«مايكروسوفت» الشركة العملاقة اشترت الشركة الأم للعبة «ماينكرافت» Minecraft لقاء مليارين ونصف المليار دولار. و«ماينكرافت» تحولت إلى ظاهرة عالمية، ربما السبب أنها ليست معقدة، وصورها ليست مبهرجة خاطفة للأنظار، لتجذب الناس إليها. وتنصب ألعابها على تشييد الأشياء وبنائها ما يجعل الملايين يقضون الساعات الطوال في تركيب الأشكال عن طريق معاويل رقمية وغيرها من الأدوات، ومساعدة الآخرين في تركيب ما يقومون به.
شعبية اللعبة أمر واضح منذ سنتين، لكن صفقة «مايكروسوفت» هي إشارة واضحة إلى كيفية نظر عمالقة التقنيات إلى ألعاب مثل «ماينكرافت» وشعبيتها الكبيرة. أما «فيسبوك» فقد قامت سلفا بشراء شركة صانعة لسماعة رأس خاصة بالواقع الافتراضي مقابل ملياري دولار، وابتاعت «سوفت بانك» اليابانية حصة في شركة مطورة للألعاب على الأجهزة المحمولة لقاء 1.5 مليار دولار. واتفقت «أمازون» في الشهر الماضي على شراء «تويتش» موقع البث الفيديوي بأكثر من مليار دولار.
وبخلاف جميع هذه الصفقات الأخرى يبدو أن شراء «ماينكرافت» يعد اعترافا بأهمية الألعاب التي باتت محور حياة الناس. ثم إن ازدياد وجود الأجهزة الجوالة وضع الألعاب عمليا في متناول رؤوس أصابع الجميع كنوع من التسلية أو قتل الوقت.
والأمر بات أشبه باستيقاظ المسنين بالعمر ليتفاجأوا ويقولوا إن الألعاب «هي الشيء الذي نطلبه»، كما يقول جيمس ماككويفي المحلل في «فوريستور ريسيرتش».
* ألعاب شعبية
* وكانت «مايكروسوفت» طبعا هي التي تعرفت على أهمية الألعاب منذ أكثر من عقد مضى، عندما أطلقت جهاز العاب «إكسبوكس» الأصلية، ومنذ ذلك الحين أدت التغيرات الكبيرة في الصناعة، كازدياد أهمية الأجهزة الجوالة والإنترنت إلى تحويل علب الألعاب إلى أحد أنواع الألعاب الكثيرة.
و«ماينكرافت» التي أنشئت في السويد، برزت جدا لأنها وصلت إلى كل جهاز رقمي، فهي تعد أعلى تطبيق سعرا بالنسبة لـ«آي فون»، والثانية بالنسبة لـ«آي باد». وذكرت «موجانغ» الشركة الأم لـ«ماينكرافت» في يونيو (حزيران) الماضي أن مبيعات نسخ العلب من هذه اللعبة فاقت تلك التي تمارس عبر الكومبيوتر. وتقول الشركة إن مبيعاتها الإجمالية منها فاقت 54 مليون نسخة.
لقد أصبحت الألعاب أكثر الفئات نجاحا على صعيد المحتويات في عالم الأجهزة المحمولة، ومثل هذا النمو دفع إلى قيام شركات التقنيات الكبرى إلى الاستثمار في عالم ألعاب الفيديو. وشركات مثل «مايكروسوفت» ترغب في التأكد أن الألعاب الكبيرة متوفرة في أجهزتها. فلعبة «ماينكرافت» هذه لا تتوفر في هواتف «ويندوز» التي تعاني حاليا. ويصرح ساتيا ناديلا كبير مديري الشركة التنفيذيين «إن الألعاب أضحت أكبر الفئات الرقمية التي تقاس على صعيدي الزمن المستهلك، والمال الذي ينفق».
وتستهلك لعبة «ماينكرافت» الكثير من الوقت لأن اللاعبين يقضون الشهور بطولها في تشييد العمارات والمدن، وهم يعملون بسلالم وكتل للبناء. وقد نجحت هذه اللعبة لأنها تجاوزت حدود الأجيال وحاجز الجنس التي طالما جزأت الألعاب إلى فئات مختلفة. والبنات هن أكثر الممارسات لهذه اللعبة، كما أنها واحدة من الألعاب القليلة التي يتشارك بها الآباء والأمهات مع صغارهم.
علاوة على ذلك تتيح «موجانغ» لممارسي ألعابها تأسيس خوادم ألعابهم بأنفسهم على أجهزة كومبيوتراتهم، ليتمكنوا من الالتقاء مع أصدقائهم في عوالمهم الخاصة على الشبكة. وتقوم هذه الشركة ببيع نسخ من اللعبة، بدلا من فرض رسوم على اللاعبين زيادة على البيع، كما يفعل الكثير من ناشري الألعاب.
* أداة تعليمية
* وفي صيف عام 2010 كان جويل ليفن معلما في مدرسة «كولومبيا غرامر» الثانوية في نيويورك، عندما شرع يمارس لعبة «ماينكرافت» مع ابنته التي كانت في سن الخامسة. وعلى الرغم من أن عائلته لا خلفية أو أساس لها في هذه المدينة، فإنها قامت بإنشاء منزل على شجرة في هذه اللعبة. بل إن ابنته تعلمت تهجئة الكلمة الأولى من اللعبة، عندما نقرت على كلمة الأمر «هوم»، لكي يقوم رمزها بالظهور والعودة إلى منزله على الشجرة. وقد أثارت الإمكانات التعليمية إعجاب ليفن حتى إنه شرع في استخدام اللعبة كأداة تعليمية في حصة التقنيات في الصف الثاني الثانوي. وانتقل بعد ذلك إلى شركة «تيشينغ غايمنغ» التي شاركت في التأسيس، والتي تسوق نسخا مصممة حسب الطلب من «ماينكرافت» لخدمة الأغراض التعليمية في المدارس. وتقوم 2700 مدرسة في الولايات المتحدة، وأوروبا، وأستراليا، وغيرها من الأقطار، باستخدام هذا المنتج. وتقوم لعبة «ماينكرافت إيديو» بتعليم دروس في التاريخ والعلوم، يختبر الطلاب خلالها نظريات حول الجاذبية، مع دراسة نماذج عن بابل القديمة.
لعبة «ماينكرافت» أنتجها عام 2009 ماركوس بيرسون مبرمج الألعاب السويدي الجنسية، الذي يحتفظ بأكثرية أسهم شركة «موجانغ». وهو أراد كما ذكر في مدونته في العام الماضي، أن يقوم اللاعبون بما يرغبون أثناء ممارستهم اللعبة، كما أنه لا توجد فيها أبواب كاذبة لا تقود إلى أي مكان، أو أشجار لا يمكن قطعها، بل يمكن للاعبين تأليف قصتهم كما يحلو لهم، وتقرير ما يرغبونه فعلا.
* خدمة «نيويورك تايمز»