجرود».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.