يقدر أن الصراع الدائر في سوريا لثلاثة أعوام جذب مقاتلين أجانب لخطوطه الأمامية بمعدل أسرع من أي حرب أخرى في الذاكرة الحديثة، بما في ذلك صراع المجاهدين الأفغان ضد الاتحاد السوفياتي في الثمانينات. والجماعة التي من المرجح أنها تفتخر بهذه الغالبية من هؤلاء المقاتلين هي «داعش»، المنظمة الإرهابية القوية التي تسيطر الآن على مساحات شاسعة من الأراضي من وسط سوريا إلى ضواحي العاصمة العراقية بغداد.
استحوذ وجود هؤلاء الجهاديين الأجانب على اهتمام وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، ظهرت تقارير تفيد بمقتل جندي أميركي الجنسية في سوريا في معركة مع فصيل إسلامي آخر. هذا وقد حدد البيت الأبيض يوم الخميس ما يقرب من عشرة أميركيين يعتقد أنهم انضموا إلى الصراع في سوريا. ويشتبه في أن مواطنا بريطانيا قام بقطع رأس الصحافي الأميركي جيمس فولي هذا الشهر، في حين أن استراليين اثنين اكتسبا سمعة سيئة لاعتيادهما نشر صورهما الذاتية عبر وسائل الإعلام الاجتماعية وهما مبتسمان بينما يمسكان برؤوس مقطوعة لجنود تابعين لنظام الأسد.
قدرت مجموعة صوفان، شركة استخبارات مقرها نيويورك، في يونيو (حزيران) أن هناك ما لا يقل عن 12 ألف مقاتل أجنبي أتوا من 81 دولة في الصراع السوري، بما في ذلك نحو 3000 من المواطنين الأوروبيين. ونظرا لصعود داعش - وطرقه البارعة في التوظيف عبر الإنترنت - فمن المحتمل أن يكون الجزء الأكبر من المتشددين الغربيين موجودين في صفوفه.
ويرجح أن الأرقام الإجمالية أعلى من ذلك. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز يوم الجمعة أن أكثر من 100 أميركي شاركوا في الصراع الدائر في سوريا، وفقا لمسؤولين في الاستخبارات الأميركية. وفي الوقت نفسه أفادت الإندبندنت بأن ربع المقاتلين الأوروبيين الذين يبلغ عددهم 2000 مقاتل في داعش بريطانييون.
ولعدة أشهر، الحكومات الأوروبية ليس في مقدورها أن تفعل شيئا حيال عواقب هذه الهجرة والخطر الذي تشكله عودة هؤلاء المقاتلين المتطرفين إلى ديارهم، حيث سينشرون تطرفهم وسيخططون لشن هجمات إرهابية. وكان القتل الوحشي لفولي على يد داعش بمثابة إشارة إلى أن الغرب في مرمى اهتمامها، حتى وهي تخوض معارك على جبهات متعددة ضد الميليشيات المتناحرة والحكومات في العراق وسوريا. ودق رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ناقوس الخطر يوم الجمعة، محذرا من أن المعركة ضد ميليشيات داعش ستستمر «لسنوات وربما عقود».
وامتدت رقعة الانتشار الجغرافي للمقاتلين الأجانب في الحرب، إلى درجة تورط اليابان وسنغافورة، أكثر البلدان التي يعتقد أنها بعيدة عن الاضطرابات في الشرق الأوسط. كما ترجمت مقاطع الفيديو الخاصة ببرامج التجنيد التابعة لداعش إلى لغات لا تعد ولا تحصى، بما في ذلك الأوردية، والتاميلية، والبهاسا الإندونيسية. وذلك نظرا لأن عدد المسلمين في جنوب وجنوب شرقي آسيا أكثر من عددهم في العالم العربي.
وعلى الرغم من ذلك، فإن غالبية المقاتلين الأجانب في الصراع من الدول العربية. وتوصلت مجلة التايمز من خلال تعمقها في أساليب عمل داعش إلى أن التنظيم يعتمد على الدعم المحلي، الذي يأتي إلى حد كبير من السنة الذين يشعرون بالمرارة بسبب الأنظمة التي يهيمن عليها الشيعة من حولهم. ويعتقد أن موالين من حزب البعث البائد في العراق للديكتاتور المخلوع صدام حسين - وهو مؤسسة كانت ذات أبعاد علمانية - انغمسوا في هيكل القيادة الحالية لداعش في العراق.
ويستمر تنظيم داعش، في الوقت نفسه، في مجازره البشعة في حق الجنود الأسرى والأقليات الدينية والعرقية المحاصرين الآن في نطاق سيطرة داعش الفعلي. ويجب أن يكون الدور الكبير الذي يلعبه هؤلاء الأجانب في أفعال التنظيم الأكثر وحشية بمثابة إشارة مخيفة لزعماء العالم في أي مكان آخر، الذين يكافحون من أجل وضع استراتيجية لمواجهة هذا التهديد المتنامي.
«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم
12 ألف مقاتل أجنبي بينهم 3 آلاف أوروبي.. والخطر يبدأ مع عودتهم إلى بلدانهم
«داعش» يضم مقاتلين من 81 جنسية حول العالم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة