أول خرق عسكري للمعارضة في قلب دمشق منذ عام.. والنظام يرد بحملات أمنية

فصيل معارض يتوعد باستهداف المنطقة الرئاسية بالصواريخ.. وأنباء عن مقتل رئيس فرع المخابرات الجوية

أول خرق عسكري للمعارضة في قلب دمشق منذ عام.. والنظام يرد بحملات أمنية
TT

أول خرق عسكري للمعارضة في قلب دمشق منذ عام.. والنظام يرد بحملات أمنية

أول خرق عسكري للمعارضة في قلب دمشق منذ عام.. والنظام يرد بحملات أمنية

هاجم مقاتلون معارضون سوريون، أمس، حاجزا للقوات النظامية في منطقة الزاهرة، وسط العاصمة دمشق، في خرق هو الأول من نوعه منذ أكثر من عام، بعد إغلاق النظام كافة المداخل إلى العاصمة، ومواصلة حملات الدهم الأمنية داخلها، منعا لتمدد المعارك من المناطق المحيطة بها في غوطتي دمشق الشرقية والغربية إليها. وجاء ذلك بموازاة إعلان «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» عن حملة إطلاق صواريخ ضد المراكز الأمنية والمنطقة الرئاسية في العاصمة السورية.
وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن ثلاثة عناصر إسلاميين «تسللوا إلى العاصمة السورية، ونفذوا هجوما على حاجز للقوات النظامية في منطقة الزاهرة القديمة، قبل أن يقتلوا نتيجة الاشتباكات»، مشيرا إلى أن الهجوم «انغماسي، ويدرك معه المقاتلون المتسللون من الغوطة الشرقية أنهم لن يعودوا سالمين».
ويعد هذا الخرق، الأول من نوعه منذ أكثر من عام، إذ تندلع الاشتباكات في مواقع محيطة بالعاصمة السورية التي أقفلت القوات النظامية مداخلها، وأقامت نقاطا عسكرية مشددة على كافة محاورها، وتنفذ في الداخل حملات دهم واسعة لمنع وجود المقاتلين المعارضين.
وتسيطر القوات الحكومية على كافة أحياء دمشق منذ مطلع عام 2013، باستثناء حي جوبر الدمشقي الذي تقصفه منذ نحو 20 يوما، في محاولات فاشلة لاستعادة السيطرة عليه. ويقاتل النظام السوري لاستعادته بهدف تأمين ساحة العباسيين وأحياء في وسط دمشق القديمة من هجمات محتملة، قبل أن ينفرط خط الأمان الذي اتخذته القوات النظامية في حي الدخانية الأسبوع الماضي، ما هدد بوصول المقاتلين المعارضين إلى مداخل دمشق القديمة في باب شرقي وباب توما.
وكان عضو الائتلاف والمجلس الوطني السوري أحمد رمضان كشف أن وصول كميات محدودة من الأسلحة والذخائر للثوار في ريف دمشق «ساهم في تقدمهم ومكنهم من التقدم إلى بعد أمتار عن العاصمة السورية». وقالت مصادر معارضة في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «يحاول إبعاد المقاتلين المعارضين عن المنطقة الفاصلة بين الغوطة الشرقية والعاصمة، منعا للاختراق». لكن هذه المعادلة، بحسب المصادر، «سقطت بتقدم المعارضة في الدخانية المحاذية لجسر المتحلق الجنوبي وجرمانا، وفي جوبر قبل أن يستعيد النظام السيطرة على حاجز له، ويطلق حملة القصف العنيف للحي»، مشيرة إلى أن المقاتلين المعارضين «يشنون هجمات على كامل حدود الغوطة الشرقية مع دمشق، ما يعني نهاية الهدوء في العاصمة». وأفاد «المرصد السوري» بسماع أصوات إطلاق نار كثيف في الزاهرة القديمة وسط العاصمة فجر أمس، ناتجة عن اشتباك عنيف دار بين مقاتلين من طرف، وعناصر حاجز لقوات النظام من طرف آخر، في منطقة الزاهرة القديمة، ترافق مع استقدام قوات النظام لتعزيزات من عناصره إلى الحي واستنفار في المنطقة المحيطة، ما أدى لمقتل 3 مقاتلين، ووقوع خسائر بشرية في صفوف عناصر الحاجز. وعلى الأثر، نفذت قوات النظام حملة مداهمات لمنازل مواطنين في منطقة بالقرب من مقبرة الحقلة، ومنطقة القاعة بحي الميدان.
وقال ناشطون إن مجموعة من الجيش الحر في حي الحجر الأسود تسللت إلى حي الزهرة القديمة وهاجمت حاجز المارينا. وتحدثت مصادر موالية للنظام عن أن مجموعة مسلحة تسلّلت عبر أقنية الصرف الصحي انطلاقا من حي الحجر الأسود إلى حي الزاهرة المتصل بحي الميدان جنوب العاصمة، في محاولة لإحداث اختراق.
ووقعت الاشتباكات لدى فرض قوات النظام وميليشيا جيش الدفاع الوطني حصارا على المنطقة وإغلاق طريق الزاهرة القديمة والقاعة.
وأظهرت صورا تداولها موالون للنظام في مواقع التواصل الاجتماعي جثثٍ لثلاثة أشخاص قيل إنها للمقاتلين الذين تسللوا إلى الزاهرة وإلى جانبهم رايات «جبهة أحرار الشام». كما قال ناشطون إن عناصر من ميليشيات تابعة لقوات النظام «سحلت الجثث بالشوارع وعلى مرأى من الناس».
وتواصلت المعارك في حي جوبر، إذ وقعت اشتباكات بين مقاتلي الكتائب الإسلامية وجبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) من جهة، وقوات النظام مدعمة بقوات الدفاع الوطني وحزب الله اللبناني من جهة أخرى في حي جوبر، بينما اندلعت اشتباكات أخرى على أطراف حي التضامن بمدينة دمشق.
وجدد الطيران الحربي قصفه الصاروخي على مناطق في بلدة عين ترما ومدينة سقبا بالغوطة الشرقية، ما أدى لسقوط عدد من الجرحى، بينما ارتفع عدد القتلى نتيجة قصف الطيران الحربي على مناطق في مدينة دوما، إلى 6 بينهم طفلان. كما سجّل سقوط أكثر من عشرين قذيفة هاون على حي الدويلعة وكشكول، أمس، بعدما أعلن «الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام» بدء «المرحلة الثانية من عملية استهداف مناطق رئاسية وعسكرية وأمنية في العاصمة السورية»، بعد «المجازر المروعة والقصف الهمجي الحاقد الذي عاد ومارسه النظام على المناطق المحاصرة، وخاصة في دمشق وغوطتيها». وقال الاتحاد في بيان مصور، إن المرحلة الثانية من عملية صواريخ الأجناد، ستستهدف المنطقة الرئاسية في حي المالكي، والمنطقة الأمنية والعسكرية في حي المزة 86، وذلك باستخدام صواريخ كاتيوشا، المصنعة محليا في معامل الدفاع التابعة له.
في سياق متصل، أكدت مصادر موالية للنظام مقتل رئيس فرع المخابرات الجوية في دمشق، العقيد رضا حافظ مخلوف، الملقب بـ«أبو الليث». خلال الاشتباكات الحالية في منطقة الدخانية في ريف دمشق يوم السبت الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.