بينما تشهد الهدنة الهشة في شرق أوكرانيا ضغوطا مع تواصل القتال وحالات القصف، شعرت الحكومة الأوكرانية بالحرج بعد نفي 3 دول من حلف الشمال الأطلسي (الناتو) تصريحات مسؤول في كييف تفيد بأنها ستزود الجيش الأوكراني بالسلاح. وقال مساعد كبير للرئيس الأوكراني، بيترو بوروشينكو، أمس، إن كييف توصلت لاتفاق خلال قمة حلف شمال الأطلسي، التي اختتمت أعمالها في مقاطعة ويلز البريطانية يوم الجمعة الماضي، للحصول على أسلحة واستشارات عسكرية من 5 دول أعضاء بالحلف، لكن ثلاثا من تلك الدول الخمس سارعت بنفي قطع مثل هذا التعهد.
وقال مسؤولون بحلف الأطلسي في السابق، إن الحلف لن يرسل أسلحة لأوكرانيا وهي ليست عضوا في الحلف، لكنهم لم يستبعدوا قيام الدول الأعضاء بذلك بشكل فردي وليس في إطار الحلف. وأكد مسؤول في حلف الأطلسي، اتصلت به «رويترز» أمس، بشأن تصريحات يوري ليتسينكو، تمسك الحلف بهذا الموقف.
وقال ليتسينكو، مساعد بوروشينكو، عبر صفحته على موقع «فيسبوك»: «خلال قمة حلف شمال الأطلسي، جرى التوصل لاتفاقات بشأن تقديم استشارات عسكرية وإمدادات أسلحة حديثة من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبولندا والنرويج». ولم يدل بمزيد من التفاصيل. وربما يكون أدلى بتصريحاته لأسباب سياسية محلية لتسليط الضوء على درجة التزام حلف الأطلسي تجاه أوكرانيا وتجاه رئيسها المؤيد للغرب.
وشارك بوروشينكو، الذي تقاتل قواته انفصاليين مؤيدين لروسيا شرق أوكرانيا، في القمة التي استغرقت يومين في ويلز.
وردا على سؤال عن تعليقات ليتسينكو، نفى مسؤولون بوزارات الدفاع في إيطاليا وبولندا والنرويج وجود خطط لتوريد أسلحة. وقال مسؤول بوزارة الدفاع الإيطالية: «هذا الخبر غير صحيح. إيطاليا، إلى جانب الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي، تعد حزمة من المساعدة العسكرية غير الفتاكة لأوكرانيا مثل السترات الواقية من الرصاص والخوذات». وتعارض روسيا بشدة توثيق العلاقات بين أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي، وقد اتهمت الحلف بتأجيج الخلافات في أوكرانيا.
وميدانيا، قتلت امرأة وأصيب 4 على الأقل أمس عندما اندلع القتال مجددا في شرق أوكرانيا، ليعرض للخطر اتفاقا لوقف إطلاق النار أبرم قبل أقل من يومين بين الحكومة الأوكرانية والانفصاليين المؤيدين لروسيا. واتفاق وقف إطلاق النار، الذي أبرم بين ممثلين من أوكرانيا وقيادة الانفصاليين وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا يوم الجمعة الماضي في مينسك عاصمة روسيا البيضاء، جزء من خطة سلام تهدف إلى إنهاء صراع مستمر منذ 5 أشهر أدى إلى مقتل قرابة 3 آلاف شخص وسبب أسوأ مواجهة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.
واستؤنف القصف قرب ميناء ماريوبول المطل على بحر أزوف، بعد ساعات من اتفاق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني بوروشينكو خلال مكالمة هاتفية على أن الهدنة صامدة، فيما ناقشا سبل إيصال المساعدات الإنسانية.
وشهدت منطقة شمال دونيتسك قصفا، بينما تصاعد الدخان الأسود في أجواء المنطقة بالقرب من المطار الذي تسيطر عليه القوات الحكومية.
وقال أحد المتمردين المسلحين مازحا لوكالة «رويترز»: «استمع إلى صوت وقف إطلاق النار.. هناك معركة حقيقية تدور هناك». وعاد الهدوء للمدينتين من جديد بعد ظهر أمس. وأصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا جديدا عن الصراع، اتهمت فيه المتمردين والميليشيات الأوكرانية بارتكاب جرائم حرب ونشرت صورا التقطت بالأقمار الصناعية قالت إنها تظهر حشدا من المدرعات والمدفعية الروسية في شرق أوكرانيا.
