* بعض نقاد السينما في الصحافة العربية محظوظون، وأكثر. وإذا ما كانت هناك مشاكل، وهذا لا بد منه، فإنها ليست ما يعانيه معظم نقاد السينما الغربيين مع صحفهم. هذه بعض البراهين المحددة، سمعتها من أكثر من ناقد بريطاني وإيطالي وفرنسي ودنماركي خلال هذا العام:
* الناقد البريطاني: «إذا كنت لاحظت أن الأفلام الأميركية، جيدة أو رديئة، هي التي يكتب النقاد عنها المقالات الرئيسة في صفحات يوم الجمعة (المخصصة للنقد)؛ فذلك لأن رؤساء التحرير ومديري التحرير يطلبون ذلك، حتى ولو كان الفيلم الأوروبي المعروض في ذلك الأسبوع هو ما يستحق أن يقود الصفحة».
* الناقد الدنماركي: «لكي أتمكّن من تغطية المهرجانات الرئيسة، علي أن أوفر للصحيفة بعض المقابلات. على هذا الأساس فقط أستطيع أن أحضر هذا المهرجان».
* الناقد الإيطالي: «كانت الصحف في البداية تنشر ما نريد: صورة ومقالة نقدية تشمل الصفحة كلها. الآن لا نزال ننشر، لكن العكس هو الذي يحدث: صورة كبيرة وبضعة أسطر».
* الناقد الفرنسي: «صحيفتي تنشر ما أريد، لكن المشكلة هي أنها الآن توفر صفحات أكثر للفضائح والأخبار الخفيفة، وصفحة واحدة لنقادها الثلاثة».
* إلى ذلك، حدث ذات مرّة أن تم إرسال ناقد بريطاني معروف جدًّا إلى مهرجان فينيسيا لتغطيته؛ لأن الإنترنت لا يعمل دائمًا على نحو جيّد، قرر أن يتصل بالصحيفة ويسأل مدير التحرير إذا ما تسلم المقالة. عامل السنترال حوّله إلى واحد من مديري التحرير الذي لم يتعرّف عليه سائلًا إياه: «من انتدبك لتغطي لنا؟». فكان جواب الناقد: «أنا الناقد السينمائي الذي يشغل وظيفة كاملة في الصحيفة منذ ثماني سنوات»، وأتبع ذلك بشتيمة!
* صحافتنا العربية، في هذا المجال، أفضل. تتيح لبعض أبرز نقاد السينما العرب كتابة ما يشاءون. يساعدونهم بشتّى الوسائل الممكنة. لا يشترطون عليهم حجمًا خاصًّا لأن الفيلم أميركي أو ياباني. إذ أقول ذلك لناقدين: واحد إيطالي وآخر سويسري، وجدت الأول مذهولًا والثاني يقول: نحن في الصحافة السويسرية ما زلنا نمشي على هذا المنوال.
* وكنت لاحظت عندما انضممت إلى «جمعية مراسلي هوليوود الأجانب» أن غالبية الصحافيين يسابقون الريح بغية نشر مقابلاتهم لدرجة كتابتها وهم ما زالوا في مكان الاجتماع. بينما القلّة منا هي التي تُمنح الوقت الكافي والثقة المطلقة في اختيار التوقيت الصحيح. هذه أيضًا نعمة باتت نادرة في صحف الغرب.
* ليس صحيحًا أن تقليد الغرب يضمن التقدّم أو الازدهار. رغم كل محاولات تمييع المادة الثقافية لدى بعضها، وخصوصًا الثقافة السينمائية، فإن المبيعات مضروبة اليوم أكثر مما كانت عليه قبل عدة سنوات. بالطبع هناك عدد كبير من الصحف العربية التي تخلو من المادة السينمائية الجادّة أساسًا. وأخرى تسند الكتابة لمن ليسوا أهلًا لها، ولهذا السبب فإن الصحف العربية الأولى تبقى أفضل حالًا في هذا المجال على الأقل وأكثر قراءة.
المشهد: النقد في نعمة
المشهد: النقد في نعمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة