شيكاغو.. مدينة التغيير المستمر

من «بصلة برية» إلى «مدينة الريح»

شيكاغو.. مدينة التغيير المستمر
TT

شيكاغو.. مدينة التغيير المستمر

شيكاغو.. مدينة التغيير المستمر

ّما هي أول مدينة بنت ناطحات السحاب الحديثة في العالم؟ نيويورك أم شيكاغو؟ وما هو أطول برج في العالم؟ برج خليفة في دبي أم برج ويليس في شيكاغو؟ تجد الإجابة إذا تابعت هذا المقال.
يعود الاهتمام بشيكاغو ثالث المدن الكبرى الأميركية إلى قيام طيران الإمارات بأول رحلة افتتاحية مباشرة من دبي إلى هذه المدينة المثيرة للإعجاب التي بنيت في مستنقع على طرف بحيرة ميشيغن قبل 225 سنة وتسمى «مدينة الريح» لشدة الرياح فيها أثناء فصل الشتاء القارس. زرناها قبل 10 سنوات ولاحظنا الآن كيف تتغير باستمرار وتسير نحو الأفضل. المطاعم والحوانيت الجديدة تتكاثر ومعها المساحات الواسعة من الحدائق والخضار وكذلك ناطحات السحاب الحديثة بالفولاذ الصامد والمتاحف الفنية والطراز المعماري المميز. شيكاغو مدينة ذات تاريخ حافل ترنو دائما نحو المستقبل وأهلها يحبونها للغاية فقد جاهد سكانها دوما لجعلها مدينة لائقة يفتخر بها وبالتحسينات المستمرة التي تتمتع بها في كل العهود. وصلها عام 1985 الرئيس الأميركي باراك أوباما لأول مرة في شبابه وعمره 24 عاما وعمل فيها مسؤولا عن تنظيم المراكز الاجتماعية في الأحياء الفقيرة ثم درس الحقوق في جامعة هارفارد وعاد إليها ليعمل محاميا في أهم مكتب محاماة وسكن في الجزء الجنوبي في هايد بارك بعد زواجه وما زال المطعم الإيطالي البسيط «ميديتشي» الذي حاز إعجابه قرب منزله مقصدا للزوار حتى اليوم.

* رحلة الإمارات
أطلقت شركة طيران الإمارات خدمة يومية جديدة في الشهر الماضي من دون توقف إلى شيكاغو المحطة التاسعة للشركة في الولايات المتحدة، وقال عادل الرضا من مؤسسي الشركة قبل 25 عاما والنائب التنفيذي لرئيس طيران الإمارات في مؤتمر صحافي بأن الشركة تسير حاليا 77 رحلة ركاب أسبوعيا بين دبي والولايات المتحدة مستعملة طائرات من طراز بوينغ 777 على معظم رحلاتها. وأضاف أن سبب نجاح الشركة هو اعتقادها «أن المهم ليس نقل المسافر من مكان إلى آخر فهذا سهل إنما توفير كل أسباب الراحة له باستخدام المعايير الرفيعة التي تشمل السلامة والخدمة والرفاهية حتى يشعر أننا مهتمون به شخصيا». قامت بلدية شيكاغو وطيران الإمارات بتنظيم جولة سياحية للوفد الصحافي العالمي الذي سافر على متن الرحلة الافتتاحية وكان برنامجا موفقا للغاية لأنه يعطي فكرة شاملة عن أهم المواقع السياحية.

* لمحة من التاريخ
أطلق الهنود الحمر على المدينة اسم شي كاغو أي: البصلة البرية بلغتهم لكنها أصبحت منذ عام 1856 مركزا هاما للتجارة بواسطة القطارات ونقل الخشب والحيوانات والحبوب وبدأت فيها الصناعات مثل الفولاذ فتدفق عليها المهاجرون وبلغ عدد سكانها 300 ألف ولد نصفهم خارج الولايات المتحدة أما الآن فيبلغ عدد السكان نحو 3 ملايين. أصابها حريق كبير عام 1871 سببته – كما يقال – بقرة المسز أوليرلي رفست سطلا في الإسطبل قلب مصباحا من الجاز فأشعل النار الذي امتد إلى الدور الخشبية المجاورة فأصاب المدينة خراب كبير احترق فيه 17 ألف مسكن مبني من الخشب لكن المدينة نهضت من الحطام لأن أهلها يتسمون بالحيوية والمرونة ويتكيفون مع الأحداث إثر بلاء ملم فأعادت شيكاغو إنشاء نفسها بقالب جديد وأبنية غير قابلة للاحتراق وصمموا أبنية مرتفعة بعد اختراع المصاعد ثم أقاموا معرضا دوليا شاركت فيه 46 دولة كان من بين معروضاته الشهيرة «شوارع القاهرة». سميت بعد ذلك «مدينة الرذيلة» في أوائل القرن العشرين لانتشار الفساد والمواخير والملاهي والمقامرة ثم جاءت فترة منع المشروبات الكحولية وانتشرت الجريمة المنظمة وبرز اسم آل كابوني القادم من نيويورك الذي صفى خصومه في مجزرة يوم الحب عام 1929 في أربعينات القرن المنصرم قام فريق علمي في جامعة شيكاغو بأبحاث متقدمة حول الطاقة النووية وأنشأ العالم انريكو فيرمي أول مفاعل نووي فيها مما مهد الطريق لاختراع القنبلة الذرية.

* حديقة ألف عام
جدد محافظ (عمدة) شيكاغو السابق ريتشارد إم. ديلي شكل المدينة وجعلها متميزة ومختلفة عن غيرها من المدن ضاربا الرقم القياسي في البقاء في منصبه لمدة 22 سنة أي أكثر من أبيه بسنة حين تبوأ نفس المنصب في خمسينات القرن الفائت ونجح في الانتخابات 6 مرات متتالية. كانت النتيجة مذهلة في عهد الابن فقد أمر بزرع نصف مليون شجرة وجعل المدينة أكثر مدن أميركا خضارا بل حول سقف بناية المحافظة إلى حديقة تتباهى بمائة نوع من النباتات المحلية لتحسين نوعية الهواء في الجو. حديقة ألف عام (ميلينيوم بارك) تمتد على مسافة 99 ألف متر مربع بكلفة 475 مليون دولار علامة واضحة على تركته وشعبيته الفائقة حتى اليوم فهي خلقت من لا شيء وأصبحت مثالا للتنزه والاستمتاع بالفن الحديث والعمارة وهندسة المناظر الطبيعية وحفلات الموسيقى على مقربة من البحيرة. وجدنا فيها جناحا خاصا بناه المهندس المعماري الشهير فرانك جيري يتميز بصفاء وقوة الصوت حين تعزف الأوركسترا في الهواء الطلق، أما البناء المبتكر بشكل «حبة الفول» في وسط الحديقة فهو نحت صممه الفنان الهندي الأصل انيش كابور مصنوع من 168 لوحا من الفولاذ الصامد المصقول لحمت ببعضها بعلو 3 طوابق ويعكس صورة الزائر ووراءه ناطحات السحاب لذا يطلق عليه الناس اسم «مرآة السماء».

* الرحلة النهرية
إذا أردت الاستمتاع برؤية شيكاغو وتناسق ناطحات السحاب فيها فعليك بالرحلة النهرية التي تنظمها سيدات شيكاغو لمنظمة الهندسة المعمارية فمن خلالها سترى أهم خمسين بناء وأنت تتجول في قارب يعبر نهر شيكاغو ويلف حول وسط المدينة. صورة المباني العالية ستبقى في مخيلتك دوما لأن ناطحات السحاب في شيكاغو هي أجملها في العالم ولا عجب فإن أول ناطحة سحاب حديثة بنيت في شيكاغو عام 1889 أي قبل نيويورك وغيرها أما ناطحات السحاب القديمة التي لا تتجاوز الـ10 طوابق بعلو 30 مترا فقد بنيت منذ مئات السنين من التراب والطين في شيبام بجنوب اليمن وما زالت قائمة حتى الآن. وأعلى مبنى في شيكاغو اليوم هو برج ويليس (برج سيرز سابقا) بعلو يصل إلى 572 مترا في أعلى نقطة منذ إنشائه عام 1973 وفيه 108 طوابق لكن برج خليفة في دبي بالإمارات العربية المتحدة يفوقه منذ عام 2007 بعلو يبلغ 830 مترا تقريبا. منظر شيكاغو من أعلى برج ويليس رائع ومثير للغاية، وقد تناولنا طعام الفطور على سطحه فكانت تجربة ممتعة لكن البعض تحاشى النظر إلى الأسفل حتى لا يصاب بالدوران وسوء الهضم.

* متحف الفن
شيكاغو مدينة غنية بالفنون والمتاحف وتحب الثقافة والإبداع، و«معهد الفن» فيها مؤلف من 4 أجنحة صمم أحدها المهندس المعماري الإيطالي رينزو بيانو ويعد منذ تأسيسه عام 1866 أكثر من متحف فهو في نفس الوقت مدرسة للفنون ويجمع لوحات وتحفا فنية من أرجاء العالم. تجد فيه اليوم مجموعة نادرة من لوحات كبار الرسامين الانطباعيين الفرنسيين أمثال مونيه ورينوار وسوراه وسيزان الذين سجلوا بريشتهم الانطباعات المرئية المتغيرة في الطبيعة فتألقوا في إبراز أثر الضوء، والمجموعة هي أهم ما تجده في الولايات المتحدة ولا تضاهيها سوى المجموعة المماثلة للانطباعيين في باريس. يبنون الآن قسما خاصا للفن الإسلامي سيفتتح بعد أشهر وفيه 800 قطعة نفيسة من المغرب وإسبانيا وإيران ومصر وتركيا والهند منها المشربيات والمنمنمات والتصاوير والبلاطات الخزفية، وسيكون افتتاح هذا القسم حدثا فنيا كبيرا.

* شارع التسوق
إذا تعبت من ارتياد المواقع التي تستحق المشاهدة فستجد شارعا راقيا هو ميشيغن يمتد نحو 2 كيلومتر وعلى طرفيه أفخر المحلات التجارية العالمية وأجملها البناء الحديث من عدة طوابق لمحل «بيربري» البريطاني وفيه المجموعة الكاملة للألبسة والإكسسوار التي تجدها في لندن وبأسعار تتناسب مع فخامة المحل. تجد في نفس الشارع الفنادق المترفة والمطاعم ذات الذوق الرفيع والتسلية.

* بيت روبي
تمتاز شيكاغو بأسلوبها الخاص في الهندسة المعمارية والبناء، وأشهر مهندسيها هو فرانك لويد رايت (1867 – 1959) ومن أروع أعماله «بيت روبي» قرب جامعة شيكاغو في الحي الذي تتكون غالبيته من السود (36 في المائة من سكان المدينة) حيث كان يقطن الرئيس أوباما. زيارة هذا المنزل الفريد لا بد منها إن كنت تحب فهم الطراز الحديث للبناء في العالم والثورة التي أحدثها رايت منذ عام 1906 في تشييد المنازل الخاصة. يعد هذا البيت أحد أهم 10 منازل بنيت في القرن العشرين، وتعتمد فلسفة رايت القادم من ولاية ويسكنسن في البناء على التناغم بين الحجم الإنساني للأبنية وانسجامها مع الجو المحيط بها. نظر رايت في شبابه إلى شيكاغو وقال: إنها مدينة صناعية قذرة وحقل للرماد ونفايات المعادن ولا يمكن إنقاذها إلا بالهندسة المعمارية الجميلة والحديثة، وأضاف أن أبنية جامعة شيكاغو القريبة منفصلة عن الواقع الأميركي المعاصر وتقليد أعمى غير موفق للأساليب الإنجليزية القديمة في بناء الجامعات مثل أكسفورد وكمبردج. كان رايت واثقا من نفسه وصرح بأنه أعظم مهندس معماري في العالم، وثورته ما زالت تتردد أصداؤها حتى اليوم.

* أين تنام وأين تأكل؟
شيكاغو مليئة بمئات الفنادق والمطاعم من مختلف المستويات، ولم نر سوى فندق فورسيزونز وريتز كارلتون في وسط المدينة ومنطقة التبضع وكلاهما من فئة 5 نجوم. غرف الأول تبدأ من الطابق 30 وهي فسيحة ومريحة وأسعارها تتجاوز 500 دولار والإقامة في الثاني لا تقل راحة وبذخا عن الأول سوى فرق قليل بـ10 في المائة من الأسعار.
أما المطاعم التي تناولنا فيها الوجبات فأفضلها مطعم «إل تو أو» في حي لينكولن بارك ومختص بالأكل البحري ولن تندم على المجيء إليه لأنه يقدم لائحة للطعام بـ3 أو 4 أو 13 طبقا لذيذا مبتكرا وخدمة من الطراز الأول ستنسى بعدها ثمن الوجبة لأنها تجربة طعامية مذهلة. المطعم المعروف باسمه الإيطالي وإدارته الفرنسية «سبياجا» (أي: الشاطئ بالإيطالية) في آخر شارع ميشيغن فخم وجيد لكن أسعاره لا تتناسب مع مستوى الأطباق التي يقدمها. المطعم الذي ستذكره لأنه في منتهى الجودة والأسعار المعقولة والجو المشرق هو مطعم «تيرسو بيانو» (أي: الطابق الثالث) في الجناح الحديث لمعهد الفن الذي صممه رينزو بيانو.
ليلة رائعة لا تنسى أقامها محافظ شيكاغو لوفد طيران الإمارات في صالة كبيرة على رصيف السفن جمعت 500 من كبار شخصيات المدينة كان نجمها المتألق المغني المعروف ليونيل ريتشي المحبوب أيضا في البلاد العربية وخاصة دول الخليج والمغرب.
الغريب في لهجة أهالي شيكاغو أنهم يلفظون كلمة السندويتش بقولهم «ساميتش» ويسمون اللحم المطهي المعروف بروست بيف «اللحم الإيطالي» وألطف تسمية لمطعم صغير للأكل العربي هي «أنا أحلم بالفلافل»!
شيكاغو مدينة ساحرة وستشعر بعد زيارتها أنك تحن للعودة إليها حتى قبل أن تغادرها.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».