في وقت أعلن فيه مجلس محافظة الأنبار عن بدء عناصر تنظيم «داعش» الهروب من المناطق التي يسيطرون عليها، كشف خبير متخصص في شؤون الجماعات المسلحة عن بدء التنظيم تغيير تكتيكاته لمواجهة الحشد الدولي الذي بدأت تعمل عليه الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي بهدف إلحاق الهزيمة به في كل من العراق وسوريا.
وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في تصريح أمس إن «معلومات دقيقة وصلت إلى القيادات الأمنية والحكومة المحلية في الأنبار تفيد بهروب عناصر تنظيم (داعش) من أقضية المحافظة ونواحيها التي يسيطرون عليها، على شكل جماعات، إلى الصحراء الغربية والأراضي السورية، وهم في حالة ارتباك». وأكد كرحوت أن «هروب عناصر (داعش) في هذا الوقت، دليل واضح على خوف العناصر المسلحة من مواجهة القوات الأمنية التي حققت إنجازات عسكرية كبيرة خلال الساعات الماضية»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية تمكنت من تطهير منطقة (السبعة كيلو)، غربي الرمادي، وتطويق مناطق زنكورة والتأميم، وتحرير محيط قضاء حديثة».
في سياق ذلك، نفت قيادة عمليات الأنبار أن تكون هي التي قصفت مستشفى الفلوجة، وذلك بعد يوم من القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي والقائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي بإيقاف القصف على المدن بما فيها تلك التي يتحصن فيها «داعش».
وقال قائد عمليات الأنبار الفريق رشيد فليح في بيان: «نحن ملتزمون بقرار القائد العام للقوات المسلحة بإيقاف القصف على المدن والقرى رغم وجود الإرهابيين فيها». وأضاف أن «إرهابيي (داعش) قصفوا مستشفى الفلوجة واتهمونا بذلك من أجل تحريض الناس علينا واتخاذ الأمر حجة لاستمرار عملياتهم الإجرامية ضد قواتنا». وأكد فليح أن «سكان الأنبار يعون جيدا من يريد قتلهم وإلحاق الضرر بهم»، مشيرا إلى أن «القوات الأمنية تسعى جاهدة للحفاظ على أمن وأرواح المواطنين وتجنب الإضرار بممتلكاتهم».
من ناحية ثانية، طالب مجلس محافظة صلاح الدين رئيس الوزراء باستثناء المحافظة من قرار إيقاف القصف بسبب المعارك التي تدور في المحافظة ضد تنظيم «داعش» عادّا أن إيقاف القصف يمكن أن يصب في صالح التنظيم المتطرف.
وكانت كل الأوساط السياسية والعشائرية في العراق رحبت بالقرار الذي اتخذه العبادي بإيقاف قصف المدن، بينما طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» السلطات العراقية بإجراء تحقيق في واقعة قصف مدرسة تضم نازحين في ناحية العلم التابعة لمحافظة صلاح الدين التي راح ضحيتها نحو 41 شخصا، بينهم أطفال ونساء، عن طريق الخطأ من قبل طائرة عراقية.
وأصدرت منظمة حقوق الإنسان العالمية بيانها بهذا الخصوص أمس الأحد عشية استقبال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ممثلة منظمة «هيومان رايتس ووتش» في العراق إيرين إيفرز أمس الأحد، الذي أبلغها، طبقا لبيان صدر عن مكتبه، أن «الحكومة العراقية ومنذ التصويت عليها الأسبوع الماضي اتخذت مجموعة من القرارات الفاعلة، ولديها اهتمام فعلي بعدم حصول أي خرق لحقوق أي مواطن عراقي». وأضاف العبادي أن «هناك توجيهات صدرت من قبله إلى القوات الأمنية التي تخوض حربا شرسة مع تنظيم (داعش) الإرهابي بضرورة الحفاظ على المدنيين والمواطنين».
من جهته، عدّ الشيخ غسان العيثاوي، أحد رجال الدين وشيوخ العشائر في محافظة الأنبار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار العبادي بإيقاف قصف المدن سلاح ذو حدين؛ ففي الوقت الذي يستفيد منه الأهالي على صعيد الأمان الشخصي وعدم تعرضهم لاحتمال القصف بالخطأ، فإنه من جانب آخر سيؤدي إلى تغلغل (الدواعش) في صفوف المدنيين بسبب ما سيتوفر لهم من بيئة آمنة». وحول هروب مسلحي «داعش»، لا سيما مع اقتراب الحشد الدولي ضدهم، قال العيثاوي إن «عشائر الأنبار لم يعد أمامها سوى تحشيد كل طاقاتها من أجل القضاء على هذا الوباء الذي اسمه (داعش)، ولا نريد سوى توفير الإمكانات لنا حتى لا يتاح لعناصر هذا التنظيم الهرب، بل نحن عازمون على أن تكون محافظة الأنبار مقبرة لهم».
في سياق ذلك، كشف هشام الهاشمي، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة في «مركز النهرين للدراسات الاستراتيجية»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «تنظيم (داعش) بدأ الآن يستخدم تكتيكات جديدة؛ منها التخندق والتستر بهدف اتقاء سلاح الجو ما دام الحشد الدولي يعتمد حتى الآن الضربات الجوية»، مشيرا إلى أن «لدى التنظيم بطريقة أو بأخرى آلة إعلامية تساعده، لا سيما على صعيد ما سيحدثه القصف المتوقع من آثار سلبية على المدنيين الذين سيتخفى بينهم عناصر (داعش)، الأمر الذي يمكن أن يزيد السخط الشعبي من هذه الناحية». وأشار إلى أن «الأمر يتطلب جهدا استخباراتيا فاعلا لكي تنجح الخطة، لأن (داعش) يعتمد حتى الآن على سياسة إلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين حتى يلتحق المزيد منهم بصفوفه بسبب عمليات القصف التي تؤدي إلى مقتل أبرياء، وهو مما يجعل بعضهم يتعاطف مع هذا التنظيم». وعدّ الهاشمي أن «إيقاف عمليات القصف في حد ذاته لا يكفي؛ بل المطلوب تحديد الأهداف بدقة، خصوصا أن (داعش) يشبه الجيوش النظامية، لكنه يتميز بأن مسلحيه لا يتحركون بطريقة الأرتال ولا يوجدون في معسكرات مثل معسكرات الجيش»، مبينا أنهم «سينتقلون الآن إلى المرحلة الوقائية التي هي عبارة عن خلايا نائمة فقط».
في تطور آخر ذي صلة، قال شاهد لوكالة رويترز أمس بأن مسلحي «داعش» أعدموا علنا 8 رجال سنة في قرية صغيرة بشمال العراق قبل يومين للاشتباه في تآمرهم ضد التنظيم.
وتابع الشاهد أن عمليات الإعدام بدأت مساء الجمعة عندما قتل مسلحان ملثمان من «داعش» ضابط شرطة في قرية الجماسة بعد أن اتهمته الجماعة بالتجسس لحساب القوات الكردية والاتحادية.
وجمع مقاتلو التنظيم السكان المحليين لمشاهدة عملية الإعدام في القرية الواقعة على بعد 120 كيلومترا إلى الشمال من تكريت. وأضاف الشاهد «أعضاء (داعش) قالوا: إن هذا هو مصير أي أحد يعارضهم.. عرضوا أقراصا مدمجة ونسخا من مراسلات الرجل مع قوات الأمن كدليل».
وبعد إعدام ضابط الشرطة فتحت جماعة مسلحة صغيرة النار انتقاما على منزل ضابط في تنظيم «داعش». وصباح أول من أمس، حسب الشاهد، جالت 10 سيارات تابعة للتنظيم قرية الجماسة ومعها ملثمان من المخبرين الذين ساعدوا المسلحين في التعرف على 10 أشخاص يشتبه بأنهم هاجموا منزل الضابط الليلة السابقة. وفي المساء أفرج التنظيم عن 3 بينما أعدم الـ7 الآخرين وهم أقارب ما عدا واحدا.
«داعش» يستعد لتغيير تكتيكاته وسط تقارير عن هروب مسلحيه من الأنبار
مع استمرار الحشد الدولي وتعهد العشائر بتصفية التنظيم المتطرف
«داعش» يستعد لتغيير تكتيكاته وسط تقارير عن هروب مسلحيه من الأنبار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة