مصر: «الضبطية القضائية» تفجر أزمة جديدة بين الأوقاف والسلفيين

قيادي في الوزارة لـ {الشرق الأوسط} : تهدف لضبط المخالفة في وقتها.. والدعوة السلفية تعدها ضد الدستور

مصر: «الضبطية القضائية» تفجر أزمة جديدة بين الأوقاف والسلفيين
TT

مصر: «الضبطية القضائية» تفجر أزمة جديدة بين الأوقاف والسلفيين

مصر: «الضبطية القضائية» تفجر أزمة جديدة بين الأوقاف والسلفيين

في خطوة يراها مراقبون بوادر أزمة جديدة قوية بين وزارة الأوقاف المصرية والدعوة السلفية، عقب أزمة الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية مع الأوقاف، والتي وصلت لساحة القضاء، بعد رفض الوزارة منحه هو ومشايخ الدعوة تصاريح الخطابة في المساجد.
وكشف قيادي مسؤول في وزارة الأوقاف المصرية عن «ترشيح مسؤولين في الأوقاف للحصول على صفة الضبطية القضائية من وزارة العدل»، لافتا إلى أن منح الوزارة لمفتشيها ومسؤوليها حق الضبطية القضائية سوف يعجل بضبط المخالفة في وقتها، وتحويلها إلى النيابة، وقطع الطريق على السلفيين لصعود المنابر، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوزارة تهدف من ذلك ضبط المتشددين والقضاء على الفكر المتشدد والتحريض على العنف». فيما رفضت قيادات الدعوة السلفية الضبطية القضائية، وقال مصدر مسؤول في الدعوة السلفية لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا يعد مخالفا للقانون وضد الدستور».
يأتي هذا في وقت، أكدت الدعوة السلفية شروعها في إقامة دعوى قضائية ضد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، بسبب قراراته بضم مساجد السلفيين إلى الأوقاف ومنع مشايخ الدعوة السلفية من اعتلاء المنابر أو إلقاء دروسهم الدينية الأسبوعية.
وتخوض وزارة الأوقاف، أكبر وأهم الوزارات الحكومية تأثيرا في الواقع والمجتمع المصري، في ظل إشرافها على نحو 198 ألف مسجد في مختلف ربوع مصر، معركة جديدة لبسط سيطرتها على منابر مساجد السلفيين، بعد سيطرتها على المساجد، خاصة التابعة لتيار الإسلام السياسي، والتي أصبحت أرضا خصبة لدعاة التطرف والتحريض، حسب الأوقاف، منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي عن السلطة في يوليو (تموز) من العام الماضي.
وقال القيادي المسؤول في الوزارة، إن «الوزارة وجهت تحذيرا شديد اللهجة للجمعية الشرعية الرئيسة لإحكام سيطرتها على الملحقات والأماكن التابعة لها وعدم تركها لبعض عناصر جماعة الإخوان، فضلا عن التنبيه على بعض المساجد التابعة للدعوة السلفية خاصة في الإسكندرية بعدم صعود المتشددين المنابر».
وقررت وزارة الأوقاف أول من أمس، إحالة أئمة وعمال في مسجدين جنوب وشرق القاهرة للتحقيق لتقصيرهم في عملهم والسماح لشيوخ السلفيين وأنصار الإخوان بالصعود للمنابر، بحسب القيادي المسؤول في الوزارة، الذي أوضح أن «الوزارة رشحت أكثر من 300 من قياداتها في المقر الرئيس ومديريات المحافظات للتدريب والحصول على صفة الضبطية القضائية، وصفة مأمور الضبطية من وزارة العدل، لمنع غير المختصين من صعود المنابر في القاهرة والمحافظات، حيث يحصل كل من لا يعتلي المنبر من الأوقاف على الصفة، لتحرير محاضر داخل المساجد». في ذات السياق، تحاول الدولة المصرية منع استخدام دور العبادة التي تشرف عليها الأوقاف في الصراع السياسي الذي تشهده البلاد، وقالت وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، إنه «جرى من قبل وضع قانون للخطابة، الذي قصر الخطب والدروس في المساجد على الأزهريين فقط، ووضع عقوبات قد تصل للحبس والغرامة لكل من يخالف ذلك، كما أنها وحدت خطبة الجمعة لضبط المنابر».
لكن مراقبين قالوا إنه «ما زال يعتلي منابر مساجد الأوقاف غير الأزهريين من المشايخ المتشددين، ويدعون فيها الجميع لممارسة العنف ضد السلطة الحالية».
وقال الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، إن قرارات وزير الأوقاف تخالف مواد القانون والدستور، لذلك قررت الدعوة اللجوء للقضاء لإلغاء تلك القرارات التي وصفها بـ«التعسفية»، مؤكدا أن القانون يسمح للخطباء بممارسة نشاط سياسي خارج المسجد، ولا يوجد أي نص دستوري يعد ذلك جرما مثلما تدعي الأوقاف. لكن وزارة الأوقاف أكدت عزمها تطبيق قانون الخطابة بكل صرامة وصلابة في مواجهة غير المختصين من السلفيين وغيرهم ممن ليسوا من خريجي الأزهر، بينما أكد الشيخ برهامي أنه من خريجي جامعة الأزهر، وحاصل على ليسانس الشريعة الإسلامية، ورغم ذلك تقدم أكثر من مرة بطلب استخراج تصريح بالخطابة من الأوقاف، لكنها تجاهلت كل الطلبات التي تقدم بها دون سبب واضح.
من جهته، قال محمد عز الدين، وكيل وزارة الأوقاف، إن «موقف الوزارة قانوني.. ولا نخشى تهديدات السلفيين باللجوء للقضاء، لأن القانون يجرم صعود السلفيين إلى المنابر حال عدم حصولهم على تصاريح».
وأصدر الرئيس السابق المستشار عدلي منصور في يونيو (حزيران) الماضي، قانونا لتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وقصرها على أئمة وزارة الأوقاف ووعاظ بالأزهر الشريف. وطبقا للقانون يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 50 ألف جنيه، كل من قام بممارسة الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها دون تصريح أو ترخيص، كما يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه، كل من ارتدى الزى الأزهري وهو ليس أزهريا.
وسبق أن وضع الأزهر والأوقاف ميثاق شرف دعويا للمساجد، أتاح لبعض أعضاء الدعوة السلفية الخطابة في المساجد، وقال القيادي المسؤول في الأوقاف، إن «لقاء جمع وزير الأوقاف بالدكتور يونس مخيون، رئيس حزب النور، ذراع الدعوة السلفية السياسية بمصر، أكدا فيه أن هناك قاسما من التعاون المشترك بين الأوقاف والدعوة السلفية في مواجهة الأفكار الشاذة والتشدد والتكفير».
وشارك حزب النور في وضع خارطة طريق المستقبل مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقوى وطنية ودينية، ووافق على عزل مرسي، وهو الموقف الذي أشعل الوضع داخل الدعوة السلفية وبين الإسلاميين وحزب النور، واتهمته جماعة الإخوان بخيانة التجربة الإسلامية، وحملوا حزب النور مسؤولية قرار الانقضاض على شرعية المعزول.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.