وقال ساليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، في بيان: «أدلتنا تظهر أن روسيا تغذي الصراع من خلال التدخل المباشر وعبر دعم الانفصاليين في الشرق. وعلى روسيا أن توقف التدفق المستمر للأسلحة وغيرها من الدعم لقوة متمردة ضالعة بشكل كبير في انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان».
وتنفي روسيا إرسال أي قوات أو تسليح المتمردين، رغم أن حلف شمال الأطلسي يقول إن هناك أدلة دامغة على عكس ما تقوله روسيا. وأصر المتمردون والجيش الأوكراني أمس على أنهما ملتزمان بوقف إطلاق النار وحملا بعضهما اللوم عن أي أعمال عنف ترتكب.
وقال فلاديمير أنتيوفييف، نائب رئيس وزراء ما يسمى بجمهورية دونيتسك الشعبية: «حسب علمي، فإن الجانب الأوكراني لا يلتزم وقف إطلاق النار. لدينا جرحى في صفوفنا بمواضع عدة. نلتزم وقف إطلاق النار».
وفي وقت سابق، قالت قوات الحكومة إنها تعرضت لقصف مدفعي شرق ماريوبول وهو ميناء حيوي لصادرات الصلب الأوكرانية، وفي الأيام التي سبقت وقف إطلاق النار كانت القوات تحاول صد هجوم كبير للانفصاليين على ماريوبول.
وتسبب القصف في ماريوبول في سقوط أول ضحية مدنية منذ بدء وقف إطلاق النار. وأكد مسؤولون محليون مقتل امرأة في الثالثة والثلاثين من عمرها في وقت مبكر اليوم، وقالوا إن 4 على الأقل أصيبوا. وقال سلافيك، وهو جندي أوكراني يحمل مدفعا رشاشا: «هؤلاء الإرهابيون الروس يحاولون إخافتنا. ينبغي أن يحترموا وقف إطلاق النار. إنهم يكذبون طيلة الوقت. هم أشخاص بلا شرف». وتابع: «غادرنا هذه المنطقة أول من أمس. والجميع شاهدنا نسحب الدبابات تنفيذا للاتفاق. لم نترك سوى فرقة مزودة بسلاح خفيف لمراقبة نقاط التفتيش، وهؤلاء الوحوش انتهكوا كل كلمة في الاتفاق».
ووافق بوروشينكو على اتفاق وقف إطلاق النار بعد أن اتهمت أوكرانيا روسيا بإرسال قوات وأسلحة لأراضيها لدعم الانفصاليين، بعد أن تكبدوا خسائر كبيرة خلال الصيف نتيجة لهجوم من قوات الحكومة.
وتشمل خارطة الطريق نحو السلام التي أبرمت يوم الجمعة تبادلا لأسرى الحرب وإقامة ممر إنساني للاجئين والمعونات، ولكن لم يحرز أي تقدم في هذه القضية أمس.
ومن جهته، أعلن رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الانفصالية، المعلنة من طرف واحد، ألكسندر زاخارتشنكو، أمس، أن كييف وموسكو والانفصاليين مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا سيبحثون وضعا خاص للمناطق الانفصالية في شرق أوكرانيا بحلول أسبوع في مينسك. وصرح لإذاعة «كومرسانت إف إم» الروسية، بحسب ما نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، بأن «موضوع هذا الاجتماع سيكون إدراج وضع خاص أو وضع مختلف. وإذا لم يجر قبول ذلك، فعندئذ لن يكون لبروتوكول الاتفاق أي قيمة».
وأوضح: «أود أن أضيف إلى الاتفاق (الذي أبرم في مينسك الجمعة) بندا هو الاعتراف الفوري باستقلالنا. إذا كنا مستقلين، فستكون روسيا شريكنا الرئيس». ووقعت «مجموعة الاتصال» التي تضم ممثلين لروسيا وأوكرانيا والانفصاليين الموالين لروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بروتوكول اتفاق لوقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا الجمعة بمينسك.
وقال زاخارتشنكو: «اتفقنا في الوقت الراهن على اللقاء مجددا في غضون 7 أيام. (الأوكرانيون) سيعرضون مطالبهم»، مضيفا أن الاجتماع سيكون «موسعا».
وقال إن ممثلي الانفصاليين ألكسي كارياكين «رئيس المجلس الأعلى» لجمهورية لوغانسك المعلنة من طرف واحد، وأندري بورغين نائب رئيس وزراء جمهورية دونيتسك المعلنة من جانب واحد، سيشاركان في الاجتماع.
3 دول في «الناتو» تنفي صحة تصريحات أوكرانية عن توريد أسلحة
قصف مطار دونيتسك يهدد الهدنة الهشة
3 دول في «الناتو» تنفي صحة تصريحات أوكرانية عن توريد أسلحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة