عباس يفتح النار على حماس: لا شراكة بالوضع الحالي.. ولا أعول عليها في إقامة الدولة

قال إن 27 وكيل وزارة يديرون غزة.. وإن الضفة دفعت ثمنا لخطف المستوطنين الثلاثة

محمود عباس (أ.ف.ب)
محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عباس يفتح النار على حماس: لا شراكة بالوضع الحالي.. ولا أعول عليها في إقامة الدولة

محمود عباس (أ.ف.ب)
محمود عباس (أ.ف.ب)

شن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) هجوما على حركة حماس وكرر اتهاماته لها بتشكيل حكومة ظل في قطاع غزة وتهميش حكومة التوافق الوطني، وقال إنه لن يقبل استمرار الشراكة مع الحركة إذا استمر الوضع في القطاع على هذا الشكل. وأشار إلى أن الحركة نفت بداية مسؤوليتها عن خطف المستوطنين الإسرائيليين الثلاثة وأن الضفة الغربية دفعت ثمنا لذلك. وقال إنه لا يعول كثيرا على حماس بشأن الخطوات التي يعتزم التوجه إليها لإقامة الدولة الفلسطينية.
وقال أبو مازن خلال لقاء مع مثقفين وإعلاميين مصريين بعد وصوله إلى القاهرة مساء أول من أمس للمشاركة في اجتماعات وزراء الخارجية العرب إنه لن يقبل «استمرار الوضع مع حركة حماس كما هو الآن وبهذا الشكل».
وأضاف: «هم لديهم السلاح والإمكانات والأمن»، مؤكدا أن هناك حكومة ظل مكونة من 27 وكيل وزارة هي التي تقود القطاع، وأن حكومة الوفاق الوطني لا تستطيع أن تفعل شيئا على أرض الواقع.
وأوضح الرئيس الفلسطيني أن «إخواننا في اللجنة المركزية لحركة فتح أخذوا قرارا بأنه لا بد من أن تكون هناك سلطة واحدة ونظام واحد، وإما أن تقبل أو لا تقبل (حماس)، حيث إن الوحدة لها شروط.. ولكن هذا الوضع لا يمثل إطلاقا أي نوع من الوحدة، وإذا (كانت) حماس لا تريد وحدة وسلطة واحدة وقانونا واحدا وسلاحا واحدا، فنحن لن نقبل بغير ذلك». مضيفا: «أنا شخصيا لم أعد أتحمل ما يصدر عن حماس، وما يصدر من الإسرائيليين أو الأميركيين، وهذا سيترجم ما سنفعله خلال الشهر الحالي، إما يوجد حل أو لا يوجد حل».
وقال أبو مازن إن «كل الفصائل لا توافق على ما فعلته حماس في غزة، لأن ما حصل في غزة كارثة إنسانية». وأشار إلى أن القيادة الفلسطينية تبذل كل الجهود من أجل التخفيف من معاناة أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، والعمل على توفير كل أشكال المساعدات بشكل عاجل.
وتطرق الرئيس الفلسطيني إلى خطف المستوطنين الثلاثة في 12 يونيو (حزيران) الماضي في الضفة الذي أدى لاحقا إلى اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية ثم اندلاع الحرب على غزة. واتهم ضمنا رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل بإخفاء الحقيقة عنه بعد نفي الأخير علمه بالموضوع.
وقال عباس إن «هذه الحادثة الأولى من نوعها، فعادة هناك يهود يخطئون ويدخلون مناطقنا ونرجعهم لأهلهم. لا يوجد عندنا أسلوب الخطف والتبادل أبدا. وبعدها اتهم (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو على الفور حركة حماس بخطفهم، فقلت له: هل يوجد دليل على اتهامك؟».
وتابع: «عندما ذهبت إلى الدوحة لاحقا، سألت الأخ خالد مشعل: هل أنتم الذين خطفتهم المستوطنين؟ فقال لا. وعلى ضوء ذلك دفعنا ثمنا غاليا؛ إذ استشهد 16 شابا من الضفة الغربية، ومنهم محمد أبو خضير الذي حرق ثم قتل من قبل المستوطنين، وقاموا (الإسرائيليون) بتدمير منازل في الخليل والضفة الغربية».
وأشار أبو مازن إلى أن المعركة انتقلت بعد ذلك إلى غزة «فطلبت من مصر أن تصدر مبادرة أو تنجح في عمل هذه المبادرة، ولكن هناك عقدة مع حماس». وأضاف أنه تحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.. «وقلت له أنت الوحيد المؤهل تاريخيا وجغرافيا وقوميا وأمنيا أن تصدر مبادرة لحقن الدماء في قطاع غزة، وبالفعل استجاب الرئيس وأصدر المبادرة التي تتضمن وقف إطلاق النار وتطبيق اتفاق 2012».
وأوضح عباس أن «المبادرة المصرية كانت مرفوضة من حركة حماس بسبب العلاقة المتوترة، وقولهم بأن مصر غير عادلة وغير منصفة، لكننا أقنعنا جميع الأطراف بقبولها؛ إذ لا يوجد غيرها على الطاولة، فقالوا (حماس) نحن نريد بناء المطار والميناء. لكن كيف نبحث في إنشاء مطار وميناء والحرب مستمرة؟ وبعد أن أقنعتهم بالموافقة، شكلنا وفدا موحدا، فقالوا نريد 5 أعضاء من أصل 12 عضوا، ووافقنا على أن يمثل حركة فتح الأخ عزام الأحمد فقط. ولم يحصل الوفد على جواب لوقف إطلاق النار، وكان كل يوم يمر والدم يسيل، وفي اليوم الـ50 للعدوان الإسرائيلي على غزة قالوا نحن موافقين على وقف إطلاق النار فقط ومن ثم مناقشة الطلبات، حيث استمرت الحرب 51 يوما، وهي أطول حرب، ولا صارت في أكتوبر ولا قبل أكتوبر».
وأشار عباس إلى تصريحات القيادي في حركة حماس صالح العاروري، المقيم في تركيا، التي كشف خلالها أن حماس هي التي خططت لموضوع خطف المستوطنين. وقال إن «الموضوع الأخطر هو تصريح عضو المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، الذي كان سجينا في إسرائيل وخرج بصفقة، ثم ذهب إلى سوريا بصفقة أيضا.. قال فيه: نحن الذي اختطفنا المستوطنين، ونحن الذين قتلنا، لأننا نريد أن نحرك الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس وأراضي 1948».
وتابع الرئيس الفلسطيني: «عندما رأيت الأخ مشعل في الدوحة في زيارتنا الأخيرة، قال لي إن عملية الخطف التي تمت في الخليل ليست بقرار سياسي، وقال لي في الوقت نفسه إنه قائد للمقاومة».
وبشأن اجتماعات وزراء الخارجية العرب في القاهرة، قال عباس إن لقاءه بهؤلاء الوزراء هو لوضعهم في صورة الأوضاع المهمة، وأخذ رأيهم بشأن استئناف مفاوضات السلام.
وبالنسبة للخطوات اللاحقة، قال عباس: «أبلغنا الأميركيين أنه إذا كان يوجد حل فسيكون على النحو التالي: نذهب إلى مجلس الأمن ونحصل على القرار الذي أخذناه في الجمعية العامة، وهو أن أراضي 1967 في الضفة الغربية وغزة والقدس هي أراض محتلة وليس متنازع عليها كما تؤمن إسرائيل، فإذا اتفقنا على هذا يبقى كيفية رسم الحدود، ومن ثم استكمال باقي القضايا. وكان ردهم أنهم وصفوا هذا بالصعب، و: أعطونا مهلة للتفكير، ولم يقدموا جوابا حتى الآن، والأخ صائب عريقات (كبير المفاوضين الفلسطينيين) قدم من واشنطن (أول من) أمس بعد لقاءات مع البيت الأبيض وجون كيري».
واختتم الرئيس الفلسطيني بالقول إنه لدى السلطة مجموعة من الخطوات بالنسبة لمفاوضات السلام وإنه ينتظر الرد على خطته الشهر الحالي.. «لأننا لم نعد نصبر على الاحتلال أكثر من ذلك». وأضاف: «إننا سلطة ولا نملك سلطة، والمثال على ذلك أنني عندما أريد السفر من رام الله إلى عمان، فلا بد أن آخذ إذن قبل 48 ساعة. كل ما يهمني أن تكون هناك موافقة على الخطوات المقبلة التي سنتخذها بدعم من الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولكن حركة حماس لا أعول عليها كثيرا لأنها تغير كلامها بين الحين والآخر».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.