«داعش» يستعد لتغيير تكتيكاته وسط تقارير عن هروب مسلحيه من الأنبار

مع استمرار الحشد الدولي وتعهد العشائر بتصفية التنظيم المتطرف

عناصر أمن عراقيون خلال عملية مطاردة لمسلحي «داعش» قرب حديثة في محافظة الأنبار الغربية الثلاثاء الماضي (رويترز)
عناصر أمن عراقيون خلال عملية مطاردة لمسلحي «داعش» قرب حديثة في محافظة الأنبار الغربية الثلاثاء الماضي (رويترز)
TT

«داعش» يستعد لتغيير تكتيكاته وسط تقارير عن هروب مسلحيه من الأنبار

عناصر أمن عراقيون خلال عملية مطاردة لمسلحي «داعش» قرب حديثة في محافظة الأنبار الغربية الثلاثاء الماضي (رويترز)
عناصر أمن عراقيون خلال عملية مطاردة لمسلحي «داعش» قرب حديثة في محافظة الأنبار الغربية الثلاثاء الماضي (رويترز)

في وقت أعلن فيه مجلس محافظة الأنبار عن بدء عناصر تنظيم «داعش» الهروب من المناطق التي يسيطرون عليها، كشف خبير متخصص في شؤون الجماعات المسلحة عن بدء التنظيم تغيير تكتيكاته لمواجهة الحشد الدولي الذي بدأت تعمل عليه الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي بهدف إلحاق الهزيمة به في كل من العراق وسوريا.
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في تصريح أمس إن «معلومات دقيقة وصلت إلى القيادات الأمنية والحكومة المحلية في الأنبار تفيد بهروب عناصر تنظيم (داعش) من أقضية المحافظة ونواحيها التي يسيطرون عليها، على شكل جماعات، إلى الصحراء الغربية والأراضي السورية، وهم في حالة ارتباك». وأكد كرحوت أن «هروب عناصر (داعش) في هذا الوقت، دليل واضح على خوف العناصر المسلحة من مواجهة القوات الأمنية التي حققت إنجازات عسكرية كبيرة خلال الساعات الماضية»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية تمكنت من تطهير منطقة (السبعة كيلو)، غربي الرمادي، وتطويق مناطق زنكورة والتأميم، وتحرير محيط قضاء حديثة».
في سياق ذلك، نفت قيادة عمليات الأنبار أن تكون هي التي قصفت مستشفى الفلوجة، وذلك بعد يوم من القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بإيقاف القصف على المدن بما فيها تلك التي يتحصن فيها «داعش».
وقال قائد عمليات الأنبار الفريق رشيد فليح في بيان: «نحن ملتزمون بقرار القائد العام للقوات المسلحة بإيقاف القصف على المدن والقرى رغم وجود الإرهابيين فيها». وأضاف أن «إرهابيي (داعش) قصفوا مستشفى الفلوجة واتهمونا بذلك من أجل تحريض الناس علينا واتخاذ الأمر حجة لاستمرار عملياتهم الإجرامية ضد قواتنا». وأكد فليح أن «سكان الأنبار يعون جيدا من يريد قتلهم وإلحاق الضرر بهم»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية تسعى جاهدة للحفاظ على أمن وأرواح المواطنين وتجنب الإضرار بممتلكاتهم».
من ناحية ثانية، طالب مجلس محافظة صلاح الدين رئيس الوزراء باستثناء المحافظة من قرار إيقاف القصف بسبب المعارك التي تدور في المحافظة ضد تنظيم «داعش» عادّا أن إيقاف القصف يمكن أن يصب في صالح التنظيم المتطرف.
وكانت كل الأوساط السياسية والعشائرية في العراق رحبت بالقرار الذي اتخذه العبادي بإيقاف قصف المدن، بينما طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات العراقية بإجراء تحقيق في واقعة قصف مدرسة تضم نازحين في ناحية العلم التابعة لمحافظة صلاح الدين التي راح ضحيتها نحو 41 شخصا، بينهم أطفال ونساء، عن طريق الخطأ من قبل طائرة عراقية.
وأصدرت منظمة حقوق الإنسان العالمية بيانها بهذا الخصوص أمس الأحد عشية استقبال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ممثلة منظمة «هيومان رايتس ووتش» في العراق إيرين إيفرز أمس الأحد، الذي أبلغها، طبقا لبيان صدر عن مكتبه، أن «الحكومة العراقية ومنذ التصويت عليها الأسبوع الماضي اتخذت مجموعة من القرارات الفاعلة، ولديها اهتمام فعلي بعدم حصول أي خرق لحقوق أي مواطن عراقي». وأضاف العبادي أن «هناك توجيهات صدرت من قبله إلى القوات الأمنية التي تخوض حربا شرسة مع تنظيم (داعش) الإرهابي بضرورة الحفاظ على المدنيين والمواطنين».
من جهته، عدّ الشيخ غسان العيثاوي، أحد رجال الدين وشيوخ العشائر في محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار العبادي بإيقاف قصف المدن سلاح ذو حدين؛ ففي الوقت الذي يستفيد منه الأهالي على صعيد الأمان الشخصي وعدم تعرضهم لاحتمال القصف بالخطأ، فإنه من جانب آخر سيؤدي إلى تغلغل (الدواعش) في صفوف المدنيين بسبب ما سيتوفر لهم من بيئة آمنة». وحول هروب مسلحي «داعش»، لا سيما مع اقتراب الحشد الدولي ضدهم، قال العيثاوي إن «عشائر الأنبار لم يعد أمامها سوى تحشيد كل طاقاتها من أجل القضاء على هذا الوباء الذي اسمه (داعش)، ولا نريد سوى توفير الإمكانات لنا حتى لا يتاح لعناصر هذا التنظيم الهرب، بل نحن عازمون على أن تكون محافظة الأنبار مقبرة لهم».
في سياق ذلك، كشف هشام الهاشمي، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة في «مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم (داعش) بدأ الآن يستخدم تكتيكات جديدة؛ منها التخندق والتستر بهدف اتقاء سلاح الجو ما دام الحشد الدولي يعتمد حتى الآن الضربات الجوية»، مشيرا إلى أن «لدى التنظيم بطريقة أو بأخرى آلة إعلامية تساعده، لا سيما على صعيد ما سيحدثه القصف المتوقع من آثار سلبية على المدنيين الذين سيتخفى بينهم عناصر (داعش)، الأمر الذي يمكن أن يزيد السخط الشعبي من هذه الناحية». وأشار إلى أن «الأمر يتطلب جهدا استخباراتيا فاعلا لكي تنجح الخطة، لأن (داعش) يعتمد حتى الآن على سياسة إلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين حتى يلتحق المزيد منهم بصفوفه بسبب عمليات القصف التي تؤدي إلى مقتل أبرياء، وهو مما يجعل بعضهم يتعاطف مع هذا التنظيم». وعدّ الهاشمي أن «إيقاف عمليات القصف في حد ذاته لا يكفي؛ بل المطلوب تحديد الأهداف بدقة، خصوصا أن (داعش) يشبه الجيوش النظامية، لكنه يتميز بأن مسلحيه لا يتحركون بطريقة الأرتال ولا يوجدون في معسكرات مثل معسكرات الجيش»، مبينا أنهم «سينتقلون الآن إلى المرحلة الوقائية التي هي عبارة عن خلايا نائمة فقط».
في تطور آخر ذي صلة، قال شاهد لوكالة رويترز أمس بأن مسلحي «داعش» أعدموا علنا 8 رجال سنة في قرية صغيرة بشمال العراق قبل يومين للاشتباه في تآمرهم ضد التنظيم.
وتابع الشاهد أن عمليات الإعدام بدأت مساء الجمعة عندما قتل مسلحان ملثمان من «داعش» ضابط شرطة في قرية الجماسة بعد أن اتهمته الجماعة بالتجسس لحساب القوات الكردية والاتحادية.
وجمع مقاتلو التنظيم السكان المحليين لمشاهدة عملية الإعدام في القرية الواقعة على بعد 120 كيلومترا إلى الشمال من تكريت. وأضاف الشاهد «أعضاء (داعش) قالوا: إن هذا هو مصير أي أحد يعارضهم.. عرضوا أقراصا مدمجة ونسخا من مراسلات الرجل مع قوات الأمن كدليل».
وبعد إعدام ضابط الشرطة فتحت جماعة مسلحة صغيرة النار انتقاما على منزل ضابط في تنظيم «داعش». وصباح أول من أمس، حسب الشاهد، جالت 10 سيارات تابعة للتنظيم قرية الجماسة ومعها ملثمان من المخبرين الذين ساعدوا المسلحين في التعرف على 10 أشخاص يشتبه بأنهم هاجموا منزل الضابط الليلة السابقة. وفي المساء أفرج التنظيم عن 3 بينما أعدم الـ7 الآخرين وهم أقارب ما عدا واحدا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.