أعلن المغرب أنه تمكن منذ عام 2002 من تفكيك 124 خلية إرهابية، وحجز ترسانة مهمة من الأسلحة، وذلك في إطار جهوده المتواصلة لمحاربة الإرهاب.
كشف عن ذلك الشرقي الضريس، الوزير في وزارة الداخلية المغربية، في عرض قدمه الليلة قبل الماضية بمقر وزارة الداخلية في الرباط أمام وفد يضم أعضاء في جلس الشيوخ الأميركي، يرأسه سيناتور ولاية فيرجينيا تيموثي مايكل كين.
وقال الضريس إن موقع بلاده بين أفريقيا وأوروبا والتزامها الراسخ بمواجهة كل أشكال العنف والتطرف جعل منها فاعلا رئيسا في ضمان التوازنات الإقليمية، وشريكا أساسيا للولايات المتحدة في البحث عن حلول لمواجهة التوترات التي تعرفها منطقة الساحل. وأضاف أنه بالنظر لتزايد التهديدات الإرهابية بمنطقة الساحل، فإن المغرب اعتمد مقاربة أمنية شاملة أساسها تفعيل التعاون الثنائي والانخراط في الجهود الجهوية والدولية المتعلقة بمحاربة الإرهاب، مشيرا إلى أن هذه المقاربة تجسدت منذ سنة 2002، من خلال تفكيك 124 خلية إرهابية، وحجز ترسانة مهمة من الأسلحة.
واستعرض الوزير المغربي، من جهة أخرى، العمل الذي تقوم به بلاده من أجل نشر قيم الإسلام المتسامح، وكذا «تجفيف منابع الفكر التكفيري المتطرف»، مشيرا في هذا الصدد إلى عملية تكوين أئمة من مالي والسنغال.
وفي سياق متصل، أشاد الضريس بنتائج الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة، التي همت بالأساس محاور السياسة والأمن والاقتصاد والثقافة والتعليم، منوها في الآن ذاته بمستوى التنسيق المتميز القائم بين البلدين في المحافل الدولية ذات الصلة بالإرهاب، خاصة على مستوى «المنتدى الدولي لمحاربة الإرهاب».
وعقب اللقاء، صرح الضريس بأن الجانبين تطرقا إلى الوضع بمنطقة الساحل والصحراء وظهور مجموعات متطرفة جديدة لها امتدادات دولية، وهي الوضعية التي أصبح معها من الضروري اعتماد استراتيجية أمنية شاملة تشارك فيها كل الدول. وتعليقا على تصريحات الضريس، قال الدكتور تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي، لـ«الشرق الأوسط»، إنه منذ الأحداث الإرهابية التي عرفتها مدينة الدار البيضاء عام 2003 أصبح المغرب يتبع سياسة وقائية لمواجهة الإرهاب، كما أصبح يمارس نوعا من السياسة الاستباقية بشأن العمليات الإرهابية التي تقوم أساسا على تفكيك الخلايا الإرهابية المرتقبة.
وأضاف الحسيني أن أجهزة الاستخبارات المغربية الداخلية والخارجية تقوم بمهام جد أساسية في هذا الميدان من خلال التنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية سواء الأوروبية أو الأميركية، وأن عمليات التنسيق تعطي نتائج جد إيجابية وهو ما يفسر، من وجهة نظره، عمليات تفكيك الخلايا الإرهابية التي تجري بشكل متواصل، إذ وصل عددها منذ 2002 إلى اليوم لأكثر من 120 خلية.
ولفت الحسيني إلى المخاطر التي تشكلها الخلايا الإرهابية لا سيما بعد أن تبين أن أكثر من 1500 مغربي التحقوا بتنظيم «داعش» في العراق وسوريا، وأن أكثر من 500 مغربي من المهاجرين المقيمين في أوروبا التحقوا بدورهم بهذه التنظيمات، مشيرا إلى أن الخطورة الكبرى تكمن في إمكانية عودة هؤلاء المغاربة إلى بلادهم سواء بشكل مباشر أو عبر التحاقهم بالمجموعات الإرهابية الموجودة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا.
واستشهد الحسيني، في هذا السياق، بما عاشته الجزائر من حرب أهلية طوال عشر سنوات بسبب عودة ما كان يسمى بالمجاهدين الأفغان الذين كانوا التحقوا بأفغانستان للقتال ثم عادوا إلى الجزائر، وهو ما كان سببا في اندلاع الحرب في هذا البلد، مشددا على أن الوسائل الوقائية تظل هي الطريقة المثلى لتفادي وضعية مماثلة. وأضاف أن الأسلوب الوقائي لا يمكن أن تتحقق نتائجه إلا من خلال تنسيق إقليمي بين بلدان الجوار لا سيما مع الجزائر، مشيرا إلى أن استمرار إغلاق الحدود بين البلدين لا يمكن أن يساعد في الوصول إلى النتائج المرجوة لأن عمليات التنسيق تتطلب عقد مؤتمرات دورية من أجل التنسيق اللوجيستيكي حول وسائل محاربة هذه الظاهرة، كما تتطلب فتح الحدود بين البلدين، وتتطلب أيضا تنسيقا أمنيا مع بلدان الساحل الأفريقي لا سيما مع مالي وموريتانيا، بالإضافة إلى المشاركة في التدريبات والعمليات العسكرية المشتركة.
وبشأن الشراكة التي تجمع بين المغرب والولايات المتحدة في مجال محاربة الإرهاب، قال الحسيني إن المغرب يعد بالفعل شريكا أساسيا لأميركا، ويجمعهما حوار استراتيجي سنوي عقد مرتين. وقد صنف المغرب من قبل الولايات المتحدة كشريك استراتيجي منذ سنوات عدة. وعلى المستوى الاقتصادي وقع البلدان اتفاقية للتبادل الحر منذ سنوات، بالإضافة إلى وجود ما يسمى «مناورة الأسد الأفريقي» التي تعقد بكيفية دورية بين الطرفين، كما أن هناك اتفاقيات عدة تربط البلدين في مجال تبادل المعلومات.
وأوضح الحسيني أن الولايات المتحدة تعد المغرب بمثابة منصة استراتيجية في هذه المنطقة من العالم ليس فقط بفضل موقعه الاستراتيجي المشرف على البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، وارتباطه بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، بل أيضا بفضل ما راكمه المغرب من تجربة لوجيستيكة في مجال محاربة الإرهاب، وخبرته في مجال تبادل المعلومات على المستوى الأمني والعسكري، وكلها عوامل تتيح له القيام بدور حيوي في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط والساحل الأفريقي.
المغرب يعلن تفكيك 124 خلية إرهابية منذ 2002 ويعد نفسه شريكا أساسيا لواشنطن في مواجهة الإرهاب
الضريس يلتقي وفدا من مجلس الشيوخ الأميركي

المغرب يعلن تفكيك 124 خلية إرهابية منذ 2002 ويعد نفسه شريكا أساسيا لواشنطن في مواجهة الإرهاب

لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة