واصل التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، أمس، ضرب خطوط إمداد تنظيم «داعش» ومصالحه الحيوية في معقله في الرقة وريف حلب الشرقي (شمال سوريا)، بهدف تقويض نفوذه العسكري، وقدرته على التحرك؛ إذ استهدفت مقراته، وصوامع حبوب، وشركة غاز، غداة استهداف منشآت النفط التي يديرها التنظيم ويستفيد منها. وفي ظل اقتصار طيران التحالف على شن غارات ليلية، يواصل التنظيم المتشدد، نهارا، تقدمه باتجاه مدينة كوباني الخاضعة لنفوذ الأكراد بريف حلب الشرقي، حتى بات على مسافة تبعد أقل عن 10 كيلومترات عن مركز المدينة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، بتنفيذ طائرات التحالف الدولي غارات على مناطق في أطراف مدينة الرقة، مشيرا إلى أنها استهدفت «مدرسة عين العروس بالقرب من مدينة تل أبيض التي كان يتخذها التنظيم مقرا له، ومبنى آخر في المنطقة»، كما أكد المرصد تنفيذ الطائرات 5 غارات على مطار الطبقة العسكري ومحيطه، الذي يسيطر عليه «داعش»، مؤكدا مقتل عدد من مقاتلي التنظيم.
وأشار المرصد إلى أن 3 الغارات في محافظة حلب، «استهدفت منطقة الصوامع في منبج التي يسيطر عليها التنظيم بريف حلب الشمالي الشرقي؛ مما أدى لاندلاع نيران في منطقة القصف».
وأعلن الجيش الأميركي، أمس، أن ضربة جوية أميركية استهدفت مركبات لتنظيم «داعش» ليل الأحد/ الاثنين بجوار منشأة لتخزين الحبوب قرب بلدة منبج في شمال البلاد، مشيرا إلى أنه «لا يوجد دليل على إصابة مدنيين»، وقال الجيش إن المنشأة التي أصيبت يستخدمها «داعش» مركزا لوجيستيا ومنطقة لإيواء المركبات.
وكانت غارات استهدفت الصوامع في هذه البلدة التي يتخذها التنظيم مقرا له، وإحدى البلدات القليلة التي لا يزال التنظيم المتطرف يسيطر عليها في المنطقة.
وتعرف منطقة منبج بأنها تتضمن أكبر صوامع الحبوب في سوريا، وسيطر عليها الجيش السوري الحر في صيف 2012، قبل أن يسيطر «داعش» عليها مطلع العام الحالي. وقالت مصادر معارضة في الجيش السوري الحر في حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن ضربات التحالف «تقوّض قدرة (داعش) على الحركة على المدى الطويل»، كونها «تمنعه من امتلاك مقومات التمدد، وهي النفط والغاز ومشتقات الطاقة، فضلا عن استهداف مخازن الأسلحة والمقرات».
وأشارت المصادر إلى أن مقرات «داعش»، يشتبه في أنها «تتضمن مخازنه من الذخائر، وخزائن المال التي يوزعها على المقاتلين معه والمناصرين»، إضافة إلى أنها «تعد مراكز القيادة والسيطرة، نظرا لأنه يستخدم معظم مقراته لأغراض عسكرية»، وأضافت: «بهذه الضربات، يحاول التحالف القضاء على خطوط الإمداد والدعم التي يستفيد منها التنظيم في حروبه المتشعبة، بهدف منعه من التمدد والدفع بالتعزيزات لخوض المعارك»، مشددة على أن تلك الفوائد «تتحقق الأغراض منها على المدى الطويل وليس بسرعة».
ونفذت قوى التحالف ضربات استهدفت معمل غاز كونيكو، الواقع بالقرب من بلدة خشام بالريف الشرقي لدير الزور، أكبر معمل للغاز في سوريا، الذي يسيطر عليه التنظيم، وتهدف الغارة إلى دفع مجاهدي التنظيم لمغادرة الموقع، كما أورد المرصد.
وقالت المصادر المعارضة في حلب لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات التحالف التي استهدفت المنشآت النفطية الخاضعة لسيطرة «داعش»، أو التي يستفيد منها، «تسببت بأزمة محروقات في الرقة، وتل أبيض، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة (داعش)، بعد نفاذ المازوت والبنزين من السوق»، علما بأن هذه المواد تحرك سيارات وآليات التنظيم التي تعد بالآلاف في منطقة الرقة، وتستخدم لأغراض عسكرية.
وجاءت هذه المعلومات غداة إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن سعر مادة المازوت (الديزل) ارتفع بنسبة 50 في المائة بمحافظة دير الزور، و100 في المائة بمحافظتي حلب وإدلب. ونقل عن تجار واقتصاديين ومهندسي بترول، قولهم إن تجار النفط، الذين يشترونه، من حقول يسيطر عليها «داعش»، رفعوا سعر برميل النفط الخام، بسبب «خطورة نقله وتخوفهم من استهداف الصهاريج التي تنقل النفط، من قبل طائرات التحالف». وبينما يواصل التحالف ضرباته ضد «داعش»، يستغل التنظيم غياب تلك الضربات نهارا، للتقدم باتجاه مناطق كوباني، وتكثيف القصف على أحياء المدينة التي يسكنها مدنيون.
وقال نائب مسؤول الهيئة الخارجية في الإدارة الذاتية في كوباني، إدريس نعسان، لـ«الشرق الأوسط»، إن مقاتلي «داعش»: «يستغلون غياب الضربات الجوية للتحالف في النهار لشن الهجمات وإطلاق القذائف البعيدة المدى باتجاه أحياء الآمنين عن مسافة تتخطى 10 كيلومترات»، قائلا إن «10 قذائف على الأقل، سقطت، أمس، في داخل كوباني»، وقال إن مقاتلي «داعش» ينكفئون قليلا في الليل «في ظل تحليق لطائرات التحالف، وبفعل الهجمات التي يشنها مقاتلو وحدات حماية الشعب الكردي، الذين يستخدمون تكتيكات عسكرية تتناسب مع الظلام في ظل غياب الأسلحة النوعية التي تتيح لنا صد هجمات التنظيم المتتالية».
وإذ قال نعسان «إننا أمام حرب طويلة المدى مع (داعش)»، طالب التحالف الدولي بشن ضربات سريعة لتنظيم وتجمعاته على مداخل كوباني، وأضاف: «صحيح أن ضربات التحالف مفيدة على المدى البعيد على طريق منع التنظيم من التقدم، ولها تأثير إيجابي، لكننا نحتاج إلى ضربات عاجلة جدا تمنع (داعش) من التقدم باتجاه المدينة»، محذرا من وقوع «مجازر ومذابح إذا وصل مقاتلو داعش إلينا في كوباني»، وقال: «نحن الآن على مقربة من مذبحة».
وكانت طائرات التحالف استهدفت السبت الماضي دبابتين لـ«داعش» في قرية عليشار التي تبعد 12 كيلومترا عن كوباني؛ مما أتاح للمقاتلين الأكراد التقدم، ويقول ناشطون أكراد إن «داعش» دفع بتعزيزات إضافية إلى المنطقة، مؤكدين أن طائرات التحالف ترصدها، كونها تحلق في المنطقة لفترات تتخطى الساعات الثلاث.
وتستهدف طائرات التحالف مناطق منبج التي تبعد 80 كيلومترا عن كوباني، والرقة التي تبعد 150 كيلومترا، وتل أبيض التي تبعد 70 كيلومترا. ويحاول مقاتلو «داعش» السيطرة على المعبر الحدودي لكوباني مع تركيا، كون المعابر في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وبينها معبر جرابلس، مغلقة من الجانب التركي.
وانتقد الأكراد الدور التركي في المعركة؛ إذ رأى نعسان أن تركيا «تحاول الضغط على التحالف الدولي لمنع تنفيذ ضربات مؤثرة ضد (داعش) في كوباني»، متهماً إياها بمحاولة «دفع (داعش) للدخول إلى كوباني»، وأضاف: «هناك دعم واضح تركي لـ(داعش) للسيطرة عليه كي يكون لأنقرة ذرائع لمحاربة الإرهاب على أرض كوباني»، مشيرا إلى «تخطيط تركي لاقتحام المدينة برا»، مشددا على أن المقاتلين الأكراد سيعدون أي تدخل بري تركي، بمثابة احتلال، و«سنقاومه لأننا قومية مضطهدة ونستحق أن نحمي إدارتنا الذاتية». وكان المرصد السوري أفاد، أمس، بسقوط 17 قذيفة داخل أحياء كوباني؛ مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص على الأقل، ووقع عدد من الجرحى، وأشار إلى انسحاب العناصر الأتراك من المعبر الحدودي الواصل بين مدينة كوباني وتركيا، بعد سقوط قذائف على منطقة المعبر، لافتا إلى أن سقوط القذائف في هذه المنطقة، أسفر عن إصابة عدد من النازحين الكرد بجراح.
وعلى صعيد الاشتباكات المتواصلة، أفاد المرصد بتمكن مقاتلي التنظيم من الوصول إلى مسافة تبعد نحو 5 كيلومترات عن المدينة، وذلك في أقرب مسافة تمكن التنظيم من الوصول إليها منذ بداية الهجوم الذي نفذه التنظيم في الـ16 من الشهر الحالي، والسيطرة على أكثر من 70 قرية في ريف المدينة، وتشريد أكثر من 200 ألف مواطن كردي نحو الأراضي التركية.
وتوجه المرصد السوري بنداء عاجل، إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمات الإنسانية بتوجيه فِرقها إلى كوباني والمنطقة المتاخمة لها على الحدود السورية - التركية، لمد يد العون، وإغاثة النازحين من المدينة وريفها.
التحالف يعيق تحركات «داعش» ويستهدف مصالحه الحيوية وأكبر محطة غاز في سوريا
مسؤول كردي: الطائرات تقصف ليلا والتنظيم يتحرك نهارا
التحالف يعيق تحركات «داعش» ويستهدف مصالحه الحيوية وأكبر محطة غاز في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة