التحالف يعيق تحركات «داعش» ويستهدف مصالحه الحيوية وأكبر محطة غاز في سوريا

مسؤول كردي: الطائرات تقصف ليلا والتنظيم يتحرك نهارا

سوريون وسط الدمار الذي خلفته غارات جوية نظامية في مدينة داريا بريف دمشق (أ.ف.ب)
سوريون وسط الدمار الذي خلفته غارات جوية نظامية في مدينة داريا بريف دمشق (أ.ف.ب)
TT

التحالف يعيق تحركات «داعش» ويستهدف مصالحه الحيوية وأكبر محطة غاز في سوريا

سوريون وسط الدمار الذي خلفته غارات جوية نظامية في مدينة داريا بريف دمشق (أ.ف.ب)
سوريون وسط الدمار الذي خلفته غارات جوية نظامية في مدينة داريا بريف دمشق (أ.ف.ب)

واصل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، أمس، ضرب خطوط إمداد تنظيم «داعش» ومصالحه الحيوية في معقله في الرقة وريف حلب الشرقي (شمال سوريا)، بهدف تقويض نفوذه العسكري، وقدرته على التحرك؛ إذ استهدفت مقراته، وصوامع حبوب، وشركة غاز، غداة استهداف منشآت النفط التي يديرها التنظيم ويستفيد منها. وفي ظل اقتصار طيران التحالف على شن غارات ليلية، يواصل التنظيم المتشدد، نهارا، تقدمه باتجاه مدينة كوباني الخاضعة لنفوذ الأكراد بريف حلب الشرقي، حتى بات على مسافة تبعد أقل عن 10 كيلومترات عن مركز المدينة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بتنفيذ طائرات التحالف الدولي غارات على مناطق في أطراف مدينة الرقة، مشيرا إلى أنها استهدفت «مدرسة عين العروس بالقرب من مدينة تل أبيض التي كان يتخذها التنظيم مقرا له، ومبنى آخر في المنطقة»، كما أكد المرصد تنفيذ الطائرات 5 غارات على مطار الطبقة العسكري ومحيطه، الذي يسيطر عليه «داعش»، مؤكدا مقتل عدد من مقاتلي التنظيم.
وأشار المرصد إلى أن 3 الغارات في محافظة حلب، «استهدفت منطقة الصوامع في منبج التي يسيطر عليها التنظيم بريف حلب الشمالي الشرقي؛ مما أدى لاندلاع نيران في منطقة القصف».
وأعلن الجيش الأميركي، أمس، أن ضربة جوية أميركية استهدفت مركبات لتنظيم «داعش» ليل الأحد/ الاثنين بجوار منشأة لتخزين الحبوب قرب بلدة منبج في شمال البلاد، مشيرا إلى أنه «لا يوجد دليل على إصابة مدنيين»، وقال الجيش إن المنشأة التي أصيبت يستخدمها «داعش» مركزا لوجيستيا ومنطقة لإيواء المركبات.
وكانت غارات استهدفت الصوامع في هذه البلدة التي يتخذها التنظيم مقرا له، وإحدى البلدات القليلة التي لا يزال التنظيم المتطرف يسيطر عليها في المنطقة.
وتعرف منطقة منبج بأنها تتضمن أكبر صوامع الحبوب في سوريا، وسيطر عليها الجيش السوري الحر في صيف 2012، قبل أن يسيطر «داعش» عليها مطلع العام الحالي. وقالت مصادر معارضة في الجيش السوري الحر في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن ضربات التحالف «تقوّض قدرة (داعش) على الحركة على المدى الطويل»، كونها «تمنعه من امتلاك مقومات التمدد، وهي النفط والغاز ومشتقات الطاقة، فضلا عن استهداف مخازن الأسلحة والمقرات».
وأشارت المصادر إلى أن مقرات «داعش»، يشتبه في أنها «تتضمن مخازنه من الذخائر، وخزائن المال التي يوزعها على المقاتلين معه والمناصرين»، إضافة إلى أنها «تعد مراكز القيادة والسيطرة، نظرا لأنه يستخدم معظم مقراته لأغراض عسكرية»، وأضافت: «بهذه الضربات، يحاول التحالف القضاء على خطوط الإمداد والدعم التي يستفيد منها التنظيم في حروبه المتشعبة، بهدف منعه من التمدد والدفع بالتعزيزات لخوض المعارك»، مشددة على أن تلك الفوائد «تتحقق الأغراض منها على المدى الطويل وليس بسرعة».
ونفذت قوى التحالف ضربات استهدفت معمل غاز كونيكو، الواقع بالقرب من بلدة خشام بالريف الشرقي لدير الزور، أكبر معمل للغاز في سوريا، الذي يسيطر عليه التنظيم، وتهدف الغارة إلى دفع مجاهدي التنظيم لمغادرة الموقع، كما أورد المرصد.
وقالت المصادر المعارضة في حلب لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات التحالف التي استهدفت المنشآت النفطية الخاضعة لسيطرة «داعش»، أو التي يستفيد منها، «تسببت بأزمة محروقات في الرقة، وتل أبيض، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة (داعش)، بعد نفاذ المازوت والبنزين من السوق»، علما بأن هذه المواد تحرك سيارات وآليات التنظيم التي تعد بالآلاف في منطقة الرقة، وتستخدم لأغراض عسكرية.
وجاءت هذه المعلومات غداة إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن سعر مادة المازوت (الديزل) ارتفع بنسبة 50 في المائة بمحافظة دير الزور، و100 في المائة بمحافظتي حلب وإدلب. ونقل عن تجار واقتصاديين ومهندسي بترول، قولهم إن تجار النفط، الذين يشترونه، من حقول يسيطر عليها «داعش»، رفعوا سعر برميل النفط الخام، بسبب «خطورة نقله وتخوفهم من استهداف الصهاريج التي تنقل النفط، من قبل طائرات التحالف». وبينما يواصل التحالف ضرباته ضد «داعش»، يستغل التنظيم غياب تلك الضربات نهارا، للتقدم باتجاه مناطق كوباني، وتكثيف القصف على أحياء المدينة التي يسكنها مدنيون.
وقال نائب مسؤول الهيئة الخارجية في الإدارة الذاتية في كوباني، إدريس نعسان، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتلي «داعش»: «يستغلون غياب الضربات الجوية للتحالف في النهار لشن الهجمات وإطلاق القذائف البعيدة المدى باتجاه أحياء الآمنين عن مسافة تتخطى 10 كيلومترات»، قائلا إن «10 قذائف على الأقل، سقطت، أمس، في داخل كوباني»، وقال إن مقاتلي «داعش» ينكفئون قليلا في الليل «في ظل تحليق لطائرات التحالف، وبفعل الهجمات التي يشنها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي، الذين يستخدمون تكتيكات عسكرية تتناسب مع الظلام في ظل غياب الأسلحة النوعية التي تتيح لنا صد هجمات التنظيم المتتالية».
وإذ قال نعسان «إننا أمام حرب طويلة المدى مع (داعش)»، طالب التحالف الدولي بشن ضربات سريعة لتنظيم وتجمعاته على مداخل كوباني، وأضاف: «صحيح أن ضربات التحالف مفيدة على المدى البعيد على طريق منع التنظيم من التقدم، ولها تأثير إيجابي، لكننا نحتاج إلى ضربات عاجلة جدا تمنع (داعش) من التقدم باتجاه المدينة»، محذرا من وقوع «مجازر ومذابح إذا وصل مقاتلو داعش إلينا في كوباني»، وقال: «نحن الآن على مقربة من مذبحة».
وكانت طائرات التحالف استهدفت السبت الماضي دبابتين لـ«داعش» في قرية عليشار التي تبعد 12 كيلومترا عن كوباني؛ مما أتاح للمقاتلين الأكراد التقدم، ويقول ناشطون أكراد إن «داعش» دفع بتعزيزات إضافية إلى المنطقة، مؤكدين أن طائرات التحالف ترصدها، كونها تحلق في المنطقة لفترات تتخطى الساعات الثلاث.
وتستهدف طائرات التحالف مناطق منبج التي تبعد 80 كيلومترا عن كوباني، والرقة التي تبعد 150 كيلومترا، وتل أبيض التي تبعد 70 كيلومترا. ويحاول مقاتلو «داعش» السيطرة على المعبر الحدودي لكوباني مع تركيا، كون المعابر في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبينها معبر جرابلس، مغلقة من الجانب التركي.
وانتقد الأكراد الدور التركي في المعركة؛ إذ رأى نعسان أن تركيا «تحاول الضغط على التحالف الدولي لمنع تنفيذ ضربات مؤثرة ضد (داعش) في كوباني»، متهماً إياها بمحاولة «دفع (داعش) للدخول إلى كوباني»، وأضاف: «هناك دعم واضح تركي لـ(داعش) للسيطرة عليه كي يكون لأنقرة ذرائع لمحاربة الإرهاب على أرض كوباني»، مشيرا إلى «تخطيط تركي لاقتحام المدينة برا»، مشددا على أن المقاتلين الأكراد سيعدون أي تدخل بري تركي، بمثابة احتلال، و«سنقاومه لأننا قومية مضطهدة ونستحق أن نحمي إدارتنا الذاتية». وكان المرصد السوري أفاد، أمس، بسقوط 17 قذيفة داخل أحياء كوباني؛ مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص على الأقل، ووقع عدد من الجرحى، وأشار إلى انسحاب العناصر الأتراك من المعبر الحدودي الواصل بين مدينة كوباني وتركيا، بعد سقوط قذائف على منطقة المعبر، لافتا إلى أن سقوط القذائف في هذه المنطقة، أسفر عن إصابة عدد من النازحين الكرد بجراح.
وعلى صعيد الاشتباكات المتواصلة، أفاد المرصد بتمكن مقاتلي التنظيم من الوصول إلى مسافة تبعد نحو 5 كيلومترات عن المدينة، وذلك في أقرب مسافة تمكن التنظيم من الوصول إليها منذ بداية الهجوم الذي نفذه التنظيم في الـ16 من الشهر الحالي، والسيطرة على أكثر من 70 قرية في ريف المدينة، وتشريد أكثر من 200 ألف مواطن كردي نحو الأراضي التركية.
وتوجه المرصد السوري بنداء عاجل، إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمات الإنسانية بتوجيه فِرقها إلى كوباني والمنطقة المتاخمة لها على الحدود السورية - التركية، لمد يد العون، وإغاثة النازحين من المدينة وريفها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.