حشود عسكرية على أبواب طرابلس واستعدادات لمعركة حاسمة في بنغازي

تأجيل إعلان حكومة الثني في ليبيا وحكومة البرلمان السابق تؤدي اليمين

عمر الحاسي يؤدي اليمين الدستورية بعد إعلان الحكومة في طرابلس أمس (رويترز)
عمر الحاسي يؤدي اليمين الدستورية بعد إعلان الحكومة في طرابلس أمس (رويترز)
TT

حشود عسكرية على أبواب طرابلس واستعدادات لمعركة حاسمة في بنغازي

عمر الحاسي يؤدي اليمين الدستورية بعد إعلان الحكومة في طرابلس أمس (رويترز)
عمر الحاسي يؤدي اليمين الدستورية بعد إعلان الحكومة في طرابلس أمس (رويترز)

اندلعت أمس اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة غرب العاصمة الليبية طرابلس، وسط معلومات غير رسمية عن استمرار تقدم حشود تابعة للزنتان لإعادة السيطرة على العاصمة التي باتت في قبضة الجماعات المسلحة المتطرفة منذ الأسبوع الماضي، بينما تستعد قوات الجيش الوطني الليبي لشن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الجماعات الإرهابية في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وطبقا لما أبلغته مصادر وسكان محليون لـ«الشرق الأوسط» فقد اندلعت أمس معارك عنيفة في منطقة ورشفانة بين ميليشيات غرفة عمليات ثوار ليبيا بقيادة أبو عبيدة الزاوي، وجيش القبائل الموالي للزنتان على محاور الطويبية و27 وجنزور، فيما قال مصدر أمني مطلع في العاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات اندلعت أيضا في منطقة السراج بغرب طرابلس، بينما تجددت الاشتباكات مساء أمس بمنطقة النجيلة، وهي تقع أيضا بغرب العاصمة.
وكان الناطق الرسمي لجمعية الهلال الأحمر الليبي أعلن أن الجمعية قامت بعملية تبادل جثامين القتلى جراء الاشتباكات المسلحة بين منطقتي الزاوية وورشفانة.
وأوضح الناطق لوكالة الأنباء المحلية أنه تم تسليم 4 جثامين لأهالي ورشفانة، وجثمان واحد سلم لذويه بالزاوية، مؤكدا أن الجمعية تبذل مساعيها الإنسانية من أجل تبادل المحتجزين بين الطرفين، داعيا الجميع إلى وقف القتال وعدم استهداف المدنيين.
وتقول أوساط ليبية إن ميليشيات الزنتان وجيش القبائل المتحالف معها ما زالوا يتقدمون باتجاه العاصمة لاستردادها من هيمنة الميليشيات المتطرفة التي تقاتل تحت ما يسمى عمليتي «فجر ليبيا» و«قسورة» يقودهما محسوبون على «الإخوان المسلمين» ومصراتة.
وفى مدينة بنغازي بشرق ليبيا، تتواصل الاستعدادات للجيش الوطني الذي يقوده اللواء المتقاعد خليفة حفتر لاجتياح المدينة التي سادها أمس الهدوء الحذر تحسبا لمعارك متوقعة بين قوات الجيش وما يسمى «مجلس شورى ثوار بنغازي» المتشدد.
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش تتأهب، على ما يبدو، لدك معاقل المتطرفين، خاصة تنظيم أنصار الشريعة وبعض الجماعات المحسوبة على تنظيم القاعدة في مدينتي بنغازي ودرنة اللتين تعدان المعقل الرئيس للجماعات المتطرفة في شرق ليبيا.
إلى ذلك، أعلنت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني أن «المشاورات والاتصالات مفتوحة وستظل كذلك للتواصل مع الجميع دون استثناء لتشكيل الفريق الحكومي الجديد»، في إشارة، على ما يبدو، لاستعداد الثني لقبول مشاركة بعض أعدائه السياسيين.
ودعت الحكومة في بيان بثه موقعها الإلكتروني الرسمي على شبكة الإنترنت، «الجميع لتقديم أي مقترحات بخصوص الحكومة»، رغم ما وصفته بـ«دقة المرحلة وتسارع الوقت وحساسية الأوضاع»، مشيرة إلى أنها تعول على الحس الوطني والتوافق لإنجاز المهمة.
وعد البيان أن «الظروف والتحديات الراهنة تحتم على الجميع التعاون والتضامن والتشاور وحتى التنازل لتحقيق ما يصبون إليه لصالح الوطن والمواطن واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي».
لكن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته أعلن أمس في المقابل، في تصعيد جديد للأزمة السياسية ضد مجلس النواب المنتخب، أن حكومة عمر الحاسي المحسوب على الإخوان المسلمين قد تم تنصيبها رسميا أمس أمام صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر، حيث أدى الحاسي واثنان من نوابه و13 وزيرا من أصل 19 اليمين القانونية.
وتغيب نوري أبو سهمين رئيس البرلمان السابق عن هذه المراسم دون أي تفسير، علما بأن المجتمع الدولي لا يعترف بشرعية البرلمان المنتهية ولايته ولا الحكومة المنبثقة عنه.
وكان مجلس النواب الذي يتخذ من مدينة طبرق بأقصى شرق ليبيا مقرا له، قد أعاد تكليف الثني برئاسة حكومة أزمة مصغرة مكونة من 18 حقيبة وزارية خلال أسبوع واحد فقط.
وأعلنت حكومة الثني في بيان رسمي الأسبوع الماضي أنها فقدت سيطرتها على الوزارات في العاصمة طرابلس التي استولت عليها جماعات مسلحة، وأعلن برلمان منفصل شرعيته.
لكن الحكومة سرعان ما أعلنت أنها تعتزم استعادة مقراتها بالعاصمة طرابلس، التي تعرضت للاقتحام والعبث بمحتوياتها من قبل مجموعات مسلحة، وأكدت في المقابل أنها ستلاحق المجموعات المسلحة التي اقتحمت مقراتها وعبثت بمحتوياتها.
وعدت الحكومة أن ما وصفته بالأعمال العدوانية، يمثل مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير الذي أدان القتال المتواصل بين الجماعات المسلحة والتحريض على العنف ومهاجمة المرافق والمؤسسات الحكومية والبعثات الأجنبية لدى ليبيا.
من جهته، أكد وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز، أمس، رفض بلاده لأي تدخل عسكري أجنبي لحل الصراع الدائر على الساحة الليبية.
وقال عبد العزيز عقب اجتماعه مع نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية لبحث تطورات الأوضاع في ليبيا والتحضير للاجتماع الوزاري العربي المقرر اليوم بالقاهرة: «لا نود أن يكون هناك تدخل عسكري أجنبي في ليبيا. وندعو إلى توسيع مهمة الأمم المتحدة في ليبيا للدفع قدما نحو الاستقرار وبناء المؤسسات، ونحن بوصفنا ليبيين على المستوى الشعبي والجهاز التنفيذي والتشريعي ليست لدينا رغبة في أي تدخل عسكري في ليبيا».
وأضاف أنه ناقش مع العربي ومبعوثه السفير ناصر القدوة الخاص بليبيا وجهات النظر فيما يخص نوعية القرار والتوصيات التي من المنتظر أن تتمخض عن الاجتماع الوزاري، مشيرا إلى أن النقاشات تمحورت حول 4 موضوعات أساسية، وهي كيفية تعزيز ومساندة الشرعية في ليبيا والممثلة في الحكومة المؤقتة ومجلس النواب، وأيضا الهيئة التأسيسية المعنية بصياغة الدستور، وكيفية التصدي لأي محاولات لخلق هيئات أخرى غير شرعية، وخاصة المبادرة الأخيرة من البرلمان السابق.
وتابع: «وهو ما نعده مخالفا لقرار مجلس الأمن أخيرا، بأن كل من يقف أمام العملية السياسية ويعوق المسار الديمقراطي سيلاحق قضائيا عن طريق عقوبات المجلس».
وقال: «نأمل أن تنخرط الجامعة العربية انخراطا كليا في الدفع قدما بالحوار الوطني والمصالحة الوطنية في ليبيا»، مضيفا: «ما يهمنا هو الشأن الليبي الداخلي والتركيز على الحوار الوطني الذي إذا لم ينجز فستكون لدينا خطة أخرى»، لكنه رفض الإفصاح عن مضمونها.
من جهة أخرى، نفى مصرف ليبيا المركزي رسميا قيام مجلس النواب الليبي بإعفاء مصر من وديعة خاصة بقيمة ملياري دولار تم إيداعها في بنك مصر المركزي منذ عامين. وأكد المصرف الليبي في بيان مقتضب نشره موقعه الإلكتروني، أن هذه الأخبار لا صحة لها.
وكان الصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي قد أعلن في العام الماضي أن بلاده أودعت الملياري دولار في البنك المركزي المصري، وهي وديعة قابلة للسحب بعد 5 سنوات، واستقطعت من الاستثمارات الليبية في مصر التي تقدر بنحو 10 مليارات دولار أميركي في بنوك وعقارات وقطاعات أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».