وزير التموين والتجارة الداخلية المصري: ترويج الشائعات حول إلغاء الدعم هدفه بث الخوف

حنفي قال لـ {الشرق الأوسط} إن القاهرة تسعى لإنشاء مركز عالمي لتخزين الحبوب لتأمين احتياطياتها

د. خالد حنفي
د. خالد حنفي
TT

وزير التموين والتجارة الداخلية المصري: ترويج الشائعات حول إلغاء الدعم هدفه بث الخوف

د. خالد حنفي
د. خالد حنفي

أكد الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية المصري، أن «المنظومة الجديدة للدعم في البلاد تعمل على وصول السلع المقرر صرفها للمستهلك ليبدأ التعامل من المواطن إلى الحكومة، من خلال عملية صرف السلع، وخلالها يقرر المواطن اختيار إحدى السلع ضمن عدد من السلع المقدمة له لدى البقال (بائع التجزئة) وهو الذي يقوم بصرف السلع المدعمة من خلال الكارت التمويني (البطاقة الذكية)».
ويحصل محدودو الدخل في مصر على سلع مدعمة من الدولة، وخصصت الحكومة «بطاقات ذكية» يحصلون من خلالها على سلع مدعمة بجودة أعلى وبأسعار زهيدة، من بينها الخبز الذي يعد من عناصر الوجبات الرئيسة على المائدة المصرية. وأضاف الوزير المصري لـ«الشرق الأوسط» أن «نشر شائعات بشأن رفع الدعم هدفه تعطيل مسيرة العدالة الاجتماعية لمنع وصول الدعم إلى مستحقيه، بالإضافة إلى أهداف سياسية تلعب على وتر التخويف من الجوع والفقر»، لافتا إلى أن المواطن المصري يحتاج عدة أشهر ليعتاد على اختيار السلع بالمنظومة الجديدة، ويتعود على المنظومة الجديدة ويمحو صورة المنظومة التي كان معمولا بها في نظام السلع التموينية القديم.
وتعد قضية الدعم واحدة من الثقافات المترسخة لدى الطبقات الدنيا والمتوسطة منذ عقود طويلة خلال الأنظمة المصرية الحاكمة السابقة، وتقول الإحصاءات الرسمية إن نسبة الفقر في مصر تبلغ 26 في المائة، أي نحو 24 مليون مواطن؛ لكن مصدرا حكوميا قال إن مستحقي الدعم يزيدون على ذلك بكثير، وإن «12 مليون أسرة أصبح يحق لهم صرف حصص تموينية بالبطاقات الذكية».
وعن موعد الانتهاء من تطبيق المنظومة الجديدة، قال الوزير حنفي «ستنتهي الوزارة من قريبا من تعميم المنظومتين (التموينية والخبز)»، مضيفا أنه تم مد فترة تسجيل المواليد الجدد عبر الموقع الإلكتروني ومكاتب التموين من عام 2006 حتى ديسمبر (كانون الأول) عام 2011 على البطاقات التموينية حتى نهاية العام الحالي، بدلا من نهاية يونيو (تموز) الماضي، تيسيرا على المواطنين ولحصول أكبر قدر من المستحقين للدعم على السلع التموينية.
وحول مخطط الوزارة خلال الفترة المقبلة، قال الوزير «دخلت القاهرة بالكامل في منظومة الخبز، وتم افتتاح المرحلة الأخيرة بمنطقة المرج (شمال القاهرة) مؤخرا، وتشمل 256 مخبزا، لافتا إلى أنه بدأ اليوم (الاثنين) تطبيق المرحلة الرابعة والأخيرة من المنظومة الجديدة لبيع الخبز المدعم عن طريق بطاقات التموين الذكية وبطاقات صرف الخبز في محافظة الجيزة بإجمالي 371 مخبزا بلديا وطباقيا.
وطالب الوزير حنفي أمس المواطنين في محافظة الجيزة الذين ليست لديهم بطاقات تموينية بالتوجه إلى مكاتب التموين التابعين لها لاستخراج بطاقات صرف خبز بعد التقدم بالمستندات المطلوبة، مؤكدا أن النظام الجديد يتضمن تخصيص 150 رغيف خبز شهريا لكل مواطن مسجل على البطاقة التموينية أو بطاقة صرف الخبز، وسعر الرغيف 5 قروش، وأن المواطن سوف يحصل على سلع غذائية مجانية من البقال التمويني مقابل ما يوفره من استهلاكه للخبز خلال الشهر، وذلك في أوائل الشهر التالي، بالإضافة إلى السلع التموينية المخصصة للبطاقة التموينية، وأن هناك بطاقة صرف خبز لدى صاحب المخبز بها حصة للبيع للمواطنين الذين ليست لديهم أي بطاقات.
من جهتها، تحدثت مصادر مسؤولة في وزارة التموين عن طرق صرف الخبز للمواطنين من حاملي وغير حاملي بطاقات التموين، وتشمل الطريقة الأولى صرف الخبز ببطاقة التموين الذكية للأسر التي تمتلك بطاقة تموينية، بحيث يتم صرف حصة كل فرد مدرج بالبطاقة التموينية للأسرة بعدد محدد 150 رغيف شهريا، أي بنحو 5 أرغفة يوميا، وحال عدم تسجيل بعض الأبناء على بطاقة التموين الذكية واقتصارها على الزوج والزوجة فقط يتطلب ذلك توجه رب الأسرة إلى مكتب التموين لاستخراج ما يسمى بطاقة أو كارت خبز بعدد أبنائه بحد أقصى 4 أبناء فقط ليصل إجمالي الأسرة إلى 6 أفراد يصرف لهم 900 رغيف شهريا.
وقالت المصادر «تتضمن الطريقة الثانية لصرف الخبز بالمنظومة الجديدة كارت الخبز الذكي لكل من لا يمتلك بطاقة تموينية، وفي هذه الحالة يتطلب استخراج هذه البطاقة التقدم بعدد من الأوراق إلى المكتب التمويني التابع له محل الإقامة».
في السياق ذاته، قال الوزير إن «الوزارة تسعى لإنشاء مركز عالمي لتخزين الحبوب لتأمين احتياطياتها الاستراتيجية وتصدير القمح والحبوب والدقيق المصنع محليا إلى الدول العربية، بجانب إنشاء بورصة سلعية تعادل البورصات العالمية في السوق المحلية لضبط الأسعار في الأسواق، وفتح أسواق عالمية جديدة لشركات السكر المحلية التابعة للقابضة الغذائية، خاصة السوق الأفريقية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.