أزمة الكهرباء توقف الحياة في مصر لساعات

عطلت مترو الأنفاق والفضائيات.. ومسؤول حكومي لـ {الشرق الأوسط}: إجراءات مشددة لعدم تكرارها

سيارات في انتظار دورها للتعبئة بالوقود في القاهرة أمس (أ ب)
سيارات في انتظار دورها للتعبئة بالوقود في القاهرة أمس (أ ب)
TT

أزمة الكهرباء توقف الحياة في مصر لساعات

سيارات في انتظار دورها للتعبئة بالوقود في القاهرة أمس (أ ب)
سيارات في انتظار دورها للتعبئة بالوقود في القاهرة أمس (أ ب)

دخلت أزمة الكهرباء في مصر منحنى خطيرا، فبعد أيام من استقرارها النسبي، تسبب انقطاعها المفاجئ أمس لساعات طويلة، في توقف الحياة في معظم ربوع البلاد منذ الساعة السادسة صباحا في واقعة لم تحدث من قبل. وكشف مصدر مسؤول في مجلس الوزراء المصري عن «إجراءات مشددة لعدم تكرار ذلك العطل مرة أخرى»، وعن أن «رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب شدد على أنه في حالة ثبوت أي تقصير تسبب في الأعطال، تتم محاسبة المسؤول عن ذلك فورا». وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «محلب طلب احتواء الأزمة سريعا، وشكل لجنة موسعة للتحقيق في الأمر لتحديد المسؤولية».
وأدى انقطاع الكهرباء على نطاق واسع أمس، إلى تعطيل عدد من المرافق الحيوية، وعلى رأسها قطارات الأنفاق والقنوات الفضائية في مدينة الإنتاج الإعلامي. وقالت مصادر مسؤولة في الشركة القابضة للكهرباء، إن «الانقطاعات ناتجة عن عطل فني». ولمحت المصادر إلى «تورط عناصر من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين في العطل»، فيما نفت مصادر أمنية أن يكون الانقطاع ناجما عن عمل تخريبي.
وأفاد شهود عيان أن محطات مترو أنفاق القاهرة شهدت تكدسا هائلا للركاب مع انقطاع الكهرباء، وعانت بعض البنوك في القاهرة من مشكلات انقطاع الكهرباء مع بداية طرح شهادات استثمار قناة السويس أمام المصريين.
يأتي هذا في وقت تخوض فيه السلطات المصرية معركة كبيرة للحد من عمليات تخريبية تستهدف أبراج كهرباء الضغط العالي تؤدي إلى انقطاع الكهرباء. ودخلت الكهرباء على خط الأزمة السياسية في البلاد بعد أن اتهم الرئيس الأسبق محمد مرسي خصومه بتعمد افتعال أزمة في قطاع الكهرباء عبر قطع التيار عن المنازل لإثارة الرأي العام ضد حكمه، وتتهم السلطات الأمنية في مصر حاليا جماعة «الإخوان» بالضلوع في عمليات تخريب أبراج الجهد الفائق.
وأعلنت الشركة القابضة لكهرباء مصر أنه «منذ صباح أمس حدث عطل فني مفاجئ وترتب على ذلك انقطاع الكهرباء عن بعض أنحاء مصر». وأضافت «القابضة للكهرباء» في بيان لها، أنه «على الفور توجه الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء، والمهندس جابر الدسوقي رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر، إلى مركز التحكم القومي لمتابعة إعادة توصيل الدوائر بالكامل في أقل وقت ممكن». وأشار البيان إلى أنه جرى بالفعل إعادة توصيل الدوائر بالكامل، وجرت إعادة توصيل الكهرباء لبعض المناطق، وأنه جرت إعادة توصيل التغذية الكهربائية لبقية المناطق تباعا. وقال مصدر مسؤول بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، إن «عطلا فنيا بالدائرة 500 كيلوفولت بغرب القاهرة حدث أثناء عمل صيانة وتنظيف الشبكة أدى إلى عزل شبكة الوجه القبلي عن الوجه البحري، وبالتالي توقف خط سمنود - أسيوط بالكامل، وأدى لخروج جميع محطات التوليد المربوطة بهذا الخط»، موضحا أن الأحمال ارتفعت في شبكة الوجه القبلي عن الوجه البحري بشكل مفاجئ أثناء عمل مناورة الصيانة، التي أدت إلى هذا العطل، لافتا إلى أن هذا العطل قد يكون نتيجة خطأ بشري أو عطل مفاجئ.
وتوقفت حركة قطارات مترو أنفاق القاهرة أمس عن العمل، كما اسودت شاشات القنوات الفضائية بعد انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة الإنتاج الإعلامي، وسادت حالة من القلق داخل المستشفيات في مصر بعدما انقطعت الكهرباء عن غرف العناية الفائقة تماما.
ووعدت الحكومة المصرية من قبل بالتحسن التدريجي في حل أزمة انقطاع الكهرباء. وتعاني مصر من أزمة في الطاقة، وسبق أن وجه محلب المسؤولين بضرورة تقليل الفترة اللازمة للانتهاء من تشغيل المحطات الجديدة لإنتاج الكهرباء، واتخاذ حزمة إجراءات عاجلة لتقليل انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف تتضمن استيراد كميات من السولار والغاز المسال، واتخاذ إجراءات سريعة لرفع كفاءة شبكة نقل السولار والمازوت اللازمين لتشغيل محطات توليد الكهرباء.
وأصبح الانقطاع المتكرر للكهرباء بمثابة فزاعة للأسرة المصرية. ويشير كثير من المواطنين إلى أبعاد سياسية وراء الأزمة، تتبناها عناصر خفية من نظام الإخوان المسلمين، الهدف منها إحراج الحكومة واستمرار تدهور الأوضاع في البلاد.
ويقول نور عبد الحميد (40 عاما) موظف، إن مترو الأنفاق توقف به أكثر من 7 مرات خلال رحلته من منطقة عين شمس (شرق القاهرة) وحتى محطة جمال عبد الناصر وسط القاهرة أمس، لافتا إلى حدوث حالات من الاختناق بين الركاب نتيجة توقف القطار في محطات تحت الأرض، موضحا أنه «كان من المفروض على السلطات أن تنبه الركاب لذلك منعا لوقوع أي حوادث».
من جانبه، أكد الدكتور محمد سلطان، رئيس قطاع الرعاية العاجلة والإسعاف بوزارة الصحة، أن أزمة انقطاع الكهرباء المفاجئة تسببت في قطع التيار الكهربائي عن 3 مستشفيات بمحافظة الجيزة وهى: الشيخ زايد، والهرم، وأكتوبر، مما استدعى إرسال سيارات إسعاف احتياطيا مزودة بحضانات لخدمة الحالات الحرجة.
كما أكد عدد من العاملين بمستشفى قصر العيني بالقاهرة، تدهور الوضع بالمستشفى نظرا لقطع التيار الكهربائي، مما أدى إلى توقف عمل المولدات التي عجز المستشفى عن تشغيلها، وتدهور وضع عدد من الحالات الموجودة بغرف العناية المركزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».